الجماعة بفهم المعترض أم الجماعة بفهم النبي ﷺ وسلف الأمة
المعترض: حرارة الروح عند الأحمديين
(من ضمن دفاع الأحمدي) أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصنا باتباع جماعة المسلمين، وحيث إنه ليس هنالك إلا جماعة واحدة ينطبق عليها هذا الوصف، فهو كافٍ لتصديقها، ولا داعي للبحث في شيء بعده.
لنقض قولهم هذا قلنا ما يلي:
1: الجماعات الإسلامية تملأ الدنيا، فلماذا تَعُدّون جماعتكم هي الوحيدة التي ينطبق عليها هذا الوصف؟ يردّون بقولهم إننا الجماعة الوحيدة التي لها خليفة. قلنا: بل كثير من الجماعات لها خليفة أو أمير أو مرشد، وتعددت الأسماء والجوهر واحدُ.
2: لم يكن واجبا على المسلمين عبر تاريخهم أن يكونوا في جماعة المسلمين، ولم يعرفوا الجماعات والأحزاب إلا حديثا. قالوا ردا على ذلك: كانوا قبلها تابعين للخلافة العثمانية. قلنا: الميرزا نفسه لا يعترف بالخلافة العثمانية، حيث يقول:
1: “إنني لأستغرب لماذا لا يفكر المشايخ في كلمة “يضع الحرب” ولماذا لا يقرأون الحديث القائل: “الأئمة من قريش”؟ فما دامت السلطنة الظاهرية والخلافة والإمامة لا تجوز لأحد غير قريش كيف يمكن أن يكون المسيح الموعود الذي ليس من قريش خليفةً”. (مرآة كمالات الإسلام)
2: صحيح تماما أني لا أحسب السلطان العثماني خليفة بحسب الشروط الإسلامية لأنه ليس من قريش، بينما من الضروري للخلفاء أن يكونوا من قريش، وقولي هذا لا يعارض تعليم الإسلام بل يطابق الحديث: “الأئمة من قريش” تماما. (كشف الغطاء)
3: يقول الناس بأني أمدح الإنجليز، بل الحق أني أعمل بـ {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}، وإنما المداهنون مَن يعتقدون بأنّ “الأئمة من قريش” ويفتون بأنّ السلطان التركي أمير المؤمنين. يضمرون في القلب شيئا ويقولون باللسان شيئا آخر ولكننا نفعل ما نقول عملا بأمر الله، أما هؤلاء فيفعلون للمداهنة والنفاق فقط. (الملفوظات نقلا عن الحكم، مجلد6، رقم 26، صفحة 10-11، عدد: 10/10/1902م)
قالوا: كيف تفسر إذن حديث: “فالزم جماعة المسلمين وإمامهم” حاليا؟
قلت: ورد هذا ضمن حديث يسأل فيه صحابيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التصرف عند الفتن، حيث قال ما مفاده: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي هؤلاء الذين يدعون إلى الباطل، أو الذين يقتتلون، أو حيث تنتشر الفتن. قَالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ.. أي كن مع الحاكم لا مع الخارجين والمتمردين. قال الصحابي: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ.. أي إذا كانت الدنيا فوضى بلا حاكم، بل صراع لا يُعرف له بداية ولا أطراف محدّدة في دولة منهارة، قَالَ: فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ..أي لا تقف إلى جانب أحد ولا تُعِنْ أحدا في الفتن. وهذا كله لا علاقة له بما تقوله الأحمدية ولا ما تقوله الجماعات التي توجب على المرء أن ينخرط معهم ويبايعهم.
وجود جماعات إسلامية مزّق الأمة بدل أن يعمل على رفعتها. لقد ملأ الحياة تعصبا. لقد صارت الأحزاب قبائلنا المتناحرة.
الأحزاب السياسية شيء والجماعات الدينية شيء آخر. الحزب السياسي فيه وجهات نظر، ويمكنك أن تتركه متى رأيت ذلك مناسبا، أما الجماعة الدينية فهي كتلة من التعصّب، والويل لمن خرج منها مخطّئا إياها!
