ملخص خطبة الجمعة
أفرد حضرته خطبة اليوم للحديث عن يوم الخلافة وهو ٢٧ أيار، واستهل الخطبة بتلاوة:
]وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[ (النور: 56-57)
لقد وعد الله تعالى في الآيات التي تلوتها بتمكين الدين، وتبديل الخوف أمنا، ولكنه I جعل ذلك الوعد مشروطا بشرط وهو أنه يجب علينا أن نكون أقوياء الإيمان ونكسب الأعمال الصالحة ونؤدي حق عبادة الله تعالى وألا نشرك بالله شيئا ويجب ألا تكون في أعمالنا أدنى شائبة من الشرك. وإن الصلاة وعبادة الله ضرورية جدا للقيام بالأعمال المذكورة آنفا. وقد علّم الله تعالى في هذه الآيات طريق العبادة وهو الالتزام بالصلاة. كذلك لا بد من الإنفاق في سبيل الله وطاعة الرسول r، فانفقوا في سبيل الله وأطيعوا جميع أوامر الله ورسوله.
ولكن ما لم نلتزم بالصلاة ولم نؤدّ حقوق الله وحقوق العباد لن ينفع أحدا الاحتفال بيوم الخلافة.
يقول المسيح الموعود u: ” والعمل الصالح هو الذي لا تشوبه شائبة الظلم والعُجب والرياء، والكبر وإتلاف حقوق الناس. ….إذا كان في البيت شخص واحد ذو أعمال صالحة يُنقذ البيت كله. ”
فهذه هي الخلافة الحقة التي تكون العلاقة فيها بين الجماعة والخليفة من أجل مرضاة الله تعالى، وهذه هي الخلافة التي هي تتسبب في التمكين والأمان، وهذه العلاقة بين أفراد الجماعة والخليفة هي التي تجعل الطرفين ورثة لأفضال الله تعالى.
وهذا ما أخبرنا به سيدنا المسيح الموعود عليه السلام بأن الله تعالى قد طَمْأَنَه مبشرا بأن نظام الخلافة سيظل مستمرا، وأن البشارات التي بشره الله تعالى بها لا بد أن تتحقق إنْ وفينا بهذه الشروط. وقد أسهب عليه السلام في أمر الخلافة كثيرا في كتيب “الوصية” حيث قال:
“إن هذه هي سنة الله، ومنذ أن خلق الإنسانَ في الأرض فمازال يظهر هذه السنة دون انقطاع حيث ينصر أنبياءه ومرسليه، ويكتب لهم الغلبة، كما قال تعالى: ]كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي[. فإن الله تعالى يظهر صدقهم بالآيات القوية، ويزرع على أيديهم بذرة الحق التي يريدون نشرها في الدنيا، غير أنه لا يكمِّله على أيديهم، بل يتوفاهم في وقت يصحبه الخوفُ من الفشل باديَ الرأي، فيُفسح بذلك المجالَ للمعارضين ليَسخَروا ويستهزئوا ويطعنوا ويشنّعوا. وحينما يكونون قد أخرجوا كل ما في جعبتهم من سخرية واستهزاء يُظهر الله تعالى يدًا أخرى من قدرته، ويهيّء من الأسباب ما تكتمل به الأهداف التي كانت غير مكتملة لحدٍّ ما إلى ذلك الحين.”
قد بيَّن عليه السلام في الفقرة التالية أن جماعة الأنبياء ترى القدرة الثانية أيضا، وسوف ترونها أنتم أيضا إن ظللتم مؤمنين وعملتم الصالحات، فبحسب نبوءة المسيح الموعود u وبحسب وعد الله تعالى له، نرى منذ 113 عامًا تحققًا حرفيا لوعود نزول أفضال الله تعالى.
لقد أنجز الخليفة الأول هذه المهمة لقد أخمد الخليفة الأول بشدة فتن المنافقين وبعض المعتمدين للأنجمن فلم يجرؤ أحدهم على إثارة أي نوع من الشر. لقد قال حضرته: “يقال لي إن مهمة الخليفة تقتصر على أن يؤم الصلاة أو الجنازة أو يعقد القِران أو أن يأخذ البيعة! مع أن هذا الأمر يمكن أن يقوم به أي شيخ بسيط، ولا حاجة للخليفة لهذا الغرض. وإنني أرى أن مثل هذه البيعة لا تساوي شيئا فلا أريد أن آخذ مثل هذه البيعة، بل البيعة الحقة هي تلك التي يطيع فيها المبايع طاعة كاملة ولا يحيد عن أمر من أوامر الخليفة.”
ثم بايعه المخلصون بعزيمة متجددة وبعد ذلك رأى العالم كيف سارت الجماعة في دروب الرقي والازدهار.
ثم لما توفي الخليفة الأول في مارس 1914 بدأ المنافقون أيضا نشاطهم مرة أخرى، ولكن يد نصرة الله وعونه كانت الأساس للحفاظ على منصب الخلافة ودعمه بحسب وعود الله تعالى مع المسيح الموعود u. وإن عهد سيدنا المصلح الموعود الخليفة الثاني للمسيح الموعود u الممتد على 52 سنة يشهد على أن الجماعة بدأت تقطع أشواط التقدم والازدهار بسرعة فائقة بقيادة الشاب الذي قلده الله I منصب الخلافة، فقد فتح سيدنا المصلح الموعود مراكز الجماعة في كثير من بلاد العالم. وأخيرا حين توفي في نوفمبر 1965 بحسب القدر الإلهي أقام الله I بحسب وعده المظهرَ الثالث للقدرة الثانية، وجمع الجماعة على يد سيدنا مرزا ناصر أحمد الخليفة الثالث للمسيح الموعود u. وبدأ العهد الجديد لفتح المدارس والمستشفيات في أفريقيا، وبدأ عهد جديد لتعريف أفريقيا بالجماعة الأحمدية. وخرج سيدنا الخليفة الثالث في أول جولة إلى بعض الدول الأفريقية لزيارة الأحمديين هناك، وظهرت لها نتائج رائعة، وكانت أول جولة في الخلافة.
