خطبة الجمعة
التي ألقاها أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز
الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام
يوم 23/2/2018
*****
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّين. آمين.
في هذه الأيام تعقد فروع جماعتنا حيثما وجدتْ اجتماعاتٍ بمناسبة يوم المصلح الموعود. العشرون من شباط/فبراير هو اليوم الذي بشر فيه المسيح الموعود uبولادة ابن له بناءً على إعلام الله تعالى. لقد أعدّ حضرته عندها إعلانا بين فيه خصائص هذا الابن، ونشره في 20 شباط/فبراير عام 1886، وذكر فيه صفاته وخصائصه. وكما قلت تعقد الجماعة بهذه المناسبة احتفال يوم المصلح الموعود في 20 شباط/فبراير، أو في يوم آخر قريبا من ذلك بحسب التيسير.
الاحتفال بيوم المصلح الموعود وعقدُ الاجتماعات بهذه المناسبة إنما هو في الحقيقة بسبب تحقق نبوءة عظيمة لسيدنا المسيح الموعود u وليس احتفالا بيوم ميلاد مرزا بشير الدين محمود أحمد الخليفة الثاني t. لقد قمت بهذا التوضيح لأن بعض الناس والشباب من الجيل الذين وُلدوا هنا أو ذوي العلم القليل يتساءلون قائلين ما دمنا نحتفل بيوم المصلح الموعود فلماذا لا نحتفل بيوم ميلاد الخلفاء الآخرين. فليكن واضحا أن هذا ليس يوم ميلاد المصلح الموعود الذي وُلد في 12 كانون الثاني/يناير 1889.
بعد هذا التوضيح سأتحدث اليوم عن نبوءة المصلح الموعود. فأولاً أقدم لكم كلمات هذه النبوءة كما ذكرها المسيح الموعود u. مع العلم أن الثابت من كتاباته u أنه كان يرى أن مرزا بشير الدين محمود أحمد، خليفة المسيح الثاني لاحقا، هو مصداق هذه النبوءة. وهذا بالضبط كان رأي الخليفة الأول t أيضا. كما كان يرى بعض صلحاء الجماعة أيضا أن الخليفة الثاني t هو مصداق هذه النبوءة. وقد كانت لهذا الابن خصوصيات وعلامات عديدة، وسوف أقدم لكم بعض الأمثلة التي تبين كيف تحققت هذه العلامات في الخليفة الثاني t، وماذا قال عنها الأحباب والأغيار، وكيف أحسوا بوجودها في حضرته.
فأولاً وقبل كل شيء أقدم لكم كلمات هذه النبوءة كما ذكرها المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام إذ قال:
النبوءة التي تتعلق بهذا العبد المتواضع، أكتبها هنا اليوم أي بتاريخ 20/ 2/1886م الموافق 15 جمادى الأولى بكلماتها الإلهامية فقط مراعاةً للإيجاز والاختصار، وسأسجّلها بالتفصيل فيما بعد في كتاب إن شاء الله تعالى.
النبوءة الأولى بإلهام الله تعالى وإعلامه عز وجل:
لقد خاطبني الله الرحيم الكريم المجيد القادر على كل شيء -جلّ شأنه وعزّ اسمه- بإلهامه وقال:
“إني أعطيك آية رحمةٍ بحسب ما سألتَني. فقد سمعتُ تضرعاتِك، وشرّفتُ أدعيتك بالقبول بخالص رحمتي، وباركت رحلتك هذه (يعني سفري إلى هوشياربور ولدهيانه). فآية قدرةٍ ورحمةٍ وقربةٍ ستوهب لك. آيةُ فضل وإحسان ستمنح لك، ومفاتيحُ فتح وظفر ستعطى لك. سلام عليك يا مظّفر، هكذا يقول الله تعالى، لكي ينجو من براثن الموت مَن يبتغي الحياة، ويُبعَث من القبور أهلها، وليتجّلى شرفُ دين الإسلام وعظمة كلام الله للناس، وليأتي الحق بكل بركاته، ويزهق الباطل بجميع نحوساته، وليعلم الناس أني أنا القادر أفعل ما أشاء، وليوقنوا أني معك، وليرى آيًة بينًة مَن لا يؤمن بالله تعالى وينظر إلى الله ودينه وكتابه ورسوله الطاهر محمد المصطفى نظرة إنكار وتكذيب، ولتستبين سبيل المجرمين.
