يتابع حضرته في هذه الخطبة أيضا حديثه عن حضرة علي:
خدمته t للنبيّ r في مرضه الأخير:
عن عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ قال: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ r فَاشْتَدَّ وَجَعُهُ اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، تَخُطُّ رِجْلاَهُ الأَرْضَ، وَكَانَ بَيْنَ الْعَبَّاسِ، وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ. (كان في بيت عائشة وخرج منه إلى المسجد مستندا على كتفي رجلين) فَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ فَذَكَرْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ، فَقَالَ لِي وَهَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ قُلْتُ لا. قَالَ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. (صحيح البخاري، كتاب الأذان)
وقال عَبْد اللهِ بْن عَبَّاسٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ t خَرَجَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ r فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَقَالَ النَّاسُ: يَا أَبَا حَسَنٍ كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ r، فَقَالَ: أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللهِ بَارِئًا فَأَخَذَ بِيَدِهِ عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ وَاللهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ عَبْدُ الْعَصَا وَإِنِّي وَاللهِ لَأَرَى رَسُولَ اللهِ r سَوْفَ يُتَوَفَّى مِنْ وَجَعِهِ هَذَا إِنِّي لَأَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ الْمَوْتِ اذْهَبْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ r فَلْنَسْأَلْهُ فِيمَنْ هَذَا الْأَمْرُ، يعني الخلافة، إِنْ كَانَ فِينَا عَلِمْنَا ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِنَا عَلِمْنَاهُ فَأَوْصَى بِنَا فَقَالَ عَلِيٌّ t: إِنَّا وَاللهِ لَئِنْ سَأَلْنَاهَا رَسُولَ اللهِ r فَمَنَعَنَاهَا لَا يُعْطِينَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ وَإِنِّي وَاللهِ لَا أَسْأَلُهَا رَسُولَ اللهِ r. (صحيح البخاري كتاب المغازي)
عَنْ عَامِرٍ قَالَ غَسَّلَ رَسُولَ اللهِ r عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَهُمْ أَدْخَلُوهُ قَبْرَهُ قَالَ حَدَّثَنَا مَرْحَبٌ أَوْ أَبُو مَرْحَبٍ أَنَّهُمْ أَدْخَلُوا مَعَهُمْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ. (سنن أبي داؤد، كتاب الجنائز)
مواقفه مع الخلفاء قبله:
- قال المسيح الموعود u في كتابه العربي “سر الخلافة”: “ثم من أعجب العجائب وأظهر الغرائب أنه ما اكتفى عليٌّ أن يكون من المبايعين، بل صلّى خلف الشيخَين كل صلاة، وما تخلف في وقت من أوقات، وما أعرض كالشاكين. ودخل في شوراهم وصدّق دعواهم، وأعانهم في كل أمر بجهد همته وسعة طاقته، وما كان من المتخلفين. فقد بين المسيح الموعود u أن عليّا t لم يعارض الخلفاء الذين سبقوه بل بايعهم، وإلا ما تقولونه عن عليّ t أنه لم يبايع أبا بكر t فهذا يحط من شأنه ولا يرفعه.
- كان عليّ t من أمراء الحرس الذين عُيِّنوا لحماية المدينة عند عندما طعمع الأعراب فيث المدينة وراموا أن يهجموا عليها في حين قل الجند عن الصديق بعد أن نفذ جيش أسامة.
- ثابت من التاريخ أن سيدنا عمر أمّر عليا رضي الله عنهما خلفه على المدينة عند بعض أسفاره في عهد خلافته.
- جاء في تاريخ الطبري أنه عندما منُي المسلمون بنوع من الهزيمة في واقعة “الجسر” مقابل جيوش الفرس، استشار عمر t الناسَ أن يلتحق بنفسه بجيش المسلمين في تخوم إيران، وعيّن عليا t حاكما على المدينة في غيابه.
- كانت خسارة المسلمين في واقعة الجسر ضد الفرس، كبيرة لدرجة اهتزت منها حتى أرجاء المدينة. فجمع عمر t أهلها وقال لهم: لا حاجز الآن بين المدينة وإيران، إذ قد صارت المدينة عارية ويمكن أن يصل العدو إلى هنا في غضون بضعة أيام، لذا أريد أن أذهب بنفسي إلى هناك كقائد الجيش. أُعجب الناس بهذا الاقتراح ولكن عليّا t قال ما مفاده: لو قُتِلتَ هنالك، لا سمح الله، لتفرّق المسلمون شذرا مذرا وتشتتوا، لذا يجب ألاّ تذهب بل ترسل غيرك، ففعل.
- عندما وقعت الفتن في عهد عثمان قدم له عليّ رضي الله عنهما اقتراحات مفيدة لدرئها.
- حاصر الناس عثمان t في بيته ومنعوه الماء، فأشرف على الناس وقال: أفيكمْ عليّ؟ فقالوا: لا. قال: أفيكم سعدٌ؟ قالوا: لا. فسكت ثم قال: ألا أحد يبلّغ عليًّا فيسقينا ماء؟ فبلغ ذلك عليًّا، فبعث إلى بيت عثمان t بثلاث قرب مملوءة ماءً، فما كادت تصل إليه بسبب المتمردين، وجُرح بسببها عدةٌ مِن موالي بني هاشم وبني أمية حتى وصل الماء إليه.
