المعترض ساخرا:
يقول المؤسس أن حديث “يا عيسى انتقل من مكان إلى مكان الخ” هو حديث شهير بلغ التواتر عند جميع الفرق ! هذا غير صحيح ! لم أسمع بهذا الحديث ألبتة ! فكيف يكون شهيراً ولم يسمع به أحد ! هل سمعتم به يا سنة يا شيعة يا معتزلة ؟ لا أحد سمع بهذا الحديث فكيف يكون شهيراً ؟ ثم إن هذا الحديث الذي لم يسمع به أحد يقول بأن الله سيزوجه ألفاً من الحور ويعطيه 400 عام ! أين كل هذا ؟ هذا تزييف وكذب !
الجواب:
الحديث الشهير أو المشهور في علم الحديث هو من أحاديث الآحاد وهو ما رواه ثلاثة فأكثر في كل طبقة ولم يبلغ التواتر، أي ما رواه ثلاثة فصاعداً ولم يصل إلى حد التواتر، وهذا هو المراد بالشهرة عند المحدثين وليس الشهرة أي اطِّلاع العامة، وسمي بذلك لوضوحه. والحديث المشهور منه الصحيح والحسن والضعيف حسب أحوال رواته، ويشمل المشهور في الحديث ما له إسنادان وما ليس له إلا إسناد واحد؛ بل يطلق على ما لا يوجد له إسناد أصلا، وهو ما لا أصل له.
- مثال المشهور على اصطلاح أهل الحديث وهو صحيح: “إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد..” (رواه الشيخان)
- ومثال المشهور وهو حسن: “طلب العلم فريضة على كل مسلم” (رواه أحمد والطبراني وغيرهما)
- ومثال المشهور وهو ضعيف: “الأذنان من الرأس” (رواه الحاكم)
حديث الشاهد
روي فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبَانِ بْنِ حِبَّانَ أَبِي الْحَسَنِ الْعُقَيْلِيِّ الْمِصْرِيِّ، حَدَّثَنَا هَانِئُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ، عَنْ شُفَيِّ بْنِ مَاتِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:“أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى عِيسَى ، أَنْ يَا عِيسَى انْتَقِلَ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ ، لِئَلَّا تُعْرَفَ فَتُؤْذَى ، فَوَعِزَّتِي وَجَلَالِي ، لَأُزَوِّجَنَّكَ أَلْفَ حَوْرَاءَ ، وَلَأُولِمَنَّ عَلَيْكَ أَرْبَعَمِائَةِ عَامٍ .” (أخرجه الخطيب البغدادي 3/332 وقال ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق: قال الخطيب: محمد بن الوليد العقيلي … حدَّثَ بها عن نعيم بن حماد وعن هانيء بن المتوكل وهشام بن عمار بن خالد. انتهى. رواه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 56/7088 أو 16/ 86-87. ورواه الذهبي في الميزان 4/291. وأورده ابن الجوزي في العلل المتناهية 1337/10. وذكره ابن كثير في البداية والنهاية: قصة عيسى بن مريم، فصل في مشي عيسى على الماء. وأورده السيوطي في الجامع الكبير. ورواه المتقي الهندي في كنز العمال 5955)
ومعنى الحديث أن الله تعالى أخبر عيسى عَلَيهِ السَلام أن ينتقل من مكان لآخر، وهذا يفيد التكرار وكثرة التنقل وهو ما قَصَدَهُ المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أنه كثرة السفر. أما تكملة الحديث حول الزواج بألف من الحور والأربعمئة سنة فقد يكون في الجنة وهو أمر غير مستبعد. وبما أن الحديث مروي عن أكثر من ثلاثة وهو مشهور عند المحدثين ولم يضّعف إلا لعلة هانيء بن المتوكل الذي كان يروي المناكير، وقد علل الألباني ذلك للتصوف فقط، وهذه ليست بعلة قادحة. وعلى ضعف الحديث فهو مشهور عند أهل التحقيق والمحدثين. فالحديث الشهير/المشهور لا يعني شهرته عند العوام كما يظن المعترض بل شهرته عند المحققين وأهل الحديث. وصَدَقَ المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام الذي وصف هذا الحديث بالمشهور عند جميع الفرق حيث أن كتب الحديث ككنز العمال وغيره معتمدة عند الفرق جميعاً شيعة وسنة متصوفة ومعتزلة وغيرهم. وهكذا علَّمنا المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام درساً في علم الحديث رغم ان هذا العلم لا يلزمه فهو نبي عَلَيهِ السَلام.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