الرد:
ملاحظة/ تم حذف مقدمة المعترض وهي بضع جمل فقط وذلك لفظاظتها وسوء ألفاظها بحق مؤسس جماعتنا حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام ووضعْنا بدلاً عنها بين قوسين عبارة (من ضمن دفاع الأحمدي). ذلك يكفي لمعرفة من هو صاحب الفظاظة والقسوة وسوء اللسان.
واجب المؤمن عند اشتداد الفتن
لنقرأ الحديث التالي الذي يسأل فيه الصحابي حذيفة بن اليمان رَضِيَ اللهُ عَنْه النبيَّ ﷺ عن واجب المؤمن عند اشتداد الفتن وأي الفرق هي الواجبة للاتّباع ثم نعود لفهم سلف الأمَّة لهذا الحديث وموضوعه.
الحديث كما يلي:
“حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا قَالَ هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ قَالَ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ.” (صحيح البخاري برقم ٧٠٨٤، كتاب الفتن، باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة.)
لننتبه عزيزي القاريء لأمره ﷺ: “فاعتزل تلك الفرق كلها .. إن لم تجد جماعة المسلمين وإمامهم” ! إذاً هي جماعة بعينها بين فرق الإسلام المعروفة.
الحديث الآخر حول جماعة المسلمين هذه يقول فيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:
“أَلَا إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً ، وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ ، ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ ، وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ.” (رواه أبو داود ٤٥٩٧ وغيره وصححه الحاكم ١/١٢٨ )
ولنأخذ مِن فَهْم سَلَفِ الأُمَّة ما قاله الفقيه ‘الملا علي القاري’ رحمه الله (ت ١٠١٤ هـ / ١٦٠٦ م) في كتابه «شرح مشكاة المصابيح» حول أحاديث تفرّق الأمة وما المقصود من جماعة المسلمين. يقول رحمه الله شارحاً قول أهل العلم حول هذه المسألة:
“ .. والمعنى أنهم يفترقون فرقا تتدين كل واحدة منها بخلاف ما تتدين به الأخرى ( وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة ) ، قيل : فيه إشارة لتلك المطابقة مع زيادة هؤلاء في ارتكاب البدع بدرجة ، ثم قيل : يحتمل أمة الدعوة فيندرج سائر الملل الذين ليسوا على قبلتنا في عدد الثلاث والسبعين ، ويحتمل أمة الإجابة فيكون الملل الثلاث والسبعون منحصرة في أهل قبلتنا ، والثاني هو الأظهر ، ونقل الأبهري أن المراد بالأمة أمة الإجابة عند الأكثر ( كلهم في النار ) : لأنهم يتعرضون لما يدخلهم النار فكفارهم مرتكبون ما هو سبب في دخولها المؤبدة عليهم ومبتدعتهم مستحقة لدخولها إلا أن يعفو الله عنهم ( إلا ملة ) : بالنصب أي إلا أهل ملة ( واحدة ) قالوا : من هي ؟ ) ، أي : تلك الملة ، أي أهلها ، الناجية ( يا رسول الله ؟ قال : ( ما أنا عليه وأصحابي ). ” (٣)
ثم يعدِّد رحمه الله بعد ذلك هذه الفرق المسلمة الـ ٧٢ التي تَكُونُ على ضَلَالٍ كما يلي:
“واعلم أن أصول البدع كما نقل في المواقف ثمانية : المعتزلة القائلون بأن العباد خالقو أعمالهم وبنفي الرؤية وبوجوب الثواب والعقاب وهم عشرون فرقة ، والشيعة المفرطون في محبة علي كرم الله وجهه ، وهم اثنان وعشرون فرقة ، والخوارج المفرطة المكفرة له – رضي الله عنه – ومن أذنب كبيرة وهم عشرون فرقة ، والمرجئة القائلة بأنه لا يضر مع الإيمان معصية ، كما لا ينفع مع الكفر طاعة ، وهي خمس فرق ، والنجارية الموافقة لأهل السنة في خلق الأفعال ، والمعتزلة في نفي الصفات وحدوث الكلام ، وهم ثلاث فرق ، والجبرية القائلة بسلب الاختيار عن العباد فرقة واحدة ، والمشبهة الذين يشبهون الحق بالخلق في الجسمية والحلول فرقة أيضا فتلك اثنان وسبعون فرقة كلهم في النار..” (٣)
ثم يبيّن مَن هي الفرقة الثالثة والسبعون الناجية كما يلي:
“والفرقة الناجية هم أهل السنة البيضاء المحمدية والطريقة النقية الأحمدية.” (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)
إذن بمجموع الأحاديث الصحيحة الدالة على وجوب اعتزال الفرق ولزوم جماعة المسلمين يتضح عند السلف أن هذه الجماعة الناجية هي: الجماعة الإسلامية الأحمدية.