أَبْشِرْ، فستعطى ولدا وجيها طاهرا. ستوهب غلاما زكيا من صلبك وذريتك ونسلك (أي سيكون من نسل المسيح الموعود u المادي، وليس ذلك فحسب بل يكون أحد أبنائه). غلام جميل طاهر سينـزل ضيًفا عليك، اسمه عمنوائيل وبشير أيضا. لقد أوتي روحًا مقدسة، وهو مطهَّر من الرجس. هو نور الله. مبارك الذي يأتي من السماء. مَعَه الفضل الذي ينـزل بمجيئه. سيكون صاحب الجلال والعظمة والثراء. سيأتي إلى الدنيا ويشفي الكثير من أمراضهم بنفسه المسيحي وببركة روح الحق. إنه كلمة الله، لأن رحمة الله وغيرته قد أرسلته بكلمة التمجيد. سيكون فطينا وفهيمًا بشكل خارق وحليم القلب. سوف يملأ بالعلوم الظاهرة والباطنة. إنه سيجعل الثلاثة أربعة. إنه يوم الاثنين، مبارك يوم الاثنين. ولد صالح كريم زكي مبارك، مَظْهَرُ الأوّلِ والآخِرِ، مظهَرُ الحقّ والعلاء، كأن الله نزل من السماء. ظهوره جدّ مبارك ومدعاة لظهوره جلال الله تعالى. يأتيك نور مسحه الله بطيب رضوانه. سوف ننفخ فيه روحنا، وسيظلّه الله بظلّه. سوف ينمو سريعًا، وسيكون وسيلةً لفكّ رقاب الأسارى، وسيذيع صيته إلى أرجاء الأرض، وستتبارك منه أقوام ثم يُرفع إلى نقطته النفسية: السماء. وكان أمرًا مقضيًّا.”
هذه هي كلمات النبوءة، ثم يقول المسيح الموعود u مشيرًا إلى مرزا بشير الدين محمود أحمد، خليفة المسيح الثاني لاحقا، في معرض الحديث عن هذه النبوءة:
كذلك عندما توفِّي ابني الأول فرح المشايخ الجهلة وأشياعهم والمسيحيون والهندوس بوفاته فرحة كبيرة، فقيل لهم مرارا بأن النبوءة المنشورة في 20 فبراير/شباط 1886 تتضمن وفاة بعض الأبناء أيضا، فكان ضروريا أن يُتوفَّى أحدهم في الصغر، ومع ذلك لم يتورعوا عن توجيه الاعتراضات. فبشّرني الله بابن آخر، وقد وردت البشارة عن ولادة ابن آخر في الصفحة 7 من إعلاني الأخضر كالآتي: “ستُرزَق بشيرًا ثانيا اسمه الثاني “محمود”.
ثم يقول حضرته: ومع أنه لم يولَد حتى تاريخ الأول من سبتمبر/أيلول 1888، ولكنه سيولَد حتما في المدة المحددة له حسب وعد الله. يمكن أن تزول الأرض والسماء ولكن من المستحيل أن تزول وعود الله تعالى. فبحسب هذه العبارة الواردة في الصفحة 7 من الإعلان الأخضر ولُد الابن في يناير/كانون الثاني 1889م وسمِّيَ “محمود”، ولا يزال حيا يُرزق بفضل الله تعالى، وهو في السابعة عشرة من عمره الآن.
علما أن المقتبس الأول قديم، والمقتبس الثاني متأخر كتبه u في كتابه حقيقة الوحي. وهناك أقوال أخرى للمسيح الموعود u عن هذا الموضوع لكني بدلاً من قراءة المزيد منها أذكر لكم الآن رواية تبين مكانة هذا الابن عند الخليفة الأول t.
يقول بير منظور محمد -وهو مؤلف كتيب “يسرنا القرآن”- بأنني قلت للخليفة الأول t قبل ستة أشهر من وفاته: لقد توصلت اليوم من خلال قراءتي لإعلانات سيدنا أحمد u إلى أن الابن الموعود هو “ميان صاحب” (أي مرزا بشير الدين محمود أحمد). فرد عليه الخليفة الأول t قائلا: نحن نعلم هذا الأمر سلفا. ألا ترى كيف نعامل “ميان صاحب” معاملة خاصة، وكيف نحترمه؟
فلما كتب بير منظور محمد هذه الكلمات التي تكلم بها الخليفة الأول وقدمها إلى حضرته ليصادق عليها، كتب t عليها ما يلي: “أنا الذي قلت هذا الكلام لأخي بير منظور محمد.” نور الدين 10 سبتمبر / أيلول 1913م.
يقول بير منظور محمد: وفي مساء اليوم التالي بعد هذه الواقعة -أي يوم 11 سبتمبر 1913- كان الخليفة الأول مستلقيا على سرير في بيته فأخذتُ أمسّد قدميه فقال لي بعد قليل دون أي كلام سابق أو حديث آخر: لا تنشر هذا المقال الآن أي أن مرزا بشير الدين محمود أحمد هو المصداق لهذه النبوءة. ولكن انشُره عندما ستشتد معارضته.
