المعترض:
كذبات أوضح من الشمس في أول صفحات كتاب البراهين الخامس
كتب الميرزا في إعلان في 27/2/1905: “ألّفت لبيان بعض آيات الله وتعليماته الخاصة في هذه الأيام كتابا اسمه “نصرة الحق” وهو قيد الطبع في قاديان”. (المجلد الثاني للإعلانات)ولكنه بعد أن حدث زلزال في 4 إبريل 1905، قرّر الميرزا أن يضيف لكتاب “نصرة الحق” ملحقا ويسميه البراهين الخامس، ويُسكت الناس المطالبين إياه منذ ربع قرن بإكمال البراهين بأدلته الـ 300. فكتب ما يلي في مقدمة البراهين الخامس:
“كان ضروريا أن تُذكَر – شكرا لله تعالى – النصرة الإلهية التي حالفتني في تأليف الجزء الخامس. فلإظهار هذا الأمر سميتُ الجزء الخامس من البراهين الأحمدية “نصرة الحق” أيضا عند تأليفه – والذي يجب أن يُعتبر ولادة جديدة للكتاب”. (البراهين الخامس)
والحقيقة أنّ هذا محض كذب؛ فهو ألّف الكتاب وأرسله إلى المطبعة من دون أن ينبس ببنة شفة عن أنه البراهين الخامس، بدليل ما جاء في الإعلان السابق. ثم يتابع قائلا:
“لذا فقد كتبتُ “نصرة الحق” على رأس كل صفحة من صفحاته الأولى، ثم كتبتُ على الصفحات التالية “البراهين الأحمدية الجزء الخامس” تذكيرا بأنه الكتاب نفسه الذي طُبعت أربعة أجزاء منه من قبل”. (البراهين الخامس)
ولو نظرنا في الطبعة الأردية لرأينا أنّ أول 72 صفحة قد كُتب على رأس كلّ منها “نصرة الحق”، أما ما تبقى فقد كُتب: “البراهين الخامس”. والسبب في رأيي أنّ المطبعة كانت قد طبعت 72 صفحة، ولم يُرد الميرزا أن يرمي بها لبخله، فاحتفظ بها، ثم أكمل الكتاب مع تغيير النصّ الذي في الترويسة العليا للصفحة. ويتابع الميرزا قائلا:
“كنت أنوي تأليف خمسين جزءا بداية ثم اكتفيت بخمسة بدلا من خمسين. ولأن الفرق بين العدد خمسين وخمسة هو نقطة واحدة لذا فقد تحقق لك الوعد بتأليف خمسة أجزاء.” (البراهين الخامس)وهذا كذب أيضا، ليس لأنّ الخمسين لا تساوي خمسة فقط، بل لأنه لم يعد بكتابة خمسين جزءا، بل وعد بكتابة 300. لكنه اخترع فكرة الخمسة والخمسين في تلك اللحظة ليقول للناس: لا تطالبوني بعد اليوم بأي براهين.
أما الكذب الذي مارسه في حكاية الزلزال فهي حكاية وحدها.
الرد:
عند تناول الظروف التي كتب فيها حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام كتاب “البراهين الأحمدية الجزء الخامس” في تلك الفترة أي في العام 1905 يتضح بجلاء أن حضرته عَلَيهِ السَلام قد أنهى بالفعل تأليف كتاب “نصرة الحق” وأرسله إلى المطبعة، وهذا الذي أعلَنَه حضرته، ثم بعد ذلك قام بتأليف “البراهين الأحمدية الخامس” وضمه إلى مقدمة هذا الكتاب لمناسبته مع مضمون البراهين. وهذا الذي يتضح عند الانتباه إلى كلمتي (أيضا) و (والذي يجب أن يُعتبر ولادة جديدة للكتاب) في نفس النص الذي اقتبسه المعترض:
“سميتُ الجزء الخامس من البراهين الأحمدية “نصرة الحق” أيضا عند تأليفه – والذي يجب أن يُعتبر ولادة جديدة للكتاب“. (البراهين الأحمدية الجزء الخامس)
أي أن نصرة الحق كانت ولادة جديدة للبراهين الخامس.
