بسم الله الرحمن الرحيم
ملخص خطبة الجمعة يوم 24/08/2018
بعد التشهد وقراءة سورة الفاتحة. يتابع حضرته في الحديث عن الصحابة البدريين:
عاصم بن ثابت ؓ
نسبه: والده ثابت بن قيس ووالدته الشموس بنت أبي عامر. وهو من قبيلة الأوس.
آخى النبي ﷺ بينه وبين عبد الله بن جحش ﷺ. شهد بدرا وأحدا.
- قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْمَ بَدْرٍ: كَيْفَ تُقَاتِلُونَ الْقَوْمَ إِذَا لَقِيتُمُوهُمْ؟، فَقَامَ عَاصِمُ بن ثَابِتٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِذَا كَانَ الْقَوْمُ مِنَّا حَيْثُ يَنَالُهُمُ النَّبْلُ، كَانَتِ الْمُرَاةُ بِالنَّبْلِ، فَإِذَا اقْتَرَبُوا حَتَّى يَنَالَنَا وَإِيَّاهُمُ الْحِجَارَةُ، كَانَتِ الْمُرَاضَخَةُ بِالْحِجَارَةِ، فَأَخَذَ ثَلاثَةَ أَحْجَارٍ فِي يَدَهِ وحَجَرَيْنِ فِي حِزْمَتِهِ، فَإِذَا اقْتَرَبُوا حَتَّى يَنَالَنَا وَإِيَّاهُمُ الرَّمَّاحُ، كَانَتِ الْمُدَاعَسَةُ بِالرِّمَاحِ، فَإِذَا انْقَضَتِ الرِّمَاحُ، كَانَتِ الْجِلادُ بِالسُّيُوفِ، فَقَالَ رَسُولُ الله ﷺ: بِهَذَا أُنْزِلَتِ الْحَرْبُ، مَنْ قَاتَلَ فلْيُقَاتِلْ قِتَالَ عَاصِمٍ. (المعجم الكبير للطبراني)
- أما في أحد فقد كان ممن ثبتوا مع النبي ﷺ وكان من الرماة. وفي رواية: جاء علي بن أبي طالب بسيفه يوم أحد قد انحنى فقال لفاطمة: هاك السيف حميدا فانها قد شفتني، فقال رسول الله ﷺ: “لئن كنت أجدت الضرب بسيفك لقد أجاده سهل بن حنيف وأبو دجانة وعاصم بن ثابت والحارث بن الصمة”.
- هو من قدّمه النبي ﷺ لضرب عنق أَبَي عَزّةَ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ اللّهِ بعد أن أخلف موثقه مع النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يقاتله ولا يكثر عليه أبدا، فهو لم يقاتل المسلمين في أحد فحسب بل حرض القبائل ضدهم وحملهم على قتال المسلمين.
- كان عاصم بن ثابت ؓ من العشر الذين حضروا حادث الرجيع واستشهد هناك حيث رمى العدو بالنبل حتى فنيت نبله، فطاعنهم بالرمح حتى كسر رمحه، فأخرج سيفه وقاتل حتى قتل. وعندما علمت قريش أن عاصم بن ثابت ؓكان من الذين قتَلهم بنو لحيان، أرسلوا رجالهم وأوصوهم بإحضار رأس عاصم أو عضوٍ من جسمه لأنه كان قد قتل زعيما لهم. فلما وصل هؤلاء الرجال إلى هناك فإذا الدبابير تجتمع على جثمانه، ثم بعث الله عليه سيلاً فاحتمله فذهب به فلم يصلوا إليه.
وفي رواية أن عاصما ؓ كان يرمي العدو ويقرأ الشعر:
الموت حقٌّ والحياة باطل _ وكل ما حمَّ الإله نازل … بالمرء والمرء إليه آثل
سهل بن حنيف الأنصاري ؓ
والدته هند ابنة رافع، وكان له أخَوان من أمّه هما عبد الله ونعمان. وأبناؤه أسد وعثمان وسعد.
آخى النبي ﷺ بينه وبين علي ؓ، ولقد شارك في بدر وسائر الغزوات.
كان صحابيا عظيما ولم يكن وضعه الاقتصادي جيدا. يقول الزهري أن النبي ﷺ لم يعط من أموال بني النضير أيًّا من الأنصار سوى حضرة سهل بن حنيف وحضرة أبي دجانة رضي الله عنهما لأنهما كانا فقيرين.
- شارك في القضاء على عبادة الأوثان حين كان يعدو على أوثان قومه ليلا فيكسرها ثم يجيئ بها امرأة مسلمة لا زوج لها لتحتطب بها.
- كان حضرة سهل من عظماء الصحابة الذين ثبتوا يوم أُحد ، وحين تشتت المسلمون إثر الهجوم الشديد قال النبيُّ ﷺ: نبِّلوا سهلا فإنه سهل.
وحين قال علي ؓ يوم أحد عن سيفه: لقد أحسنتُ به الضرب اليوم، فقال رسول الله ﷺ: “إن كنتَ أحسنت به القتال فقد أحسنه عاصم بن ثابت وسهل بن حنيف”.
- كان من عشر في كتيبة خرجت بقيادة علي بن أبي طالب رضي الله عنه للقضاء على أصحاب غزول الذي رمى سهما وصل إلى خيمة النبي صلى الله عليه وسلم في أيام حصار بني النضير. حيث أن غزول وصحبه خرجوا للقتال سرا. فقتل علي رضي الله عنه غزول وتمكنت الكتيبة من القضاء على صحبه.