كتب السيد “غلام حسن” -مختارُ أراضي “يكو” في مدينة سيالكوت- إلى الخليفة الثاني t بعد إعلانه أنه هو المصلح الموعود: سيدي الحبيب وإمامي وهاديي ومرشدي حضرة الخليفة الثاني للمسيح الموعود أيده الله بنصره العزيز! لقد قرأت جريدة الفضل الصادرة بتاريخ 30 كانون الثاني/ يناير وأشكر الله تعالى وأحمده لأنه حقق رؤياي. ثم يقول: لعل حضرتك تتذكر بأنني كنت قد باركت لك في عهد الخليفة الأول في مكتب “الفضل” بحضور المرحوم شادي خان السيالكوتي وقلت بأن الله تعالى قد أراني في الرؤيا أنك أنت ستكون الخليفة بعد الخليفة الأول وستحقق النصر وينزل عليك الوحي. ولقد ألقيت هذه الرؤيا على مسامع الخليفة الأول أيضا ففرح كثيرا وصدّق الأمر، وقال لأجل ذلك بدأت معارضته من الآن. كما كنت قد أسمعت سيد حامد شاه أيضا هذه الرؤيا. فالحمد لله أن حضرتك بنفسك قد أعلنت الآن بأنك المصلح الموعود (لقد أعلن حضرته بأنه المصلح الموعود في عام 1944) يقول: الحمد لله أن حضرتك قد أعلنت بكونك المصلح الموعود وإلا فقد كنت على حق اليقين منذ عهد الخليفة الأول بأنك خليفة الله والمصلح الموعود.
يقول أحد صلحاء الجماعة الصوفي مطيع الرحمن البنغالي في رسالة كتبها إلى المصلح الموعود t، ولكن كتب هذه الرسالة بعد إعلان حضرته بأنه المصلح الموعود، قال:
أرى من المناسب ذكر رؤياي التي رأيتها قبل نحو 23 أو 24 عاما، ولقد كتبتها إلى حضرتكم سابقا أيضا. والآن بعد إعلان حضرتكم بكونكم المصلح الموعود أصبحت على يقين بأن هذه الرؤيا كانت تتعلق بنبوءة المصلح الموعود. لقد رأيت في الرؤيا اجتماع العيد ورأيت المسيح الموعود u واقفًا على مقام عال ورفيع، كان لابسًا جبة خضراء وكان يلقي خطبة. فلما تقدمت إليه للمصافحة بعد انتهاء الخطبة أدركت بأنه ليس بالمسيح الموعود بل هو شخصكم الكريم (أي الخليفة الثاني). لقد أسمعت هذه الرؤيا الكابتن الدكتور بدر الدين وأخي المولوي ظل الرحمن مبلغ البنغال أيضا فقال لي المولوي ظل الرحمن: لقد أراك الله الجزء التالي من نبوءة الابن الموعود: سيكون نظيرا لك في الحسن والإحسان، إذ تحتوي النبوءة هذه الكلمات بأنه “سيكون نظيرك في الحسن والإحسان”.
ويقول حضرة الشيخ محمد إسماعيل السرساوي t: سمعتُ مرارا من سيدنا المسيح الموعود u وليس مرة واحدة أن الابن الموعود في النبوءة هو ميان محمود حصرا. كما سمعنا من حضرته u يقول: أرى في ميان محمود حماسا دينيا كثيرا لدرجة تبعثني على الدعاء له أحيانا بصفة خاصة.
لم يعلن الخليفة الثاني رt بأنه المصلح الموعود ما لم يأمره الله تعالى بذلك. فلما أُذن له أعلن ذلك بصراحة. فقال في ذلك الوقت:
لا شك أن كثيرا من أبناء جماعتنا لدى تحقق بعض العلامات التي ذكرها المسيح الموعود u عن الابن الموعود كانوا يقولون بأن هذه النبوءة تتعلق بي إلا أنني كنت أقول دائما بأنني لم أعلن بمثل هذا الإعلان مالم يأمرني الله تعالى بذلك. وأخيرا فقد جاء ذلك اليوم الذي كان مقدّرًا من الله أن يتم الإعلان عن ذلك بلساني.
وقال حضرته في هذا الإعلان خلال الجلسة في هوشياربور: “إنني أُعلن هنا مقسما بالله وبأمر منه I أنه كشف علي أنني أنا الابن الموعود في نبوءة المسيح الموعود u، الذي سينشر اسمه u في أرجاء العالم.”
ثم قال حضرته t في الجلسة في لاهور: أقسم بالله الواحد والقهار الذي لا يحلف باسمه حلفًا كاذبًا إلا الملعونون ولا ينجو المفتري عليه من عذابه؛ أن الله تعالى قد أخبرني في هذه المدينة أي لاهور وفي بيت شيخ بشير أحمد المحامي الواقع في 13 شارع تيمبل بأنني أنا مصداق النبوءة عن المصلح الموعود، وأنا ذلك المصلح الموعود الذي بواسطته سيصل الإسلام إلى أرجاء العالم ويقام التوحيد فيه.
إن العلامات التي ذكرها المسيح الموعود u للابن الموعود في النبوءة المتعلقة به متنوعة وهي ما بين 52 إلى 58 علامة، على أية حال إنها أكثر من خمسين علامة. وأذكر الآن كيف عاين تحقق هذه العلامات أفراد الجماعة وغيرهم في شخص حضرة المصلح الموعود.