لقد كتب حضرته عَلَيهِ السَلام بعض أوراق كتاب “نصرة الحق” وأرسله للنشر وكان حضرته في نفس الوقت يكتب عدة كتب وبعضها كان يتأخر رغم أن حضرته بدأ بها أولاً وذلك للظروف التي تطرأ في تلك الأثناء فكان حضرته عَلَيهِ السَلام أحياناً يبدأ بأحد الكتب فتثار فتنة أو اعتراض ما فكان عَلَيهِ السَلام يضطر لتناولها أولاً وكتابة الرد عليها ويؤلف بذلك كتاباً وينشره، وهكذا يبقى الكتاب الأول قيد الإنجاز، وقد يبدأ حضرته بتأليف كتاب آخر خلال هذه المدة، ومثال على ذلك عندما بدأ عَلَيهِ السَلام بتأليف كتاب “ترياق القلوب” في عام 1888 حيث تقرر ذهاب وفد إلى نصيبين وبدأ حضرته تأليف كتيب بالعربية مما حال دون نشر كتاب “ترياق القلوب” ولم يصبح جاهزاً إلا في يناير 1900. وفي 1902 قيل للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أن بعض الكتب جاهزة للنشر ولكنها لم تنشر فاسمح لنا بنشرها فسمح عَلَيهِ السَلام ونُشرت، وهكذا الحال أيضاً مع كتاب “تجليات إلهية” وغيره.
إذاً فقد كتب حضرته عَلَيهِ السَلام في كتاب “نصرة الحق” ما نصره الله تعالى به خلال هذه المدة وما تحقق في هذه الأثناء من النبوءات والوحي. وبينما كان الكتاب في المطبعة أخبر عَلَيهِ السَلام بأنه سيكون حلَّةً جديدة للبراهين. ثم أعلن بأن “نصرة الحق” سينشر الآن باسم “البراهين الخامس”. والدليل على ذلك ما تشاهدون من الصور المرفقة للجرائد وتواريخها والتي تقطع بأن حضرته عَلَيهِ السَلام نشر إعلان حول كتاب “نصرة الحق” أنَّه “قيد النشر في المطبعة في الوقت الحالي يوم 27 فبراير 1905”. كما يجب أن نعرف بأنه كان يكتب ويطبع في نفس الوقت، ولم تكن الطباعة تتم في يوم أو يومين بل تستغرق أحياناً شهوراً طوال بسبب المطابع التقليدية ونظامها، فقد نشر عَلَيهِ السَلام في جريدة الحكم يوم 10 مارس 1905 ما يلي:
“البراهين الأحمدية هي العهد القديم أي مثل العهد القديم للكتاب المقدس بحيث كانت فيه النبوءات التي تحقق كثير منها خلال الفترة الراهنة.” أهـ
ثم يقول حضرته:
“والجزء الذي سيطبع منه الآن فسيكون مثل العهد الجديد الذي سيتضمن الإشارات إلى حصص البراهين السابقة وسيُذكر فيه بأن الله تعالى كان قد قال كذا وها قد تحقق في صورة كذا.” أهـ
إذن بعد عشرة أيام فقط من نشر الإعلان بأن “نصرة الحق” في المطبعة يكتب حضرته بأن ما يطبع الآن من البراهين سيتضمن جزءاً يتناول تحقق النبوءات المذكورة في البراهين القديمة أي الأجزاء الأربعة.
أما كتاب “نصرة الحق” فقد كتب عنه حضرته عَلَيهِ السَلام:
“كان ضروريا أن تُذكَر -شكراً لله تعالى- النصرة الإلهية التي حالفتني في تأليف الجزء الخامس. فلإظهار هذا الأمر سميتُ الجزء الخامس من البراهين الأحمدية “نصرة الحق.” أهـ
إذاً الفحوى هو الذي كان حضرته يريده للبراهين الأحمدية وأعلن عن ذلك في بداية مارس أي عند نشر الإعلان عن “نصرة الحق”، ثم ورد في جريدة الحكم بتاريخ 10 أبريل ما يلي:
“نصرة الحق الذي كان حضرته يحرره (هذا يعني أنه كان يحرر وكان يُنشر ما كان يحرره تباعا) سُمي الآن بالبراهين الأحمدية الجزء الخامس وإنه يطبع حاليا أيضا.” أهـ
وبهذا يتضح أن المعترض كذب أو تسرع كعادته بجهله المعهود في اتهام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بعدم التفكير في “البراهين الأحمدية” عند طباعة كتاب “نصرة الحق” بينما الحقيقة أن حضرته هو الذي حدَّدَ طبيعة البراهين الخامس وكيف أن “نصرة الحق” والبراهين هما كتابان لنفس الغرض فألحقه حضرته بالبراهين ومنه بدأت ولادة “البراهين الأحمدية الجزء الخامس” بفارق أسبوع أو عشرة أيام كحد أقصى.
