خطبة الجمعة
التي ألقاها أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز
الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي u بتاريخ 21/5/2021م
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرّجيم. ]بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يوْم الدِّين * إيَّاكَ نعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهمْ وَلا الضَّالِّينَ[، آمين.
كنت أتحدث عن سيدنا عمر t، وسوف أذكر الآن شيئا عن حضوره في الغزوات والسرايا.
لقد شهد سيدنا عمر بن الخطاب في رفقة النبي r بدرًا وأُحدًا والخندق وسائر الغزوات. كما شارك في عدة سرايا، وكان أميرا في بعضها.
كان عدد إبل المسلمين عند المسير لغزوة بدر سبعين بعيرا فقط، فكان ثلاثة منهم يركبون بعيرا واحدا على التناوب. وكان أبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم يتناوبون في ركوب بعير واحد.
وورد بشأن مسير النبي r لبدر أنه خرج من المدينة للقاء عِير أبي سفيان التجارية التي كانت قافلة من الشام، وعندما وصلت جماعة المسلمين إلى زفران (وهي واد في ضواحي المدينة بالقرب من وادي الصفراء) بلغ النبي r أن قريشا قد خرجت لحماية قافلتها التجارية. فجمع النبي r أصحابه للاستشارة، وأخبرهم أن جيشا من مكة قد خرج بسرعة كبيرة. فماذا ترون؟ فهل لقاء جيش العدو أحبُّ إليكم من لقاء قافلتهم التجارية؟ فقالت فئة منهم: نعمْ إن لقاء القافلة التجارية أحب إلينا من لقاء جيشهم. وورد في رواية أن جماعة من المسلمين قالوا لو ذكرت لنا قبل الخروج أننا نخرج لقتال العدو لأعددنا له عدّتنا، إنما خرجنا للقاء القافلة التجارية. وفي رواية أنهم قالوا يا رسول الله، ينبغي أن تتوجه إلى القافلة التجارية ولا تذهب للقاء العدو، فتغير وجه النبي r.
وقال أبو أيوب إن قول الله تعالى: ]كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُون[ قد نزل في هذه الواقعة. لقد قام سيدنا أبو بكر في تلك المناسبة وتكلم وأحسن الكلام، ثم قام عمر وتكلم وأحسن الكلام، ثم قام المقداد وقال يا رسول الله، سِرْ إلى ما أُمرت بالمسير إليه ولنسيرنَّ معك، ولن نكون كالذين قالوا لموسى من بني إسرائيل: ]فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ[، بل سنقاتل معك حتى آخر نفس فينا.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا أَسَرُوا الْأُسَارَى (يعني لما أسر المسلمون الأسارى يوم بدر) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ هُمْ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ، أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً فَتَكُونَ لَنَا قُوَّةً عَلَى الْكُفَّارِ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ قُلْتُ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ، وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَّا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنِّي مِنْ فُلَانٍ، نَسِيبًا لِعُمَرَ، فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهَا. فَهَوِيَ (أي استحسنَ) رَسُولُ اللَّهِ r مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ. فَلَمَّا كَانَ مِن الْغَدِ جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ r وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَيْنِ يَبْكِيَانِ. قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ، فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهِمْ الْفِدَاءَ، لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، شَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ r، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ]مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ.. إِلَى قَوْلِهِ.. فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا[، فأحلّ الله لهم الغنائم. هذه الرواية في صحيح مسلم.
هذه الرواية تبقى مبهمة غير واضحة بسبب ما ورد في أولها من أن الرسول الله r وأبا بكر كانا يبكيان قاعدين، وبسبب ما ورد في هذه الآية القرآنية.
إنّ معظم أصحاب كتب التاريخ والسير والتفسير اعتبروا هذه الرواية صحيحة، فكأن الله تعالى سخط على قرار أخذ الفدية من أسرى بدر مستحسنا رأي عمر. وقد جعل أصحاب كتب السير والسوانح بابا مستقلا عن آراء سيدنا عمر التي نزل القرآن الكريم موافقًا لها، ويذكرون في هذا الباب أيضا أن الله تعالى فضّل رأي عمر على الآراء الأخرى بشأن أسارى غزوة بدر.
