بسم الله الرحمن الرحيم
ملخص خطبة الجمعة 6/9/2109م
يتابع حضرته الحديث عن الصحابي الجليل عبادة بن الصامت t ويذكر المزيد من الواقعات والروايات عن حضرته.
فقد وكّل النبي r عبادة بن الصامت t بإجلاء اليهود من المدينة. وذلك بعد هزيمتهم أمام المسلمين في معركة بني قينقاع. وهذه معركة جرت بين المسلمين ويهود المدينة، حيث بدأ اليهود بالشر العلني بعد معركة بدر. ولأن بني قينقاع كانوا أقوى اليهود في المدينة لذا كانوا أول من نقضوا العهد ما بينهم وبين النبي r وتمردوا وأظهروا بغضهم وحسدهم علنا ورغم لين النبي r معهم إلا أن هذا لم يزدهم إلا تمردا وإثارة للفتن، إلى أن تعرض صاحب محل يهودي لامرأة مسلمة فخل درعها إلى ظهرها بشوكة ما أو بشيء آخر، وهي لا تشعر، فلما قامت للعودة بدت عورتها، فضحك منها صاحب المحل وأصحابه. فأثار هذا غيرة المسلمين وتطور الحال إلى أن نشبت معركة بين اليهود والمسلمين، حاصر فيها المسلمون بني قينقاع في قلاعهم 15 يوما إلى أن استسلموا وفتحوا أبواب الحصن بشرط أن يأخذ المسلمون أموالهم ولا يكون لهم حقٌّ على أرواحهم وأهلهم، فقبل النبي r هذا الشرط. وفوَّض النبي r مهمة الإشراف على ترحيلهم إلى عبادة بن الصامت. أما الغنائم التي حصل عليها المسلمون فكانت آلات الحرب أو الآلات المتعلقة بمهنتهم وليس أكثر من ذلك.
وعن روايته الحديث ورد عن عبادة بن الصامت t:
- عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يُشْغَلُ فَإِذَا قَدِمَ رَجُلٌ مُهَاجِرٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r دَفَعَهُ إِلَى رَجُلٍ مِنَّا يُعَلِّمُهُ الْقُرْآنَ فَدَفَعَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ r رَجُلًا وَكَانَ مَعِي فِي الْبَيْتِ أُعَشِّيهِ عَشَاءَ أَهْلِ الْبَيْتِ فَكُنْتُ أُقْرِئُهُ الْقُرْآنَ فَانْصَرَفَ انْصِرَافَةً إِلَى أَهْلِهِ فَرَأَى أَنَّ عَلَيْهِ حَقًّا فَأَهْدَى إِلَيَّ قَوْسًا لَمْ أَرَ أَجْوَدَ مِنْهَا عُودًا وَلَا أَحْسَنَ مِنْهَا عِطْفًا فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r فَقُلْتُ مَا تَرَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فِيهَا قَالَ جَمْرَةٌ بَيْنَ كَتِفَيْكَ تَقَلَّدْتَهَا أَوْ تَعَلَّقْتَهَا.
- “تلك القوس كانت أجرًا على تعليم القرآن، فكرهه النبي r. فالذين يتخذون تعليم القرآن الكريم وسيلة للدخل لهم أيضا توجيه في هذه الرواية.”
- عَنْ رَاشِدِ بْنِ حُبَيْشٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r دَخَلَ عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ يَعُودُهُ فِي مَرَضِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r أَتَعْلَمُونَ مَنْ الشَّهِيدُ مِنْ أُمَّتِي فَأَرَمَّ الْقَوْمُ فَقَالَ عُبَادَةُ سَانِدُونِي فَأَسْنَدُوهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ (لقد سألت من هو الشهيد؟ فهو) الصَّابِرُ الْمُحْتَسِبُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ، الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ شَهَادَةٌ، وَالطَّاعُونُ شَهَادَةٌ، وَالْغَرَقُ شَهَادَةٌ وَالْبَطْنُ شَهَادَةٌ وَالنُّفَسَاءُ يَجُرُّهَا وَلَدُهَا بِسُرَرِهِ إِلَى الْجَنَّةِ.
هنا أوضح أمير المؤمنين أيده الله بنصره العزيز أن “الطاعون كان آية لسيدنا المسيح الموعود u إذ كان قد أخبر من الله I أن الطاعون لن يصيب المؤمنين به إيمانا صحيحا. إذًا، الوضع هنا يختلف جذريا، أما إذا كان هناك وباء منتشر بوجه عام ويموت المؤمن الحقيقي مصابا به فهو شهيد بحسب قول النبي r.”
- عن إسماعيل بن عبيد الأنصاري عن عبادة بن الصّامت قال يا أبا هريرة لم تكن معنا إذ بايعنا رسول الله r بايعناه على السمع والطاعة في النشاط والكسل وعلى النفقة في العسر واليسر وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن نقول في الله لا تأخذنا في الله لومة لائم وعلى أن ننصره إذا قدم علينا يثرب فنمنعه مما نمنع منه أنفسنا وأزواجنا وأهلنا ولنا الجنة. ومن وفى وفى الله له الجنة مما بايع عليه رسول الله r، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه.
- عن أُمَيَّةَ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ مَرِيضٌ قُلْنَا أَصْلَحَكَ اللَّهُ حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ سَمِعْتَهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دَعَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ.