يقول السيد أبو الفرج الحصني من دمشق عند وفاة المصلح الموعود t: لقد تألمتْ قلوبنا وحزِنَّا جدًّا بخبر وفاة حضرة أمير المؤمنين الخليفة الثاني للمسيح الموعود u، وهذا الألم قد ترك في قلب كل أحمدي تأثيرًا أليمًا جدًّا. لقد حزنت جماعة دمشق بوجه خاص وتألمت كثيرا لأنها غرسة غُرست مباشرة بيد حضرته t، لقد غرسها حضرته بيديه المباركتين ثم سقاها بتوجهه الخاص وروحانيته، فقد نمت هذه الغرسة وازدهرت. وتحقق ما قاله الله تعالى عن حضرته: “وتتبارك منه الأقوام”. لقد نلنا فيوضًا إلهية ببركة دعائه واهتمامه بنا. أتذكر جيدًا أنني كلما التمست من حضرته الدعاء شعرت بآثار استجابته ماديًّا وروحانيًّا بشكل واضح وملموس. وصدق الله في وحيه عن حضرته: نورٌ يأتيك ممسوحًا بعطر رضوان الله.
نُشرت في جريدة الفضل العدد: 27/7/1944م رؤيا للسيد محمد موهيل، جاء فيها أن السيد محمد موهيل الأحمدي كتب من قرية “كمال ديره” إلى سيدنا الخليفة الثاني t رؤيا أحد أقاربه (الذي لم يكن أحمديا حينذاك) كما يلي: عندما جاء الخليفة الثاني t إلى مدينة “نوابشاه” في عام 1936م، رأيتُ في ليلة سبقت مجيئه أن شخصا يأتي إلي راكبا أسدا من جانب دوّار يؤدي إلى محطة القطار. عندما اقترب مني رأيتُ بعض آيات القرآن الكريم مكتوبة على جسده المبارك. سألتُ الناس: من هو؟ قالوا: هو مرزا محمود أحمد القادياني. ثم سألتُ: كيف هو؟ قالوا: هو أكبر ولي لله في العالم.
أقول: لقد جعل الله تعالى غير الأحمديين أيضا يقرّون بصدق نبوءة المسيح الموعود u. فهناك شيخ محترم من غير الأحمديين اسمه المولوي سميع الله خان فاروقي، ألّف قبل تأسيس باكستان كتيبا صغيرا بعنوان: “إظهار الحق”، وقال فيه أن الله تعالى أخبره (أي المسيح الموعود u) قائلا ما مفاده: “سأُقيم لجماعتك من ذريتك شخصا وأصطفيه بقربي ووحيي، وسيتقدم الحق بواسطته ويقبله أناس كُثر. ثم يقول الكاتب: اقرأوا هذه النبوءة مرارا وتكرارا ثم قولوا بصدق وأمانة: ألم تتحقق النبوءة؟ عندما أُنبئ بهذه النبوءة كان الخليلفة الحالي طفلا صغيرا ولم تكن هناك وصية من قِبل المرزا المحترم بتعيينه خليفة بل تُرك انتخاب الخليفة على رأي الأغلبية من الناس. فقد انتخب معظمُ الناس حينذاك الحكيمَ نور الدين خليفةً. وعندما انتُخب الخليفة الأول سخر المعارضون من النبوءة المذكورة آنفا. ثم عندما توفّي الحكيم نور الدين وانتُخب مرزا بشير الدين محمود أحمد خليفةً (علما أن هذا ما يقوله شخص غير أحمدي) والحق أن الجماعة الأحمدية أحرزت في عهده تقدما يحير العقول. كان عدد الأحمديين في زمن المرزا المحترم (أي المسيح الموعود u) قليلا، ولم تحرز الجماعة تقدما ملحوظا في زمن الخليفة نور الدين أيضا، ولكن في زمن الخليفة الحالي وصلت الأحمدية إلى كل بقعة من بقاع العالم تقريبا. والوقائع توحي أن عدد المرزائيين (يقصد الأحمديين) في الإحصائيات المقبلة سيكون أكثر من ضِعف العدد الذي كان في إحصائيات عام 1930م، مع أن المحاولات المنسقة التي تمت في هذا العهد لاستئصال شأفة المرزائية (يقصد الأحمدية) لم يسبق لها نظير.
باختصار، لقد أُقيم شخص لجماعته من ذريته كما جاء في النبوءة ونالت الجماعة بواسطته تقدما محيرا للعقول. ويتبين من ذلك أن نبوءة المرزا هذه قد تحققت تماما.
هذا، وهناك صحفي غير مسلم من السيخ اسمه ارجُن سنغ وكان رئيس التحرير لمجلة “رنغين” الصادرة في أمرتسر فاعترف بتحقق النبوءة قائلا: لقد أدلى المرزا المحترم بهذه النبوءة في عام 1901م حين كان المرزا بشير الدين محمود أحمد طفلا صغير حيث قال في بيت شعره (ما تعريبه):
“لقد سُقْتَ إليّ هذا الخبر مرة بعد أخرى، فسبحان الذي أخزى الأعادي.
