ملخص خطبة الجمعة 18/10/2019م
في ألمانيا
يتابع حضرته بعد انقطاع بسبب جولته في بلدان مختلفة ذكر الصحابة البدريين ويبدأ باستكمال سيرة خبيب بن عدي t، وقد سرد من وقائع سيرته أنه تمنّى من الله تعالى عند شهادته أن يبلّغ سلامه إلى النبي r. فقبِل الله دعاءه وبلّغَ سلامه إلى النبي r. وردّ النبي r على سلامه وهو في مجلس وأخبر الصحابة أن خبيب بن عدي قد استُشهد.
وكان خبيب قد ليقتل في نهاية الأشهر الحرم، ثم بعد انقضاء الأشهر الحرم علق على خشبة وقتل، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن أمية لينزله عن الخشبة فَرَمَى عمر بن أمية بِالْخَشَبَةِ فِي الْجُرْفِ، فَغَيّبَهُ اللّهُ عَنْهُمْ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ. أي كان الكفار يريدون المساس بجثته فلم يقدروا وحماها الله من شرهم.
ويقول العلامة ابن الأثير الجذري أن خبيبا t أول صحابي صلب في سبيل الله أي حفر أولا ونصبت فيه خشبة ورُبط بها واستُشهد.
الصحابي التالي هو حضرة عبد الله بن عبد الله بن أُبي بن سلول t، فكان من بني عوف من قبيلة الخزرج الأنصارية، وكان ابنَ رئيس المنافقين عبدِ الله بن أُبي بن سلول، وكان صحابيا مخلصا جدا وفدائيا للنبي r. وكان من الصحابة الكبار. شهد مع النبي r بدرا وأحدا والمشاهد كلها. وكان يعرف القراءة والكتابة، وروت عائشة رضي الله عنها روايات عن عبد الله t، وكان ممن حظوا بشرف كتابة الوحي.
وفي رواية أخرى أنه أصيب سِنَّان من أسنانه يوم أحد فأمره النبي r أن يتخذ سنَّين من ذهب.
كان أبو سفيان تحدّى المسلمين يوم أحد قائلا: موعدنا معكم بدر في العام المقبل. ورد في سيرة خاتم النبي r هذا الحدث، فمخلص ما أخرجه حضرة مرزا بشير أحمد من التواريخ المختلفة هو أنه
لما أراد أبو سفيان أن ينصرف يوم أحد تحدى المسلمين فقال: موعدٌ بيننا وبينكم بدر الصفراء رأس الحول، نلتقي فيه فنقتتل. وقبِل النبي r هذا التحدي، لذا في العام الرابع للهجرة في شهر شوال خرج النبي r من المدينة مع جماعة من ألف وخمسمئة صحابي، واستخلف في المدينة عبد الله بن عبد الله بن أبي. إلا أن أبا سفيان قال: هذا عام جدب، والناس في مشكلة ولا يصلح فيه القتال، وسوف نهاجم المدينة بعدة وعتاد أكثر في عام خصب غيداق. أقام جيش المسلمين في بدر ثمانية أيامٍ والسوق قائمة. فربحوا بالتجارة فيها. فعاد النبي r من بدر ووصل المدينة، وعاد قريش إلى مكة وبدؤوا يستعدون للغزو على المدينة. استُشهد عبد الله t في عهد أبي بكر t يوم يمامة في 12 للهجرة.
ثم ذكر حضرته حديثا طويلا ورد في صحيح البخاري عن أبي عبد الله t عبد الله بن أبي بن سلول، يظهر مدى الأذى الذي تعرض له المسلمون على يد اليهود والمشركين في المدينة وصبر النبي صلى الله عليه وسلم عليهم وعفوه عنه حسب قول اللَّهُ تَعَالَى: وقال تعالى: ]وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[ (البقرة 110)
فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يَتَأَوَّلُ فِي الْعَفْوِ عَنْهُمْ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِه،ِ حَتَّى أَذِنَ لَهُ فِيهِمْ، فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ r بَدْرًا فَقَتَلَ اللَّهُ بِهَا مَنْ قَتَلَ مِنْ صَنَادِيدِ الْكُفَّارِ وَسَادَةِ قُرَيْشٍ…قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ فَبَايِعُوا رَسُولَ اللَّهِ r عَلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمُوا.
وكان إسلامهم مبنيًا على رؤيتهم لانتصار المسلمين في بدر فأخذهم الخوف فأسلموا.
لقد فصّل مرزا بشير أحمد في دور عبد الله بن أبي بن سلول في غزوة أحد: فقد جمع النبي r المسلمين عند غزوة أحد واستشارهم حول الهجمة المتوقعة من قريش (أيخرج إليهم أم يمكث بالمدينة)؟ وكان من بينهم عبد الله بن أبي بن سلول الذي كان في الحقيقة منافقا إلا أنه أسلم في الظاهر بعد بدر، فاشار عليه بعض صحابته الكبار أنه من الأنسب الدفاع بالمقام في المدينة، وهذا كان رأي عبد الله بن أبي بن سلول رئيس المنافقين، واستحسن النبي r هذا الرأي وقال الرأي هو المكوث فِي الْمَدِينَةِ ومواجهة المهاجمين.
ولكن أكثر الصحابة ولا سيما الشباب منهم الذين ما شهدوا بدرًا أرادوا الخروج ليستشهدوا ويخدموا الدين، فأصروا كثيرا على الخروج من المدينة ومواجهة الكفار في الساحة. ونظرًا إلى رأيهم وإصرارهم وحماسهم قبِل النبي r رأيهم وقرر مواجهة الكفار في الميدان خارج المدينة.
وحين وصلوا إلى سفح جبل أحد. غدر رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول بالمسلمين وانفصل مع ثلاث مئة من زملائه عن الجيش المسلم ورجع إلى المدينة قائلا لم يأخذ محمد (صلى الله عليه وسلم) برأيي وخرج من المدينة آخذا برأي الشبان الأغرار، لذا فلن أحارب معه العدو.
توقف حضرته هنا ليتابع التفاصيل في الخطبة القادمة إن شاء الله.
ثم نعى حضرته وفاة السيد خواجة رشيد الدين قمر ابن مولانا قمر الدين المرحوم، حيث قد وافاه الأجل في 10 أكتوبر عن عمر يناهز 86 عاما إثر مرض دام فترة، إنا لله وإنا إليه راجعون. وُلد المرحوم في قاديان في عام 1933. ليصلى عليه صلاة الجنازة غائب بعد صلاة الجمعة.
كان حضرة الخواجة المرحوم من نسل صحابة محبين مخلصين للمسيح الموعود عليه السلام.
كان المرحوم كبير الصلاح، مواظبًا على صلاة التهجد، مداومًا على أداء الصلوات جماعةً، ملتزمًا بدفع التبرعات، كثير الصدقات، دمث الأخلاق، مساعدا للفقراء، شفيقًا بالأطفال، كبير الاحترام للكبار والصغار، كثير الدعوات، ومنخرطًا في نظام الوصية بفضل الله تعالى.
تغمده الله بمغفرته ورحمته، وأسكنه عند قدمي أحبته، ووفق أولاده ونسله للحفاظ على حسناته، آمين.