في عام 1974 قادت الحكومة حملة شرسة منسقة ضد الجماعة وسنت القانون بأن الأحمديين ليسوا مسلمين، لكن الجماعة خرجت منها بنجاح وسلام لكونها وراء جُنة الخلافة.
ثم حين رحل عنا سيدنا الخليفة الثالث أيضا في يونيو 1982 بدَّل الله I من جديد خوف الجماعة أمنا وكان العدو قد فقد صوابه بمشاهدته تقدمَ الجماعة، فحاول بحسب زعمه قطع رأس الجماعة، ولكن الله تعالى مكَّن سيدَنا الخليفة الرابع من الهجرة من باكستان بنجاح ونصْر غير عاديين، وبقي العدو يتحسر. وبعد الهجرة في عهد الخليفة الرابع بدأ عهد جديد للترقيات وبدأ يصل صوت الخليفة ورسالةُ الأحمدية الإسلامِ الصحيح بواسطة الأقمار الصناعية إلى بيوت الأحمديين وغيرهم في كل بلد، وفُتحت آفاق جديدة لنشر الدعوة، حيث غُرست غراس الأحمدية في كثير من البلاد وانتشر تعليم الإسلام الصحيح، وزاد نشر القرآن الكريم كثيرا، وصدرت تراجمه إلى لغات جديدة.
ثم حين توفي سيدنا الخليفة الرابع رحمه الله تعالى أيضا بحسب ما قدر الله وقضى في إبريل 2003 تلقَّت الجماعة هزة عنيفة، كان الأعداء يحسبون الآن أن زمام الجماعة ليست في يد قوية، ولكن ما أدراهم أن اليد الحقيقية وراء الجماعة هي يد الله تعالى التي تقوم في تأييد هذه اليد، ونرى مشاهد أفضال الله تعالى يوميا. إن عملنا في نشر القرآن وكتب المسيح الموعود u في مختلف اللغات قد توسع كثيرا بحيث تصل رسالة الإسلام الحقيقية إلى جميع بلدان العالم بواسطة أيم تي ايه. ويتم تبليغ رسالة الإسلام الحقيقية من خلال وسائل الإعلام الاجتماعي أيضا. ثم قد ألهم الله تعالى طريقا جديدا للارتباط بالخلافة وقد ظهر هذا الطريق بسبب وباء الكورونا، وبذلك تُعقد اجتماعات ولقاءات أونلاين أو اللقاءات الافتراضية التي بواسطتها يتم التواصل مع فروع الجماعة مباشرة ويسترشد أفراد الجماعة من الخليفة مباشرة.
وقد وعد الله تعالى المسيح الموعود u بالرقي والازدهار، وإن الله تعالى لا يخلف وعده، ولكن يجب أن نؤدي واجبنا لنيل بركاتها وأن نسجد لله تعالى شاكرين له. وكذلك ينبغي أن نظل مستعدين حتى النفس الأخير لتقديم كل تضحية من أجل الإيفاء بعهد الطاعة للخلافة. لقد أكد المسيح الموعود u لمن يستعدون لكل تضحية ثابتين على الإيمان على أنهم سيرثون أفضال الله تعالى. فقال u:
“لا تظنوا أن الله تعالى سوف يضيعكم، أنتم بَذْرةٌ بَذَرَها الله تعالى في الأرض بيده. يقول الله تعالى: إن هذه البَذْرة سوف تَنْمُو وتَزْدَهِرُ وتَتَفَرَّعُ في كل طرف، ولَسَوْف تصبح دَوْحَة عظيمةً.
ندعو الله تعالى أن يثبت أقدامنا وأن نرى رقي الجماعة الكامل بأم أعيننا، وأن يوفقنا الله تعالى لنوفي بعهودنا حتى نرى تحقق وعود الله تعالى في حياتنا، وأن تنال عباداتنا وصلواتنا وأعمالنا رضاه تعالى، وأن نفهم مقام الخلافة الصحيح، ونُفهمَهُ أجيالنا أيضا، لكي يتمتع أجيالنا ببركات هذه النعمة.
ثم ذكر حضرته بضرورة الدعاء لأحمديي باكستان وجميعَ الأحمديين المظلومين حيثما كانوا وجميعَ المسلمين في فلسطين وغيرها. وددعا بان يرفع الله تعالى عن الجميع مشاكلهم وفرج عنهم ووفق الأحمديين ليعملوا بتعاليم المسيح الموعود u بوجه حقيقي ويُصبحوا أحمديين حقيقيين، كما وفق المسلمين الذين لم يعرفوا المسيح الموعود u ليعرفوه ويبايعوه، وأن نرى عاجلا راية الإسلام وراية محمد رسول الله r ترفرف في العالم أجمع ونرى قيام وحدانية الله تعالى في العالم كله.
جزاكم الله خيرا