لقد بشرتني وقلت: إن هناك ابنًا لك سيكون محبوبي في يوم من الأيام،
سأبدّد الظلام بذلك القمر، وسأريك أني قد وجّهت إليك العالَم
لم تكن البشارة إلا غذاء للقلب، فسبحان الذي أخزى الأعادي”.
يتابع الصحفي المذكور قائلا: إن هذه النبوءة تحير العقول فعلا. ففي عام 1901م لم يكن مرزا بشير الدين محمود أحمد عالما جليلا، ولم تنكشف إلى ذلك الحين مواهبه السياسية. والقول في ذلك الحين أنه سيكون لي حتما ابن بصفات ومزايا كذا وكذا دليل على قوة روحانية كبيرة. قد يقول قائل بأنه لما كان المرزا المحترم قد أسس نتيجة ادعائه جماعة فكان بالإمكان أن يخطر بباله أن ابنه سيتولى الخلافة بعده، ولكن هذا القول باطل لأن المرزا المحترم لم يضع للخلافة شرطا أنه لا بد أن يكون الخليفة من عائلته أو من أولاده. فلم تكن للخليفة الأول علاقة بعائلة المرزا المحترم. ثم كان ممكنا أن يتولى الخلافة بعد الخليفة الأول المولوي الحكيم نور الدين شخصٌ آخر، كما كان المولوي محمد علي أمير الجماعة اللاهورية يودّ أن يكون هو الخليفة. ولكن الأغلبية حالفت المرزا بشير الدين محمود أحمد فتولى الخلافة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: إن لم يكن في المرزا الكبير (يقصد المسيح الموعود u) قوة روحانية تعمل عملها فكيف علم أنه سيكون له ابن بهذه الصفات. عندما أعلن المرزا المحترم الإعلان المذكور كان عنده ثلاثة أبناء وكان يدعو لهم جميعا. ولكن النبوءة ذكرت ابنا واحدا فقط، ثم نرى أن ذلك الواحد قد أحدث تغيّرا كبيرا في العالم”.
أقول: إن ظروف الجماعة في ذلك الزمن مختلفة تماما، والأسباب المتاحة لنا اليوم لم تكن متاحة حينذاك – وإن كنا لا نملك كافة الوسائل اليوم أيضا ولكنها أفضل من ذلك الزمن على أية حال- ففي تلك الظروف أيضا أُسِّست الجماعة بتأييد الله تعالى ونصرته في أكثر من 50 دولة تقريبا وتوطدت فروع الجماعة في كل قارة. وهذا كان انتشار الإسلام بحسب النبوءة عن المصلح الموعود وكانت نتيجة عزيمته القوية.
كانت الغاية المتوخاة من ولادة الابن الموعود: “ليتجلّى شرف دين الإسلام وعظمة كلام الله للناس”. وقد اعترف بتحقق ذلك بكلمات واضحة زعيم مسلم معروف جدا في القارة الهندية وشاعر مفوّه اسمه المولوي ظفر علي خانْ فكتب في جريدة “زميندار” مخاطبا أتباعه.
“أَعِيروني سمعَكم وأَنصِتوا! لن تستطيعوا أنتم وأشياعُكم أن تقدروا على مقاومة الميرزا محمود إلى يوم القيامة. إن الميرزا محمود يملك القرآن وعِلْمَ القرآن. فهل تملكون أنتم شيئا أيضا؟ لم تقرؤوا القرآن قط ولو في أحلامكم. إن مع الميرزا محمود جماعةً مستعدة للتضحية عند قدميه بكل ما تملك بإشارة واحدة منه. إن لدى الميرزا محمود دعاةً وعلماءَ متخصصين في شتى العلوم والمجالات. ولقد ثَبَّتَ رايتَه في كل بلد من العالم.”
أقول: لقد وعد الله تعالى أن الابن الموعود سيكون من أولي العزم وسوف يملأ بالعلوم الظاهرة والباطنة، فقال صوفي معروف في الهند اسمه السيد حسن نظامي الدهلوي معترفا بذلك في نعت سيدنا المصلح الموعود t: كثيرا ما يكون مريضا ولكن الأمراض لا توقع الخلل في نشاطاته العلمية. وبإنجاز أعماله بكل هدوء وطمأنينة حتى في عواصف المعارضة قد أثبت عزيمته التي يتمتع بها المغول، وأن العائلة المغولية تملك أسلوبا خاصا لإنجاز المهام. فهو يتمتع بفهم السياسة أيضا، وقويٌّ في فهم الدين وإدراكه أيضا، ويعرف فنونَ الحرب أيضا (أي هو خبير في الحرب بالعقل والقلم).
