المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود عليه السلام العربية ..245

نكتة الخطأ في التوابع 14

أربعة توجيهات لوصف النكرة بالمعرفة

 

الاعتراض:

يدّعي المعارضون وقوع الخطأ في الفقرات التالية من كلام المسيح الموعود عليه السلام:

 

1:  وأيّ ضير إنْ ترَك روايات أخرى التي تُخالف بيّناتِ القرآن (نور الحق، ص 7).

2:  وليست ثابتة من رسول الله صلى الله عليه وسلم بثبوت قطعي يقيني الذي يُساوي ثبوت القرآن وتواتُرَه (نور الحق، ص 7).

3: فإن إنكاره إنكارُ علومٍ حسّية بديهية التي ثبتت عند مُجرّبي صناعةِ الطب (نور الحق، ص 8).

4: بل أعطانا ملِكةً راحمةً التي تربينا بوابل الإحسان والإكرام” (نور الحق، ص 4).

5:  فهذا الذهول الذي يخالف العقل والحكمة لا يُعزَى إلى قديرٍ الذي هو ذو الجلال والقوة (منن الرحمن، ص 96).

6: فتنزل الملائكة والروح في هذه الليلة الحالكة بإذن رب ذي القدرة الكاملة (سر الخلافة، ص 63).

7: هو إمامُ مَصاليت الله الذين خيَّبوا شيطانا ذا المكائد (كرامات، 44).

8: إنه عزيز ذو الجلال (نور الحق، ص 151).

9: هذه رسالة مباركة المسماة كرامات الصادقين (كرامات الصادقين، الغلاف).

وموضع الخطأ وفق زعمهم في وصف النكرات بأسماء هي معارف، وذلك على عكس القاعدة الرائجة بوجوب تطابق النعت والمنعوت في التعريف والتنكير. فالأسماء الموصولة (الذي/ التي) المشار إليها بالخط المشدد هي معارف لا بد أن تصف معارف فقط، وكذا الاسم (ذو) بصيغه المختلفة لا بد أن يصف معرفة لأنه مضاف إلى معرفة. كل هذا وفق ما زعمه المعارضون. كما أنه من بين ما زعموه هو أن استعمال المسيح الموعود عليه السلام للأسماء الموصولة بهذه الصورة هو عجمة وتأثر باللغة الأردية، حيث يَكثر فيها استعمال الأسماء الموصولة.

 

الرد:

نعم، معروف وفق القاعدة الرائجة أن النكرة لا تُنعت إلا بالنكرة والمعرفة لا تُنعت إلا بالمعرفة. كما أن من المعروف أن الأسماء الموصولة (الذي/ التي/ الذين..) هي معارف ولا بدّ أن تكون صفة للمعارف أيضا. وأما الاسم (ذو) الذي هو من الأسماء الستة، فعند إضافته للمعرفة لا بدّ أن يصف معرفة وعند إضافته للنكرة لا بدّ أن يصف نكرة فقط.

يقول النحو الوافي عن وقوع الأسماء الموصولة نعتا ما يلي:

“الموصولات الاسمية المبدوءة بهمزة وصْل؛ مثل: الذي -التي – اللائي … و … ، بخلاف: “أيّ” الموصولة.أما “مَنْ”، و “ما” ففي النعت بهما خلاف، والصحيح جوازه -كما سيجيء –ولما كانت الموصولات مَعْرفة وجب أن يكون منعوتها معرفة. ومن الأمثلة: الضعيف الذي يحترس من عدوه، أقرب إلى السلامة من القويّ الذي ينخدع، أو يستهين. والتأويل: الضعيف المحترس من عدوه، أقرب إلى السلامة من القوي المنخدع … فمعناها معنى المشتق …” [النحو الوافي (3/ 459)]

وعليه فإنه وفق القاعدة الرائجة أن الأسماء الموصولة لا بد أن تصف المعارف فقط.

