ملخص خطبة الجمعة 13/3/2020
تناول حضرته في هذه الخطبة سيرة الصحابي طلحة بن عبيد الله t. وهو من بني تميم بن مرة، واسم أبيه عبيد الله بن عثمان وأمه الصعبة بنت عبد الله أسلمت قبل الهجرة وهي من الصحابيات. خاله الصحابي العلاء بن الحضرمي t. ولّى النبي r العلاء على البحرين فظل والي البحرين حتى وفاته.
كان طلحة يُكنى بأبي محمد ويصل نسبُه إلى النبي في الجيل السابع عند مُرّة بن كعب، وإلى أبي بكر في الجيل الرابع.
لم يشهد طلحة غزوة بدر ، حيث كان النبي r قد أرسله في مهمة استطلاعية. ولكن ضرب له النبي r سهمه في الغنائم فكان كمَنْ شَهِدَها. شهد طلحة أُحدا والمشاهد الأخرى ويوم صلح الحديبية.
كان أحد العشرة الذين كان النبي r بشّرهم بالجنة في حياتهم، وأحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وأحد الخمسة الذين أسلموا بتبليغ أبي بكر t وأحد الستة أصحاب الشورى الذين اختارهم عمر بن الخطاب. وكانوا من الذين كان النبي r راضيا عنهم عند وفاته.
قال طلحة بن عبيد الله: حضرت سوق بصرى. فإذا راهب في صومعته يقول: سلوا أهل الموسم: أفيهم رجل من أهل الحرم؟ قال طلحة: قلت: نعم أنا. فقال: هل ظهر أحمد بعد؟ قلتُ: ومن أحمد؟ قال: ابن عبد الله بن عبد المطلب، هذا شَهرُه الذى يخرج فيه، وهو خاتم الأنبياء، مخرجه من الحرم، ومهاجره إلى نخل وحرة وسباخ، فإياك أن تُسبق إليه.) قال طلحة: فوقع في قلبى ما قال، فخرجتُ سريعا حتى قدمتُ مكةَ، فقلت: هل كان من حديث؟ قالوا: نعم، محمد بن عبد الله الأمين قد تنبأ، وقد اتّبعه أبو بكر ابن أبى قحافة. قال: فخرجتُ حتى قدمت على أبى بكر، فقلت: اتّبعتَ هذا الرجلَ؟ قال: نعم، فانطلقْ إليه فادخلْ عليه فاتّبعْه، فإنه يدعو إلى الحق. فأخبرَه طلحة بما قال الراهب. فخرج أبو بكر بطلحة، فدخل به على رسول الله r فأسلم طلحةُ، وأخبر رسولَ الله r بما قال الراهب، فسُرَّ بذلك.
وورد في أحد كتب التاريخ ” الطبقات الكبرى”: حين أسلم طلحة قام نوفل بن خويلد بن العدوية بشدّه في حبل واحد مع أبي بكر، فلذلك كان يقال لهما القرينان.
وروى عبد الله بن سعد عن أبيه قال: لما ارتحل رسول الله r من الخرار في هجرته إلى المدينة، فكان الغد لقيه طلحة بن عبيد الله جائيًا من الشام في عيرٍ، فكسا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر من ثياب الشام وأخبر رسولَ اللهِ r أن أهل المدينة ينتظرونه بفارغ الصبر. فعجّل رسولُ الله r السيرَ، ومضى طلحةُ إلى مكة حتى فرغ من حاجته، ثم خرج بعد ذلك مع آل أبي بكر إلى المدينة.
ولما أسلم طلحة والزبير آخي النبي r بينهما، وذلك في مكة قبل الهجرة. ثم لما هاجر المسلمون إلى المدينة آخى النبي r بين طلحة وأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنهما. وفي رواية أنه r آخي بينه وبين أبي بن كعب رضي الله عنهما.
ولما هاجر طلحة إلى المدينة نزل عند أسعد بن زرارة.
في غزوة بني قرد مرّ النبي r بماء، فسأله عنها، فقيل له إنها تسمى بيسان وماؤها مالح. فقال النبي r لا اسمها النعمان، وماؤها عذب وطهور. فاشتراه طلحة بن عبيد الله ووقفها للمسلمين، وصار ماؤها عذبًا. ولما أتى طلحة النبي r وأخبره بما فعل قال: أنت طلحة الفيّاض.
وعن موسى بن طلحة، عن أبيه طلحة، قال: سماني رسول الله r يوم أحد طلحة الخير، ويوم العسرة طلحة الفيّاض، ويوم حنين طلحة الجود.
