ملخص خطبة الجمعة بتاريخ 13/9/2019م

يتابع حضرته في بيان سيرة الصحابة البدريين ويبين أن هؤلاء الصحابة حين أسلموا أحدثوا في أنفسهم تغييرات طيبة، وسجلوا أروع النماذج ليس في التضحيات فقط بل في ميدان التقوى والإخلاص والوفاء أيضا. ومن هذا المنطلق يجب أن نفحص أنفسنا بانتظام لأي مدى نحن مقتدون بهذه القدوة، وخص حضرته بالذكر الأنصار بمناسبة اجتماعهم الذي يبدأ اليوم.

وبدأ حضرته الحديث عن النعمان بن عمرو t. كان النعمان من الأنصار السبعين الذين بايعوا في العقبة الثانية، وشارك النبي r في بدر وأحد وسائر الغزوات، وفي رواية قال النبي r لا تقولوا بحق النعيمان سوى الخير لأنه يحب الله ورسوله، توفي النعيمان في عهد حضرة الأمير معاوية في سنة 60 الهجرية.

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ- قبل سنة من وفاة النبي r– تَاجِرًا إِلَى بُصْرَى وَمَعَهُ نُعَيْمَانُ وَسُوَيْبِطُ بْنُ حَرْمَلَةَ وَكِلَاهُمَا بَدْرِيٌّ وَكَانَ نُعَيْمَانُ عَلَى الزَّادِ. فَجَاءَ سويبط نُعَيْمَانَ فَقَالَ أَطْعِمْنِي فَقَالَ لَا حَتَّى يَأْتِيَ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ سويبط رَجُلًا مِضْحَاكًا مَزَّاحًا فَقَالَ لَأَغِيظَنَّكَ فَذَهَبَ إِلَى أُنَاسٍ فَقَالَ ابْتَاعُوا مِنِّي غُلَامًا. هُوَ ذُو لِسَانٍ وَلَعَلَّهُ يَقُولُ أَنَا حُرٌّ فَإِنْ كُنْتُمْ تَارِكِيهِ لِذَلِكَ فَدَعُونِي لَا تُفْسِدُوا عَلَيَّ غُلَامِي فَقَالُوا بَلْ نَبْتَاعُهُ مِنْكَ بِعَشْرِ قَلَائِصَ.. فَجَاءَ الْقَوْمُ إلى نعيمان وَطَرَحُوا الْحَبْلَ فِي رَقَبَتِهِ، فقال لهم نعيمان أَنَا رَجُلٌ حُرٌّ وهذا الرجل مزَحكم، فَقَالُوا قَدْ أَخْبَرَنَا خَبَرَكَ سلفا، فَذَهَبُوا بِهِ عنوة، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَأُخْبِرَ فَذَهَبَ هُوَ وَأَصْحَابٌ لَهُ فَرَدُّوا الْقَلَائِصَ وَأَخْذُوهُ. يقول الراوي: حين جاء هؤلاء إلى النبي r وأخبروه القصة ضَحِكَ مِنْهَا r وَأَصْحَابُهُ حَوْلًا.

كان مزّاحا وكان النبي r يستمتع بالاستماع إلى كلامه. عن ربيعة بن عثمان قال: أتى أعرابي إلى رسول الله r، فدخل المسجد وأناخ ناقته بفنائه، فقال بعض أصحاب النبي r لنعيمان: لو نحرتها فأكلناها، فإنا قد قرمنا إلى اللحم، (فهذه ناقة أعرابي، إذا رفع الشكوى إلى النبي r فسوف) يغرم رسول الله r ثمنها،فنحرها، ثم خرج الأعرابي فرأى راحلته فصاح: واعقراه يا محمد ! فخرج النبي r فقال: من فعل هذا ؟ فقالوا: نعيمان. فاتبعه يسأل عنه، فوجدوه في دار ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب مستخفياً، فأشار إليه رجل ورفع صوته يقول: ما رأيته يا رسول الله. وأشار بإصبعه حيث هو، فأخرجه رسول الله r، فقال له: ما حملك على هذا؟ قال: الذين دلوك علي يا رسول الله، هم الذين أمروني. فجعل رسول الله r يمسح وجهه ويضحك، وغرم ثمنها.

وكان كلما جاء بائع جوال إلى المدينة من الخارج اشترى منه حضرة النعمان شيئا ويأتي به إلى النبي r ويقول ها، أهديته إليك، وعندما كان البائع يطلب ثمنه، إذ كان بعد شراء شيء يخبره بأني أقيم في حي كذا ويدفع الثمن لاحقا والناس كانوا معارف. فكان يُحضره إلى النبي r ويقول: أعط هذا ثمن متاعه! فيقول: أو لم تُهده لي؟ فيقول: إنه والله لم يكن عندي ثمنه ولقد أحببت أن تأكله- إن كان مما يؤكل– أو تقتني، إذا كان غير ذلك، فيضحك r ويأمر لصاحبه بثمنه. فكانت مجالس النبي r يسودها الحب واللطف والمزاح أيضا ولم تكن جافة.