وأما عن الاسم (ذو) الذي بمعنى (صاحب) جاء في النحو الوافي:

” ذو، المضافة، بمعنى: صاحب كذا -فهي تؤدي ما يؤديه المشتق من المعنى. “وتكون نعتاً للنكرة”؛ نحو: أنِست بصحبة عالم ذي خلق كريم، ومثل “ذو” فروعها: “ذوَا … -ذوُو … -ذوِي … -ذات -ذاتا -ذوات … “. [النحو الوافي (3/ 458-459)]

وفي الهامش ذكر إمكانية وقوعها وصفا للمعرفة.

وجاء فيها أيضا:

“والمراد مما سبق أن أسماء الأجناس جامدة – في الغالب فليست مشتقة، ولا مؤولة بالمشتق، فلا تصلح أن تقع نعتا، ولا غيرها مما يتطلب الاشتقاق الصريح أو المؤول، كالحال والنعت، فجاءت: “ذو” قبل اسم الجنس- وهي مما يؤول بالمشتق – لتكون وسيلة الوصف به، مع إعرابها هي الصفة المضافة، وإعراب اسم الجنس هو المضاف إليه المجرور.

فإن وقعت صفة لنكرة وجب أن يكون اسم الجنس “وهو المضاف إليه” نكرة، وإن وقعت صفة لمعرفة وجب أن يكون اسم الجنس “وهو: المضاف إليه” معرفا بالألم واللام،” [النحو الوافي (1/ 110)]

وعليه فـ (ذو) اسم جامد مؤول بالمشتق، وإضافته محضة لاكتسابه التعريف والتنكير مما يضاف إليه. فلو كانت إضافته غير محضة لما اكتسب التعريف، ولزال الإشكال في وصفه للنكرة مع إضافته للمعرفة.

فهذه هي القواعد الرائجة.

غير أن هذه القواعد ليست قطعية، فمن الممكن أن ترد المعرفة كصفة للنكرة أيضا، بناء على أساليب التفنن والتوسع في الكلام العربي، والواردة في القرآن الكريم نفسه في بعض الآيات، وكما هو ظاهر من الفقرات المعترض عليها في كلام المسيح الموعود عليه السلام أعلاه. ولهذه التراكيب اللغوية توجيهات لغوية مختلفة سنبيّنها في هذا البحث.

فلكل هذه القواعد ما يخرج عنها في مذاهب النحاة ومدارسهم المختلفة، وفي هذا جاء في المقاصد ما يلي:

لموافقة النعت للمنعوت مطلقًا (حقيقي أو سببي) في التعريف والتنكير ثلاثة أقوال نحوية وهي: مذهب الجمهور: وجوب المطابقة تعريفًا وتنكيرًا، وعلة ذلك أن المخالفة تجعل الشيء معينا وغير معين في وقت واحد، وهو قول سيبويه في الكتاب (1/ 421، 422)، وانظر معه ارتشاف الضرب لأبي حيان (2/ 579، 580)، والمساعد لابن عقيل (2/ 402).

ومذهب الكوفيين والأخفش، فقد أجازوا وصف النكرة بالمعرفة بشرط الفائدة؛ كأن تفيد مدحًا أو ذمًا، وذلك كقوله تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ}. انظر ارتشاف الضرب (2/ 580)، ومعاني القرآن للأخفش (1/ 266).

مذهب بعض النحويين وابن الطراوة: أجاز بعض النحاة وصف المعرفة بالنكرة، وشرط ابن الطراوة كون الوصف لا يوصف به إلا ذلك الموصوف، وجعل منه: (البيت) “. المساعد (2/ 402). والمختار في ذلك مذهب الجمهور وجعل غيره مؤولًا لئلا يلتبس النعت بالحال ولا الحال بالنعت.” [المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (4/ 1566)]

وجاء في هذا أيضا:

“وأجاز الأخفش  أن قوله تعالى: فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ  أن يكون «الأوليان» صفة «آخرين»؛ لأنّه لمّا وصفه اختصّ.