كان نبأ مهم عن الابن الموعود أنه سيتسبب في فكّ رقاب الأسرى. فقد ظل هذا النبأ أيضا يتحقق في أشكال مختلفة على الدوام تحققًا يحير العقول. وحركة تحرير كشمير شاهد على ذلك لأن إكليل إنجاح هذه الحركة أيضا ينبغي أن يوضع على رأس لجنة الهند بأسرها لمصالح كشمير. وكانت هذه اللجنة المشهورة قد شُكلت في 25/7/1931 في شملة بمبادرة حضرة المصلح الموعود واستشارة كبار زعماء المسلمين في الهند، مثل السير ذو الفقار علي خان والدكتور السير محمد إقبال والخواجه حسن نظامي الدهلوي وسيد حبيب محرر جريدة الساسية وغيرهم. وعُهدت رئاستها إلى حضرة الخليفة الثاني للمسيح الموعود. وكانت نتيجة القيادة الناجحة لحضرته أن مسلمي كشمير- الذين كانوا محرومين من حقوق الإنسان الأساسية على مرّ العصور وكانوا يعيشون حياة العبيد- قد بدأوا يتنفسون في أجواء الحرية خلال مدة قصيرة جدا. فقد قُبلت حقوقهم الساسية والمدنية في الولاية وأقيم البرلمان أول مرة، ومُنحت لهم العضوية المناسبة فيه متمتعين بحرية التعبير شفهيا وخطيا أول مرة. وكتب العلماء إشادةً بروعة أعمال حضرته أن الذين انتخبوا حضرة المرزا رئيسا لهذه اللجنة رغم اختلافهم معه في المعتقدات، في الزمن الذي كانت فيه أوضاع مسلمي كشمير حرجة جدا، قد انتخبوا أمثل شخص لهذه المهمة واضعين في الاعتبار نجاح المهمة. فلو لم ينتخبوا حضرة المرزا في ذلك الزمن جراء الاختلاف في المعتقدات لفشَلت الحركة تماما وواجهت الأمة المرحومة ضررا كبيرا.
فقد كتب السياسي البارز والعالم مولانا محمد علي جوهر في جريدته “همدرد” الصادرة في 26/9/1927 ما يلي:
“سيكون من نكران الجميل إذا لم نذكر في هذه السطور جناب الميرزا بشير الدين محمود أحمد وجماعتَه المنسّقة تنسيقا محكما، والذي كرَّس كل جهوده لخير المسلمين ورفاهيتهم وتجارتهم بعيدا عن الاختلاف في العقيدة … والوقت ليس بعيدا حين يصبح أسلوب هذه الفرقة المنسقة نبراسًا لجمهور المسلمين وخاصة لأولئك الذين تعودوا إطلاق ادّعاءات عالية ظاهريا ولكنها جوفاء في سبيل خدمة الإسلام قابعين في المساجد.” فقد قال موجها الخطاب إلى المشايخ إنكم تطلقون من المنابر ادعاءات فقط لكن الأحمديين يعملون.
ثم إن المفسر المشهور العلامة الشيخ عبد الماجد الدريا آبادي محرر جريدة “الصدق الجديد” كتب مقالا رائعا عند وفاة المصلح الموعود كتب فيه إشادةً بعظمة خدمة المصلح الموعود t للقرآن الكريم:
“ندعو الله تعالى أن يجزيه على المساعي التي ظل يبذلها طول عمره بكل حماس وعزيمة في سبيل نشر القرآن الكريم في العالم كله ونشر دعوة الإسلام إلى جميع أنحاء المعمورة. أما ما قام به حضرته في شرح حقائق القرآن الكريم وبيان معارفه وترجمة معانيه فيحتل مكانة سامية من الناحية العلمية.”
