يستمر ذكر سيدنا عمربن الخطاب t.
استخلاف عمربن الخطاب t:
ولّى سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه الخلافة بعده سيدنا عمر وقد برر ( إِذَا لَقِيتُ رَبِّي فَسَأَلَنِي قُلْتُ: اسْتَخْلَفْتُ عَلَى أَهْلِكَ خَيْرَ أَهْلِكَ.)
و عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ عُثْمَانُ يَكْتُبُ وَصِيَّةَ أَبِي بَكْرٍ فَأُغْمِيَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَجَعَلَ عُثْمَانُ يَكْتُبُ فَكَتَبَ عُمَرَ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: مَا كَتَبْتَ؟ قَالَ: كَتَبْتُ عُمَرَ قَالَ: كَتَبْتَ الَّذِي أَرَدْتُ أَنْ آمُرَكَ بِهِ، وَلَوْ كَتَبْتَ نَفْسَكَ لَكُنْتَ لَهَا أَهْلًا.
وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَشْرَفَ عَلَى النَّاسِ وَقَالَ: أَتَرْضُونَ بِمَنِ اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْكُمْ؟ فَإِنِّي مَا اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْكُمْ ذَا قَرَابَةٍ، وَإِنِّي قَدِ اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْكُمْ عُمَرَ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا، فَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَلَوْتُ مِنْ جُهْدِ الرَّأْيِ.
عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ ذِي قَرَابَةٍ لَهُ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي ضَعِيفٌ فَقَوِّنِي. اللَّهُمَّ إِنِّي غَلِيظٌ فَلَيِّنِّي. اللَّهُمَّ إِنِّي بَخِيلٌ فَسَخِّنِي.
عن أول خطاب ألقاه سيدنا عمر بعد أن استُخلف:
عَنِ الْحَسَنِ قَالَ فِيمَا نَظُنُّ أَنَّ أَوَّلَ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا عُمَرُ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَقَدِ ابْتُلِيتُ بِكُمْ وَابْتُلِيتُمْ بِي وَخَلَفْتُ فِيكُمْ بَعْدَ صَاحِبِي. فَمَنْ كَانَ بِحَضْرَتِنَا بَاشَرْنَاهُ بِأَنْفُسِنَا وَمَهْمَا غَابَ عَنَّا وَلَّيْنَا أَهْلَ الْقُوَّةِ وَالأَمَانَةِ. فَمَنْ يحسن نزده حسنا ومن يسيء نُعَاقِبْهُ وَيَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ.
عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ أَوَّلُ كَلامٍ تَكَلَّمَ بِهِ عُمَرُ حِينَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ أَنْ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي شَدِيدٌ فَلَيِّنِّي وَإِنِّي ضعيف فقوتي وَإِنِّي بَخِيلٌ فَسَخِّنِي.
حين بلغ سيدَنا عمر t بعد يومين من استخلافه ألقى خطابا مفصلا قال فيه قد “بلغني أن الناس يخافون حدة طبعي وغلظتي، فاعلموا أن تلك الشدة قد أُضعفت، ولكنها إنما تكون على أهل الظلم والتعدي على المسلمين،، أما الصلحاء والمتدينون وأصحاب الفضل فسأكون أرأف بهم أكثر من تراحُمهم. ولست أدَع أحدًا يظلم أحدًا أو يتعدى عليه حتى أضع خدّه على الأرض، وأضع قدمي على الخد الآخر حتى يذعن للحق. أي سأشدّ عليهم كثيرا. ولكم عليّ أيها الناس خصال أذكرها لكم فخذوني بها؛ لكم علي أن لا أجتبي شيئًا من خراجكم، ولا مما أفاء الله عليكم إلا في وجهه، ولكم عليّ إذا وقع في يدي ألا يخرج مني إلا في حقه، ولكم عليّ أن أزيد عطاياكم وأرزاقكم، ولكم عليّ ألا ألقيكم في المهالك، وإذا غبتم في البعوث فأنا أبو العيال حتى ترجعوا إليهم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.”
إنّ عمر t كان الخليفة الثاني في الإسلام قد قدّم لأجل نهضة الإسلام ورقي المسلمين من التضحيات ما جعل الكتاب الأوربيين يقولون “هذا هو الشخص الذي استغرق ليلًا ونهارًا في نشر قوانين الإسلام وقام بواجب النهوض بالأمة المسلمة حقّ القيام”.
إنّ عمر t كان رجلًا عظيمًا قلّما نجد نظيرًا لعدله وإنصافه على وجه هذه البسيطة، لكنّه عندما توفّي وتفكّر في أمر الله عزّ وجل: ]وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ[ اضطرب عند وفاته أشدّ الاضطراب حتى استصغر جميع الخدمات التي قام بها لأجل مصلحة عامّة الناس، حتى قال متضرّعًا ومبتهلًا: “اللهمّ لا عليّ ولا لي”، ربّ إنّي اؤتمنت أمانةً فلا أعرف أأديت حقوقها أم لا؟ فلذا أنا أسألك أن تغفر لي ذنوبي، واجنبني عن النار.