الصحابي الثاني هو خبيب بن إساف t وكان من بني جشم من قبيلة الخزرج الأنصارية، خُبيب بن إِساف هذا تزوّج حبيبة بنت خارجة بعد أن توفي عنها أبو بكر الصَّديق رضي الله عنه.

لم يكن خبيب أسلم وقت الهجرة إلى المدينة ولكنه حظي بشرف استضافة المهاجرين وقت الهجرة، لم يكن مسلما ولكنه استضاف المهاجرين.

شهد خبيب مع النبي r أحدا والخندق ومشاهد أخرى إضافة إلى بدر. وبحسب رواية كان خبيب يقيم في المدينة ولكنه لم يُسلم حتى خرج النبي r لبدر فالتحق بالنبي r في الطريق وأسلم.

وفي مسند أحمد بن حنبل قَالَ خبيب وهو يذكر تفصيل إسلامه: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ r وَهُوَ يُرِيدُ غَزْوًا أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ قَوْمِي وَلَمْ نُسْلِمْ فَقُلْنَا إِنَّا نَسْتَحْيِي أَنْ يَشْهَدَ قَوْمُنَا مَشْهَدًا لَا نَشْهَدُهُ مَعَهُمْ قَالَ أَوَ أَسْلَمْتُمَا قُلْنَا لَا قَالَ فَإِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ قَالَ خبيب: فَأَسْلَمْنَا وَشَهِدْنَا مَعَهُ فَقَتَلْتُ رَجُلًا وَضَرَبَنِي ضَرْبَةً وَتَزَوَّجْتُ بِابْنَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَانَتْ تَقُولُ لَا عَدِمْتَ رَجُلًا وَشَّحَكَ هَذَا الْوِشَاحَ فَأَقُولُ لَا عَدِمْتِ رَجُلًا عَجَّلَ أَبَاكِ النَّارَ.

الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَاتَبْتُ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ كِتَابًا بِأَنْ يَحْفَظَنِي فِي أهلي ومالي بِمَكَّةَ (التي كانت دار الحرب عندها) وَأَحْفَظَهُ فِي ماله بِالْمَدِينَةِ. فَلَمَّا ذَكَرْتُ له اسمي عبد الرَّحْمَن قَالَ لَا أَعْرِفُ الرَّحْمَنَ، كَاتِبْنِي بِاسْمِكَ الَّذِي كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَاتَبْتُهُ باسمي عَبْد عَمْرٍو. فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْمِ بَدْرٍ خَرَجْتُ إِلَى جَبَلٍ لِأُحْرِزَهُ حِينَ نَامَ النَّاسُ، فَأَبْصَرَهُ بِلَالٌ فَخَرَجَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مَجْلِسٍ مِن الْأَنْصَار، فَقَالَ: أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا أُمَيَّةُ. فَخَرَجَ مَعَهُ فَرِيقٌ مِن الْأَنْصَارِ فِي آثَارِنَا، فَلَمَّا خَشِيتُ أَنْ يَلْحَقُونَا خَلَّفْتُ لَهُمْ ابْنَهُ لِأَشْغَلَهُمْ فَقَتَلُوهُ، فأَبَوْا حَتَّى يَتْبَعُونا. وَكَانَ أمية رَجُلًا ثَقِيلًا (فلم يستطع أن يهرب ويبعتد عنهم)، فَلَمَّا أَدْرَكُونَا قُلْتُ لَهُ ابْرُكْ، فَبَرَكَ فَأَلْقَيْتُ عَلَيْهِ نَفْسِي لِأَمْنَعَهُ، فَتَخَلَّلُوهُ بِالسُّيُوفِ مِنْ تَحْتِي حَتَّى قَتَلُوهُ، وَأَصَابَ أَحَدُهُمْ رِجْلِي بِسَيْفِهِ. وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يُرِينَا ذَلِكَ الْأَثَرَ فِي ظَهْرِ قَدَمِهِ.

وعن خبيب بن عبد الرحمن قال أصيب جدي خبيب يوم بدر في ضلع له فانكسر، فجعله النبي صلى الله عليه وسلم في مكانه ووضع عليه لعابه، فاستوى وبدأ جدي خبيب يمشي. وفي رواية عن خبيب: أُصبت في غزوة في كتفي إصابة عميقة وصلت إلى بطني وتدلّتْ يدي، فجئت النبي صلى الله عليه وسلم، فوضع لعابه في الجرح ولَمَّه، فعادت يدي في مكانها واندمل الجرح أيضا.

