ملخص خطبة الجمعة 21/2/2020
أفرد حضرته هذه الخطبة للحديث عن يوم المصلح الموعود وبين أننا نحتفل بهذا اليوم بمناسبة تحقق نبوءة عظيمة تنبأ بها المسيح الموعود u في يوم العشرين من فبراير بإلهام من الله تعالى لإثبات علو كعب الإسلام وصدقه.
ونص النبوءة كما يلي:
“إني أُنعمُ عليك بآية رحمةٍ حسْبَ ما سألتَني، فسمعتُ تضرعاتِك، وقد شرّفتُ أدعيتَك بالقبول بخالص رحمتي، وباركتُ رحلتَك هذه التي قمتَ بها إلى مدينة هوشياربور ولدهيانه. آيةُ قدرةٍ ورحمةٍ وقربٍ ستوهَب لك. آيةُ فضلٍ وإحسانٍ ستُمنَح لك. ومفتاحُ فتحٍ وظَفَرٍ سيُعطى لك. السلام عليك أيها المظفَّر. هكذا قال الله لكي ينجو مِن براثن الموت مَن يبتغون الحياة، ويُبعَث مَن دُفن في القبور، وحتى يتجلَّى شرفُ الإسلام وعَظَمةُ كلام الله، وليأتي الحق بكل بركاته، ويزهقَ الباطلُ بكل نحوسته، وليدركَ الناسُ أنِّي أنا القادر .. أفعلُ ما أريد، وليوقنوا أني معك، وليرى آيةً بيّنة مَن لا يؤمنون بالله .. وينظرون إلى الله تعالى ودينه وكتابه ورسوله الطاهر محمد المصطفى – صلى الله عليه وسلم – نظرةَ رفضٍ وتكذيب، ولتستبينَ سبيلُ المجرمين.
فبشرى لك .. فإنّ صَبيّاً وجيهاً طاهراً سوف يُوهب لك. وسيُعطى لك غلامٌ زكيٌّ يكون مِن صُلبك ومِن ذريتِك ونسلِك. غلامٌ جميلٌ وطاهرٌ سوف يأتي ضيفاً عليك، اسمهُ عَمانوايل وبشير. لقد أوتيَ روحاً مُقدّسة، وهو نقيٌّ مِن كل دنسٍ ورجسٍ. هو نورُ الله. مباركٌ الذي يأتي من السماء. سيصحَبه الفضلُ الذي ينزلُ بنزوله. إنه ذو شوكة وعظمةٍ وثروة. سيأتي في الدنيا، ويشفي الكثيرين من أمراضهم بنَفَسِه المسيحيّ وببركةِ روح القدس، فإنه كلمةُ الله، لأن رحمةَ الله وغيرتَه قد أرسلتْهُ بكلماتها التمجيدية. وسيكون ذكياً بشكل خارق وفهيماً وحليمَ القلب. سوف يُملأ بالعلوم ظاهرةً وباطنةً. سوف يجعل الثلاثةَ أربعةً (هنا كتب حضرته u: لم يتضح لي معنى هذه الجملة). إنه يوم الاثنين .. فبوركَ يومُ الاثنين. ولدٌ صالحٌ كريمٌ ذكيٌّ مبارَك، مَظهَرُ الأولِ والآخِرِ، مَظهَرُ الحق والعَلاء، كأن اللهَ نزل من السماء. ظهورُه مباركٌ جدا، وبظهوره ينكشف جلالُ رب العالمين. يأتيك نورٌ مسَحه الله بطيبِ رضوانه. سوف نَنفُخ فيه روحَنا. سوف يُظِلُّه اللهُ بظله. سوف ينمو سريعا ويكون وسيلة لفك رقاب الأسارى. يَذيع صيتُه إلى أقصى الأرضين وستتبارك به أقوام. وحينئذ سوف يرتفع إلى نقطته النفسية .. أيْ السماء، وكان أمراً مقضياً.”
وقدتلقى هذا الوحي استجابة لأدعيته التي دعى u بها بالاعتكاف.
إذ قد كتب المسيح الموعود u: في العصر الراهن يصدُر الاعتراض على أن الإسلام لا يقدر على إظهار آية، فكان البانديت ليكهرام يعترض أنه إذا كان الإسلام صادقا فليُظهر آية، كما كان “إندرمن” هو الآخر يعترض أنه إذا كان الإسلام على حق فليُظهر آية. فتضرَّع المسيح الموعود u إلى الله قائلا: يا إلهي أَظهِر آية تُقنع هؤلاء المعترضين مثل إندرمن وغيره بصدق الإسلام.
وقد ادعى الأعداء أنه يولد عند الناس أبناء عادة ولا تحسب ولادتهم آية خارقة. فإذا وُلد عندك ولدٌ فلا يَثبت من ذلك أنه بولادته قد ظهرت آيةٌ خاصة في العالم؟ فنشر u ردا على اعتراضات الناس إعلانا في الثاني والعشرين من مارس قال فيه بأنها ليست نبوءة فقط، بل هي آية سماوية عظيمة أيضا، أظهرها الله جلّ شأنُه لإثبات صدق نبينا الكريم الرؤوف الرحيم محمد المصطفى r وعظمته.
