أفرد حضرته خطبة اليوم لذكر المرحومين الذين تُوُفُّوا في الآونة الأخيرة، حيث كانوا يشتركون في أمر واحد وهو أنهم كانوا مُوفين بعهد البيعة بإيثار الدين على الدنيا بحسب كفاءاتهم ومؤدين حق بيعة المسيح الموعود u وكانوا يكنّون لخلفائه كاملَ الوفاء والإخلاص وكانوا يؤدون حقوق العباد وأثبتوا أن التعليم الجميل للإسلام الذي بعث الله I المحبَّ المخلص للنبي r لإحيائه هو التعليم الأمثل للبشرية، وكانوا يقدمون نموذجا عمليا للعمل به في الحقيقة.
وبعد الاستماع إلى سوانحهم ينشأ اليقين بأن سيدنا المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام هو الوحيد في هذا العصر الذي _ بالارتباط به _ يمكن أن نتعلم الأسلوب لإنشاء العلاقة الحقة بين العبد وربه، وتعلمناه على أرض الواقع، وينشأ لدينا اليقين الكامل بالإله الحي والتسليم برضاه I.
- المرحوم الأول داعيتُنا الأحمدي السيد ذو الفقار أحمد دمانك المحترم الداعية الإقليمي في إندونيسيا، وقد تُوفي في 21/4/2020 عن عمر يناهز 42 سنة، إنا لله وإنا إليه راجعون. أول أحمدي في عائلة المرحوم كان جدَّه، الذي بايع بدعوة مولانا زيني دهلان المحترم في 1944. كان الداعية المرحوم ذو الفقار المحترم تلقَّى الدراسة في الجامعة الأحمدية من 1997 إلى 2002 بإندونيسيا، كان السيد ذو الفقار داعيةً ناجحا جدا ومجتهدا، حيثما عُين أنجز أعمال التربية والتواصل والتبليغ على خير ما يرام. كان المرحوم يتكلم مع الجميع بقول ليِّن، وكانت له علاقات صادقة مع الجميع، وكان دوما يلقى الناس بوجه طلق، لم يكن يطلب أي شيء قط، بل كان دوما ينصح بالدعاء.رغم مرضه إلا أنه كان يقول دائما: صحيح أني مريض، لكنني أتمنى أن أبقى دوما مشغولا في خدمة الجماعة. وكان يقول: لقد وفَّقني الله I للاعتمار ببيت الله وتسنَّى لي اللقاء مع خليفة الوقت، وبقيتْ عندي أمنية عارمة في زيارة قاديان. فحقق الله I بفضله هذه الأمنية أيضا، وتشرف بزيارة قاديان.
رغم مرضه إلا أنه كان يقول دائما: صحيح أني مريض، لكنني أتمنى أن أبقى دوما مشغولا في خدمة الجماعة. وكان يقول: لقد وفَّقني الله I للاعتمار ببيت الله وتسنَّى لي اللقاء مع خليفة الوقت، وبقيتْ عندي أمنية عارمة في زيارة قاديان. فحقق الله I بفضله هذه الأمنية أيضا، وتشرف بزيارة قاديان.
كان كثير التواضع، وكان يملك إرادة قوية. كان المرحوم يملك كفاءة خاصة لإنجاز أعمال التبليغ. رفع الله درجاته، لقد وفا عهد بيعته وعهد وقْفه بوجه حسن، رفع الله درجاته وحفظ زوجته وأولاده وتكفّلهم جميعا.
- والمرحوم الثاني هو الدكتور بير محمد نقي الدين من إسلام آباد باكستان، والذي توفي في 18 نيسان/أبريل. إنا لله وإنا إليه راجعون. قبل وفاته بعشرة أيام تقريبًا أُصيب بفيروس الكورونا المتفشي، وظهرت علاماته فدخل المستشفى، وبدأ يتحسن في البداية ولكن بعد ذلك ساءت حالته في 18 نيسان فنُقل إلى العناية المشددة حيث انتقل إلى رحمة الله تعالى في المساء تقريبا. وترك زوجته وابنا واحدا وأربع بنات. وجميعهم متزوجون ويعيشون في بيوتهم. كان أبوه وأمه كلاهما من أولاد أصحاب المسيح الموعود u. وتصل شجرة نسبه إلى الصوفي أحمد جان t. وكانت أم الدكتور المرحوم حفيدة حكيم محمد حسين صاحب الوصفة “مرهم عيسى”.
كان يخدم بصفته قاضيا في جماعة إسلام آباد منذ اثنيْ عشر عاماً، وكان يحكم في القضايا وفق القرآن والسنة وهذا الذي كان يطمئنُّ به الفريقان. كان المرحوم خلوقا للغاية واجتماعيا ومحبا وعطوفا ومواسيا للفقراء ومحبوبا لدى الجميع. وكان يلاقي الجميع بوجه طليق، ولكونه طبيبا كان متميزا في خدمة خلق الله ليل نهار. كان يستقبل المرضى الفقراء من الجماعة في عيادته كل حين، وفي أكثر الأحيان كان يعالج بالمجان. كان لا يستقبل الأحمديين فقط كل حين بل الآخرين أيضا برحابة الصدر. وكان إنسانا نافعًا للناس. كانت دائرة أحبابه واسعة جدا وكان فيها عدد كبير من غير الأحمديين. وكان الله تعالى قد رزقه قوة البيان، فلم يكن يفوّت أي فرصة لتبليغ رسالة الجماعة لأصدقائه غير الأحمديين. وكان يبشر في هذه الظروف أيضا بفضل الله تعالى.