وقد أجاز بعض الكوفّيين وصف النكرة بالمعرفة، فيما فيه معني مدح أو ذمّ، وتأوّل عليه قوله تعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ. الَّذِي جَمَعَ مالًا وَعَدَّدَهُ ، وهذا، وأمثاله – عند البصريّين – على البدل ، وإضمار فعل أو اسم.” [البديع في علم العربية (1/ 315)]

وجاء في الارتشاف:

وذهب بعض الكوفيين إلى جواز التخالف بكون النعت نكرة إذا كان لمدح أو ذم، وجعل منه: «ويل لكل همزة لمزة الذي جمع» فالذي وصف لـ (همزة)، وأجاز الأخفش: وصف النكرة بالمعرفة إذا تخصصت النكرة قبل بالوصف نحو: «فآخران يقومان» ثم قال: (الأوليان) فالأوليان صفة لآخران لما تخصصت، وأجاز بعضهم وصف المعرفة بالنكرة ومنه عنده:

… … … … وللمغني رسول الزور قواد

فـ (قواد) صفة للمغني، وزعم ابن الطراوة أنه يجوز وصف المعرفة بالنكرة إذا كان الوصف بها خاصًا بالموصوف وجعل من ذلك:  وفي أنيابها السم ناقع

وقال: ناقع صفة للسم، والذي نختاره أنه لا تنعت المعرفة إلا بالمعرفة، ولا النكرة إلا بالنكرة إذا توافقا في الإعراب.” [ارتشاف الضرب من لسان العرب لأبي حيان الأندلسي (4/ 1908)]

وفي المغني جاء عن وقوع الاسم الموصول صفة بتأويلات مختلفة كما يلي:

“مَسْأَلَة : نَحْو {هدى لِلْمُتقين الَّذين يُؤمنُونَ} ومررت بِالرجلِ الَّذِي فعل يجوز فِي الْمَوْصُول أَن يكون تَابعا أَو بإضمار أَعنِي أَو أمدح أَو هُوَ، وعَلى التّبعِيَّة فَهُوَ نعت لَا بدل، إِلَّا إِذا تعذر نَحْو {ويل لكل همزَة لُمزَة الَّذِي جمع مَالا} لِأَن النكرَة لَا تُوصَف بالمعرفة” [مغني اللبيب عن كتب الأعاريب (ص: 739)]

وبناء على هذه النقول المختلفة نخلص إلى ما يلي:

1: وفق المذهب الكوفي يجوز وصف النكرة بالمعرفة إذا كان الوصف للإفادة كأن يكون لهدف المدح أو الذم .

2: مذهب الأخفش هو جواز وصف النكرة بالمعرفة إذا كانت النكرة غير محضة، أي مخصصة بوصف آخر سبق.

3: على هذين التوجيهين وُجهت آيات الذكر الحكيم :

_ {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (2) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ } (الهمزة 2-3) . وفيها الاسم الموصول المعرفة (الذي)، جاء وصفا لكلمة (همزة) والتي هي نكرة . على اعتبار أن الوصف جاء للذم. .

_ والآيات: {فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ } (المائدة 108) وفيها كلمة (الأوليان) المعرفة جاءت نعتا لكلمة (آخران) النكرة؛ لأن هذه الأخيرة نكرة مخصصة بما بعدها (يقومان …).

4: كل هذا الذي ذهب إليه الكوفيون لا يرتضيه البصريون، بل يؤوّلون هذه العبارات التي جاءت نعتا على أوجه محتلفة وهي:

أولا: اعتبارها بدلا

ثانيا: اعتبارها نعتا مقطوعا بتقدير محذوف كالفعل : أعني/ أقصد/ أمدح/ أذم . أو بتقدير اسم مبتدأ محذوف: مثل (هو)

5: وهذه التوجيهات كلها تنطبق على الأسماء الموصولة مثلما نقلنا من المغني، حيث ذكر بأن الاسم الموصول قد يكون نعتا مقطوعا أو بدلا في حال وصفه النكرة.