ثم في الإعلانِ نفسِه كتب سيدُنا المسيحُ الموعود u أن الله تعالى بفضله وإحسانه وببركة سيدنا خاتم الأنبياء r قد وعد استجابةً لدعائي أنا العبد الفقير بإرسال روح مباركة تنتشر بركاتها الظاهرية والباطنية في الأرض كلها.
إذن كان من الضروري أن تظهر هذه الآية في حياة المسيح الموعود u وحياةِ الذين كانوا يعترضون على الإسلام، وطلبوا آية، فظهرتْ. ويؤكد ذلك أهداف النبوءة:
- قد جاء في هذه النبوءة “ينجو مِن براثن الموت مَن يبتغون الحياة، ويُبعَث مَن دُفن في القبور” ففي تحققها إثباتٌ قويٌ مشهودٌ للذين ينكرون كرامة النبي r أن الله ما زال يُظهر آياتٍ تأييدا للإسلام والرسول الكريم r.
- وجاء فيها “حتى يتجلى شرفُ الإسلام وعَظَمةُ كلام الله.” فالمعنى الواضح لهذه الفقرة أن شرف دين الإسلام كان غيرَ ظاهرٍ للناس في ذلك العصر، وكذلك لم تظهر لهم عظمة كلام الله.
- ثالثا قال t لقد أُنبئ بهذه النبوءة لكي يأتي الحقُّ بكل بركاته، ويزهقَ الباطلُ بكل نحوسته، ومعناه أيضا واضحٌ أن الحق ضعيف اليومَ والباطلُ قويّ، ويريد الله تعالى أن يُظهر آيةً تقيم الحجة عقلا وعلما على أعداء الإسلام، ويُضطرّون للاعتراف بأن الإسلام حق وجميع الأديان التي وقفت مقابله باطلة.
- الغاية الرابعة لهذه النبوءة هي أن يدرك الناس أنني قادر وأفعلُ ما أريد، لذا يجب أن تُظهر آية أمامنا وتُثبت أن إله الإسلام قادر، فهذه الآية كان لا بد لها أن تتحق في حياة حضرته u.
- والغاية الخامسة لهذه النبوءة هي أن يوقنوا أني معك أي أن الله تعالى مع المسيح الموعود u، فإذا كانت هذه النبوءة سوف تتحقق بعد أربعمئة سنة فكيف كان للناس أن يوقنوا بأن الله مع المسيح الموعود u.
- الغاية السادسة لهذه النبوءة هي أن يرى آيةً بيّنةً مَن لا يؤمنون بالله، وينظرون إلى الله تعالى ودينه وكتابه ورسوله الطاهر محمد المصطفى r نظرةَ رفض وتكذيب. ..سينالون آيةً بينةً على صدق الإسلام، ولكن بعد أربعمئة سنة حين لن يبقى حيًّا أحدٌ من أولئك الناس، لا هُمْ ولا أولادهم ولا أولاد أولادهم. هذا أيضا غير مقبولٍ عقلاً.
- والغاية السابعة لهذه النبوءة هي أن تستبينَ سبيلُ المجرمين ويظهر أنهم كاذبون. كيف كان الناس في ذلك الزمن يستطيعون أن يعرفوا بسبب شخص سيأتي بعد أربعمئة سنة أن المجرمين يكذبون.
لذا كانت هذه النبوءة متعلقة بأحد من أولاده، وكما يتبين من كلمات النبوءة أنه سيكون “من صلبك وذريتك ونسلك” ولن يكون من نسلٍ بعده. فكانت هذه النبوءة عن ابنه حيثُ تحققت بكل جلاء، وظهر عهدُ خلافةِ المصلح الموعود t كآية أشرقت على الدنيا على مدى اثنتين وخمسين عاماً، واعترف الآخرون أيضا بإنجازاته العلمية والمعرفية.
وكان الناس يعترضون عليه أنه لم يعلن ذلك، فأعلن في 1944 قائلا: أقول حلفا بالله بأني أنا مصداق النبوءة عن المصلح الموعود، وقد جعلني الله محطَّ النبوءات التي أنبأ بها المسيح الموعود – عليه السلام – عن الموعود المقبل.
إن الله تعالى بواسطة هذه النبوءة قدم للناس حجّة حيّة على صدق الإسلام والنبي الكريم r.
قال حضرته t مزيدا عن نفسه:
- كانت صحتي في الصغر سيئة، فالإنسان الذي لم تكن صحته جيدة ليوم واحد أبقاه الله تعالى حيا، وذلك لكي يحقق به نبوءته ويهيء للناس دليلاً ثابتاً لصدق الإسلام والأحمدية.
- ثم لم يكن ذلك الإنسان يملك أيا من العلوم الظاهرية ولكن الله تعالى بفضله أرسل الملائكة لتعليمي وعلّمني معاني القرآن الكريم التي لم تكن لتخطر ببال أي إنسان،
- لقد أقامني الله تعالى لكي أنشر اسم محمد رسول الله r واسم القرآن الكريم في أقصى أطراف الأرض، وأهزم جميع الأديان الباطلة إزاء الإسلام هزيمة أبدية.