- كان من الثلاثة الذين حمّلهم النبي ؓ الأعلام بوادي القرى تحت لواء سعد بن عبادة حين استعد اليهود لقتال المسلمين العائدين من فتح خيبر. وبعد هذا القتال بوادي القرى صارت المنطقة كلها تحت سيطرة المسلمين. أقام النبي ﷺ هناك أربعة أيام، ووزع الغنائم على الصحابة، وأحسن إلى اليهود بأن ترك الأرض والبساتين لهم إنما جَعل عليهم عاملا من عنده لأخذ الضرائب.
- حضر سهل بن حنيف ؓ واقعة صفين مع علي بن أبي طالب ؓ، حيث وقعت الحرب بين علي ؓ ومعاوية ؓ, وحين شعر جيش معاوية أنهم خاسرون رفعوا المصاحف فتوقّفت الحربُ، وأعلن حضرة علي ؓ الهدنة، فاعترض البعض على ذلك، وكان سهل بن حنيف ؓ في جيش علي ؓ، فقال لهم سهل: اتهموا أنفسكم، أي لا تحسبوا رأيكم صائبا لأن عمر ؓ منْ قبلُ قد أخطأ في رأيه يوم الحديبية، فقال سهل ؓ ما دمنا نُدعى إلى الصلح والهدنة فلا بد أن نستجيب واضعين أمامنا حادث صلح الحديبية.
- عن سهل بن حنيف ؓ قال قال رسول الله ﷺ له: أنت رسولي إلى أهل مكة، فقال لهم: إن رسول الله ﷺ أرسلني، يقرأ السلام عليكم، ويأمركم بثلاث: لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ وإذا تخلّيتم فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولا تستنجوا بعظم ولا ببعرة.
- ولاه علي رضي الله عنه على المدينة عند خروجه للبصرى، ثم استخلفه على بلاد فارس فأخرجه أهلها، فاستعمل علي ؓ زياد بن أبيه فرضوه وأدّوا الخراج.
- وفاته: توفي سهل بن حنيف سنة 38 هـ بالكوفة بعد العودة من صفين، وصلى عليه عليٌّ ؓ صلاة الجنازة، فكبر عليه ست تكبيرات وقال إنه بدري.
جبار بن صخر ؓ
من بني أمية، وشهد بيعة العقبة الثانية، آخى النبي ﷺ بينه وبين المقداد بن عمرو، كان ابن 32 عاما يوم بدر، كان النبي ﷺ يبعثه خارصا على أهل خيبر وغيرهم. تُوفي سنة ثلاثين في خلافة عثمان ؓ وهو ابن اثنتين وستين سنة. شهد جبار مع النبي ﷺ بدرا والمواقع كلها.
- عَنْ جَبَّارِ بْنِ صَخْرٍ الْأَنْصَارِيِّ أَحَدِ بَنِي سَلِمَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَهُوَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ مَنْ يَسْبِقُنَا إِلَى الْأُثَايَةِ؟ -قَالَ أَبُو أُوَيْسٍ هُوَ حَيْثُ نَفَّرَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ – فَيَمْدُرَ حَوْضَهَا وَيَفْرِطَ فِيهِ فَيَمْلَأَهُ حَتَّى نَأْتِيَهُ، قَالَ الراوي: قَالَ جَبَّارٌ: فَقُمْتُ فَقُلْتُ أَنَا. قَالَ ﷺ: اذْهَبْ. فَذَهَبْتُ فَأَتَيْتُ الْأُثَايَةَ فَمَدَرْتُ حَوْضَهَا وَفَرَطْتُ فِيهِ وَمَلَأْتُهُ ثُمَّ غَلَبَتْنِي عَيْنَايَ فَنِمْتُ فَمَا انْتَبَهْتُ إِلَّا بِرَجُلٍ تُنَازِعُهُ رَاحِلَتُهُ إِلَى الْمَاءِ وَيَكُفُّهَا عَنْهُ فَقَالَ: يَا صَاحِبَ الْحَوْضِ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَوْرَدَ رَاحِلَتَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ فَأَنَاخَ ثُمَّ قَالَ: اتْبَعْنِي بِالْإِدَاوَةِ، فَتَبِعْتُهُ بِهَا فَتَوَضَّأَ وَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ وَتَوَضَّأْتُ مَعَهُ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَ بِيَدِي فَحَوَّلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، قال: فَصَلَّيْنَا فَلَمْ يَلْبَثْ يَسِيرًا أَنْ جَاءَ النَّاسُ. )
- بذلك استجاب الله دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر حيث دعاs: “اللهم اكفني نوفل بن خويلد” فأسره جبار بن صخر، ولقيه عليٌّ فقتله… ثم قال ﷺ: من له علم بنوفل؟ فقال عليٌّ: أنا قتلتُه، فقال: “الحمد لله الذي أجاب دعوتي منه”.
- وقد كان رضي الله عنه من الصحابة الذين احتشدوا آملين أن يستضيفوا النبي عند وصوله إلى المدينة، إلا أنه أخبرهم أنه يقيم حيث تبرك ناقته فإنها مأمورة.
- وقد كان من الصحابة الذين انخدعوا بمكيدة شاس بن قيس، حين أمر فتى من اليهود أن يحضر مجلس مسلمي الأوس والخزرج الذين جمعهم الإسلام وألف بين قلوبهم، وينشد بعض ما كانوا تقاولوا من أشعار أيام اقتتال قوميهما، فنجج كيده فتنازعوا وتفاخروا، ولكن عندما خرج عليهم النبي ﷺ وقال لهم: لماذا أنتم راجعون إلى ما كنتم عليه في الجاهلية؟ أبدَوا الندم فورا وتقدموا إلى الصلح بل أبدَوا الأخوة والحب المتبادل.
لذا علينا أن نعيش كأمة واحدة، ونكفّ عن الأنانية الزائفة. ندعو الله تعالى أن يهب الجميع العقل والفطنة. آمين.