بسم الله الرحمن الرحيم
نحمده ونصلي على رسوله الكريم وعلى عبده المسيح الموعود
ملخص خطبة الجمعة التي ألقاها أمير المؤمنين أيده الله تعالى بنصره العزيز في 16-03-2018:
بعد التعوذ والتشهد وتلاوة الفاتحة يقول حضرته نصره الله:
يقول المسيح الموعود u عن صحابة النبي r: إن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين هم أدلة منيرة على سيرة النبي r. والذي لا يقدّر الصحابة لا يمكن أن يقدّر النبي r. ثم يقول u: لم يتوان الصحابة عن التضحية بنفوسهم في سبيله. وقد فنوا في طاعته r لدرجة كانوا على أتم الاستعداد دائما لتحمّل كل مصيبة ومعاناة من أجله r.
عندما نقرأ سِيَر الصحابة ونطّلع على نماذجهم العملية يجب أن نتأسى بأسوتهم ونجعلهم قدوة لنا.
وإليكم بعض الوقائع من سِيَر الصحابة y:
كان أبو دجانة t صحابيا من الأنصار وقد أسلم قبل هجرة النبي r إلى المدينة. شارك في غزوة بدر وغزوة أُحد أيضا وفيها تلقى أبو دجانة جروحا بالغة في أثناء الدفاع عن النبي r. وقد استُـشهد أبو دجانة محاربا مسيلمة الكذاب يوم اليمامة. وقد أبدى شجاعة كبيرة. وقال ذات مرة ما مفاده: لعل الله يتقبل مني عملَين، فإني لا أتكلم بكلام لغو أي لا أغتاب أحدا، وليس في صدري حقد أو ضغينة تجاه أيّ مسلم.
وعن الصحابي محمد بن مسلمة فقد كان من المسلمين الأنصار الأوائل، وكان رجلا شجاعا جدا وشارك في غزوة أُحد ووقف مع النبي r بكامل الثبات والصمود. وقد قال له النبي r عندما دفع إليه سيفه: قَاتِلْ بِهِ مَا كان القتال مع المشركين، فَإِذَا رَأَيْتَ المسلمين يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فاكسِره ثُمَّ الْزَمْ بَيْتَكَ حَتَّى تُهاجَم أو تَأْتِيَكَ مَنِيَّةٌ قَاضِيَةٌ. فهؤلاء الصحابة عندما قاتلوا كان السبب وراء قتالهم أن الأعداء هاجموا الدِّينَ. ولكن حين بدأوا يتقاتلون فيما بينهم ويقطعون رقاب بعضهم لم تعد فيهم الوحدة. وقد تحققت نبوءة النبي r وهي أنه سيحل زمن النور بعد عصر الظلام، وسيأتي المسيح الموعود فآمِنوا به والزموا جماعته ففيه البركة.
ومن أوائل الصحابة سيدنا أبو أيوب الأنصاري أيضا، وقد تشرَّف بضيافة النبي r في أوائل أيام الهجرة إلى المدينة فأقام r عنده قرابة ستة أشهر أو سبعا، فسعى أبو أيوب t جاهدا لأداء حق الضيافة.
وقد شارك أبو أيوب الأنصاري في جميع الغزوات، وشارك في الحرب مع الروم مع أنه كان قد تقدَّم في العمر، وإنما شارك لأن النبي r كان قد بشَّر بفتح القسطنطينية فأراد أن يشهده.