وهكذا يسقط تلقائياً قول المعترض أن الجماعة المقصودة هي الفرق المسلمة كلها وأن المقصود هو الحاكم السياسي لأن هذا لا يحتمله النص وتنفيه الأحاديث بمجموعها وينفيه فهم السلف بالإضافة إلى أن الخلط بين الحكم السياسي العسكري والديني من شأنه إثارة الفوضى في بلاد المسلمين والعالم أجمع وهو ما نشاهده اليوم للأسف الشديد بسبب هذا الفهم والخلط بين مفهوم الخلافة المادية والدينية أي الروحية.
أما في المقتبسات من كلام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام فقد قام المعترض بتدليس وكذب واضح إذ أراد إيهام القرّاء بأن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام ينفي كونه خليفةً للمسلمين وبالتالي ليس هو المسيح الموعود لهم باعترافه ! وقد قام المعترض بإخفاء الكلمة الأخيرة في النص كي لا بفهم القاريء الكلام الحقيقي للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام، والنص بدون اقتطاع المعترض وحذفه كما يلي:
“وما دام ضروريا للمسيح أن يجد القوى المسيحية غالبة في العالم ويرى مفاتيح كل المفاسد في أيديهم، ويكسر صليبهم ويقتل خنـزيرهم ويضع الجزية بإدخالهم في الإسلام، فلكم أن تفكروا جيدا كيف يمكن قيام سلطنة الدجال الخيالي مع وجود السلطنة المسيحية؟ ولكن من الخطأ الظن أن المسيح سيأتي بالسيف المادي. إنني لأستغرب لماذا لا يفكر المشايخ في عبارة “يضع الحرب” ولماذا لا يقرأون الحديث القائل: “الأئمة من قريش“؟ فما دامت السلطنة المادية والخلافة والإمامة لا تجوز لأحد غير قرشيّ، فكيف يمكن أن يكون المسيح الموعود وهو ليس من قريش خليفةً ماديا؟ وأما القول بأنه سيبايع المهدي ويكون تابعا له وسيحمل السيف مثل العبيد بأمر منه، إنما هي أقوال غريبة وسخيفة للغاية. أيها السادة، هداكم الله؛ إن خلافة المسيح الموعود خلافة روحانية ولا علاقة لها بحكومات الدنيا إذ قد أُعطي حكومة سماوية.” (مرآة كمالات الإسلام، الصفحة ١٤٩)
فقد قام المعترض بإخفاء كلمة “مادياً” اللاحقة بـ “خليفة” والتي هي محور كلام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام لكي يوهم القرّاء أن حضرته يعترف بعدم كونه خليفة للمسلمين. وهذا كذب وتدليس من المعترض لأن النص لا يقول ذلك بل يتحدث عن الخلافة المادية التي يسعى لها المشايخ فيقول عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام أن الأئمة أي رجال الدين والمشايخ والزعماء الدنيويين وأيضاً حسب فهمهم للحديث هم من قريش فقط فكيف يريدون للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وهو أيضاً حسب فهمهم من خارج قريش بل من بني إسرائيل أن يكون خليفة مادياً أي زعيماً دنيوياً عليهم ؟ وكذلك فالمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام ليس من قريش حسب الأحاديث بل من الفرس وأنه يضع الحرب أي لا ينادي بالجهاد العسكري وفي نفس الوقت يريدون مسيحاً عسكريا ! فحضرته إذاً يناقش مسألة الحكم المادي ويفندها وليس العكس.
وكذلك تدليسه في عبارة “الظاهري” بدل “المادي” ولكن إخفاء الكلمة “مادياً” أكثر ذنباً وكذبا.