شهد طلحة t يوم أحد مع النبي r وكان من الذين ثبتوا معه وبايعوه على الموت. وحين رأى طلحة أن العدو يمطر وابلاً من السهام إلى النبي r وكلها موجّهة إلى وجهه المبارك، وضع يده أمام وجه رسول الله r. كان سهمٌ بعد سهمٍ يصيب يد طلحة، ولكنه لم يحرك يده. حتى شُلت يده تماما من شدة الجروح وبقيت له يد واحدة.
عن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: كان على رسول الله r يوم أحد درعان، فذهب لينهض على صخرة فلم يستطع بسبب ثقل الدرعين والنـزف نتيجة جرح الرأس والوجه، فبرك طلحة بن عبيد الله تحته وصعد رسول الله r على ظهره حتى صعد على الصخرة؛ قال الزبير: فسمعت رسول الله r يقول: “أوجب طلحة”، أي الجنة.
وفي رواية أخرى ما مفاده: كان في إحدى رِجلَي طلحة عرجٌ وبناء على ذلك ما كان قادرا على المشي جيدا، ولما حمل رسولَ الله r سعى جاهدا أن يعدِّل مِشيته وقدمَيه حتى لا يتأذى رسول الله r بسبب عرجه، وبعد ذلك زال عرجه للأبد.
يتحدث سعيد بن جبير فيقول: عن مقام أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف وسعيد بن زيد، كانوا أمام رسول الله ﷺ في القتال ووراءه في الصلاة.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: مَن سرَّهُ أن ينظرَ إلى شهيدٍ يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحةَ بن عُبَيْدِ اللَّه.
وعن موسى وعيسى ابنيْ طلحة عن أبيهما طلحة بن عبيد الله رضي الله عنهم: أن أعرابيا أتى النبيّ ﷺ، فسأله: من الذين قضوا نحبهم؟ فأعرض عنه، ثم سأله، فأعرض عنه، ثم سأله ثالثًا، فلم يجبه أيضا. ثم دخلت (أي طلحة) من باب المسجد وعليّ ثوبان أخضران، فقال: أين السائل عمن قضى نحبه؟ قال الأعرابي: أنا يا رسول الله. قال مشيرًا إليّ: هذا ممن قضى نحبه.
عن أسلم مولى عمر أن عمر رأى على طلحة بن عبيد الله ثوبين مصبوغين بمشق وهو محرم، فقال: ما بال هذين الثوبين يا طلحة؟ (أي لماذا صبغت الثياب؟) فقال: يا أمير المؤمنين إنما صبغناه بمدر، قال عمر: إنكم أيها الرهط من الصحابة أئمة يقتدي بكم الناس، ولو أن جاهلا رأى عليك ثوبيك هذين لقال قد كان طلحة يلبس الثياب المصبغة وهو محرم.
عن الحسن، أن طلحة بن عبيد الله باع أرضاً له من عثمان بن عفان بسبعمائة ألف، فحملها إليه، فلما جاء بها، قال: إن رجلا يبيت وهذه في بيته لا يدري ما يطرقه من أمر الله لَعزيزٌ بالله (أي لا ضمان للحياة)، فبات ورسله تختلف بها في سكك المدينة (ليعطوها ذوي الحاجة) حتى أسحر وما عنده منها درهم.
وعن ابن جرير أنه كان لعثمان على طلحة خمسون ألف درهم فخرج عثمان يوماً إلى المسجد، فقال له طلحة: قد تهيأ لك مالك فاقبضه، قال: هو لك يا أبا محمد معونة لك على مروءتك.
استُشهد طلحة رضي الله عنه يوم الجمل في العاشر من جمادى الثانية سنة ست وثلاثين وهو ابن أربع وستين سنة. وقيل: هو ابن اثنتين وستين سنة.
كان يغل طلحة دخل كبير من أراضيه، ولم يكن فقيرٌ من بني تيم لم يساعده وعائلتَه وأنكح أراملهم وساعد من كان يعاني منهم ضائقة مالية، وقضى ديونهم. وكان عندما يأتيه الدخل كل سنة يرسل إلى عائشة كل سنة بعشرة آلاف درهم.
توقف حضرته عند هذا الحد على أن يتابع الحديث عن هذا الصحابي الجليل في الخطبة المقبلة.
ثم ذكر حضرته بضرورة اتخاد التدابير الوقائية لوباء الكورونا وعدم القدوم إلى لمسجد أو الأماكن العامة في حالة ارتفاع حرارة الشخص أو احساسه بالألم في جسمه. وأكد على أهمية الدعاء لله I كثيرا أن ينقذ العالم من الآفات.