ولكن الأمر يصبح مبهم غير واضح كما ذكرت آنفا، بل يبدو أن أصحاب السير والمفسرين قد أخطأوا في فهم الأمر. ولقد وجدنا في الملاحظات التفسيرية غير المطبوعة للمصلح الموعود t قولاً يفنّد هذه الروايات، وإن ما قاله حضرته هو الأصح فيما أرى. يبدو أن أصحاب السير والتفسير قد اخترعوا هذه الرواية سعيًا لرفع مكانة سيدنا عمر t أو فهموها فهما خاطئا. على كل حال، لقد قال حضرة المصلح الموعود t في تفسير سورة الأنفال الآية 68: كان عند العرب قبل الإسلام عادة، وهي لا تزال موجودة في بعض مناطق العالم حتى اليوم للأسف، بأنهم كانوا يلقون القبض على رجال العدو ويستعبدونهم بدون قتال. وإن هذه الآية تلغي هذه العادة القبيحة، وتأمر صراحة ألا يؤسَر أحد من الأعداء إلا في حالة الحرب والقتال فقط، وإذا لم يكن هناك قتال فيجب ألا يؤخذ أحد منهم أسيرا. لقد فسر المفسرون هذه الآية تفسيرا خاطئا جدا حيث قالوا إن المسلمين لما أسروا في غزوة بدر بعض أهل مكة استشار فيهم النبي r صحابته، فرأى سيدنا عمر أنه يجب قتلهم، بينما رأى سيدنا أبو بكر إطلاق سراحهم بعد أخذ الفدية منهم. فاستحسن النبي r رأي أبي بكر. وقد قالوا هذا في تفسير قول الله تعالى ]مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ[ (الأَنْفال: 68)، وفي تفسيرها قال حضرة المصلح الموعود هذا الأمر. لقد قال المفسرون إن رأي أبي بكر كان مختلفا من رأي عمر، فاستحسن النبي r رأي أبي بكر، وخلّى سبيل الأسرى بعد أخذ الفدية منهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية. فكأنهم يقولون إن الله تعالى لم يستحسن فعل النبي r، حيث كان الواجب عليه أن يقتل الأسارى، لا أن يأخذ منهم الفدية. وهذا ما قاله الطبري في تفسيره. ولكن حضرة المصلح الموعود t يقول: إن هذا التفسير باطل، وذلك لأنه: أولا: لم يكن الله قد أنزل حتى ذلك الوقت أي حكم بعدم إطلاق سبيل الأسرى بعد أخذ الفدية منهم، لذا فلا سبيل للوم الرسول r على أخذ الفدية منهم. وثانيا: كان الرسول r قد أطلق من قبل سراح أسيرين في مكان يسمى “نخلة”، ولكن الله تعالى لم يسخط على نبيه r بسبب ذلك. وثالثا: بعد آيتين اثنتين فقط من هذه الآية قيد التفسير قال الله تعالى للمسلمين ]فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا[ (الأَنْفال: 70).
فهل يخطر ببال أحد أن يسخط الله على نبيه r بسبب أخذه الفدية، ويعُدُّ أموال الغنيمة حلالا طيبا؟ لذا فتفسيرهم باطل، وإنما التفسير الصحيح هو أن الله تعالى قد بيَّن في هذه الآية مبدأً عاما هو ألا يُتّخذ الأسارى إلا في قتال رسمي وبعد توجيه الضربات للعدو وجعْله مغلوبا.
وموقف الإمام الرازي من بين المفسرين وموقف مؤلف السيرة النبوية المعروف العلامة شبلي النعماني لهو الموقف نفسه الذي ذكره المصلح الموعود t. يقول مرزا بشير أحمد:
عند الوصول إلى المدينة المنورة، تشاور النبي r في أمر أسرى الحرب وكيف ينبغي معاملتهم. كان أسرى الحرب، وفقًا للعرف العربي، إما يقتلون أو يحكم عليهم بالعبودية الدائمة. ولكن النبي r كان يكره مثل هذه التدابير، ولم تكن قد نزلت أحكام الله تعالى في مثل هذه الأمور. اقترح أبو بكر الإفراج عن الأسرى بعد أخذ الفدية، لأن هؤلاء الأسرى أقارب للمسلمين، وعسى الله أن يهديهم بذلك إلى الإسلام؛ أما عمر، فخالف هذا الرأي وقال بأنه ينبغي ألا نقيم وزنًا لمسألة القرابة في أمور الدين. وبما أنهم استحقوا القتل بجرائمهم لذلك اقترح عمر إعدام الأسرى، بل وقال بأن يقتل المسلمون بأيديهم أقاربهم من هؤلاء الأسرى. لقد أحبّ النبي r اقتراح أبي بكر لرحمته الفطرية وقرر عدم قتلهم، وأمر بإطلاق سراح الأسرى بعد دفع الفدية. وقد جاءت الموافقة على رأيه في الوحي الإلهي فيما بعد. فإن نزل الحكم الإلهي بإطلاق سراح الأسرى بعد أخذ الفدية كما كتب الخليفة الثاني t أيضا فمن العجيب جدًّا بعد هذا، الاعتماد على الرواية المذكورة والبحث عن مبرر بكاء النبي r وأبي بكر t.
على أية حال، يقول مرزا بشير أحمد t:
قررت الفدية من كل سجين على أساس قدراته المادية، وكان الحد الأدنى 1000 درهم والحد الأقصى 4000 درهم، وبالتالي أفرج عن جميع الأسرى.
لقد ورد عن زواج حفصة بنت عمر من النبي r أن زوج حفصة اشترك في غزوة بدر وعند العودة منها مرض فتوفي، وبعد ذلك تزوج النبي r من حفصة، وورد تفصيله في البخاري عن عبد الله بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُحَدِّثُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ r قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ. قَالَ عُمَرُ: فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ قَالَ سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِي فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ فَقَالَ قَدْ بَدَا لِي أَنْ لَا أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا. قَالَ عُمَرُ: فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا فَكُنْتُ عَلَيْهِ أَوْجَدَ مِنِّي عَلَى عُثْمَانَ فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ r فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَيَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ إِلَّا أَنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَدْ ذَكَرَهَا فَلَمْ أَكُنْ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ r. (أي كان أبو بكر يعلم أن رسول الله r قد أبدى رغبة في الزواج من حفصة، فيقول بأنه ما كان ليفشي سر النبي r). ثم قال أبو بكر: وَلَوْ تَرَكَهَا لَقَبِلْتُهَا. هذا كان ردّ أبي بكر.