أما رأي حضرته حول كونه خليفة موعوداً للمسلمين خارج قريش فهو في نفس الكتاب حيث يقول عَلَيهِ السَلام:
“اقرأ الأحاديث؛ إذ ورد فيها أن الموعود القادم في الزمن الأخير الذي سيخرج فيه الحكم من أيدي قريش وتتطرق فيه الفُرقة والقلاقل إلى آل محمد ﷺ؛ سيكون من الحُرّاث. وقد أخبرني الله تعالى أني أنا هو.” (مرآة كمالات الإسلام، الصفحة ١٧٩)
ويشير عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام إلى حديث الحارث بن الحراث.
وهكذا هي باقي النصوص التي أتى بها المعترض إذ ينفي المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أن يكون المسيح الموعود للمسلمين خليفةً مادياً أي حاكماً سياسياً عسكرياً لأن الزعماء أو أمراء المؤمنين بهذا المفهوم هم من قريش فقط. فيقول حضرته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام وهو يستشهد بقول صدّيق حسن خان رحمه الله بان المسيح الموعود:
“سيكون مجدد عصره، ويُعَدُّ من مجددي هذه الأمة، ولكن لن يكون أمير المؤمنين؛ لأن الخليفة يجب أن يكون من قريش، وأنَّى للمسيح أن يسلب حقهم؟ لذا لن يؤدي قط مهام الخلافة؛ مثل الجدال والقتال والسياسة، بل سيأتي تابعا لخليفة الوقت، وكالرعايا.” ( إزالة الأوهام، الصفحات ٤٣٧-٤٣٨)
فلماذا يقوم المعترض بالتدليس ؟
أهمية الخلافة
أما لماذا جماعتنا فلأنها هي الجماعة المسلمة الوحيدة التي على رأسها إمام واحد فقط والتي أسسها نبي هو المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وهي الوحيدة التي تقوم على نظام حقيقي للخلافة وليس مجرد رأي أو اجتهاد. فليجد لنا المعترض أي جماعة بهذا الوصف.
وهكذا فإن تفسير المعترض لمعنى (الجماعة) في حديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يكذّبه الحديث نفسه الذي يتكلم عن فرق الإسلام والجماعة الناجية منهم وليس عن حكم دنيوي سياسي/عسكري إذ يؤدي فهم المعترض إلى أن النصارى واليهود والملاحدة في البلد هم جماعة المسلمين الحقيقيين لأنهم مواطنون صالحون فقط، وهذا خلط خاطيء للمفاهيم وتحويل الدين كله إلى دنيا ومصالح سياسية فقط. لا شك أن الدين يأمر ويحث على المواطنة الصالحة أكثر من أي دستور وضعي ولكن الدين ليس ذلك وانتهى الأمر بل هو في الأساس علاقة العبد بربه ثم ومن خلال ذلك علاقة العبد بالعبد، وهذا الذي يغيب عند الملاحدة إذ يقصرون دور الإنسان بين العبد والعبد دون الحاجة إلى إله مما يضطرهم إلى محاربة الدين حتى إذا كان في الدين جماعة مؤمنين خادمة للمجتمع ومثال يحتذى به في العلم والمواطنة الصالحة والتزام القانون وخدمة المجتمع. فنفي المعترض للجماعة كما فهمها السلف من مجموع الأحاديث هو فهم إلحادي صرف إذ يقضي بأن أي جماعة دينية تتأسس لا بد أن تكون سبباً لتمزيق الأمة لا لتوحيدها وإصلاحها وهو بذلك يعرّض بكل جماعات النبيين عليهم السَلام إذ اجتمع حول كل نبي جماعة من المؤمنين سواء كان النبي ملكاً كداود وسليمان عليهم السَلام أو مجرد مواطن بسيط كباقي النبيين عليهم السَلام. هذا الفهم المغلوط والمدمِّر للعالم بسبب الخلط بين الدنيا والدين هو بكل أسف لُب معاناة العالم اليوم ولا يتورع المعترض عن الانتصار لهذا الرأي حتى إذا تطلب الأمر تدليساً واضحاً كما تبين من تحريف وبتر النصوص وصَدَقَ الحق تبارك وتعالى الذي وصف المعترض على لسان أعداء النبيين عندما قالوا لنبيهم:
﴿ قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا﴾
والرد الإلهي على لسان النبي:
﴿ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴾
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