أما وفاة خبيب فيقال أنه توفي في عهد خلافة سيدنا عمر رضي الله عنه، وفي قول آخر أنه توفي في عهد سيدنا عثمان رضي الله عنه.

رفع الله درجات هؤلاء الصحابة، آمين.

ثم ذكر حضرته بعض الأحمديين الذين وافتهم المنية، إنا لله وإنا إليه راجعون. السيدة رشيدة بيغم زوجة سيد محمد ظفر من ربوة، حيث توفيت في 24 أغسطس عن عمر يناهز 74 عاما. إنا لله وإنا إليه راجعون. دخلت الأحمدية عائلة المرحومة على يد جدها السيد فتح محمد الذي ذهب لقاديان وبايع على يد المسيح الموعود عليه السلام. كانت مهتمة كثيرا بالصلاة، ومرتبطة بالخلافة بأواصر المحبة والوفاء والوداد. كانت تستمع إلى الخطب بكل إصغاء وتسجل عندها بعض النقاط الواردة فيها ثم كانت تناقشها مع أولادها. كانت منضمة إلى نظام الوصية. وفق خمس من أولادها لخدمة الدين لكونهم واقفين حياتهم.

الجنازة الثانية هي للسيد محمد شمشير خان رئيس الجماعة لفرع الجماعة “ناندي” في فيجي الذي توفي في 5 سبتمبر الجاري، إنا لله وإنا إليه راجعون. كان قد ولد في عام 1952، ودخل الجماعة مع والده في عام 1962 من الجماعة اللاهورية. وكان من أوائل الأحمديين في فيجي. وفقه الله تعالى لخدمة الجماعة لفترة طويلة، ولعب دورًا هامًّا في بناء مساجد الجماعة في فروع الجماعة “مارو” و”سووا” و”ناندي” و”لتوكا”. ووُفّق لخدمة الجماعة بوصفه رئيسا لها في فرع “ناندي” منذ عام 2010 إلى وفاته. كما ظل يخدم الجماعة بوصفه سيكرتيرًا وطنيا للنشر والإشاعة لفترة طويلة. كان مخلصًا جدًّا ومحبًّا للخلافة ومطيعًا جدًّا لها. ترك خلفه زوجته السيدة راضية خان وبنتًا واحدة السيدة نادية نفيسة. غفر له الله تعالى ورحمه ووفق ذويه لاستمرار في كسب حسنات يقوم بها المرحوم. آمين.

الجنازة الثالثة هي للسيدة فاطمة محمد مصطفى من كردستان التي توفيت في النرويج في 13 يونيو عن عمر يناهز 88 عامًا، إنا لله وإنا إليه راجعون.

تقول بنتها: بعد بيعتي كنت دائما أشاهد قناة الجماعة ووالدتي كانت تجلس معي، كانت تحب كثيرًا قصائد المسيح الموعود u وكانت تبكي كلما سمعتها، وفي أحد الأيام كانت تسمع قصيدة المسيح الموعود u: يا عين فيض الله والعرفان

فأصبحت ترددها، فقلت لها: هل يكفّر من كتب مثل هذه الأبيات؟ قالت: ومن الظالمون الذين يكفرونه. قلت: يشترك فيهم أولادك أيضا. فسكتت ولم تجب. قلت لها: يا أمي أنت امرأة معروفة بقوة إيمانها، فمَن تخافين؟ الله أم أولادك؟ تأثرت جدًّا وسكتت ولم تجب، لكنها نادتني في تلك الليلة وقالت اتصلي بمركز الجماعة وأخبريهم بأنني أريد المبايعة. فقلت لها أرجوك أن تعيدي التفكير واتخذي قرارًا تثبتين عليه. فربما دعت في تلك الليلة كلها وفكرت بالموضوع، وما أن استيقظت صباحًا حتى قالت لي: لقد قررت أن أبايع.

كانت قد بايعت في عام  2014، وتركت خلفها 3 بنات و5 بنين، بنت واحدة من بينهم أحمدية وهي السيدة بيريفان محمد سعيد وهي تعيش في النرويج حاليا. لقد وفقت للقاء مع الخليفة نصره الله في عام 2016، وكانت فرحة كثيرا لدرجة كانت تخبر الجميع بأنها حظيت باللقاء مع خليفة الوقت، كانت مرتبطة بالخلافة بعلاقة الوفاء الخالص.

غفر لها الله ورحمها ورفع درجاتها، وقوّى إيمان بنتها، وفتح قلوب أولادها الذين لم يدخلوا الأحمدية بعد واستجاب دعواتها لهم، آمين.