- كتب معاوية إلى عثمان بن عفان أن عبادة بن الصامت قد أفسد علي الشام وأهله فإما أن تكف إليك عبادة وإما أخلي بينه وبين الشام. فكتب إليه أن رَحِّلْ عبادةَ حتى ترجعه إلى داره من المدينة فبعث بعبادة حتى قدم المدينة فدخل على عثمان في الدار وليس في الدار غير رجل من السابقين أو من التابعين، ووجد عثمانَ وهو قاعد في جانب الدار. فالتفت إليه فقال يا عبادة بن الصامت ما لنا ولك فقام عبادة بين ظهراني الناس فقال سمعت رسول الله r أبا القاسم محمدا يقول إنه سيلي أموركم بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون وينكرون عليكم ما تعرفون فلا طاعة لمن عصى فلا تضلوا بربكم.
وفي شرح هذا الحديث ذكر حضرة أمير المؤمنين أيده الله تعالى بنصره العزيز، “ولكن هذا لا يعني أن يعلن اختلافه ما لم يكن هناك نص واضح من القرآن الكريم أو الحديث أو مما بيّنه المسيح الموعود u في هذا الزمن. الأمر الأساس والضروري والجدير بالتذكر هو ألا يتجاوز المرء حدود الله تعالى. فهذا هو المبدأ الذي يجب على كل أحمدي أن يجعله نصب عينيه ويبقى في دائرة الطاعة دائما.” - عن الصنابحي ، قال: دخلت على عبادة بن الصامت وهو في الموت، فلما رأيت ما به بكيت، فقال: ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ فوالله لئن شفعت لأشفعن لك، ولئن سئلت لأشهدن لك، ولئن استطعت لأنفعنك، والله ما كتمتك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديثا واحدا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعته يقول: من لقي الله يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله حرم الله عليه النار. أي هو مسلم.
وعن وصيته حين موته: عن عطاء قال سألت الوليد بن عبادة بن الصامت: كيف كانت وصية أبيك حين حضره الموت؟ قال، دعاني فقال: أي بنى اتّق الله واعلم أنك لن تتقي الله ولن تبلغ العلم حتى تؤمن بالله وحده والقدر خيره وشره، إن متَّ على غير هذا دخلت النار.
أما زوجته أمِّ حرام بنت ملحان: وقد كانت محرمة للنبي r إما من الرضاعة أو من النسب، بايعت على يد النبي r. وفي عهد سيدنا عثمان رضي الله عنه خرجت غازية مع زوجها عبادة بن الصامت، ونالت مرتبة الشهادة في أرض الروم. وكانت شهادتها وفق رؤيا رآها النبي r.
رفع الله درجات الصحابة الذين أوصلوا إلينا الأمور التي كانت ضرورية لحياتنا العملية إضافة إلى زيادة علمنا الروحاني.
ثم ذكر حضرته أيده الله تعالى بنصره العزيز بعض المرحومين، وصلى عليهم صلاة الغائب أيضا.
المرحوم سعيد أحمد سوقية من سوريا الذي توفي بتاريخ 18/4/2019م. إنا لله وإنا إليه راجعون . كان المرحوم أحمديا مخلصا من جماعة دمشق، ومن الأحمديين القدامى. وقد أنهى قراءة القرآن الكريم حين كان عمره 5 سنين. وكان خبيرا في قواعد التجويد والقراءة. وقد تعلّم منه كثير من الأحمديين تجويد القرآن الكريم. كان السيد منير الحصني يثق به كثيرا. وقد درس المرحوم المحاماة وانخرط في سلك التدريس. وترقّى إلى مرتبة مدير المدرسة. كان المرحوم مولعا بتبليغ الدعوة وكان يبلغ الجميع.
الجنازة الثانية هي للسيد الطيب العبيدي من تونس، وقد توفي بتاريخ 26/6/2019م عن عمر يناهز سبعين عاما. إنا لله وإنا إليه راجعون. كان أحمديا وحيدا في منطقته، وكان مخلصا جدا يحب الجماعة وخليفة الوقت كثيرا، قضى عمره كله تقريبا في المساجد. كان يعشق القرآن الكريم ويكثر من ذكر الله تعالى. كان يعشق كلام المسيح الموعود u. كان يأتي إلى المركز لصلاة الجمعة بالقطار قاطعا مسافة 5 ساعات تقريبا.
الجنازة الثالثة للسيدة أمة الشكور المحترمة التي كانت كبرى بنات الخليفة الثالث رحمه الله وتوفيت في 3/9/2019 عن عمر يناهز 79 سنة، إنا لله وإنا إليه راجعون. كانت حفيدة حضرة المصلح الموعود t ومن قِبل الأم كانت حفيدة السيدة نواب مباركة بيغم المحترم وحضرة نواب محمد علي خان المحترم. وُفقت لخدمة الجماعة في شتى مكاتب الجماعة أو مختلف أقسام لجنة إماء الله، كانت مولعة بالكتابة والقراءة، فقد ألَّفت كتيبا عن سيرة أم المؤمنين وآخر عن حضرة نواب مباركة بيغم المحترمة وأَعدتْ مسودة كتاب ثالث أيضا عن سيرة حضرة بو زينب رضي الله عنها زوجة حضرة مرزا شريف أحمد t ولم يُنشر بعد. فهذه الكتيبات الثلاثة لها مفيدة لِلَجنة إماء الله. كانت تبتسم حتى في الألم. مع أن مرضها كان مؤلما وتبين أخيرا أنها كانت مصابة بالسرطان. إلا أنها تحملت المرض بكل صبر وهمة. غفر الله لها ورحِمها ووفَّق أولادها وأجيالها القادمة أيضا للحفاظ على علاقة الوفاء مع الخلافة والجماعة.