هناك مثال آخر على كونه يُملأ بالعلوم ظاهرة وباطنة. فقد جاء قسٌّ من أميركا إلى قاديان في عام 1914 فطرح على بعض الأحمديين عددا من الأسئلة الدينية المهمة، وقال أيضا إنني أتيت إلى هنا من أميركا، وطرحتُ هذه الأسئلة على كثير من العلماء ولم أجد ردودًا مقنعة لها. الآن قد أتيت إلى هنا لأعرضها على خليفتكم، لأرى كيف يرد على هذه الأسئلة. يقول المولوي عمر دين الشملوي المحترم إن الأسئلة كانت معقدة وغريبة أيقنتُ بعد الاستماع لها أن حضرته لن يقدر على الرد عليها لأنه ما زال شابا، ولم يتلق دراسة خاصة في الإلهيات (علوم الدين) وهو صغير السن أيضا، واطلاعه أيضا قليل، ومن ثم سيحصل تشويه لسمعة الجماعة الأحمدية كثيرا، سوف تتشوه سمعة الجماعة في العالم. لأنه إن لم يستطع حضرته الرد على أسئلة القس الأميركي فسوف ينشر الدعاية المعادية بعد العودة إلى أميركا أن خليفة الأحمديين لا يعرف شيئا وهو لا يقدر على التصدي للمسيحية أبدا، وإنما هو خليفة بالاسم فقط، ولا يتمتع بمقدرة علمية مطلقا (هذا ما خطر ببال المولوي المحترم، ويقول) لقد أصابني قلق كبير وحاولت جاهدا ألا يقابل القسُّ الأميركي حضرتَه ويعود دون مقابلته لكنني فشلت في ذلك، إذ كان مصرًّا على أنه لن يعود دون مقابلته في كل حال. فذهبت إلى حضرته مضطرا، وقلت له: لقد جاء قسٌّ أميركي ويريد أن يطرح بعض الأسئلة على حضرتك، فماذا أفعل؟ فقال حضرته فورا ودون تردد، أحضرْه. فأتيت به إلى حضرته، وأنا كنت مترجما بينهما. بعد تبادل الحديث الأوليّ طرح القس أسئلته، فترجمْتُها لحضرته، فاستمع حضرته لها كلها بكل هدوء واطمئنان، ثم ردَّ عليها ردودا مقنعة حيَّرتْني، إذ لم أكن أتوقع أن حضرته سيتمكن من الرد عليها فورا ردًّا مقنعا عديم المثال وزاخرا بالمعارف. فلما ترجمتُها للقس إلى اللغة الإنجليزية، استغرب جدا هو الآخر، وقال: إلى اليوم لم أسمع من أحد خطابا عقلانيا زاخرا بالأدلة مثل هذا. يبدو أن خليفتكم عالم كبير، وله نظرة شاملة على أديان العالم. قال ذلك ثم قبَّل يدَ حضرته بكل احترام وانصرف.
في فبراير 1945 ألقى حضرة المصلح الموعود خطابا جليلا بعنوان “نظام الاقتصاد في الإسلام” في مدينة الطلاب الأحمديين، فكانت لديه ملكة وكفاءة في العلوم المادية أيضا. بعد الخطاب ألقى رئيس الحفل جناب لاله رام جند مجندا المحترم خطابا موجزا قال فيه: إنني أعدّ نفسي سعيدا جدا إذ قد تسنَّى لي الاستماع إلى هذا الخطاب القيم، ويسرّني أن حركة الأحمدية تتقدم وتزدهر كثيرا. الخطاب الذي سمعتموه الآن، قد بيَّن فيه حضرته أمورا جديدة وقيِّمة جدا، قد استفدتُ كثيرا من هذا الخطاب، وأعتقد أنكم أيضا انتفعتم كثيرا من هذه المعلومات القيمة.
لقد أسعدني هذا الأمر أن غير المسلمين أيضا حضروا هذه الجلسةَ بجانب المسلمين وأن العلاقات بين المسلمين وغير المسلمين في طور التحسُّن. إنني أجد فرصة النقاش مع كثير من أفراد الجماعة الأحمدية المحترمين وأرى أن هذه الجماعة تقدّم تفسيرات الإسلام التي هي مفيدة للغاية لهذه البلاد. كنتُ أظن أن الإسلام في قوانينه يهتم بالمسلمين فقط ولا يراعي غير المسلمين ولكن اليوم علمتُ من خطاب إمام الجماعة الأحمدية أن الإسلام يعلّم المساواة بين جميع البشر، وإنني فرح جدا بسماع ذلك. وسوف أقول لأصدقائي غير المسلمين ما المشكلة في إعطاء الإسلام إياكم عزّا واحتـراما من هذا النوع. الجدّية والهدوء الذي سمعتم بهما خطابَ حضرته لساعتَين ونصف لو رأى ذلك شخصٌ أوربي لاستغرب أن الهند قد تطوّرت لهذا الحد!؟ أشكركم على سماعكم الخطاب بهدوء كما أشكر من طرفي ومن طرفكم جميعا إمامَ الجماعة الأحمدية شكرا متكررا مئة ألف مرة على إفادته إيانا بخطابه المليء بالمعلومات الثمينة للغاية.
يروي السيد أختر أورينوي الحائز على شهادة الماجستير ورئيسُ قسم اللغة الأردية في جامعة “بَتْنَهْ” حادثا للبروفيسور عبد المنان بِيْدِلْ رئيس قسم اللغة الفارسية السابق عن التفسير الكبير، ويقول: أعطيتُ البروفيسور عبد المنان بِيْدِلْ -رئيس قسم اللغة الفارسية السابق وحاليا عميد كلية “شبينة” في “بتنه”- بعضَ المجلدات للتفسير الكبير للخليفة الثاني t واحدا تلو آخر، فتأثر بقراءة هذا التفسير لدرجة أنه أعطى بعض مجلدات هذا التفسير مشايخَ المدرسة العربية “شمس الهدى” في “بتنه” من أجل القراءة. وذات يوم دعا عدة مشايخ وسألهم عن رأيهم في هذا التفسير، كانت هناك نبوءة عن الابن الموعود أنه سيُعطى علوم القرآن. فقال أحد المشايخ: لا يوجد تفسير مثله في التفاسير الفارسية. فسأل البروفيسور عبد المنان: وهل يوجد في التفاسير العربية؟ فسكت المشايخ. وبعد قليل قال أحدهم: لا توجد في مدينة “بتنة” كل التفاسير العربية، وما لم نقرأ جميع التفاسير المصرية والشامية لا نستطيع أن نبني رأيا صائبا. فبدأ البروفيسور يذكر التفاسير العربية القديمة وقال: لا يوجد أي تفسير في أي لغة يضاهي تفسير مرزا محمود. ويمكنكم أن تجلبوا التفاسير الحديثة من مصر وسورية وتُناقشوا معي ذلك بعد بضعة أشهر، فبُهت علماء العربية والفارسية.