ومن صحابة النبي r عبد الله بن رواحة، وكان شاعرا مشهورا في العرب، وكان مشهورا بلقب شاعر الرسول. هناك أحداث كثيرة لحبه للنبي r ومنها: مذكور في الحديث عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بَعَثَ النَّبِيُّ r بعضَ الصحابة فِي سَرِيَّةٍ ومن بينهم عبد الله بن رَوَاحَةَ فَوَافَقَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَغَدَا أَصْحَابُهُ فَقَالَ أَتَخَلَّفُ فَأُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ r ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ، فَلَمَّا صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللهِ r رَآهُ في المسجد فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَغْدُوَ مَعَ أَصْحَابِكَ؟ فَقَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ مَعَكَ الجمعة وأستمع إلى الخطبة ثُمَّ أَلْحَقَهُمْ، قَالَ النبي r: لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَدْرَكْتَ فَضْلَ غَدْوَتِهِمْ، لأنهم خرجوا بحسب التوجيه. وهنا درس لنا أن الطاعة فرض. ورد في الروايات أن عبد الله بن رواحة t بعد هذا كان أول خارج إلى الغزو وآخر قافل إلى المدينة.
وورد في رواية عَنْ عُرْوَةَ بن الزُّبَيْرِ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ r بَعْثًا إِلَى مُؤْتَةَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ زَيْدَ بن حَارِثَةَ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنْ أُصِيبَ زَيْدٌ، فَجَعْفَرُ بن أبِي طَالبٍ عَلَى النَّاسِ، فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفرٌ، فَعَبْدُ اللهِ بن رَوَاحَةَ عَلَى النَّاسِ. فإن أصيب ابن رواحة فليرتضِ المسلمون رجلا. فَلَمَّا حَضَرَ خُرُوجُ الجيش ووقت وداعهم، بدأ عَبْدُ اللهِ بن رواحة يبكي، فَقِيلَ لَهُ: مَا يَبْكِيكَ يَا ابْنَ رَوَاحَةَ؟ قَالَ: أَمَا وَاللهِ مَا هِيَ حُبُّ الدُّنْيَا وَضَنًّا بِهَا، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ r، يَقْرَأُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ: ]وَإِنْ مِنكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا[ (مريم: 71). فَلَسْتُ أَدْرِي كَيْفَ بِالصَّدْرِ بَعْدِ الوُرُودِ. (أي لا أدرى ما سيكون حالي بعد عبور الصراط)
ولكن الرسول r بشَّر هؤلاء الذين يتقون الله تعالى بعاقبة حسنة إذ قال r عن أمراء البعث إلى مؤتة: رأيتهم جالسين على أرائك من الذهب في الجنة. فنال هؤلاء الناس مرادهم بالشهادة في سبيل الله. وأرى عبد الله بن رواحة كمالات الشجاعة في ميدان الجهاد. حبث روى مصعب بن شيبة: حين استُشهد زيد وجعفر نزل ابن رواحة للقتال وحين أصيب برمح راق الدم من جسده وظلَّ يُشجِّع المسلمين حتى استُشهد.
تقول أرملته عنه: كان عبد الله إذا أراد أن يخرج من بيته صلى ركعتين، وإذا دخل بيته توضأ وصلى ركعتين، لا يدع ذلك أبدًا. هؤلاء الناس هم الذين كانوا يذكرون الله تعالى في كل حال وكل حين.
وعن مستوى طاعته، كان النبي r يخطب فدخل عبد الله بن رواحة فسمعه يقول اجلسوا فجلس مكانه خارج المسجد فلما فرغ r قال مخاطبا عبد الله ابن رواحة: زادك الله حرصا على طواعية الله وطواعية رسوله.
أما عن المستويات التي بلغها الصحابة فيما يتعلق بمجالس الذكر، يقول أبو الدرداء: كان عبد الله بن رواحة كلما لقيني قال يا أبا الدرداء تعالَ نؤمنْ ساعة، أي نتكلم في أمر الإيمان ونجدده. وفي كل ذلك أسوة لنا.
ومِن أحسن ما مُدح به رسول الله r قولُ عبد الله بن رواحة:
لو لم تكنْ فيه آياتٌ مبينة…كانت بديهتُه تُنبيك بالخبرِ.
هؤلاء هم القوم الذين كانوا عشاقا صادقين لرسول الله r، وقد عرفوا الحق بمجرد رؤية وجهه r.