- إنكم إذا أردتم الرقي والتقدم وإن كنتم تدركون واجباتكم حق الإدراك فعليكم أن تتقدموا بسرعة في كل خطوة معي جنبًا لجنب، لكي ننصب راية محمد رسول الله r في قلب الكفر، ونمحو الباطل من العالم للأبد، وهكذا سيكون إن شاء الله. السماء والأرض يمكن أن تزولا، ولكن كلمات الله تعالى لن تزول أبدًا.
وفقنا الله تعالى لأن نكون من الذين يقومون بالعمل، ولا نكون من الذين يكتفون بعقد اجتماعٍ يوم المصلح الموعود، وأن ننشر رسالة الإسلام في العالم، ولا نكتفي بمجرد مظاهر الاحتفال بيوم المصلح الموعود فقط، وأن ننجز حقًا المهمة التي من أجلها بعث الله تعالى سيدنا المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام، والتي قد أدلى من أجلها بنبوءات كثيرة جداً، ومنها النبوءة عن المصلح الموعود.
ثم ذكر حضرته جانبا واحدا فقط من إنجازات حضرة المصلح الموعود رضي الله عنه حيث ورد في كلمات النبوءة أنه سيكون ممتلئًا بالعلوم الظاهرة والباطنة.
- إن كتب ومحاضرات وخُطب حضرة المصلح الموعود رضي الله عنه تطبع في مجموعة بعنوان “أنوار العلوم”. وهي تحتوي على ستمئة وسبعين كتابا أو محاضرة أو خطابا.
- كما طبعتْ حتى اليوم تسعة وثلاثين مجلدا من سلسلة خُطب المصلح الموعود t، بعنوان “خطبات محمود”،
- ثم هنالك التفسير الصغير للقرآن الكريم في 1071 صفحة.
- ثم التفسير الكبير للقرآن الكريم الذي طبع في عشرة مجلدات، وهي 5907 صفحة.
- وهناك تفسير لحضرة المصلح الموعود t من دروسه القرآنية وهذا التفسير يغطي 3094 صفحة.
- وقد أمرتُ خلية البحث أن يجمعوا من كتابات وأقوال تفسير المصلح الموعود t للقرآن الكريم، فقاموا بجمع ما يساوي 9 آلاف صفحة حتى الآن، والعمل جار على هذا المشروع.
- هذه لمحة موجزة عن جانب من إنجازات المصلح الموعود t.
يقول حضرة الخليفة الثالث رحمه الله: لقد قيل عن حضرته t في النبوءة أنه سيُملأ بعلوم ظاهرةً وباطنة، فلو ألقينا نظرة على أعماله العلمية لوجدنا فيها علوما ظاهرة وعلوما باطنة أيضا. والعجيب في الأمر أنه كلما ألّف حضرته t كتابًا أو كتيبًا قال كل مَن قرأه بأنه لا يسع أحدًا الكتابة حول هذا الموضوع أفضل مما كتبه حضرته. ولما بدأ حضرته يبدي آراءه ومشوراته القيادية في مجال السياسة لم يسع كبار المعارضين أيضا إلا الاعتراف بجدارته وحنكته في هذه العلوم.
وأنهى حضرته الخطبة بدعاء:
أنزل الله تعالى على سيدنا المصلح الموعود t آلاف الرحمات ورفعَ درجاته باستمرار، ووفقنا أن نخلق في أنفسنا حرقةً مثلَ هذا الابن الموعود للمسيح الموعود u لنشر الإسلام، ونكونَ جاهزين دائما لخدمته ونكون من الذين يخدمون الإسلام، وألا نكون من الذين قال حضرته t في شطر من شعره عنهم ما تعريبه: يجب ألا تسوء سمعة هذه الجماعة في زمنكم. فندعو الله تعالى ألا نكون سببا لتشويه سمعة الجماعة، بل نظل نتقدم دائما في مجال خدمة الإسلام.
بعد صلاتَي الجمعة والعصر صلى حضرته صلاة الغائب على المرحومَين. الجنازة الأولى هي للسيدة مريم اليزابث التي كانت الزوجة الثانية للسيد مَلِك عُمر علي كهوكهر، أحد الوجهاء في مدينة مُلتان (في باكستان) والأمير الأسبق للجماعة هنالك. وقد توفيتْ على إثر حادث عن عمر يناهز 86 عاما، إنا لله وإنا إليه راجعون.
الجنازة الثانية هي للطفل العزيز جاهد فارس أحمد الذي توفي عن عمر يناهز 12 عاما، إنا لله وإنا إليه راجعون. كان المرحوم ابن السيد طارق نوري والسيدة عطية العزيز خديجة، وجدّه من ناحية الأمّ هو السيد فاروق أحمد خان وهو الحفيد الأكبر للسيدة نواب أمة الحفيظ بيغم. ندعو الله تعالى أن يرفع درجاته باستمرار، ويهب والدته وجدته الصبر والسلوان، آمين.