يقول السيد قريشي عبد الرحمن من “سَكهر” وهو يبين مكانة المصلح الموعود العلمية: بينما كان حضرته t مقيما في مدينة “سَكهر” كان الأحبابُ يُحضرون أصدقاءهم غيرَ الأحمديين للقاء حضرته. وأحضرتُ للقاء حضرته صديقا لي كان كثيرا ما يتباهى بعلمه. كان حضرته جالسا في مجلسه، وكان الناس يسألونه بعض الأسئلة وكان حضرته يجيب ولكن ذلك الشخص ظل ساكتا من الأول إلى الآخر، وحين انتهى المجلس قلتُ له: لم تسألْ شيئا؟ فقال: الكلام هنا كان بمنزلة فضْح النفس. كان هذا الشخص من أشد المعارضين ولكن كلام حضرته كان مؤثرا لدرجة قال هذا الشخص: ظللتُ أفكِّر لو عدتُ من هنا بإيماني يكون شيئا عظيما ودونك أن أسأل شيئا.
ذهب السيد لاله كرم شند رئيس التحرير لجريدة “بارس” الأسبوعية إلى قاديان مع بعض المحررين، وعاد متأثرا جدا من حضرته t وكتب بعض المقالات حول ذلك، فقال: كنا نحسب السيد ظفر الله خان رجلا عظيما وكان السيد شودري ظفر الله خان عضوا للسلطة التنفيذية لنائب الملك، ولكنه مثل تلميذ صغير في المدرسة أمامَ السيد بشير الدين محمود أحمد، لأنه أصوب رأيا منه في كل أمر، أيْ مكانة خليفة المسيح الثاني أعظم جدا ورأيه أصوب جدا ويقدم أدلة أحسن. ومن يملك قدرة عظيمة للتنظيم مثل هذا الشخص يمكن أن يوصل أيَّ دولة علوها من التقدم.
حضر أحد محبّي العلم الجلسةَ السنوية في قاديان، وذكر انطباعاته عن المصلح الموعود t وعن أتباعه، فقال: ومما رأيتُ بتأمل أن هذه الجماعة كلها والحشد كله والجمع كله كان ماشيا على إشارة خنصر ذلك الخليفة الطاهر، وتوصلتُ عن إمام الجماعة الأحمدية إلى أنه كاتب عظيم ويملك قدرة عظيمة للخطابة وإداري عظيم للتنظيم.
كتب العلامة نياز الفَتْحَبُوْرِي بعد قراءة المجلد الثالث للتفسير الكبير: التفسير الكبير المجلد الثالث أمامي في هذه الأيام، وأقرأه بنظرة عميقة، ومما لا شك فيه أن المفسر أوجد طريقة تفكير جديدة لقراءة القرآن الكريم، وهذا التفسير أول تفسير من نوعه وُفِّق فيه بين العقل والنقل بأحسن وجه. ويتبين من كل كلمة له تبحُّره في العلم وسَعة نظره وفراسته غير العادية وجمال استدلاله، وإنني أتحسر على أنني ظللتُ غير مطّلع عليه إلى الآن. ليتني أتمكن من رؤية جميع مجلداته. اندهشت بمعرفة أفكاره عن لوط u في تفسير سورة هود، واضطُررتُ للقول لا يسعني مدح وجهة النظر التي اتخذها المفسر في تفسير ]هَؤُلَاءِ بَنَاتِي[ (هود:79) مخالفا أسلوب جمهور المفسرين، سلّمه الله تعالى لمدة طويلة.
فانطباعات الأحباب والأغيار عن المصلح الموعود t والأثر العميق الذي كان يقع فيهم بلقائه وحين كانوا يطّلعون على ميزاته كان يجعل الجميع يستغربون. وهذا دليل بين على صدق النبوءة. فحين تُذكر هذه النبوءة في هذه الجلسات التي تُعقد في هذه الأيام وحين نسمع عن أعمال المصلح الموعود t البارزة فعلينا أن ندعو لرفع درجاته كما يجب أن نفحص حالتنا لأنه من الضروري لرقي الجماعة أن يطور كل فرد من أفراد الجماعة جميعَ قدراته بعزيمة ويستخدمها من أجل الجماعة. لو فعلنا ذلك لرأينا ازدهار الجماعة أكثر من ذي قبل في حياتنا، وفّقنا الله تعالى لذلك. (آمين)
*******