لقد كتب مرزا بشير أحمد t شيئا من تفصيل هذه الواقعة في كتابه سيرة خاتم النبيين فقال:
كانت لسيدنا عمر بنتٌ اسمها حفصة، وكانت متزوجة من خنيس بن حذافة الذي كان صحابيا مخلصا وشهد بدرا، وبعد عودته من بدر إلى المدينة مرض مرضًا توفي على إثره. وبعد فترة قلق عمر من أجل تزويج حفصة مرة أخرى وكانت فوق العشرين عاما تقريبا. فذهب عمر لبساطته الفطرية إلى عثمان بن عفان وقال له لقد أصبحت بنتي حفصة أرملة، فهل لك رغبة في زواجها؟ فلم يستجب له عثمان. ثم ذهب عمر إلى أبي بكر وعرض عليه الزواج من بنته، ولكنه ظل صامتا ولم يجبه. فحزن عمر وتضايق جدا، وجاء حزينا إلى رسول الله r وقص عليه الحكاية كلها. فقال النبي r لا تقلق، بإذن الله تعالى ستجد حفصة مَن هو خير من عثمان وأبي بكر، وسيجد عثمان زوجةً أفضل من حفصة. ذلك أن النبي r كان ينوي أن يتزوج من حفصة ويزوّج بنته أم كلثوم من عثمان، وكان قد أخبر أبا بكر وعثمان بنيته هذه، ومن أجل ذلك لم يستجيبا لعرض عمر. وبعد فترة زوّج النبي r بنته أم كلثوم من عثمان، ثم بعد ذلك طلب من عمر يد حفصة. فماذا كان عمر يريد أكثر من ذلك؟! فما كان منه إلا أن قبل عرض النبي r بمنتهى الفرحة. وتزوج النبي r حفصةَ في شعبان في العام الثالث الهجري وهكذا دخلتْ في حرم النبي r. وبعد ذلك قال أبو بكر لعمر لعلك واجد علي في قلبك ومتضايق مني، والواقع أنني كنت على علم بإرادة الرسول r، ولكني لم أكن لأفشي سره r، ولولا نيته r أن يتزوج من حفصة لتزوجتها بكل مسرة.
ومن المصالح الخاصة في زواج الرسول r من حفصة أنها كانت بنت عمر الذي كان يُعَدّ أفضل الصحابة جميعا بعد أبي بكر، وكان مقربا لدى الرسول r، فارتأى الزواج من حفصة توطيدًا للأواصر مع عمر وأيضا تلافيًا للصدمة التي كانت أصابت عمر وحفصة بموت خنيس بن حذافة المفاجئ.
والمصلحة العامة الثانية التي كانت أمام النبي r هي أنه كلما كثرت زوجاته كلما توسع نطاق تعليم النساء -اللواتي يشكلن نصف بني البشر ومن بعض النواحي النصف الأحسن لهم- وتبليغ الدعوة فيهن بيسر وبشكل مؤثر.
لقد ورد عن عمر بخصوص غزوة أحد أنه لما هاجم خالد بن الوليد المسلمين هجمة مباغتة لم يستطع المسلمون الثبات أمامها، ذكر تفصيل ذلك مرزا بشير أحمد t فكتب ما يلي:
كان جيش قريش قد حاصر المسلمين من كل جهة وكان يتقدم بغاراته المتتالية بانتظام، ومع ذلك كان من المحتمل أن يتدارك المسلمون أمرهم، لكن الكارثة التي حلت أن مقاتلا جريئا من جيش الكفار يُدعَى عبد الله بن قمئة هاجم حاملَ لواء المسلمين مصعب بن عمير، وقطع يده اليمنى بسيفه، فأمسك مصعب اللواء بيده الأخرى فورا، وتقدم للتصدي لابن قمئة، لكنه بهجمة أخرى قطع يده الأخرى أيضا، فحاول مصعب أن يضم ساعديه ليمسك بهما الراية الإسلامية ويضمها إلى صدره، لكن ابن قمئة شن عليه هجمة ثالثة فسقط مصعب شهيدا. أما العلَم فقد أمسكه أحد المسلمين فورا، لكن لما كان مصعب يشبه النبيَّ r في قامته وملامحه فقد زعم ابن قمئة أنه قتل محمدا (r).
من المحتمل أنه أعلن ذلك بمحض مكيدة وبقصد الخداع. على كل حال عند سقوط مصعب شهيدا أعلن ابن قمئة صارخا: لقد قتلت محمدا (r). لقد أفقد هذا الخبر صواب المسلمين وتشتتوا فزعين، وهرب كثير من الصحابة من الميدان فزعين مذعورين، فكان المسلمون في تلك الساعة قد انقسموا إلى ثلاثة فرق، فريق كان قد فر من الميدان بعد سماع خبر شهادة النبي r، وكان هذا الفريق صغير العدد. لكنه كما ورد في القرآن الكريم قد عفا الله عنهم نظرا للأوضاع الحرجة آنذاك وإيمانهم القلبي وإخلاصهم.
