خطبة الجمعة 20/9/2019م
******
بعد التشهد وتلاوة سورة الفاتحة يتابع حضرته الحديث عن الصحابة البدريين:
الصحابي يزيد بن رقيش t: من بني أسد بن خزيمة، إحدى قبائل قريش، اسم أبيه رقيش بن رئاب، ويُكنى أبا خالد. شهد يزيدٌ بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله r. قُتل يزيد يوم اليمامة شهيدا سنة اثنتي عشرة من الهجرة. كانت وقعة اليمامة في ربيعة الأول سنة اثنتي عشرة، في خلافة أبي بكر الصديق t. حيث أرسل أبو بكر t خالدا لمواجهة مسيلمة الكذاب وأوعب معه المهاجرين والأنصار، وأمد أبو بكر خالداً بسليط ليكون ردءاً له لئلا يؤتى من خلفه. كان عدد المسلمين 13000 نفرا، وقيل أن قوام جيش مسيلمة أربعين ألفا. ومع مسيلمة نهارٌ الرجال بن عنفوة، وكان قد هاجر إلى النبي r وقرأ القرآن، وفقُه في الدين، وبعثه r معلماً لأهل اليمامة وليشغب على مسيلمة، ولكنه ارتد هنالك…وشهد أنه سمع محمداً r يقول: إن مسيلمة قد أُشرِك معه في النبوة.
ولما بلغ مسيلمة دنوَّ خالد ضرب عسكره بعقرباء، واشتد القتال، ولم يلق المسلمون حرباً مثلها قط. ولكنهم حملوا على جيش مسيلمة حملة استطاعوا أن يزحزحوا جيوشه عن موقفهم الأول. ثم شد المسلمون حتى فر بنو حنيفة إلى الحديقة وكانت منيعة الجدران فتحصنوا بها إلا أن المسلمين استطاعوا أن يقتحموها بفضل البراء بن مالك الذي رفعوه فوق الجحف واستطاع فتح باب الحديقة ودخل المسلمون، فقتل فيها مسيلمة وكان قاتله هو وحشي بن حرب قاتل حمزة بن عبد المطلب فيما قيل، وقد قتل في هذه المعركة خلق كثير من جيش المسلمين. وقد انتهت بالصلح على أن يكون للمسلمين الذهب والفضة والسلاح ونصف السبي. حين استُشهد في هذه الحرب عدد كبير من الصحابة أمر سيدنا أبو بكر بتدوين القرآن الكريم، حتى لا يضيع.
عبد الله بن مخرمة t كان حضرة عبد الله من أوائل المسلمين. وقام بهجرتين، الأولى إلى الحبشة والثانية إلى المدينة.
وحين هاجر حضرة عبد الله بن مخرمة t إلى المدينة أقام في بيت حضرة كلثوم بن الهدم. وآخى النبي r بينه وبين حضرة فروة بن عمرو الأنصاري. شهد حضرة عبد الله بن مخرمة بدرا وسائر الغزوات. حين شارك في بدر كان عمره 30 سنة، وحين استشهد في اليمامة في عهد سيدنا أبي بكر t كان عمره 41 سنة.
كان حضرة عبد الله بن مخرمة كثير العبادة حتى في الشباب. يقول حضرة عبد الله بن عمر إني وحضرة سالم مولى حضرة أبي حذيفة وحضرة عبد الله بن مخرمة كنا معا عام حرب اليمامة، فكنا نرعى الغنم ونحرس أموال الجيش بالتناوب، وفي اليوم الذي بدأ فيه القتال، كان دوري لرعي الغنم، وحين عدتُ بعد رعي الغنم وجدت عبد الله بن مخرمة جريحا في ميدان الحرب، فمكثتُ عنده، فسألني يا عبد الله بن عمر هل أفطر الصائم؟ وكان الليل قد حل فقلت له نعم، فطلب مني ماء ليفطر (إذ كان صائما حتى في الحرب) فانطلقت من عنده لجلب الماء وحين عدتُ إليه كان قد توفي.
عمرو بن معبد t، ويقال له عمير بن معبد أيضا، وكان اسم والده معبد بن الأزعر وكان من بني ضبيعة من قبيلة أوس الأنصارية. شهد بدراً، وأحداً، والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله r وهو أحد المائة الصابرة الذين كفلهم الله يوم حنين.
حضرة النعمان بن مالك t، ويقال له حضرة النعمان بن قوقل أيضا،وكانت قبيلته مشهورة باسم بني قوقل. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَإِنّمَا قِيلَ لَهُمْ الْقَوَاقِلُ لِأَنّهُمْ كَانُوا إذَا اسْتَجَارَ بِهِمْ الرّجُلُ دَفَعُوا لَهُ سَهْمًا ، وَقَالُوا لَهُ قَوْقِلْ بِهِ بِيَثْرِبَ حَيْثُ شِئْت.
شهد حضرة النعمان بن مالك بدرا وأحدا واستشهد في أحد حيث قتله صفوان بن أمية. وفي رواية أخرى كان قد قتله أبان بن سعيد. لقد دُفن حضرة النعمان بن مالك وحضرة مجزر بن زياد وحضرة عبادة بن الحسحاس في قبر واحد يوم أحد.
كان حضرة النعمان بن مالك الأنصاري قال لرسول الله r، في حين خروجه إلى أُحد ومشاورته عبد الله بن أبي ابن سلول: والله- يا رسول الله- لأدخلن الجنة. فقال له: بم؟ قال: بأني أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وأني لا أفر من الزحف. قال: صدقت، فقتل يومئذ.
