بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الجمعة

يتابع حضرته الحديث عن الصحابة البدريين:

طُليب بن عمير ويُكنى أبا عدي، أُمّه أروى بنت عبد المطلب عمة النبي r. كان من السابقين إلى الإسلام، أسلم ورسول الله r بدار الأرقم. ثم تبعته أمه. كانت تعضد النبي r بلسانها وتحض ابنها على نصرته والقيام بأمره.

وقيل أن طليب بن عمر هو أول من دمَّى مشركًا في الإسلام بسبب النبي r. شارك في هجرتي الحبشة ثم هاجر إلى المدينة فزل على عبد الله بن سلمة العجلاني، وآخى النبي r بين طليب والمنذر بن عمرو. شهد طليب بدرا واستشهد في معركة أجنادين التي وقعت في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة من الهجرة وقُتل فيها وهو ابن خمس وثلاثين سنة.

سالم مولى أبي حذيفة

أبوه معقل. وكان من أهل فارس من إصْطَخْر، وكان من فضلاء الصحابة والموالي وكبارهم، وهو معدود في المهاجرين، وقد هاجر إلى المدينة قبل النبي r، وآخى النبي r بينه وبين معاذ بن ماعص. كان عبدا لزوج أبي حذيفة فأعتقته سائبةً. وقد تبنى سالما أبو حذيفة وزوّجه بنتَ أخيه. وكان يقال له سالم بن أبي حذيفة إلى أن نزلت الآية:

] اُدْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا[

كان سالم من القراء الأربعة الذين قال النبي r عنهم: “خذوا القرآن من أربعة”.

وعندما أصيب النبي r بجروح في غزوة أحد حظي سالم بشرف غسل جروحه.

عن سالم مولى أبي حذيفة قال: قال رسول الله r: “ليُجاءنّ بقوم يوم القيامة معهم حسنات مثل جبال تهامة حتى إذا جيء بهم، جعل الله أعمالهم هباء، ثم قذفهم في النار”، قال سالم: بأبي وأمي يا رسول الله، جَلِّ لنا هؤلاء القوم حتى نعرفهم، فوالذي بعثك بالحق إني لأتخوف أن أكون منهم، قال r ” كانوا يصومون، ويصلون، ويأخذون هنة من الليل، ولكن كان إذا عرض عليهم شيء من الحرام وثبوا إليه، فأدحض الله أعمالهم.”

فرغم كل حسناتهم ربما يقعون في الأطماع الدنيوية فلا يفرقون بين الحرام والحلال، لأجل ذلك يضيع الله تعالى أعمالهم.

كان عبد الله بن عمر قد سمى أولاده سالمًا وواقدًا وعبد الله بأسماء بعض كبار الصحابة. وسمّي سالم باسم سالم مولى أبي حذيفة.

عن إبراهيم بن حنظلة عن أبيه أن سالـمًا مولى أبي حذيفة قيل له يوم اليمامة في اللواء أن يحفظه، وقال غيره: نخشى من نفسك شيئا فنولي اللواء غيرك، فقال سالم: بئس حامل القرآن أنا إذًا. فقطعت يمينه فأخذ اللواء بيساره، فقطعت يساره فاعتنق اللواء، وهو يقول: “وما محمد إلا رسول” (آل عمران 144)، “وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير” (آل عمران 146

عِتبان بن مالك t، من الخزرج، آخى النبي r بينه وبين عمر بن الخطاب t، وشهد غزوات بدر وأحد والخندق، ثم ذهب بصره في حياة النبي r. توفي في عهد معاوية t.

ورد في صحيح البخاري أن عتبان بن مالك كان يصلي بالناس وكان ضريرا، قال لرسول اللهِ r: إني أَنْكَرْتُ بصري، وأنا أُصلِّي لقومي، فإذا كانت الأمطاُر سال الوادي الذي بيني وبينَهم، لم أَسْتَطَعْ أن آتي مسجدَهم لأُصَلِّيَ لهم، فودَدْتُ يا رسولَ اللهِ، أنك تأتي فتُصَلِّي في بيتي؛ فأَتَّخِذُه مُصَلًّى. قال: أفعل. فجاءني الغد فاحتبسته على خزيرة فلما دخل لم يجلس حتى قال: أين تحب أن أصلي في بيتك؟ فأرتُ إلى الموضع الذي أصلي فيه. فصلى فيه ركعتين.