- ولما بلغ عليًّا أن عثمان t يراد قتله، قال لابنيه الحسن والحسين: اذهبا بسيفيكما حتى تقوما على باب عثمان، فلا تَدَعا أحدًا يصل إليه.
- في فترة حصار سيدنا عثمان رضي الله عنه دخل علي رضي الله عنه المسجدَ وحضرت الصلاةُ، فقالوا له: يا أبا الحسن تَقدَّمْ فصَلِّ بالناس. فقال رضي الله عنه: لا أصلي بكم والإمام محصور، ولكن أصلي وحدي. فصلّى وحده وانصرف إلى منزله. فلحقه ابنه وقال: والله يا أبتِ قد اقتحموا عليه الدار. قال علي رضي الله عنه: إنا لله وإنا إليه راجعون، هم واللهِ قاتلوه. قالوا لعلي: أين هو (أي عثمان رضي الله عنه) يا أبا الحسن؟ قال: في الجنة واللهِ. قالوا: وأين هم (أي قاتِلوه) يا أبا الحسن? قال: في النار والله، ثلاثًا.
- أتى المصريون عليًّا رضي الله عنه وهو يقود عسكرًا خارج المدينة متقلداً السيف لقمع الفتنة، فقالوا له إن عثمان لم يعد جديرا بالخلافة فجئنا لعزله ونرجوك أن تقبل هذا المنصب. فصاح بهم وطردهم بشدة
بيعة علي رضي الله عنه:
لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ رضي الله عنه جَاءَ النَّاسُ كُلُّهُمْ إِلَى عَلِيّ رضي الله عنه يُهْرَعُونَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُمْ، كُلُّهُمْ يَقُولُ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ. حَتَّى دَخَلُوا عَلَيْهِ دَارَهُ، فَقَالُوا: نُبَايِعُكَ فَمُدَّ يَدَكَ، فَأَنْتَ أَحَقُّ بِهَا. فَقَالَ عَلِيٌّ: لَيْسَ ذَاكَ إِلَيُكْم، وَإِنَّمَا ذَاكَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَمَنْ رَضِيَ بِهِ أَهْلُ بَدْرٍ فَهُوَ خَلِيفَةٌ. فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلا أَتَى عَلِيًّا، فَقَالُوا: مَا نَرَى أَحَدًا أَحَقَّ بِهَا مِنْكَ، فَمُدَّ يَدَكَ نُبَايِعْكَ. فَقَالَ: أَيْنَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ؟ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ بَايَعَهُ طَلْحَةُ بِلِسَانِهِ، وَسَعْدٌ بِيَدِهِ. فَلَمَّا رَأَى عَلِيٌّ رضي الله عنه ذَلِكَ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ صَعِدَ إِلَيْهِ فَبَايَعَهُ طَلْحَةُ، وَبَايَعَهُ الزُّبَيْرُ وَسائر الصحابة.
يقول المصلح الموعود:
كان طلحة – أحد صحابة النبي r – قد وقف موقفا ضد علي t جراء اختلاف بينهما، فلما فهم الأمر وأدرك أنه كان مخطئا، غادر ساحة القتال. وبينما كان عائدًا إلى بيته تتبّعَه شقي من جيش علي t وقتله. ثم جاء إلى علي t طامعًا في المكافأة وقال: أبشّرك بقتل عدوك طلحة بيدي. فقال علي: فإني أبشرك بالنار من قبل رسول الله r، فإنني سمعت رسول الله r أن شخصًا من أهل جهنم يقتل طلحة. وأخرج الحاكم عن ثور بن مجزاة قال: مررت بطلحة يوم الجمل في آخر رمق، فقال لي: ممن أنت؟ فقلت من أصحاب أمير المؤمنين عليٍّ، فقال ابسط يدك أبايعك، فبسطت يدي وبايعني وفاضت نفسه، فعدتُ إلى سيدنا علي وقصصت عليه القصة كلها، فكبَّر بعد سماعها مني وقال ما أصدق كلامَ رسول الله، فلم يشأ الله I أن يدخل طلحة الجنةَ دون أن يبايعني.
ثم وجه حضرته الأحمديين للدعاء لإخوانهم بالجزائر وباكستان أن يحفظهم الله، ويفرج عنهم.
كما صلى صلاة الجنازة على المرحومين: الدكتور طاهر أحمد من ربوة وكان ابن شودري عبد الرزاق الشهيد، أمير الجماعة في محافظة نواب شاه سابقا، فقد توفي في الرابع من ديسمبر بصدمة قلبية عن عمر يناهز 60 سنة، إنا لله وإنا إليه راجعون.
الجنازة الثانية للمرحوم حبيب الله مظهر ابن شودري الله دِتَّا، وكان قد أُسر أيضا في سبيل الله، وتوفي في 24 أكتوبر عن عمر يناهز 75 سنة، إنا لله وإنا إليه راجعون.
الجنازة التالية للمرحوم خليفة بشير الدين أحمد الذي توفي في 30 نوفمبر الفائت عن عمر يناهز 86 سنة، إنا لله وإنا وإليه راجعون. الجنازة التالية للسيدة أمينة أحمد زوجة خليفة رفيع الدين أحمد، فقد توفيت في 19 أكتوبر، إنا لله وإنا وإليه راجعون.