المعترض:
انضمّ الأحمديون إلى هذه الجماعة لظنّهم أنّ مؤسسها هو المسيح المهدي الذي سيملأ الأرض عدلا وسيدافع عن الإسلام ويفنّد كل شبهة.
هل يخطر ببال أحد أن يقول شخص عن دليله الوحيد أنه 300 دليل؟ أو عن أجزاء كتابه الثلاثة أنها 300 جزء لمجرد أن يسوّق كتابه؟
يقول الميرزا: “إن كتاب “البراهين الأحمدية” الذي أُثبت فيه صدق الإسلام بثلاثمئة دليل مُحكم -واستُئصلت من خلاله المعتقدات الباطلة لكل معاند وكأن دينه قد ذُبح ذبحا فلن يحيا بعده أبدا- لم يُطبع منه إلا جزءان وشيءٌ قليلٌ من الجزء الثالث بمساعدة قلّة من ذوي الهمم العالية. أما مساعدة بقية الناس فأفضل من بيانها الاكتفاء بالقول: “إنا لله وإنا إليه راجعون”. (البراهين الجزء3)
ثم يقول: “إن هذا الكتاب كان قد أُلِّف في البداية محتويا على خمسة وثلاثين جزءا (قسما) فقط ثم زِيد إلى مئة جزء (قسم)، وحُدّد ثمنه بعشر روبيات لعامة المسلمين وخمسة وعشرين روبية لأهل الأقوام الأخرى والخواص. أما الآن فقد بلغ حجمه ثلاثمئة جزء (قسم) إحاطةً بجميع حاجات التحقيق والتدقيق وبُغية إتمام الحجة. ويبدو واجبا بالنظر إلى نفقاته أن يُحدَّد ثمنه بمئة روبية مستقبلا. ولكن نظرا إلى صِغَرِ همّة معظم الناس رأيتُ من المناسب أن يُثَبَّتَ ثمنه السابق. (البراهين 3)
الكتاب ليس فيه 300 دليل على صدق الإسلام، بل ولا عشرة أدلة، وليس فيه 300 جزء، بل ولا عشرة أجزاء. علما أنهم تلاعبوا في الترجمة وكتبوا كلمة “قسم” بدلا من كلمة “جزء”، مع أنها هكذا بالأردو، والتي تعني نفس المعنى العربي.
وإن ماحك أحد وقال: إن كلمة جزء تعني بضع صفحات، قلنا له: إنها بين 120 و 150 صفحة عند الميرزا، بدليل قوله في نفس الكتاب عن حجم القرآن إنه ” كتاب وجيز يمكن أن يقع في أربعة أجزاء أو خمسة لو كُتب بخط متوسط” (البراهين)، وحيث إن القرآن الكريم 600 صفحة، فالجزء 120-150 صفحة. وهذا يعني أن كتاب البراهين 300*(120-150)= 36 ألف إلى 45 ألف صفحة!!!!.. أي نحو 100 مجلد.
خذ هذه. يقول الميرزا: لقد ألّفت حصةً من الكتاب في 15 جزءا في بداية الأمر ثم أضفت إليها تسعة أجزاء أخرى إكمالا للأمور الضرورية وبسببها بلغ حجمه إلى 150 جزءا (لاحظوا: 15+9=150). (إعلان في نيسان/أبريل 1879م العدد أيار/مايو 1879م لمؤلفها الشيخ أبو سعيد محمد حسين البطالوي).
أيها الناس، هل بقي عذر لأي أعمى بعد اليوم؟!
ملاحظة: تم حذف الكلمات المسيئة بحق مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام التي ضجَّ بها مقال المعترض كعادته في السباب وقلة الذوق.