ثم نجد في التاريخ ذكر أخوين صغيرين شجاعين شجاعةً مدهشة، وهما معاذ ومعوذ بن الحارث بن رفاعة. حضرا بدرًا وشاركا في قتل أبي جهل. كان المسلمون أمام عدو يفوق عددهم ثلاثة أضعاف. وعن ذلك يقول مرزا بشير أحمد t: كان حب التوحيد والرسالة قد غمرهم بعاطفة جعلتهم أقوى من كل شيء في الدنيا. نجد كل واحد منهم يحنّ شوقا للتضحية بنفسه في سبيل الدين. يقول عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه عندما بدأ القتال نظرت إلى يميني ويساري فإذا طفلان أنصاريان فسألني أحدهما بصوت خافت أين أبو جهل الذي كان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، فقد عاهدت الله على أن أَقتله أو أُقتل في هذه المحاولة. وقبل أن أجيب على سؤاله سألني الطفل الآخر السؤال نفسه. فأدهشتني شجاعتهما لأن أبا جهل كان قائد الجيش وكان محاطاً بكبار المقاتلين المحنكين. فشقّا صفوف العدو وانقضا عليه انقضاضَ الباز على فريسته وأسقطاه من راحلته فضرب عكرمة بن أبي جهل معاذاً ضربة قطعت يده اليمنى فتدلت فنزع معاذ يده بشدة وفصلها عن جسده ثم واصل القتال.
كان الصحابة يقاتلون في سبيل هدف عظيم إذ قد أوذوا وهاجروا ثم ظل الأعداء يطاردونهم للقضاء على الإسلام. فهناك فرق كبير بين أولئك المجاهدين الأوائل وبين الجهاديين الذين يسفكون الدماء باسم الإسلام.
يقول سيدنا المسيح الموعود u: أودّ أن أرى نموذج الصحابة نفسه في أفراد جماعتي وهو أن يقدموا الله على كل شيء وألا يحسبوا أموالهم وأرواحهم شيئا. تصلني بطاقات من بعض الناس يتبين منها أنهم إذا واجهوا خسارة أو ابتلاء وقعوا في الشبهات فورا. كان الصحابة يريدون أن يُرضوا الله مهما واجهوا في هذا السبيل من المصائب والمصاعب. لو لم يواجه أحدهم المصائب والمشاكل لبعض الوقت بكى واضطرب. وكانوا قد فهموا أن تحت هذه الابتلاءات تكمن شهادة مرضاة الله وكنـزها.
ثم يقول حضرته: إن القرآن الكريم زاخر بالثناء على الصحابة، فاقرأوه لتعلموا أن حياة الصحابة كانت حجة عملية على صدق النبي r. فالمكانة التي احتلها الصحابة قد ذكرها القرآن الكريم قائلا: ]مِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ[. لم يَركَن الصحابة إلى الدنيا ولم يتمنوا أن يكون لهم أموال وثروات ورفاهية العيش. عندما أتأمل في أسوة الصحابة أقر عفويا بقوة النبي r القدسية وكمال فيضه.
يقول حضرته: ملخص الكلام أن من واجبنا أن نتحرى رضا الله تعالى دائما، ونجعله I وحده نصب أعيننا، وإن كان بعد تجشم المعاناة والشدائد. إن رضا الله تعالى أفضل وأعلى من كافة الملذات الدنيوية.
وفقنا الله تعالى لأداء هذا الواجب على أحسن ما يرام. آمين.
بعد الصلاة صلى أمير المؤمنين نصره الله صلاة الغائب على السيد الحاج اسماعيل بي. كي. آدو من غانا الذي وافته المنية في 8 مارس عن عمر يناهز 84 عاما. إنا لله وإنا إليه راجعون. كان أحمديًّا بالولادة. أبوه السيد “اسماعيل وابينا آدو” كان مسيحيا فأسلم ودخل في الجماعة في عام 1928. توفيت والدته السيدة “جنّت آدو” بينما كان لا يزال صغيرا. خدم الجماعة على مناصب شتى في غانا. واختارته حكومة غانا في 1980 سفيرًا لها في إثيوبيا. رفع الله تعالى درجاته وغفر له ورحمه.