والفريق الثاني كان يضم أولئك الذين لم يهربوا، لكن ضعفت همَّتهم بعد سماع خبر شهادة النبي r أو كانوا يرون القتال عديم الجدوى، لذا انصرفوا من الميدان وجلسوا مطأطئي الرؤوس في مكان بعيد. أما الفريق الثالث فكان لا يزال يقاتل في الميدان، وبعضهم كانوا قد التفُّوا حول النبي r ويسجلون أروع نماذج الفداء بأرواحهم، ومعظمهم كانوا يقاتلون منتشرين، ولكونهم علموا هم وأفراد الفريق الثاني أن رسول الله r ما زال حيا، أسرعوا إليه مقاتلين كالمجانين واجتمعوا عنده r.
باختصار كان قد حمي وطيس الحرب، وكان المسلمون يواجهون ابتلاء شديدا واختبارا، وكما سبق ذكره كان خبر شهادة النبي r قد ثبَّط همة كثير من الصحابة وكانوا قد انصرفوا من الميدان تاركين السلاح، وكان منهم عمر بن الخطاب t أيضا الذي جلس يائسا.
فكانوا جلوسا في طرف الميدان إذ مر بهم أنس بن النضر الأنصاري فقال: ما يجلسكم؟ قالوا: قُتل رسول الله، فما الفائدة من القتال الآن؟ فقال كلا هذا هو وقت القتال لنحظى بالموت الذي حازه رسول الله r، فما متعة الحياة بعده r؟ ثم جاء إليهم سيدنا سعد بن معاذ فقال له أنس: يا سعد إني لأجد ريح الجنة دون هذا الجبل، قال ذلك واقتحم صفوف جيش العدو، فقاتل حتى قُتل، وبعد الحرب حين عثر على جثته كان بها أكثر من ثمانين جرحا، ولم يعرفه أحد وإنما عرفتْه أخته أخيرا ببنانه. وكان رسول الله r قد وصل إلى العقبة برفقة عدد من الصحابة إذ هاجمهم عدد من الكفار بمن فيهم خالد بن الوليد أيضا، فدعا النبي r اللهم إنه لا ينبغي لهم أن يعلونا. ثم قاتل سيدنا عمر t أولئك المشركين مع بعض المهاجرين فهربوا من هناك.
كتب حضرة مرزا بشير أحمد t: لقد تقدم أبو سفيان بصحبة عدد من رفاقه إلى حيث كان المسلمون قد اجتمعوا، وقال: أفي القوم محمد؟ ثلاثًا، فقال رسول الله r: لا تجيبوه. فلما سكت الصحابة كلهم سأل عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ولم يردّ عليه أحدٌ بأمر من النبي r، عندها قال بفخر: أما هؤلاء فقد قُتلوا فلو كانوا أحياء لأجابوا. فلم يتمالك سيدنا عمر وقال له فورا: كذبتَ أي عدو الله نحن كلنا أحياء، وسوف يخزيك الله بأيدينا. فعرف صوتَ عمر t وقال له أنشدك يا عمر هل محمد حيٌّ؟ فقال أجل إنه بفضل الله حي وإنه ليسمع كلامك. فقال أبو سفيان بصوت خافت: إذًا كذب ابن قمئة فإني لأراك أصدق منه، ثم قال أبو سفيان بصوت عال جدا، اعل هبل.
فظل الصحابة ساكتين نظرا لأمر النبي r لكن النبي r الذي أمرهم بالصمت عند ذكر أبي سفيان اسمه r، تحمس حين سمع اسم وثن مقابل الله I وقال للصحابة، لماذا لا تجيبون؟ فسألوه ماذا نقول له يا رسول الله؟ فقال r: قولوا الله أعلى وأجل. فقال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم. فقال رسول الله، r: قولوا الله مولانا ولا مولى لكم.
ثم قال: هذا بيوم بدر، والحرب سجال، أما إنكم ستجدون في قتلاكم مثلاً، والله ما رضيت ولا سخطت ولا نهيت ولا أمرت. ثم انصرف أبو سفيان ومن معه وقال: إن موعدكم العام المقبل. فأجابه أحد الصحابة بتوجيه من النبي r حسنا هذا وعْد إذن.
على كل حال قال ذلك أبو سفيان وهبط مع أصحابه وانطلق جيش قريش إلى مكة. فلما عاد النبي r بعد القتال إلى المدينة، احتفل المنافقون واليهود فرحين، وبدأوا يسيئون إلى المسلمين وقالوا إن محمدا يحب المـُلك، فلم يتعرض أي نبي إلى اليوم للخسائر كما خسر هو، إذ تلقى الجروح هو وأصحابه. وقالوا لو بقي قتلاكم معنا لما قُتلوا. فاستأذن عمر t النبيَّ r في قتل أولئك المنافقين الذين كانوا يتكلمون بمثل هذه الأقوال، فقال له r: ألا يشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ فهم ينطقون بالشهادتين. فقال بلى، لكنهم مع ذلك يقولون كلام النفاق، وإنما يشهدون خوفا من السيف، فلما تبين الآن أمرهم وصدر ما في صدورهم وأظهر الله حقدهم، فيجب الانتقام منهم ومعاقبتهم. فقال النبي r إنني مُنعت عن قتل من نطق بالشهادتين.