وبناء عليه فإن للفقرات المعترض عليها من كلام المسيح الموعود عليه السلام، والتي وردت فيها المعرفة وصفا للنكرة عدة توجيهات وهي:

التوجيه الأول :

جواز وصف النكرة بالمعرفة وفق المذهب الكوفي إذا أفاد الوصف كأن يكون للمدح والذم:

وهذا التوجيه ينطبق على جميع الفقرات المذكورة أعلاه المحتوية على كلمة (ذو) أي الفقرات 5 إلى 8 ، إذ نرى أن الوصف المعرفة الوارد فيها جاء ليفيد نوعا أو شيئا من المدح والتعظيم أو الذم.

ملحوظة: كلمة “ذو الجلال” في الفقرة الثامنة من الممكن اعتبارها خبرا ثانيا أو نعتا للخبر (قدير)، وعلى هذا الاعتبار الأخير نشملها في هذا الردّ. وفي هذه الإمكانيات جاء في النحو الوافي:

“وكثير من الأخبار المتعددة يصلح أن يكون نعتاً للخبر الأول؛ مثل: هو أسد يزأر؛ فجملة: “يزأر” تصلح أن تكون فى محل رفع خبراً ثانياً، أونعتاً للخبر الأول. ومثلها: الحُطَيْئة شاعرٌ مُخَضْرَم، هَجّاء. فيجوز فى كل من “مخضرم” و”هجاء” أن تكون خبراً، وأن تكون نعتاً لكلمة: “شاعر”. [النحو الوافي (1/ 532)]

 

التوجيه الثاني:

على مذهب الأخفش في جواز نعت النكرة بالمعرفة إذا تخصصت النكرة بوصف آخر من قبل.

وهذا نراه ينطبق على باقي الفقرات التي لا تحتوي على كلمة (ذو)، أي ينطبق على الفقرات 1 إلى 4 و الفقرة 9؛ حيث نرى أن المنعوت النكرة فيها قد تخصص بنعوت أخرى قبل أن ينعت بالمعرفة.

التوجيه الثالث:

على البدل وفق المذهب البصري حيث إنه لا يُشترط في البدل توافق التابع والمتبوع في التعريف والتنكير.

فالبدل اسم جامد على الأغلب، يأتي للتعيين والإيضاح، وهو المقصود في الحكم وليس متبوعه، على عكس النعت والتوكيد والبيان فهي ليست المقصودة في الحكم بل متبوعها. وفي البدل لا يشترط توافق التابع والمتبوع في التعريف والتنكير، وهذا ما يؤكده النحو الوافي فيقول:

” حكم البدل: البدل أحد التوابع؛ فلا بد إذ يوافق متبوعه في حركات الإعراب، وفي بعض الأشياء المشتركة التي سبق النص عليها. أما موافقته إياه في غير ذلك فيجري فيها التفصيل الآتي:

1_ فمن جهة التنكير والتعريف لا يلزم أن يوافق متبوعه فيهما؛ فقد يكونان -معا- معرفتين؛ كقراءة قوله تعالى: {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} بجر كلمة “الله”؛ على اعتبارها بدلا من كلمة: “العزيز”. وقد يكونان نكرتين؛ كقوله تعالى {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا} . وقد تبدل المعرفة من النكرة كقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ} .وقد تبدل النكرة من المعرفة، كقوله تعالى: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ  … } والمفهوم من كلامهم أن تكون هذه النكرة مختصة -لا محضة- لأن النكرة المختصة الخالية من فائدة التعرف -نحو: مررت بمحمد رجل عاقل- قد تفيد ما لا تفيده المعرفة المشتملة على فائدة التعرف. ومما يؤيد هذا أن الغرض من البدل -كما عرفا فيما سبق- لا يتحقق بالنكرة المحضة. [النحو الوافي (3/ 674-675)]

