ملخص خطبة الجمعة 5/7/6/2019م

في ألمانيا بمناسبة الجلسة السنوية

أفرد حضرته هذه الخطبة للحديث عن الجلسة السنوية مبينا أهداف الجلسة:

الترقي الروحاني والخلقي والعملي.

التقدم في مجال قرب الله وتقواه،

نطهر قلوبنا بأداء حقوق بعضنا بعض،

نُبَدِّلَ ما بين بعضنا من سخط وبُعد صلحًا وقربًا.

يقول المسيح الموعود عليه السلام: إني لا أحب أبدًا أن أجمع أتباعي من أجل الرياء والتباهى بين الناس فقط كما يفعل أصحاب الزوايا المعاصرون، وإنما العلة الغائية التي ألجأتني إلى هذا الأمر هي إصلاح خلق الله.

فالهدف الذي من أجله بدأت الجلسة إنما هو إصلاح خلق الله، لكي يؤدوا حقوق الله ويؤدي بعضهم حقوق بعض أيضا.

إن الجلسة هي معسكر ثلاثة أيام تتاح فيه الفرص للترقي الديني والعملي، وتجدون فيه جوا ملائما للعبادات وذكر الله تعالى. لن تستفيدوا من هذا الجو حق الاستفادة إلا إذا فتر حبُّكم للدنيا مقابل حب الله ورسوله.

في أيام الجلسة هناك أسواقا مجهَّزة حيث تباع وتُشترى أشياء دنيوية. ينبغي على الزبائن وأصحاب المحلات أن يسمعوا الخطابات الملقاة في الجلسة بانتباه. وفي أوقات الاستراحة يحق لهم أن يزوروا الأسواق مع تأدية حق الأسواق، ومنها إلقاء السلام على الآخرين، والاستمرار في ذكر الله تعالى وألا يزدحموا في المحلات ولا يتدافعوا. وينبغي على أصحاب المحلات أن يبيعوا بضاعتهم بربح مناسب ولا يكسبوا ربحا أكثر من المفروض استغلالا لاضطرار أحد، وليستمر الزبائن وأصحاب المحلات في ذكر الله في الأسواق كما قلت من قبل. وإذا التزمنا بهذه الأمور في الظاهر تغيرت حالة قلوبنا أيضا ونشأت فيها التقوى وحب الله تعالى.

يقول المسيح الموعود u موجها إيانا إلى الحسنات وإنشاء التقوى في القلوب:

لقد جعل الله تعالى الهدف من إنشاء هذه الجماعة أن يقيم مجددا المعرفة الحقيقة التي فُقدت من الدنيا ويعيد التقوى والطهارة الحقيقة التي لا توجد في هذا العصر.

ويقول u في موضع آخر ناصحا إيانا برفع مستوى التقوى:

يا من تحسبون أنفسكم من جماعتي، لن تُعدّوا من جماعتي في السماء ما لم تسلكوا دروب التقوى في الحقيقة…. رسِّخوا عظمة الله في القلوب ولا تقرّوا بعظمة الله باللسان فقط بل بالعمل أيضا لِيُنْـزِل الله تعالى عليكم فضله وإحسانه.

إن كسب حسنة واحدة ليس من التقوى في شيء. بل يقول المسيح الموعود u أن كسب كافة الحسنات وأداء كافة حقوق الله وعباده هو التقوى الحقيقية. يقول المسيح الموعود u

“اعلموا أن عباد الله الكمّل هم الذين قال عنهم: ]لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ[. عندما يُنشئ القلبُ علاقة صادقة وحبا صادقا مع الله تعالى فلا ينفصل عنه قط. يمكن فهم هذه الكيفية من أنه إذا كان لدى أحدكم ولدٌ مريض فحيثما يذهب ومهما كان مشغولا في عمل يبقى قلبه وانتباهه مشغولا بالولد، كذلك الذين يخلقون علاقة صادقة وحبا صادقا مع الله تعالى لا ينسون الله بحال من الأحوال.” (الحكم، مجلد8، رقم21، عدد24/ 6/1904م، ص1)

هذه هي الحال التي يريد المسيح الموعود u أن تنشأ فينا، وقد اجتمعنا هنا لكي نسعى لإنشاء هذه الحال، فينبغي أن يسعى كل واحد منا لذلك ويدعو الله تعالى أن يوفقنا لذلك، وحين نُنشئ فينا هذه الحال ونسعى لذلك سيذْكرنا الله تعالى كما قال I: ]فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ[.