كان يحب التبليغ جدا وكان يقدم الأدلة من القرآن الكريم بأسلوب جيد أثناء التبليغ. وكان يدعو غير الأحمديين إلى بيته أثناء الجلسة السنوية ويقدم لهم طعاما جيدا ويُسمعهم برامج الجلسة وبذلك كانت تبدأ سلسلة التبليغ.
كان أبًا شفيقا وطيب القلب وكثير الدعاء. وكان شديد الحب للخلافة، لقد عود أولاده على الصلاة وتلاوة القرآن والصيام وأداء التبرعات في موعدها وإخراج الصدقات. كانت العبادات والقرآن والعلوم الدينية والأخلاقيات هي وحدها الأمور المحببة إليه. لقد منع بشدة من التقاليد السيئة في مناسبات الزواج.
ويقول ابن المرحوم السيد بير محيي الدين: رأيت في الرؤيا أن حضرة الخليفة الرابع يلقي الدرس في صالة بيتنا، وأنا جالس هنالك، فخاطبني وقال: إنه ليس مجرد بيت بل هي عتبة تنال منها الفيوض، فلا تترك هذه العتبة أبدًا. ثم خاطبني وقال: إن أباك ولي لله تعالى. ثم قال: تيقَّنْ أن أباك ولي لله تعالى.
كان يقول: إن لم تنشأ العلاقة الحية مع الله تعالى فلا يمكن أداء حق بيعة المسيح الموعود u لأن الهدف الوحيد من بعثته كان خلق علاقة حية بالله I.
- ثم ذكر حضرته المرحوم السيد غلام مصطفى، وكان يعمل متطوعا في مكتب السكرتير الخاص منذ كان المكتب في لندن، وقد توفّي في 25 أبريل/نيسان عن عمر يناهز 69 عاما، إنا لله وإنا إليه راجعون. لقد بايع المرحوم في عهد الخليفة الثالث رحمه الله في عام 1983م. وحين انتقل إلى لندن في عام 1986م، عمل كواقف الحياة رغم أنه لم يكن وقفا، وبسبب البركة في التجارة وفقه الله للإنفاق على الفقراء والجماعة أيضا. كان المرحوم منخرطا في نظام الوصية، وترك وراءه أرملة وابنتين وابنا.
تقول أرملته السيدة محمودة مطصفى: كل خطوة خطاها المرحوم كانت لوجه الله تعالى. وكان متحليا بصفات حميدة كثيرة، فكان زوجا مخلصا وأبا حنونا وأخا وصديقا مخلصا. كان يهتم بعلاقات القرابة على أحسن وجه. كان بعيد النظر، يساعد الجميع ويقوم بخدمات عفيفة، وكان شجاعا وغير هياب. كان شخصا فانيا في الخلافة. كان يقول: عندما بايعت في باكستان قطعتُ على نفسي عهدا أنني سأعيش قرب الخليفة دوما. عندئذ لم تكن لديه وسائل كافية، ولكنه وفّى بفضل الله تعالى بما عاهد إذ قد هيأ الله له الأسباب أيضا. كانت لديه رغبة عارمة لتقديم التضحيات المالية.
ثم تقول ابنة المرحوم: كان محور حياة والدي هو حب الله تعالى وحب الخلافة التي أقامها الله تعالى. كان كامل التوكل على الله تعالى، كان كثيرا ما يخبرنا أنه دعا بكذا وكذا بمناسبة كذا وقد استُجيب له فيما دعا.
يقول ابنه السيد سَرْفراز محمود: كلما حانت الصلاة كان والدي يترك المشاغل كلها ويؤدي الصلاة فورا.
كان مضيافا وكان بيته دائما عامرا بضيوف الجلسة. وكان يحث أولاده على التبرعات. كان المرحوم يتحلى بأوصاف عالية، كان شجاعًا، سباقًا في كسب الحسنات، مهتمًّا بالفقراء ومضيافا وفياضا في أداء التبرعات.
لقد وفق لأداء العمرة مرات عديدة ثم وفقه الله تعالى لأداء فريضة الحج. كان يكن حبًّا كبيرًا لقاديان ولأجل ذلك كان كثيرا ما يزورها. كانت لديه رغبة في أن يكون له بيت في مركز الجماعة، فعمّر بيتًا في قاديان ثم قدّمه للجماعة.
ثم ختم حضرته: رفع الله تعالى درجات جميع المرحومين، وعاملهم الله تعالى بلطف أكثر من وفائهم مع دين الله تعالى ومن سعيهم لتحقيق عهود بيعتهم. إنهم من الشهداء كما قال المسيح الموعود u. حفظ الله تعالى أولادهم ورعاهم، ووفقهم للعمل بحسناتهم والاستمرار فيها. ندعو الله تعالى أن يكون هؤلاء ممن ينشئون علاقة وطيدة مع الله تعالى ويرتبطون بالجماعة والخلافة بعلاقة الوفاء دومًا، وأن يستجيب الله تعالى في حقهم دومًا تلك الأدعية التي كان آباؤهم يدعون بها لهم. آمين.