هنا أنهي هذا الذكر وسوف أتابعه مستقبلا، لأنني أريد أن أذكر الآن بعض المرحومين.
لكنني قبل ذلك أود أن أوصيكم بالدعاء، وقد قلت لكم في الأسبوع الماضي أيضا بأنِ ادعوا للفلسطينيين المظلومين. فمع أنه قد تم الاتفاق على وقف إطلاق النار، ولكن التاريخ يخبرنا أن الأعداء، بعد فترة، وبطريقة أو أخرى، وبحجة أو أخرى، يجعلون الفلسطينيين عرضة لظلمهم. فادعوا الله تعالى أن يرحم الفلسطينيين، فيتمتعوا بالحرية الحقيقية، وأن يهبهم قادةً ذوي عقل وفراسة وصرامة، وقادرين على طرح موقفهم جيدا وعلى نيل حقهم أيضا. وكذلك ادعوا الله كثيرا أن يحفظ الأحمديين الذين يواجهون الاضطهاد خاصة في باكستان.
أول المرحومين الذين سأصلي عليهم جنازة الغائب قرشي محمد فضل الله الذي كان نائبا لناظر الإصلاح والإرشاد في قاديان، فقد توفي في 27/4/2021، إنا لله وإنا إليه راجعون. كان جد والدته من قبل أبيها وجد والده من قبل أمه حضرة المنشي مهر دين t صحابيا، وبواسطته جاءت الأحمدية في عائلته، واسمه مكتوب ضمن المتبرعين لبناء منارة المسيح. لقد خدم المرحوم الجامعة الأحمدية كأستاذ ثلاثا وعشرين سنة وخمسة أشهر بعد التخرج فيها، فكان أستاذا للقرآن الكريم واللغة الأردية والكلام والصرف والنحو والأدب العربي وغيره من المواد، ومدة خدمته الإجمالية سبع وثلاثون سنة وسبعة أشهر. وكان بفضل الله موصيا، وترك خلفه زوجة وابنا وابنتين.
كتب السيد مخدوم ناظر الاشاعة: حين كان في الجامعة كان أستاذا لطيفا، وكانت علاقته مع الطلاب علاقة حب وصداقة. خدم دوما بكل أمانة وبروح الوقف. وكان يلتزم بالوقت ويطلب ذلك من طلابه أيضا. معظم الدعاة في الهند من طلابه واستفادوا منه. كان متواضعا يوجز الكلام ولا يكثر من الكلام ولكن كان كلامه علميا وقويا. خدم أيضا بصفته نائب رئيس مجلس خدام الأحمدية في الهند، وكذلك خدم 34 عاما بصفته نائب رئيس التحرير لجريدة بدر وكان رئيس التحرير لمجلة “مشكاة” أيضا. كان عضوا في لجنة تاريخ الأحمدية في الهند. وأشار إلى أخطاء أثناء تدقيقه لبروفات الخزائن الروحانية (المكتوبة على الحاسوب) وتم تداركها بعد تحديده إياها. كان يراجع كل شيء والبروفات بدقة. وراجع بروفات كتب المسيح الموعود u التي طُبعت منفصلة وخاصة بروفات البراهين الأحمدية والدين الآري والقول الحق وغيرها. والمراجع التي ذكرها المسيح الموعود u في هذه الكتب دققها من مآخذها ومن غرنث وفيدا، وعيَّن الفروق بين لفْظ كل كلمة وترجمتها. وكانت ميزته أنه يكمل تحقيقَه في كل شيء. فبحث عن مراجع “الدين الآري” و”القول الحق” ودقّقها وحقّقها بكل جهد. كان يقول هذان الكتابان هما حجة للهندوس والسيخ لذلك هما مهمان للغاية، لذا لابد من مراجعتهما بكل دقة ولابد من إصلاح مراجعهما. والقرآن الكريم الذي طبع من قِبل الجماعة بخط “منظور” خدم المرحوم في إعداد هذا الخط للحاسوب الذي صنعته شركة من مومباي. عمل ليل نهار لإصلاحه ولتصحيحه. وقد طبع المصحف في هذا الخط والآن كان المرحوم يعمل في إعداده مع الترجمة الإنجليزية لحضرة المولوي شير علي t وهو أيضا جاهز تقريبا وسيُطبع عما قريب وكان للمرحوم دور كبير في إعداده. وكذلك كان قد أعدّ بضعة أجزاء لترجمة معاني القرآن لحضرة مير محمد إسحاق t أيضا. واجتهد كثيرا في عمل القرآن الكريم وفي نشره خاصة بخط “منظور”. كتب ناظر الإشاعة: كان المرحوم أستاذي وخالي وأبو زوجتي ومع ذلك كان يطيعني بحماس لكونه نائبي وكان يتكلم معي بكل تواضع وانكسار ولم يُظهر قط أنه أستاذي وكبيري في القرابة. كتب بعض طلابه أنه أخبرنا في الصف أنه أثناء دراسته في الجامعة ثم أثناء تدريسه فيها لم يأخذ إجازة قط. غفر الله تعالى له ورحمه.