وعلينا الدعاء أن يا رب، إننا حضرنا بحسن النية الجلسةَ، التي بدأها مسيحُك والتي بدأتْ بتأييدك الخاص وعِلمك، وإننا قد حضرناها لنيل رضاك ولنزداد ذكرا لك وللفوز بحبك، فمَتِّعْنا بجميع البركات التي جعلتها منوطة بهذه الجلسة، وأَحْدِثْ فينا التغيرات الحسنة التي تريدها والتي من أجلها بعثتَ الخادم الصادق للرسول r في هذا الزمن، لكي نكون من المبايعين الصادقين حقا.

لقد ذكر المسيح الموعود u من بين أهداف الجلسة أن يزداد أفراد الجماعة تودُّدًا وتعارفًا. وأن يفشوا السلام والصلح في المحيط. وأن يجعلوا قول النبي r أن المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه، نصب أعينهم دوما، وأن يسلكوا طريق العفو والتسامح والصلح لنيل رضى الله تعالى.

يقول المسيح الموعود u بشأن أداء هذا الحق:

“أيها السعداء، آمِنوا بالله واحدا لا شريك له ولا تشركوا به شيئا لا في السماء ولا في الأرض. لا يمنعكم الله من الأخذ بالأسباب، ولكنه مشرك مَن يهجر الله تعالى ويعتمد على الأسباب فقط. لقد قال الله تعالى منذ القِدم أنْ لا نجاة دون صفاء القلب، فكونوا أصفياء القلوب وتخلَّوا عن الضغائن والغضب. في نفس الإنسان الأمارة أنواع عدة من النجاسة وأسوأها نجاسة الكِبْر. لولا الكِبْر لما بقي أحد كافرا، فكونوا متواضعين، وواسُوا بني البشر بشكل عام. ….. حقيقة الإسلام أن تخِرَّ أرواحكم على عتبة الله تعالى، وأن تقدموه I وأوامره على دنياكم في كل أمر”.

علينا ألا ننسى الله تعالى في حال اشتغالنا في أمور الدنيا وأعمالها. إن الله تعالى لا يمنع الأعمال الدنيوية، وما ينهى الله عنه هو أن يقدم المرءُ الدنيا على الدين. لذا يجب أن يكون الدين مقدَّما على الدنيا في كل الأحوال. يجب على كل أحمدي أن يتذكر أن وراء وجهه وجهَ الأحمدية ووجهَ المسيح الموعود u ووجهَ الإسلام، فعليه أن يحافظ على هذه الوجوه. يقول u: عليكم ألا تسيؤوا إلى سمعتي بعد بيعتي.

ثم قدم حضرته دعاء للمسيح الموعود u :

“أدعو الله تعالى وسأواظب عليه إلى أنفاسي الأخيرة أن يُطهِّر قلوب أبناء جماعتي، ويمدّ إليهم يد رحمته ويصرف قلوبهم إليه، وينـزع منها كل أنواع الشر والحقد، ويهب لهم الحب المتبادل الصادق. وإنني على يقين أن دعائي هذا سيستجاب يوما بإذن الله، وأن الله لن يضيِّع أدعيتي”.

علينا أن ندعو الله تعالى أن يتحقق هذا الدعاء بحقنا وبحق أجيالنا وفي الجزء التالي لهذا الدعاء دعاء آخر للمسيح الموعود u “وأدعو أيضا أنه إذا كان في جماعتي شقيّ أزلي بحسب علم الله ومشيئته، لم يقدَّر له أن ينال الطهارة وخشية الله الصادقة فاصرفه ياربِّ عني كانصرافه عنك، وآتِني عوضا عنه من كان قلبه ليّنا وروحه تبحث عنك.”

ندعو الله تعالى أن ينقذنا من هذه الحال وألا ننحرف عن الله ورسوله، ويوفقنا للحفاظ على إيماننا ويزيدنا إيمانا دائما، ونتمتع دائما بالأدعية التي دعاها المسيح الموعود u بحق المؤمنين به.

وفي الختام وجهنا حضرته للاستمرار في الدعاء أن تكون الجلسة مباركة وأن يحميها الله تعالى من كل شر ومكروه. وأن ينقذنا الله تعالى من شر كل شرير وحسد كل حاسد.