بسم الله الرحمن الرحيم
نحمده ونصلي على رسوله الكريم وعلى عبده المسيح الموعود
ملخص خطبة الجمعة التي ألقاها أمير المؤمنين أيده الله تعالى بنصره العزيز بتاريخ 22-6-2018.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّين. آمين.
قال أمير المؤمنين نصره الله: سأسرد في هذه الخطبة أيضا بعض الروايات عن الصحابي عمار بن ياسر ؓ
ففي رواية قال عمرو بن العاص ؓ: أشهد أن رسول الله ﷺ كان يحب رجلين حتى مات: عبد االله بن مسعود وعمار بن ياسر رضي الله عنهما. عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا قُتِلَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ دَخَلَ عَمْرُو بْنُ حَزْمٍ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ قُتِلَ عَمَّارٌ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَة.ُ فَقَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَزِعًا يُرَجِّعُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ قُتِلَ عَمَّارٌ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ قَدْ قُتِلَ عَمَّارٌ فَمَاذَا؟ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ. فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: أَوَنَحْنُ قَتَلْنَاهُ، إِنَّمَا قَتَلَهُ عَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ؛ جَاءُوا بِهِ حَتَّى أَلْقَوْهُ بَيْنَ رِمَاحِنَا أَوْ قَالَ بَيْنَ سُيُوفِنَا.
كان في عمرو بن العاص رضي الله عنه خير ولذلك قلق لقتل عمار، ولكن الأمير معاوية لم يُعِرْ لقتله أهمية.
وقالت عائشة (رضي الله عنها) “لَعمّارٌ مليء من كعبيه إلى قرنه إيمانًا.”
حضر خباب في مجلس عمر رضي الله عنهما فقال له اقتربْ فليس أحد أحق منك بهذا المجلس إلا عمار.
وهناك رواية لعمار تتحدث عن نبوءة للرسول ﷺ عن اشتهاد علي رضي الله عنه. فعن عمار قال رسول الله ﷺ لعلي: “يا أبا تراب” لِما يرى عليه من التراب. “ألا أحدّثكما بأشقى الناس رجلينِ؟” فقلنا: بلى يا رسول الله، قال: “أُحَيمَرُ ثمودَ الذي عقر الناقة، والذي يضربك يا عليُّ على هذه – يعني قرنه – حتى تبلّ منه لحيتُّك”.
عن أبي مِجْلَزٍ قال: صَلَّى بِنَا عَمَّارٌ صَلَاةً فَأَوْجَزَ فِيهَا، فسأله البعض عن سبب ذلك، فقال: لم أَحِدْ عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قيدَ شعرة.
وعن الحارث بن سهيل أن شخصا وشى عمارًّا إلى عمر رضي الله عنه، فلما بلغ ذلك عمارًا رفع يديه للدعاء وقال اللهم إن كان هذا قد افترى علي فابسط عليه الدنيا وضيق عليه الآخرة.
وعن أبي نوفل بن أبي عقرب، قال: كان عمار بن ياسر قليل الكلام، طويل السكوت، وكان عامة قوله: عائذٌ بالرحمن من فتنة، عائذ بالرحمن من فتنة.
عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ قَالَ أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَسَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يُيَسِّرَ لِي جَلِيسًا صَالِحًا، فَيَسَّرَ لِي أَبَا هُرَيْرَةَ، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ إِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يُيَسِّرَ لِي جَلِيسًا صَالِحًا فَوُفِّقْتَ لِي. فَقَالَ لِي مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ جِئْتُ أَلْتَمِسُ الْخَيْرَ وَأَطْلُبُهُ. قَالَ أَلَيْسَ فِيكُمْ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ مُجَابُ الدَّعْوَةِ، وَابْنُ مَسْعُودٍ صَاحِبُ طَهُورِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَعْلَيْه، وَحُذَيْفَةُ صَاحِبُ سِرِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَمَّارٌ الَّذِي أَجَارَهُ اللَّهُ مِن الشَّيْطَانِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ، وَسَلْمَانُ صَاحِبُ الْكِتَابَيْنِ: الإِنْجِيلُ وَالْفُرْقَانُ. أي عنده علم هذين الكتابين. فكأن أبا هريرة قال له ما دام هؤلاء عندكم فلماذا لم تنتفع منهم؟!
