فيما يلي، ملخص لخطبة الجمعة التي القاها حضرة خليفة المسيح الخامس، ميرزا مسرور احمد ايده الله تعالى بنصره العزيز، بتاريخ 19/1/2018:

 

قبل يومين انتقل لرحمة الله أحد خدام الجماعة القدماء السيد مرزا خورشيد أحمد، إنا لله وإنا إليه راجعون. قد جعل الله له قرابة روحية ومادية مع المسيح الموعود عليه السلام.

من سنة الله أن من جاء للدنيا لا بد أن يغادرها يوما، فكل شيء فانٍ، ولا بقاء إلا لله تعالى. والسعيد مَن يجعل حياته نافعةً هادفة لتحقيق رضا الله، ويعرف أن قرابته المادية بالنبي أو الولي أو الصالح وحدها لا تكسبه هدف حياته ولا رضا الله تعالى، وإنما عمله سيجعله ينال رضا الله. قال النبي صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة (رضي الله عنها) “يا فاطمة أنقذي نفسك من النار، إني لا أملك لكم من الله شيئا”.

أعرف مرزا خورشد أحمد معرفة شخصية عميقة. وقد كتب لي الإخوة أيضا أنه كان يسعى لتحقيق الهدف من وقف حياته لخدمة الدين متواضعا بدون أي تفاخر بعائلته.

حضر المرحوم الجلسة السنوية المنصرمة هنا، وطلب مني الدعاء لحسن العاقبة ذاكرا لي قصة الرجل الصالح الذي كان يردد قبيل موته “ليس بعد، ليس بعد”، وبعد الوفاة رآه مريده في المنام، فسأله لماذا كنتَ تردد قبيل وفاتك “ليس بعد، ليس بعد”؟ قال: كان الشيطان حضرني وقت الوفاة، وقال لقد نجوتَ مني. فكنت أقول له “ليس بعد، ليس بعد”. أي أنني ما زلتُ حيًا وأنفاسي تتردد، ولن أُعَدَّ من الناجين إلا إذا نجوت منك حتى آخر نفَسي. فالذين يخافون الله يتصرفون هكذا حتى الموت. ذكر لي المرحوم هذه القصة طالبا مني الدعاء.

كان يدرك أهمية وقف حياته لخدمة الدين. توفي قبل يومين عن عمر 85 عامًا. كان ابن حفيد المسيح الموعود عليه السلام، فهو ابن ميرزا عزيز أحمد ابن سلطان أحمد ابن المسيح الموعود عليه السلام، وكان أبوه قد بايع قبل أبيه ميرزا سلطان أحمد.

ملأ المرحوم استمارةَ وقف الحياة وهو في سن الـ 12. نال درجة الماجستير بالإنجليزية، وفي عام 1956 بدأ يعمل أستاذًا في كلية تعليم الإسلام الأحمدية، ودرّس هناك 16 سنة. كان أستاذًا لي أيضا. كان يعدّ محاضراته جيدا. وكان مدرسًا قديرا، ولذلك كان يتمتع بشعبية كبيرة بين تلاميذه. في عام 1974 أيام الفتن ضد الجماعة كان معاونًا خاصا للخليفة الثالث رحمه الله. في 1973 عُين ناظرًا لدراويش قاديان، ثم الناظر الأعلى الإضافي. وبين 1988 و1991 عمل ناظرًا للأمور العامة. وفي خلافتي عيّنته الناظر الأعلى والأمير المحلي لربوة. لقد أدى هذه الخدمة على أحسن وجه. كما عمل عضوًا في دار الإفتاء ودار القضاء لـ 13 سنة. أكرمه الله بالحج عام 1973.

عقد قرانه الخليفةُ الثاني (رضي الله عنه) وقال هذا الشاب من عائلتنا، ووقف حياته في سبيل الله. لقد وفق الله مرزا عزيز أن يعلّم ابنه هذا تعليما عاليا، وهو يدرُس حاليًا الماجستير، وأريده أن يعمل أستاذا بعد ذلك في كليتنا وسيخدمنا بترجمة الكتب أيضًا.

للمرحوم 6 أبناء 4 منهم واقفون حياتهم لخدمة الدين. أحدهم يعمل في نظارة التعليم، وآخر يعمل نائبًا للمستشار القانوني.

يقول ابنه: كان يحب الخليفةَ الثاني رضي الله عنه كثيرًا. قبل سنوات أصيب بمرض القلب وهو خارج ربوة، فكان يدعو الله تعالى في السفر أن يعود لربوة لكي يُدفن في القرية التي عمرها الخليفة الثاني ودُفن فيها.

عندما مرض مرضه الأخير استيقظ ذات ليلة فزعا، وقال رأيت في الرؤيا أن الناس يطعنون في الخليفة الثاني ولا أحد يردّ على مطاعنهم. يبغض معارضو الجماعة الخليفةَ الثاني أكثر مما يبغضون المسيح الموعود عليه السلام إذ يرون أنه أقام نظاما محكما للجماعة ولولا هذا النظام القوي لقُضي عليها برأي المعارضون.

لا شك أنه رضي الله عنه قد أقام نظاما قويا للجماعة، لكن ليس صحيحًا أنه لو لا هذا النظام لقضي عليها. كلا، بل هي جماعة الله وهو الذي قد تولى رعايتها.

في عام 1974 كان المرحوم ضمن اللجنة التي أعانت الخليفة الثالث رحمه الله في الفتن المثارة ضد الجماعة، وكان يعمل ويبيت في قصر الخلافة معظم هذه الفترة مع أن بيته كان قريبا جدًا. وفي فتن عام 1984 كان عضوا في اللجنة المعاونة للخليفة الرابع رحمه الله. وعندما هاجر الخليفة الرابع رافقه من ربوة حتى كراتشي.

عندما حدثت مجزرة في مسجد الأحمديين بلاهور عام 2010 تولى المرحوم الأمور بكل شجاعة رغم مرضه، وكان يصلي على كل الشهداء بنفسه.

وكان شديد الحرص على مراعاة المراتب الروحية. يقول ابنه مرزا عديل أحمد: كنا نخطىء بعض الأحيان في التقارير التي نعدها في العجلة، وذات مرة نسينا كتابة صلى الله عليه وسلم عند اسم النبي، مع أننا كتبنا عليه السلام عند اسم المسيح الموعود. فلم يرض بذلك وقال عليكم مراعاة المراتب. كان محافظًا على الصلوات حتى في أيام مرضه الأخير. ولأنه كان الناظر الأعلى فكان قلقًا على أعمال الجماعة ويسأل عن قضاياها وهو في مرضه في المستشفى.

كان يشارك الناس في أفراحهم ويواسيهم في أتراحهم. رغم مرضه كان يحضر إلى مكتبه ويكمل مهامه. كان صارمًا في إدارة الأمور ولكنه لطيفا أيضا.

توفيت زوجته العام الماضي، فمرض هو، فدعوتُه للجلسة السنوية هنا، وكان مترددًا وخائفًا من السفر في أول الأمر، لكنه حضر وكان فرحًا وكان يقابلني كل مساء. نسأل الله أن يوفق أولاده لاقتفاء أثره وأن يزود الجماعة بالمخلصين والصالحين دومًا. سأصلي عليه جنازة الغائب بعد الصلاة. رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه،آمين.

About مجلس خدام الأحمدية الكبابير

View all posts by مجلس خدام الأحمدية الكبابير