الرد:
إنَّ القول بأن كتاب “البراهين الأحمدية” ليس فيه إلا دليلاً واحداً وليس مجموعة من الأدلة هو إما جهل المعترض المعتاد أو كذبه وذلك لأن كتاب “البراهين” يضم مئات الأدلة العقلية والنقلية على صدق القرآن الكريم ونبي الإسلام سيدنا مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم -إذ لم يكن حضرته عَلَيهِ السَلام قد تلقى الامر بعد بإعلان كونه هو المسيح الموعود- وكل من يقرأ الكتاب بأجزائه الأربعة مثلاً فسيجد أن هنالك مئات الأدلة أو ما لا يحصى منها عدداً في إثبات أحقية الإسلام على الدين كله بدء بالهندوسية بفرقها الآريا سماج والبراهمو سماج والنصرانية والفلسفات والمتأثرين بها من المسلمين الذين بدأوا ينكرون الوحي والدعاء والملائكة وغيرهم من أعداء الإسلام، فأثبت عَلَيهِ السَلام مثلاً تفوق اللغة العربية كلغة الوحي وبيان القرآن العظيم وتعاليمه وصدق النبي ﷺ وأفضليته على الأنبياء جميعاً وعقد مقارنة بين تعاليم الإسلام وتعاليم الهندوسية والنصرانية واراء الفلاسفة مثبتاً أن الإسلام وحده يملك التفوق والسمو. فهل يعقل أن يكون كل هذا دليلا واحدا فقط ! الحقيقة أن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في الصفحة ٢٧ يُعلن عن رهن عقاره كاملاً من بيت وأرض وغيرها فداء للإسلام متحدياً أعداء الإسلام أنهم سيحصلون على هذا العقار بالكامل إذا تمكنوا مجتمعين من دحض ربع أو خُمس الأدلة الواردة في كتاب البراهين. فهل يغامر شخص بعقاراته كلها مقابل ربع أو خمس الأدلة في كتاب لا يحتوي غير دليلاً واحدا فقط ؟ وهل يسيء شخص للإسلام وهو يرهن كل عقاراته في سبيل الإسلام ؟ حَدِّثوا العاقل بما يُعقل كما يقال.
أما من ناحية أخرى فقد كانت هذه الأدلة التي بالمئات هي فروع وانبثاق لدليل واحد وهو “حاجة العصر”، وقد كان حضرته عَلَيهِ السَلام بالفعل قد أعد الأدلة الأخرى وجهزها وكتب بعضها وأعد المسودات وكان يريد نشر الكتب تباعاً ولكن أمره الله تعالى بأن يترك هذا المشروع ويتوجه إلى الكتب الأخرى التي هي في الحقيقة تكملة للبراهين، فما كان للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام إلا أن يخضع لأمر الله تبارك وتعالى لأنه بالمحصلة نشر الكتب الأخرى التي اشتملت جميع الأدلة الأخرى. أما المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام فقد كان يكتب ما قيمته مائة روبية وأكثر ثم يبيعه بخمسة روبيات فقط لكي لا يشق على الفقراء من القرّاء.
يقول عَلَيهِ السَلام حول كتاب البراهين:
“أُعلن لجميع مشتري كتاب “البراهين الأحمدية” الكرام أن الكتاب ضخم جدا وقد يتجاوز حجمه مئة جزئية، وقد يزداد أكثر بسبب الحواشي التي ستتخلله بين حين وَآخَر إلى أن ينتهي الكتاب.” (البراهين الأحمدية، ج ١، ص ٥)
أما المعترض فيبدو أنه بمبالغاته المعهودة قد نصّبَ نفسه فوق علماء أهل السنة ومنهم المولوي محمد حسين البطالوي الذي كان يُعتبر زعيماً لفرقة أهل الحديث في الهند، والذي عبَّرَ عن رأيه في كتاب “البراهين الأحمدية” قائلا:
