قدم حضرته في هذه الخطبة بعض التعاليم الإسلامية التي تعد خطة عمل لحياتنا وتوصلنا إلى النجاة:
- التحلي بالتقوى
- عمل الحسنات
- تقديم الدين على الدنيا.
يقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله) وقال أيضا: (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ)”.
يقول حضرة المسيح الموعود عليه السلام: “المراد من التقوى هو اجتناب السيئة. والمحسنون هم الذين لا يكتفون باجتناب السيئة فقط بل يكسبون الحسنات أيضا. ثم يقول الله تعالى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى)”
ليس الإسلام عند الله أن يجتنب المرء السيئات فقط بل لا يمكنه أن يعيش عيشا روحانيا ما لم يترك السيئات ويختار الحسنات. الحسنات بمنـزلة الغذاء، فكما لا يمكن لأحد أن يعيش بغير الطعام كذلك لا فائدة إن لم يعمل بالحسنات”.
فإن تخليتم عن السيئات وعملتم بالحسنات فستنالون الحياة الروحانية.
هناك بعض الآثام الدقيقة التي يتورط فيها الإنسان دون أن يعرف. فمثلا يكون المرء معتادا على الغيبة مع أن القرآن الكريم يَعُدُّه سيئة كبرى فيقول: (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَاكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا).
يقول الله تعالى: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) (الإسراء: 37).
فالمرحلة الأولى من التقوى هي أن يبتعد الإنسان عن السيئات ولتجنب السيئات لا بد أن يكون مطلع على دقائق الأعمال السيئة ولا يمكن ذلك دون تلاوة القرآن الكريم وتسجيل تفصيل السيئة.
عندما تسيرون على هذا النحو يوفقكم الله (للاجتناب) وتُعطون شرابا كافوريا تبرد به عواطف الذنب عندكم تماما
(فإذا كنتم تريدون أن تُقبل عباداتكم وأدعيتكم فلا بد أن تتجنبوا السيئات وتعملوا الحسنات، لأن الله تعالى يقول: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (المائدة: 28). فحين نقول أن الصلاة قُبلتْ يكون المراد من ذلك أن تأثيرات الصلاة وبركاتها نشأت في المصلي. وعلامته أن يروا بعد الصلوات والعبادات ما إذا كانت السيئات تزول عنهم وينشأ فيهم النفور عنها، وتنشأ فيهم الرغبة في عمل الحسنات ويتقدمون نحو الصدق.
فالمرحلة الأولى والصعبة للذي يريد أن يكون مؤمنا هي أن يجتنب السيئات، هذا ما يسمّى التقوى.
يجب اجتناب السيئات وكسب الحسنات مقابلها، والنجاة مستحيلة بدون ذلك.
(إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل: 129) قال ؏: أواعلموا يقينًا أنكم إن لم تتقوا ولم تأخذوا نصيبا وافرًا من البرّ فسيُهلككم الله قبل غيركم لأنكم آمنتم بالحق ثم تنكرونه عمليا. الاعتقاد وحده لن ينفع ما لم يكن قولكم وفعلكم متوافقين”.
ولا بد لنا من الاقتداء بسيرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهم: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. فهؤلاء الصحابة هم أسوة حسنة لنا أولئك الذين قدموا الدين على الدنيا.
ثم يقول المسيح الموعود ؏:” إنما الإيمان الحق ما يدخل في قلب المرء ويصبّغ بتأثيره أعمالَه. ”
ثم يقول المسيح الموعود ؏: “الغصن الذي لا يبقى متصلا بالشجرة يجف ويسقط في آخر الأمر. إن الذي يؤمن إيمانا حيا لا يبالي بالدنيا، والدنيا تنال في كل حال.”
نصح المسيح ؏: “السعيد هو الذي يحمي هذه البذرة ويستمر في الدعاء للتقدم. فمثلا يجب أن يكون هناك تغيُّر في الصلوات.”
وهناك نصحية هامة أخرى وجهها ؏ إلى أفراد الجماعة:
اتقوا الله حق تقاته بحسب مشيئة ربِّكم. الزمن حساس، الذي سيجعل نفسه تابعا لمرضاة الله فهو يرحم نفسه وآله وذريته. انظروا، إن الإنسان يأكل الخبز، فما لم يتناول ما يكفي منه لا يشبع”.
علينا أن نتوجه إلى إصلاح أنفسنا، كذلك يجب أن نخبر العالم أيضا أن هذه الآفات ليست بالعادية بل قد أُنبئ بها قبل مائة عام. والسبيل الوحيد لتجنبها هو أن يعود الإنسان إلى الله تعالى. وإن لم يفعل ذلك الآن أيضا فإن نجاته مستحيلة.
إذًا، هناك حاجة ماسة إلى الانتباه إلى هذا الأمر سعيا لإنقاذ أنفسنا وإنقاذ العالم. فعلينا أن نبذل قصارى جهودنا وقوانا ومواهبنا للوصول إلى الله تعالى.
تذكروا جيدا، إن عدم الاستجابة لبعض أوامر الله يماثل ترك جميع أوامره. فإذا كان نصيب للشيطان ونصيب لله ﷻ فإن الله لا يحب الشراكة، ولقد أسس الله تعالى هذه الجماعة لكي يتوجه الإنسان إليه. وصحيح أن المجيء إلى الله صعب جدا، بل هو نوع من الموت، لكن الحياة أخيرا تكمن فيه. فالذي يزيل من نفسه النصيب الشيطاني هو إنسان مبارك، وتصيب بركتُه بيته ونفسه ومدينته كلها، أما إذا كان نصيبُه قليلا فلن ينال بركةً. فالبيعة ما لم تتحقق عمليا لا تفيد أبدًا. فكما أنكم إذا تكلمتم بلسانكم كثيرا أمام إنسان ولم تنجزوا عملا فلن يرضى. فكذلك هي معاملة الله، فهو أكثر غيرةً من جميع الغيورين. أفيمكن أن تطيعوه وتطيعوا أعداءه أيضًا في الوقت نفسه؟! هذا هو النفاق بعينه. على الإنسان أن لا يبالي في هذه المرحلة بزيد أو بكر، بل عليه أن يتمسك بهذا المبدأ (أي مبدأ تقديم الدين على الدنيا) حتى الموت.
إن السيئة نوعان:
- أحدهما الإشراك بالله وعدم إدراك عظمته، والتهاون في عبادته وطاعته.
- والثاني التقصير في الشفقة على عباده، وعدم تأدية حقوقهم.
فعليكم ألا يصدر منكم أي نوع من الفساد، وتمسكوا بالعهد الذي قطعتموه عند البيعة، ولا تؤذوا عباد الله، واقرأوا القرآن الكريم بمنتهى التدبر واعملوا به، واجتنبوا مجالس السخرية والسخف والبذاءة والشرك. حافظوا على الصلوات الخمس.
ندعو الله تعالى أن يوفقنا لخلق تغييرات حسنة في أنفسنا مؤدين حق البيعة، ونحقق عهد تقديم الدين على الدنيا ما دمنا أحياء، ونعمل بأوامر المسيح الموعود ؏، ونفهم طاعته ؏ فهما حقيقيا كما بيّن في الشرط العاشر من شروط البيعة، ونحقق ذلك المعيار للطاعة لنرث أفضال الله تعالى التي وعد بها المسيحَ الموعود ؏.
ان شاء الله نحن من الموفقين آمين