قال المصلح الموعود t عن حب عمر t لأهل بيت النبي r:
عاشت السيدة عائشة رضي الله عنها بعد رسول الله r إلى فترة طويلة. وحين فُتحت إيران في عهد عمر t جيء منها بالرُّحى لسحق القمح، وعندما جُربت الرحى الأولى في المدينة أمر عمر t أن يُهدى أول دقيق مسحوق إلى عائشة رضي الله عنها فأُرسل إليها بأمر منه t وخبزتْ منه خادمتها أرغفة دقيقة. وضعت السيدة عائشة رضي الله عنها لقمة من الرغيف في فمها، بدأت الدموع تسيل من عينيها بغزارة. ثم قالت ما معناه: لقد غادر الذي أُعطينا هذه النعم ببركته محروما منها ونستخدمها نحن الذين أُعطينا كل هذه النعم بسببه. وألقت اللقمة من فمها وقالت ما معناه: ابعدنَ الأرغفة عني لأنها تكاد تخنقني بتذكيري أيام رسول الله r، ولا أقدر على تناولها.
وقد رُوي عن أبي جعفر ما مفاده: حين أراد عمر t أن يحدد للناس معاشا، وكان أصوبهم رأيا، قال الناس: ابدأ بنفسك، قال: لا، فبدأ بأقرب الأقارب لرسول الله r، وضرب نصيبا لعباس أولا ثم لعليّ رضي الله عنهما.
وقد ثبت أن عمر بن الخطاب كان يكرم الإمام الحسن والحسن، ويحملهما ويعطيهما كما يعطي أباهما، وجيء مرة بحلل من اليمن فقسمها بين أبناء الصحابة ولم يعطهما منهما شيئا، وقال: ليس فيها شئ يصلح لهما، ثم بعث إلى نائب اليمن فاستعمل لهما حلتين تناسبهما.
ثم صلى حضرته صلاة الغائب على بعض المرحومين:
المرحومة سهيلة محبوب زوجة المرحوم فيض أحمد الغوجراتي، الذي كان من الدراويش في قاديان وناظرا لبيت المال. وقد توفيت المرحومة عن عمر يناهز 90 عاما. إنا لله وإنا إليه راجعون. كانت مشتركة في نظام الوصية. وقد وُفقت المرحومة إلى يوم تقاعدها للخدمة إلى ثلاثين سنة تقريبا كمديرة مدرسة نصرت للبنات.
المرحوم خورشيد أحمد منير داعية الجماعة الذي كان يسكن حاليا في أستراليا وتوفي هنالك. إنا لله وإن إليه راجعون. كان مشتركا في نظام الوصية، وقد وُفّق لخدمة الجماعة إلى سنين طويلة في باكستان وفي مناطق مختلفة في كشمير الحرة كداعية الجماعة. كان داعية شجاعا.
المرحوم ضمير أحمد نديم عن عمر يناهز 56 عاما، إنا لله وإنا إليه راجعون.كان المرحوم مصابا بالسرطان.
بعد تخرجه من الجامعة الإسلامية الأحمدية عمل المرحوم السيد ضمير بعض الوقت في مجال الدعوة والتبليغ وقد وفقه الله تعالى لخدمة الدين في مناصب شتى.
المرحوم عيسي موكي تليمه من تنزانيا حيث توفي قبل بضعة أيام. إنا لله وإنا إليه راجعون. وُلد المرحوم في بيت مسيحي، ثم شرفه الله تعالى بالإسلام. بعد البيعة سعى المرحوم جاهدا لزيادة معرفته الدينية، وكان لا يدع أية فرصة تنفلت من يده لدعوة الإسلام الأحمدية حتى خلال عمله أيضا.
المرحوم شيخ مبشر أحمد، المشرف على قسم البناء والتعمير بقاديان، وافته المنية بالإصابة بوباء الكورونا قبل بضعة أيام عن عمر يناهز 33 عاما، إنا لله وإنا إليه راجعون. كان المرحوم أحمديا بالمولد، ينحدر من أسرة أحمدية قديمة.
المرحوم سيف علي شاهد الذي توفي في سيدني (بأستراليا)، إنا لله وإنا إليه راجعون.كان المرحوم منخرطا في نظام الوصية بفضل الله تعالى. كان في عائلته صحابيان للمسيح الموعود عليه الصلاة.
المرحوم مسعود أحمد حيات ابن رشيد أحمد حيات الذي وافته المنية وعمره 80 عاما، إنا لله وإنا إليه راجعون. كان المرحوم دمث الأخلاق، طيب المعشر، مضيافا، وإنسانا مشفقا. تشرف بحج بيت الله مرتين. كان الله تعالى قد آتاه بسطة في المال بفضله الخاص، فكان ينفق منه نصيبًا كبيرا في سبيل الله تعالى.
تغمد الله هؤلاء المرحومين جميعا بواسع مغفرته ورحمته، ووفق نسلهم ليظلوا مستمسكين بالأحمدية، واستجاب لأدعية هؤلاء الصالحين بحق أجيالهم. سوف أصلى عليهم بعد الصلاة كما قلت آنفا.