والجنازة الثانية هي للداعية سيد بشير الدين أحمد، وهو أيضا من قاديان وتوفي عن عمر يناهز 83 عاما، إنا لله وإنا إليه راجعون. كان حفيد الصحابي سيد سيد الدين t. كان جد ملتزم بالصلوات والتهجد وكثير الدعاء وبسيط الطبع. كان منخرطا في نظام الوصية وترك في ذويه ثلاثة أبناء وجميعهم يعملون في مكاتب صدر أنجمن أحمدية.
والجنازة التالية هي لواقف الحياة السيد بشارت أحمد حيدر ابن السيد فيض أحمد شانه. توفي عن عمر يناهز 71 عاما. إنا لله وإنا إليه راجعون. وهو حفيد حضرة عبد الكريم t الذي كان عضه الكلب المسعور وشُفي بدعاء المسيح الموعود u. وقف حياته وجاء من كرناتك إلى قاديان ودرس في المدرسة الأحمدية ثم خدم في مكاتب متنوعة ثم عُين مسؤول مكتب التزويج وخدم الجماعة لمدة 46 عاما. وكان ضيق اليد وبالرغم من ذلك عاش عيشا محترما، وكانت حياته بسيطة جدا. وكان خلوقا وصاحب مروءة جدا. كان منخرطا بنظام الوصية وترك زوجته وثلاث بنات زودهن بتعليم جيد ثم زوّجهن مع واقفين الحياة.
والجنازة التالية هي للسيد الدكتور محمد علي خان أمير الجماعة في محافظة بشاور الذي توفي في الشهر الماضي عن عمر يناهز 67 عاما، إنا لله وإنا إليه راجعون. كان قد بايع بنفسه حين كان يدرس في الثانوية العليا. كان جالسا في محل عمه إذ جاء رجل كان يبدو محترما جدا وحين عاد أخبره عمه هل تعلم أن هذا الرجل أحمدي والقاديانيون طيبون جدا. قال المرحوم هكذا تعرفت أول مرة على الجماعة الأحمدية. ثم سجلتُ في كلية الطب وكان أحد زملائي أحمديا، وهو سألني ما اعتقادك بعيسى ابن مريم u؟ هل تعتقد أنه حي أم ميت؟ فقال الدكتور محمد علي: أعتقد أنه ميت. فرأى هذا الطالب الأحمدي من المناسب تبليغه دعوة الأحمدية، فأخذه إلى دار التبليغ للجماعة وعرفه على الجماعة وكان هناك داعية الجماعة السيد بشارت بشير سندهي لابسا البنطال، فتأثر جدا متسائلا عن هذا الداعية العصري، وأعطاه الداعية كتاب “دعوة الأمير” للقراءة. قال المرحوم: أنهيت الكتاب في يوم واحد وأيقنت أن الأحمدية حق. فبايع في 1973 وقبل الخليفة الثالث رحمه الله بيعته في 1974. وفي السنة نفسها نشبت أحداث اضطهاد الجماعة وقبض عليه جماعة من الطلاب في الكلية وطالبوه أن يُنكر الأحمدية وإلا سنقتلك، كانوا قد علموا أنه أصبح أحمديا. لم تستطع إدارة الكلية فعل شيء لحمايته. وكان حينها مسؤول الجامعة علي خان ابن السيد باتشا خان. جاء هناك وخلصه منهم وأخذه معه في مركبته وأنزله خارج المدينة، ومن هناك ذهب إلى قريته ماشيا حافي الأقدام. فقال له أبوه لماذا تُلقي نفسك في المصيبة وتسيء إلى سمعتنا أيضا، لماذا لا تترك الأحمدية!؟ فقال: لا أستطيع أن أترك الأحمدية. استمر النقاش مع الوالد ولم يستطع المرحوم الاستمرار في دراسته بسبب الظروف المعارِضة، كانت الظروف سيئة للغاية ولكنه ثبت على الأحمدية. ذات يوم قال له والده كفى الآن يجب أن تنهي هذه القضية وتترك الأحمدية، فقال: لا حل لهذه القضية إلا أن تضع السم في الطعام الذي ترسله لي كي أموت، وهكذا ستنحل هذه القضية لأنني لا أستطيع أن أترك المسيح الموعود u وجماعته. وبعد ذلك اليوم لم يقل له أبوه أن يترك الأحمدية. ثم توفي والده فذهب إلى قريته، ولكنه لم يصلِّ على والده. فقال له الناس إن هذا التصرف يتعارض مع الأعراف القبلية وأبدوا نفورا شديدا على أن الابن لم يصلِّ على والده. ولكنه قال إن أهم الناس عندي هو المسيح الموعود u وأما الآخرون فبعده. كذلك عاملته والدته معاملة سيئة للغاية وقالت: إنك لم تَعُدْ ابني وحرمته من العقارات، لذا لم يذهب إلى القرية بعد ذلك ولكنه ظل يساعد أمه وكان يذهب إلى بيت عمه ومن هناك كان يهتم بوالدته ويرسل لها الأموال. وحين تُوفيت والدته لم يصلِّ عليها أيضا. وكان قد بشّر أحد إخوته الصغير وهو الآخر لم يصلِّ على أمه. فاعترض عليهما الناس بشدة، ولكنهما قالا إنها قضية الغيرة الدينية ولأن أبوَينا كانا يسيئان للمسيح الموعود u لذا لا نستطيع أن نصلي عليهما. لقد أبدوا غيرة غير عادية.