وهذا نراه ينطبق على جميع الفقرات المذكورة أعلاه. فهي متوجهة على البدل (كل من كل)، ويجوز اعتبارها عطف بيان على رأي النحاة الذين لا يفرقون بين عطف البيان وبدل الكل من الكل .(يُنظر : النحو الوافي جزء3، صفحة  546، وهامش صفحة 549 حيث رأي الرضي وسيبويه في عدم التفرقة بينهما)

ومما يدعم هذا التوجيه للفقرة التاسعةحيث البدل فيها كلمة (المسماة)، هو إمكانية أن يكون البدل أيضا اسما مشتقا على قلة، كما يصرح بذلك النحو الوافي، حيث قال:

“والأغلب في “البدل” أن يكون جامدا، ومن القليل الجائز أن يكون مشتقا. فإذا أمكن إعراب المشتق شيئا آخر يصلح له، كان أولى.” [النحو الوافي (3/ 664)]

وكذلك مما يدعمه هو كون (ذو) من الأسماء الجامدة، وهو ما يتطلبه البدل، وإن كانت مؤولة بالمشتق كما أسفلنا أعلاه.

التوجيه الرابع:

على القطع في النعت، أي اعتبار هذه النعوت المعرفة نعوتا مقطوعة بتقدير فعل أو اسم محذوف قبلها في حال استوفت شروط القطع المعروفة في النعت. والمقصود بالقطع هو عدم اتباع النعت لمنعوته في الإعراب لهدف بلاغي يُقصد منه توجيه نظر القارئ أو السامع إلى النعت بشكل خاص. (يُنظر النحو الوافي 3/ 486-487).

وهذا ما نراه سارٍ على الفقرات 1 إلى 4 والفقرة 9،  أما الفقرات 6و7 و8 فلا قطع فيها حيث كلمة (ذو) تتبع ما قبلها في الإعراب ، أما الفقرة 5 فهي غير مستوفية لشروط القطع لأن من هذه الشروط في نعت النكرة المحضة، أن لا يكون النعت المقطوع هو النعت الأول أو الوحيد، إلا في ضرورة الشعر.

وعن هذا القطع وشروطه يقول النحو الوافي:

“أحكام خاصة بالقطع في هذا الباب:

لا يصح القطع مطلقًا، إلا بعد تحقق شرط أساسي: هو: أن يكون المنعوت متعينًا بدون النعت؛ سواء أكان النعت واحدًا أم أكثر. وعلى هذا الأساس تقوم الأحكام الآتية:

1- لا يجوز القطع إذا كان النعت وحيدا. والمنعوت نكرة محضة: لشدة حاجتها إليه، لتتخصص به. نحو: كرمت جنودًا أبطالًا. (في الهامش يقول أن هذا يجوز فقط في ضرورة الشعر)

2– إذا تعدد النعت لواحد، وكان المنعوت نكرة محضة وجب إتباع النعت الأول لها: لتستفيد به تخصيصًا هي في شدة الحاجة إليه، ولا يجوز قطعه. أما ما عداه فيجوز فيه الإتباع والقطع؛ نحو: أقبل رجلٌ شجاعٌ، أمين تَقيّ؛ فيجب رفع كلمة: “شجاع” إتباعًا للمنعوت: “رجل” لأنه نكرة محضة. ويجوز في كلمتي: “أمين” و”تَقَيّ” الرفع إتباعًا للمنعوت، أو: النصب على القطع باعتبار كل منصوب منهما مفعولًا به لفعل محذوف.

والإتباع هنا واجب في النعت الأول وحده؛ ليقع به التخصيص –كما قلنا- ويجوز في الباقي الأمران، سواء أكان المنعوت قد تعين مسماه أم لم يتعين؛ لأن المقصود من نعت النكرة هو تخصيصها -لا تعيينها- وقد تحقق التخصيص بإتباع النعت الأول لها.” [النحو الوافي (3/ 488)]

 

وبناء على كل هذا يتضح أنه لا خطأ في كلام المسيح الموعود عليه السلام، ولا عجمة، بل لغات عربية أصيلة راقية، وهي كما رأينا لغات قرآنية؛ وهل أحق من لغات القرآن من أن تحاكى!؟