وعن أنس قال النبي ﷺ: “الجنة تشتاق عليًّا وعمارا وسلمان وبلالا”، رضي الله عنهم.
عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ إِنِّي لَا أَدْرِي مَا بَقَائِي فِيكُمْ، فَاقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي وَأَشَارَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَّارٍ، وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ مَسْعُودٍ”
ذكرتُ في الخطبة الماضية أن عمارا ؓ انخدع بكيد المفسدين في عهد عثمان ؓ. يبين الخليفة الثاني ؓ أن السبب في الفساد الذي أطل برأسه ضد عثمان ؓ وخلافته أن المفسدين لم يتلقّوا تربية جيدة وقلَّما كانوا يزورون المركز، وكان علمهم بالقرآن الكريم ضئيلا، لذا فقد نصح ؓ أفراد الجماعة أن يعتبروا بتلك الأحداث. ثم قال أمير المؤمنين نصره الله: لقد أتاح الله لنا قناة ال ايم تي ايه لتعلُّمُ القرآن والدين. حيث تُبثّ عبرها دروس القرآن الكريم والحديث ودروس كتبِ المسيح الموعود ؏، كما تُبثّ الخُطب التي بها تتوطد العلاقة بالخليفة. ذكر أمير المؤمنين صحابيا آخر وهو أبو لبابة بن عبد المنذر. كان من قبيلة “الأوس” وكان من الاثني عشر نقيبا، وشهد العقبة. لما خرج رسول الله ﷺ لغزوة بدر أمّر عليها أبا لبابة.
في أثناء السفر كان النبي ﷺ وعليّ وأبو لبابة رضي الله عنهما يركبون البعير بالتناوب، فأصرّ أبو لبابة على أن يترجل هو وعليّ ؓ ويركب النبي ﷺ، ولكنه ﷺ لم يقبل ذلك وقال مبتسما ما مفاده: لستما أقدر مني على المشي ولستُ أغنى منكما عن الأجر.
هناك حادث يدل على بساطة أبي لبابة وإخلاصه، بينه حضرة الخليفة الثاني للمسيح الموعود ؏ فقال: كانت هنالك قضية بني قريظة حيث لم يكن غدرُهم قابلا للتجاهل، فقال النبي ﷺ للصحابة فور العودة أن لا يستريحوا في بيوتهم بل يجب أن يصِلوا إلى حصون بني قريظة قبل المساء، ثم أرسل عليًّا ؓ إلى بني قريظة ليسألهم لماذا نقضوا العهد؟ فبدلا من أن يُبدوا الندم ويطلبوا العفو بدأوا يسيئون إلى علي وأصحابه y، ويسبّوا النبي ﷺ ونساءه. فلما عاد عليٌّ ؓ بهذا الجواب منهم توجه النبي ﷺ إلى حصون اليهود مع الصحابة لكن اليهود تحصنوا، وأخذوا يقاتلون المسلمين. وبعد الحصار ببضعة أيام أحس اليهود أنهم لا يستطيعون المقاومة طويلا، فطلب زعماؤهم من النبي ﷺ أن يرسل إليهم أبا لبابة ليستشيروه. فسألوه هل ينـزلون على حكم رسول الله ﷺ مستسلمين؟ فقال لهم أبو لبابة نعم لكن مسَّ عنقه بيده كأنه الذبح. ولم يكن رسول الله ﷺ قد صرح بحكمه، لكن أبا لبابة ظن أن جريمتهم لا تستحق سوى القتل. فرفضوا الاستسلام. فلو قبلوا حكم النبي ﷺ لكان أكثر ما يعاقبهم به نفيهم من المدينة على شاكلة القبائل الأخرى من اليهود. عندها قال بعض اليهود أن قومنا غدروا ويَثبت من معاملة المسلمين أن دينهم صادق فأسلموا.