وعن خالد بن أبي مالك الجعدي أنه وجد في كتاب أبيه رواية أن النعمان بن قوقل الأنصاري قال: أَقْسَمْت عَلَيْك يَا رَبّ أَنْ لَا تَغِيب الشَّمْس حَتَّى أَطَأ بِعَرْجَتِي فِي الْجَنَّة. فَاسْتُشْهِدَ ذَلِكَ الْيَوْم، فَقَالَ النَّبِيّ r: لقد رأيته يطأ فيها وما به من عرج.
عن جابر: أن النعمان بن قوقل جاء إلى رسول الله r فقال: يا رسول الله، أرأيت إن صليت المكتوبات، وصمت رمضان، وحرمت الحرام، وحللت الحلال، لم أزد على ذلك شيئًا، أدخل الجنة؟ قال r: نعم. قال: فوالله لا أزيد عليه شيئًا.
عن جابر t قال: جاء النعمان بن قوقل يوم الجمعة ورسول الله r يخطب فأمره أن يصلي ركعتين يتجوز فيهما. ثم قال: إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا.
خبيب بن عدي الأنصاري t. من الأوس، لما هاجر من مكة إلى المدينة آخى النبي r بينه وبين عمير بن أبي وقاص t. شهد خبيب بن عدي بدرا، وكان عهد إليه الحفاظ على أمتعة المجاهدين في معركة بدر. وشارك وقعة الرجيع في 4 للهجرة، فأسره وزيدَ بن الدثنة المشركون، وانطلقوا بهما إلى مكة فباعوهما، فَابْتَاعَ خُبَيْبًا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا. ولما خَرَجُوا مِنْ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْحِلِّ قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ ذَرُونِي أَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ فَتَرَكُوهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ لَوْلَا أَنْ تَظُنُّوا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ لَطَوَّلْتُهَا، ثم دعا ربه قائلا: اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، فَقَتَلَهُ عقبة ابْنُ الْحَارِثِ بعد أن صلى ركعتَين.
ولما أرادوا قتل خبيب رضي الله عنه دعا ربه قائلا اللهم ليس عندي ما أبلّغ به سلامي رسولك صلى الله عليه وسلم، فبلّغْه سلامي من عندك. وقال الصحابة: بينما النبي صلى الله عليه وسلم جالس بيننا ذات يوم إذ قال: وعليكم السلام يا خبيب، وأخبرَنا أن قريشا قتلته. وهكذا بلّغ الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم سلام خبيب.
ثم أعلن حضرته أن قسم تاريخ الأحمدية في الجماعة قد فتح موقعه الخاص باللغتين الأردية والإنجليزية، وقد نشر فيه المواد المطبوعة من قبل الجماعة عن تاريخ الأحمدية ومختلف السير والسوانح، مثل سيرة المسيح الموعود عليه السلام، وخلفاء الأحمدية، وأصحاب أحمد، وشهداء الأحمدية، ودراويش قاديان، ودعاة الجماعة، وكتبا ومقالات عن سيرة الصلحاء الآخرين والصور التذكارية، وكل المجلدات المطبوعة حتى الآن عن تاريخ الجماعة، وتاريخ التنظيمات الفرعية في الجماعة، وتاريخ فروع الجماعة في مختلف البلاد والمدن، وبعضا من مخطوطات صلحاء الجماعة، وصورا لبعض التبركات، وللقصاصات الهامة والنادرة من الجرائد والمجلات، والمقالات التاريخية القيمة، وصورًا لأهم مناسبات الجماعة، ومباني الجماعة كالمساجد، ومراكز الدعوة والمؤسسات المركزية، ومراكز التعليم، والمستشفيات والمستوصفات ودور الضيافة وغيرها. وقد قدموا تعريفا لها قدر المستطاع. كما وضعوا في الموقع الوثائق النادرة من برامج قناتنا ايم تي اي بفيديو عبر يوتيوب. كما وضعوا في الموقع كل الأحداث الهامة في تاريخ الجماعة منذ تأسيسها حتى اليوم.
ثم نعى حضرته خبر وفاة أحد دعاتنا القدامي السيد صفي الرحمن خورشيد ابن حكيم فضل الرحمن، حيث وافته المنية إثر صدمة قلبية في 16 سبتمر عن عمر يناهر 75 عاما، إنا لله وإنا إليه راجعون،. قد عمل المرحوم داعية في أفريقيا وفي أماكن أخرى. كما خدم مديرًا لمطبعة “نصرة آرت بريس في السند بأمر من حضرة المصلح الموعود رضي الله عنه.
وفق الله تعالى المرحوم صفي الرحمن لإنشاء مطبعة للجماعة في سيراليون. ثم إن المرحوم أُوفدَ إلى نيجيريا، وهنالك أيضا أنشأ مطبعة للجماعة وأدارها بنجاح. وخلال تلك الفترة تعرض لحادث في المطبعة حيث قُطعت إصبع له أثناء العمل ، فداواها كثيرا لكن بدون جدوى. وعلم حضرة الخليفة الثالث بذلك، وكان في لندن في تلك الأيام على ما يبدو، فقال له تعال إلى لندن من أجل العلاج، فجاء وتماثل للشفاء بفضل الله تعالى.
عينه حضرة الخليفة الرابع ضمن اللجنة المكفلة بالسعي لإنشاء مطبعة الرقيم في بريطانيا. كما أمره حضرة الخليفة الرابع بالذهاب إلى الكميرون وإنشاء فرع الجماعة هناك ففعل. رجع المرحوم إلى باكستان في عام 1988. ثم عمل داعية في لاهور. ومنذ عام 1991 وفقه الله لخدمة الجماعة بصفة مدير مطبعة “نصرة آرت بريس”. مرض المرحوم منذ فترة إثر سكتة دماغية، فتقاعد. رحمه الله وتغمده بمغفرته ورفع درجاته، وألهم بنته وزوجته الصبر السلوان والهمة، آمين.