خدم المرحوم في الجيش 27 عاما وتقاعد من منصب العقيد وكان طبيبا بعد التقاعد أُعطي وسام التمیُّز العسكری الرئيسي. ثم عمل كأستاذ مساعد في مستشفى “نصير” التعليمي في بيشاور، كما عمل رئيسا لقسم علم النفس. عيّنه الخليفة الرابع رحمه الله أمير الجماعة بإقليم “سرحد” ومحافظة ومدينة بيشاور حين كان عمره 32 عاما. وفي عام 1985م عيّنه عضوا في مجلس الإدارة لمؤسسة “الوقف الجديد” وظل يعمل في هذا المنصب إلى آخر لحظة في حياته.
كذلك كان المرحوم عضوا في مؤسسة “فضل عمر” ومؤسسة “طاهر” وفي مجلس الشورى أيضا. للمرحوم أخ أصغر منه اسمه العقيد أيوب الذي ذكرته وقلت أيضا إنه دخل الأحمدية بنفسه وتزوج ابنة السيد شمس الدين خانْ أمير الجماعة في إقليم “سرحد”.
ترك المرحوم وراءه أرملة وابنًا وثلاث بنات. ابنه مسجَّل في مشروع “وقف نو” ويخدم حاليا في تنـزانيا تحت إشراف “الإنسانية أولا”. يقول ابنه: كان أبي الدكتور محمد علي يحتل مكانة متميزة من حيث الصدق والأمانة والتواضع والقول السديد. ما كان يذكر الثروة أو النفقات أو الأموال الدنيوية قط وقضى حياة مطمئنة وسعيدة جدا. هذا ما قاله جميع أولاده. وعلى الرغم من الظروف القاسية جدا في بيشاور قاد الجماعةَ هناك بكل شجاعة وحب ومتوكلا على نصرة الله تعالى. الناس في بيشاور حزينون جدا على وفاته. كان للمرحوم صلة وطيدة ومخلصة جدا مع الخلافة وكانت طاعته مضرب المثل. كان يحب المسيح الموعود u ويعشق رسول الله r، وكان دائم الاستعداد لكل تضحية في سبيل وحدانية الله تعالى وكان متصفا بصفات حسنة كثيرة.
الجنازة التالية هي للمرحوم محمد رفيع خان شهزادة من ربوة الذي توفي في 30 آذار، عن عمر يناهز 82 عاما إنا لله وإنا إليه راجعون. كان المرحوم حفيدا لصحابي المسيح الموعود u السيد غلام رسول أفغان والصحابية السيدة عائشة بتهاني، وابن حفيد حضرة عبد الستار خانْ المعروف بـ “الصالح”. كان ملتزما بالعبادات ولا سيما بصلاة التهجد منذ أيام الشباب. كان كثير الغيرة والحماس للدين. ويملك شخصية نزيهة وطاهرة. وفي الأيام الأخيرة كان في المستشفى وكان يتلو القرآن الكريم بصوت عال على الرغم من الصعوبة في التنفس. التحق بسلاح الجو وبعد فترة أُرسل إلى أبوظبي، حيث قال ذات مرة أحد المشايخ في اجتماع سلاح الجو إن الأحمديين يستحقون القتل، فقام المرحوم وقال بكل شجاعة: أنا أحمدي فتعال واقتلني. ثم استقال من منصبه في أبو ظبي وعاد إلى باكستان وفتح صيدلية خاصة به. وخدم كرئيس الجماعة في حارة “دار الرحمة الشرقية” في ربوة. اشترك في خمسين حلقة على الأقل التي سُجّلت في ايم تي ايه بلغة بشتو. كان يعامل الجميع بالحب واللطف كالأب. كان يساعد الناس ماليا بصمت. كان مشتركا في نظام الوصية. ترك وراءه أرملة وابنين وأربع بنات.
الجنازة التالية هي للسيد أياز يونس من أستراليا الذي توفي بتاريخ 24 آذار في ولاية أسترالية “نيو ساوث ويلز” غارقا في مياه الفيضانات. إنا لله وإنا إليه راجعون. كان خادما مخلصا للجماعة. كان قد قال لرئيس الجماعة المحلي: كلما احتجتَ إلى خدمة أخبرني فستجدني جاهزا للخدمة دائما، كان دائم الاستعداد للخدمة. كان قد قال أفراد الجماعة كلهم إن أبواب بيتي مفتوحة دائما فكلما كنتم بحاجة إلى أية مساعدة فأخبروني دون تردد. كان سباقا دائما لخدمة الجميع. كان شابا أعزب، لم يتزوج بعد. بعد وفاته أعطت الحكومة أبويه تأشيرة السفر من باكستان إلى أستراليا، ودُفن بحضور ممثلي الحكومة.