أمثال عَمْرُو بْنُ سُعْدَى الذي قال إما أن تُسلموا وإما أن تُعطوا الجزية، فقالوا القتل خير من ذلك، عندها قال لهم أنا بريء منكم، ثم خرج من الحصن فَمَرّ بِحَرَسِ رَسُولِ اللّهِ ﷺ وَعَلَيْهِ مُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ تِلْكَ اللّيْلَةَ فَلَمّا رَآهُ قَالَ مَنْ هَذَا؟ قَالَ أَنَا عَمْرُو بْنُ سُعْدَى فَقَالَ مُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ حِينَ عَرَفَهُ اللّهُمّ لَا تَحْرِمْنِي إقَالَةَ عَثَرَاتِ الْكِرَامِ ثُمّ خَلّى سَبِيلَهُ.
أي إذا كان هذا الرجل يندم على فعله وفعل قومه فمن مقتضى أخلاقنا أيضا أن نعفو عنه. فلما علم بذلك النبيُّ ﷺ لم يعاقب محمدا بن مسلمة، بل قد أبدى إعجابه بفعله. فهذا الحدث يسلط الضوء على أن النبي ﷺ وصحابتُه بريئون من كل اتهام بأنهم ظَلموا.
أورد العلامة ابن سعد رواية تقول أن النبي ﷺ استخلف أبا لبابة في المدينة في غزوة بني قينقاع والسويق. وكان عند فتح مكة مع النبي ﷺ وكانت بيده راية قبيلة عمرو بن عوف الأنصارية، وشارك النبيَّ ﷺ في معارك أخرى. وعن وفاته يقول البعض أنه توفي في خلافة علي ؓ وبعضهم يقولون أنه توفي بعد استشهاد عثمان ؓ، وفي رواية أنه عاش إلى عام 50 الهجري.
وفي رواية أخذ أبو لبابة ؓ ابنَ ابنتِه عبدَ الرحمن بن زيد في كنفه، فجاء به إلى النبي ﷺ، فقال له رسول الله ﷺ: ما هذا معك يا أبا لبابة؟ فقال: ابن ابنتي يا رسول الله، ما رأيتُ مولودا قط أصغر خلقةً منه، فحنكه رسول الله ﷺ ومسح على رأسه، ودعا فيه بالبركة. فما رؤي عبد الرحمن بن زيد مع قوم قط إلا فرعهم طولًا، وكان أطول الرجال وأتمهم. زوّجه عمر ؓ ابنته فاطمة بنت أم كلثوم بنت علي وفاطمة رضي الله عنهما.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ؓ قَالَ: كَانَ أَبْعَدَ رَجُلَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ دَارًا أَبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ وَأَهْلُهُ بِقُبَاءَ وَأَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ وَمَسْكَنُهُ فِي بَنِى حَارِثَةَ فَكَانَا يُصَلِّيَانِ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ الْعَصْرَ. (سنن الدارمي) هذه أحوال الصحابة، رفع الله تعالى درجاتهم.
بعد صلاة الجمعة صلى أمير المؤمنين صلاة الجنازة على مرحومين. جنازة الغائب للسيد قاضي شعبان أحمد خان بن قاضي محمد سلمان، وكان عمره 47 عاما. الذي استشهد في 25 حزيران/يونيو 2018م على يد المعارضين الذين أطلقوا النار عليه، إنا لله وإنا إليه راجعون. ترك الشهيد وراءه زوجته وثلاث بنات. تكفّلهن الله بهن جميعهن وحماهن ورفع درجات المرحوم.
والجنازة الثانية للسيدة أمة الحي بِيْغَمْ بنت سِيْتهـ محمد غوث التي تُوفيت في 23 حزيران عن عمر يناهر المائة عام، إنا لله وإنا إليه راجعون. كانت إنسانة مخلصة وطيبة وصالحة. رفع الله تعالى درجاتها ووفّق ذريتها لمواصلة الارتباط الحقيقي والصادق بالخلافة. (آمين)