بسم الله الرحمن الرحيم

فيما يلي، ملخص لخطبة الجمعة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين، حضرة ميرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز بتاريخ 22/12/2017:

في الخطبة الماضية ذكرت فضل وعظمة الصحابة رضوان الله تعالى عليهم وأردت أن أخوض في هذا الموضوع أكثر ولكن الوقت لم يسمح، وبعد قراءة بعض رسائل الاخوة، رأيت أن اكمل في هذا الموضوع لاسلط الضوء على أعمالهم بشكل أكبر كي نتأسى بهم.

من صحابة الرسول الأجلاء أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، الذي كانت له مكانة عظيمة، وقد شهد الرسول صلى الله عليه وسلم على أمانته وقال: “لكل أمة أمين وأمين هذا الأمة أبو عبيدة بن الجراح”.
وفي غزوة أحد أصيب النبي صلى الله عليه وسلم بحجر في وجهه، فدخل مسماران إلى خده المبارك، فقام أبو عبيدة بإخراجهما بقوة بأسنانه، فانكسر سناه الأماميان.
وكان أبو عبيدة رضي الله عنه حكيما سديد الرأي، فذات مرة أمّر النبي صلى الله عليه وسلم على الجيش عمرو بن العاص، فجاء العدو بعدد كبير جدا، فطلب عمرو من الرسول صلى الله عليه وسلم المدد، فأرسل كتبية بقيادة أبي عبيدة وأمره بالتعاون مع عمرو. فبدأ الأخير يعطي الأوامر لكتيبة أبي عبيدة مباشرة، فقال له الصحابة الكبار الذين كانوا تحت إمرة أبي عبيدة إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد جعل أبا عبيدة أميرا حرا علينا، فالأفضل أن يعطينا هو الأوامر. فقال ابن العاص أنا الأمير لأني بُعثت أولًا. فقال له أبو عبيدة: “لن تجد مني سوى التعاون، وسأطيعك في كل شيء”.
فهكذا تصرف أبو عبيده بحكمة نظرًا للموقف الحرج، فتخلى عن ما أعطي له من سلطة.
ومما يدل على عظيم حكمته أنه لما أرسل القيصر الروماني جيشه لمحاربة المسلمين كان أبو عبيدة قائد الجيش المسلم، وكان القيصر أرسل جيوشا جبارة، فاستشار أبو عبيده قادة جيشه وقرر الانسحاب من بعض المناطق التي فتحوها، وكان سكانها قد أدوا الخراج للمسلمين، فرده لهم وقال لا نستطيع الدفاع عنكم لذا نرد لكم أموال الجزية، مما أثر في السكان المسيحيين تأثيرا كبيرا، حتى ودّعوا المسلمين يبكون ويدعون الله أن يرجعهم إليهم ثانية.

ومن الصحابة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، الذي أسلم في أوائل الإسلام وهاجر للحبشة. فبعثت قريش برجلين وراء المسلمين المهاجرين للحبشة مع الهدايا للملك، فقال وفد قريش للملك: إن بعضًا من جهلة شبابنا قد تركوا ديننا ودخلوا في دين جديد ولا يؤمنون بدينك أيضا. فدعا الملك المسلمين وسألهم عن ذلك. فقام جعفر رضي الله عنه وقال” كنا قومًا أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف. فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمَرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده، لا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام. فصدّقناه وآمنَّا به، واتّبعناه على ما جاء به من الله، فعبدنا الله وحده، فلم نشركْ به شيئًا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا. فعدا علينا قومنا، فعذبونا، وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله تعالى، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نُظلَم عندك”. فقال له النجاشي “هل معك مما جاء به نبيكم عن الله من شيء”. فقرأ عليه مطلع سورة مريم، فبكى الملك وقال “إن هذا، والذي جاء به عيسى، ليخرُج من مشكاة واحدة”. وقال لوفد المكيين لن أسلمهم لكم. فقالوا إنهم ينقصون من مكانة عيسى. فسأل الملك المسلمين ثانيةً، فرد جعفر: نقول فيه الذي جاءنا به نبينا صلى الله عليه وسلم: هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم البتول. فأخذ الملك عودًا من الأرض وقال:”والله ما عدا عيسى بنُ مريم ما قلتَ هذا العودَ.”

لقد قال المسيح الموعود عليه السلام: الصحابة كلهم كانوا كجوارح رسول الله صلى الله عليه وسلم وفخر نوع الإنسان، فبعضهم كانوا كالعيون وبعضهم كانوا كالآذان، وبعضهم كالأيدي وبعضهم كالأرجل من رسول الرحمن، وكل ما عملوا من عمل أو جاهدوا من جهد فكانت كلها صادرة بهذه المناسبات، وكانوا يبغون بها مرضاة رب الكائنات رب العالمين.
وفقنا الله تعالى للاقتداء بهذه النجوم المتلألئة، وجعلنا ممن يحبون الله ورسوله، وجعل كل عمل من أعمالنا خالصًا لابتغاء مرضاته تعالى.

آمين.

About مجلس خدام الأحمدية الكبابير

View all posts by مجلس خدام الأحمدية الكبابير