“والآن أُبدي رأيي بإيجاز شديد ودون أدنى شائبة من المبالغة، وهو أننا حين نضع هذا العصر وأحواله في الاعتبار أرى أنه لم ينشر مثل هذا الكتاب منذ بدء الإسلام إلى هذا اليوم، ولا ندري ماذا يمكن أن يحدث في مستقبل الأيام، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا. لقد أثبت المؤلف أنه رجل مثابر في خدمة الإسلام، بالقلم واللسان، والحال والمال، وغير ذلك، حتى إنه من النادر أن تجد له مثيلا بين المسلمين. ومن اعتبر قولنا هذا مبالغة تمشِّياً مع أسلوب أهل آسيا، فعليه أن يدلّنا على كتاب واحد على الأقل تصدى لأعداء الإسلام، وخاصة للآريا سماج والبرهمو سماج بكل قوة وبرهان، وعليه أن يقدم لنا أسماء ثلاثة أو أربعة ممن قدموا للإسلام خدمات مثل ما قدم هذا الرجل، وعليه أن يعدد لنا بضعة أشخاص بمثل هذه الصفات الذين اضطلعوا بأعباء خدمة الإسلام بالمال والنفس والقلم واللسان والحال أيضا، والذين تحدوا أعداء الإسلام ومعارضي الوحي وقالوا بأن الذي يرتاب في نزول الوحي فليتقدم إلينا ليشاهد ما يرتاب فيه، بل إنهم أذاقوا الملل الأخرى طعم التجربة والمشاهدة أيضا.” (مجلة إشاعة السنة العدد ٧ رقم ٦ الصفحة ١٦٩-١٧٠)
إذاً فقد كان كتاب “البراهين الأحمدية” المعني بإثبات أحقية رسالة الإسلام على الدين كله كان كتاباً لا نظير له ضمَّ بين دفتيه جميع الأدلة التي تثبت تفوق الإسلام وأفضليته على جميع الديانات والأفكار والعقائد المختلفة، ومن شاء التأكد من ذلك فعليه قراءة الكتاب للوقوف على جمال وكمال الإسلام ونبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. والذي يريد التأكد من الـ ٣٠٠ قسم من أقسام البراهين بأجزائه الأربعة أي الأدلة على تفوق الإسلام في كتاب البراهين فليذهب إلى فهرس المواضيع حيث سيجد القارئ الكريم مئات الأدلة على ذلك. أما الجزء أو القسم فهذه مجرد مصطلحات تُطلق على أقسام الكتاب الواحد أو الفصل الواحد لتفريق وتحديد وترتيب المواضيع وهي مجرد صفحات قليلة لا غير، ولنقرأ ما تقوله معاجم اللغة العربية الشهيرة:
“قَرَأَ جُزْءاً مِنَ الكِتَابِ : أَيْ صَفَحَاتٍ قَلِيلَةً.” (المعجم الغني والمعجم الوسيط ولسان العرب)
فالمماحكة هي أن تصر على ما تجهل وتجعل مما تجهل حجة على مخالفيك بينما الحقيقة أن ما تجهل هو عدوك الأول وليس العلم وَالْحِكْمَةَ التي يأخذها الباحث حيث وجدها. وحيث أن البراهين هي أدلة صدق الإسلام فإن محاولة طعن المعترض بها هكذا دون نقد موضوعي لها نقطة نقطة لا قيمة له بل إن مجرد معارضتها بهذا الشكل الخالي من العلمية والموضوعية هو في الواقع طعن بالدِّين لأن الكتاب ليس إلا لإعلاء اسم الإسلام ونبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.
أما الـ ١٥+٩=١٥٠ جزء فهذا تدليس واضح فالمعترض أخذ الترجمة الأولية التي لم تُراجع بعد حيث أن الحصة الواحدة هي ١٥ جزء وكل جزء عبارة عن ٨ صفحات أو ١٦ وهو أمر كان معروفا عند النساخ والمطابع آنذاك، وبما أن الحصة الواحدة هي ١٥ جزء فـ ٩ حصص = ٩ x ١٥=١٣٥ جزء، وعند الجمع بين عشر حصص ١٣٥+١٥= ١٥٠ جزء حيث الرقم “تسعة” ليس للأجزاء وإنما للحصص وكل حصة تحتوي على ١٥ جزء كما بين حضرته بنفسه عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام.
الخلاصة هي أن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام قد نشر بالفعل أدلة ظهور الإسلام على الدين كله بشهادة الأغيار وما كتابه “البراهين” إلا براهين ساطعة على ذلك وتحديه لا يزال قائماً حتى تقوم الساعة.
لتحميل كتاب البراهين الأحمدية من هنا: البراهين الأحمدية (الأجزاء الأربعة الأولى)
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