أما الخمسة والخمسين فقد وضحنا في منشور سابق كيف يُعرِّض المعترض بالله تعالى والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم حين فرضت الصَلاة خمسين صلاة ثم صارت خمس صلوات فقط تؤدي الغرض وهي التي فُرضت بدل الخمسين والفرق بين الـ 50 و 5 أيضاً مجرد نقطة (صحيح البخاري ، كتاب الصلاة ، باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء). فالمعترض يعلن إلحاده بصورة غير مباشرة.
كما ينبغي التوضيح أن حضرته لم يعد بتأليف خمسين جزءاً من البراهين بل قال نويت أن أكتب خمسين، أي أن هذا كان بينه وبين نفسه ولكن ضمّن كل شيء في خمسة أجزاء، كذلك لما تغيرت مهمته وبعثه الله تعالى إماما مهديا ومسيحا موعودًا فقد كتب كتبًا تضمنت مواضيع أخرى وأدلة دامغة على سمو الإسلام ورفعة شأن النبي صلى الله عليه وسلم وعظمة القرآن الكريم. فما قاله بأن الأجزاء الخمسة تسد مسد الخمسين هو الصحيح وكان بحسب المشيئة الإلهية لأن إرادة الله غيرت مهمته. فحضرته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام لم يعد أحدًا بتأليف خمسين جزءا بل قال كنت أنوي ذلك فقط، والنص كالتالي:
“عندما أُلِّف هذا الكتاب بداية كان الوضع مختلفا… ثم أطلعني، أنا أحقر العباد، التجلي المباغتُ لقدرة الله -مثل موسى ؑتماما- على عالَـمٍ ما كنت مطّلعا عليه من قبل. أي كنتُ أتجول مثل ابن عمران في ليلة مظلمة لأفكاري، إذ سمعت دفعة واحدة صوتا من الغيب: “إني أنا ربك”، وكُشفت عليَّ الأسرار التي لم تكن في متناول العقل والتصور. فالآن؛ إن وليّ هذا الكتاب وكفيله ظاهرا وباطنا، هو الله ربّ العالمين، ولا أدري إلى أيّ مدى وقدرٍ يريد ﷻ إيصاله. والحق أن أنوار صدق الإسلام التي كشفها ﷻ إلى الجزء الرابع من الكتاب تكفي لإتمام الحجة. وآمل من فضل الله تعالى ورحمته أنه سيظل يؤيدني بتأييداته الغيبية ما لم يُزِل ظلمة الشكوك والشبهات كليا. ومع أنني لا أعرف كم يمكن أن تطول حياتي، لكنني جدّ سعيد على أن الله الحيّ القيوم والمنـزَّه عن الفناء والموت قائم على نصرة الإسلام دائما وإلى يوم القيامة. وإن فضله على سيدنا خاتم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عظيم بحيث لم يسبق له نظير على نبي من الأنبياء من قبل.” (غلاف الجزء الرابع من البراهين الأحمدية)
وهذا الذي كتبه عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام:
“كنت أنوي تأليف خمسين جزءا بداية، ثم اكتفيت بخمسة بدلا من خمسين، وحيث إن الفرق بين العدد خمسين وخمسة هو نقطة واحدة، لذا فقد تحقق ذلك الوعد بتأليف خمسة أجزاء.” (البراهين الأحمدية، ج 5)
كذلك وضَّحنا في منشورات سابقة (وهنا أيضا) وضَّحنا فيها كيف أن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام لم يقل بأنه سوف يؤلف 300 مجلد للبراهين الأحمدية بل تحدث عن 300 دليل على صدق الإسلام ونبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقط وأن الحديث كان حول خمسين جزء والتي تحقق غرضها في خمسة أجزاء كما أوضح بنفسه عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام بالإضافة إلى الكتب الأخرى التي ألفها لذات الغرض وجعل الجزء الخامس والأخير عهداً جديداً للبراهين بعد تحقق الكثير من النبوءات الواردة في البراهين الأربعة.
وكذلك نبوءة الزلازل تكلمنا عنها وبَيَّنّا بأنها تحققت حقاً كما أُريدَ لها. لذلك لن يؤدي إغماض العين وغلق الآذان لن يؤدي إلى حجب الحقيقة إلا عن المعترض نفسه ومن يحذو حذوه.
ولا زال المعترض يستعرض تحقق الوحي الذي تلقاه المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام عليه وَعَلَى أمثاله من المدلسين:
[ إنِّي مُهينٌ مَن أرادَ إهانتك ]
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