الجنازة التالية هي لـ ميانْ طاهر أحمد ابن ميانْ باقر حسين الذي عمل سابقا في مكتب الوكيل الثالث للمال في ربوة. كان المرحوم والد السيد إدريس أحمد الذي يعمل حاليا مهندسا في مشروع بناء إسلام آباد. وقد توفي المرحوم عن عمر يناهز 67 عاما إنا لله وإنا إليه راجعون. كان يخدم في الجماعة المحلية بصفة سكرتير التربية، ونائب الرئيس وزعيم مجلس أنصار الله. كان ملتزما بصلاة التهجد والنوافل وتلاوة القرآن الكريم ومنخرطا في نظام الوصية. ترك وراءه أرملة وابنتين وثلاثة أبناء.
الجنازة التالية هي للمرحوم رفيق آفتاب من بريطانيا، كان والد السيد فاروق آفتاب. وقد توفي في الشهر المنصرم أي نيسان عن عمر يناهز 63 عاما. إنا لله وإنا إليه راجعون. يقول السيد فاروق آفتاب: كان أبي متصفا بصفات حميدة كثيرة، كان متواضعا ورجلا نبيلا جدا ودمث الأخلاق وبشوشا وإنسانا محترما، ويحترم الآخرين وكان مضيافا. هذا ما قاله لنا أناس كثيرون بالهاتف وشهدوا على خصاله الحميدة. كان مخلصا جدا وينصح الأولاد دائما للبقاء بالقرب من مقر الخلافة. وبالنتيجة يخدم أولاده الجماعة.
الجنازة التالية هي للسيدة زرينة أختر زوجة السيد مرزا نصير أحمد الذي يدرِّس في الجامعة الأحمدية في بريطانيا، وقد توفيت في الشهر المنصرم، إنا لله وإنا إليه راجعون. كانت من أولاد صحابة المسيح الموعود u، وكانت صبورة وشكورة جدا. وقد أدّت حق خدمة الوالدين والأصهار على أحسن وجه. وعاشت بقناعة مع زوجها الواقف لحياته. عاشت معه في غانا أيضا بالصبر والقناعة التامة مع الأولاد في ظروف مادية صعبة ولم تشكُ قط. كانت المرحومة مشتركة في نظام الوصية. أحد أبنائها، مرزا توقير أحمد واقف الحياة ويخدم في ايم تي ايه.
الجنازة التالية هي للمرحوم الحافظ محمد أكرم الذي توفي في الشهر الجاري في معهد طاهر لأمراض القلب في ربوة عن عمر يناهز 80 عاما، إنا لله وإنا إليه راجعون. دخلت عائلتُه الأحمديةَ بواسطة سيدنا الخليفة الأول t حين بايع جدُّ المرحومِ المسيح الموعودَ u خطيا، ولكنه لم يتمكن من البيعة على يده مباشرة. أحد أحفاده وهو السيد عبد الخبير رضوان يعمل هناك في مكتب السكرتير الخاص. قدم المرحوم نفسه لخدمة الجماعة وذهب لهذا الغرض إلى المرحوم محمد أحمد مظهر الذي كان عندئذ أمير الجماعة في مدينة فيصل آباد في باكستان، فقال له: إن كنت تريد أن تخدم الجماعة فاعمل معي في هذا المكتب، فظل المرحوم يخدم في جماعة فيصل آباد وقضى حياته كلها في الخدمة هنا، وقدّم الدين على الدنيا دائما. كان المرحوم منخرطا في نظام الوصية ودفع تبرع الأملاك في حياته. كان يصلّي التهجد بالتزام دائما. ووُفِّق لتدريس القرآن وتحفيظه لكثير من الأطفال في مدينة فيصل آباد، كما جعل ابنه الصغير أيضا يحفظ القرآن الكريم.
والجنازة التالية هي للمرحوم شودهري نور أحمد ناصر، وتوفي عن عمر يناهز 82 عاما. كان المرحوم الابن الأكبر للسيد عبد الله الدرويش في قاديان. إن ابنَيه واقفان لحياتهما بفضل الله تعالى، أحدهما اسمه منصور أحمد ناصر، يعمل عميدا في مدرسة الجماعة في ليبيريا. والثاني هو مسرور أحمد مظفر يعمل داعية الجماعة في غانا، وبسبب كونهما في ميدان الخدمة لم يتمكن ابناه من الاشتراك في جنازته. كان المرحوم منخرطا في نظام الوصية.
الجنازة التالية هي للمرحوم محمود أحمد منهاس بن الحكيم عبيد الله منهاس، وقد توفي في الشهر الماضي عن عمر يناهز 75 عاما، إنا لله وإنا إليه راجعون. أحد أبنائه السيد راشد منهاس يعمل داعية في الجماعة، ويقول بأن المرحوم كان يعيش عيش الدراويش، ويتحلى بصفات حميدة كثيرة. كان يصلّي التهجد بالتزام، ويحب الخلافة كثيرا وكان دائم الاستعداد لمساعدة الفقراء والمساكين والمفلسين. لم يتمكن ابنه المذكور من الاشتراك في جنازة المرحوم لكونه في ميدان الخدمة في غانا. ندعو الله تعالى أن يلهم أولاد المرحومين وذويهم جميعا الصبر والسلوان ويرفع درجات المرحومين ويغفر لهم. بعد صلاة الجمعة سأصلّي عليهم صلاة الغائب.