المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود عليه السلام العربية ..232

نكتة الخطأ في التوابع ..8

الأصدَران والمِذروان ..وجهل المعترض بالمفردات العربية

الاعتراض:

يدّعي المعترض خطأ المسيح الموعود عليه السلام في عطفه المفرد والمثنى والجمع على بعضها البعض كما في الفقرة التالية، التي نعرضها مع تصحيح المعارضين لها على حدّ زعمهم:

_  وإنهم قوم تفور المكائد من لسانهم وعينيهم وأنفهم وأُذنيهم، ويديهم وأصدريهم ورجليهم ومذرويهم. (سر الخلافة، ص 64).

والصحيح وفق زعم المعارضين : ألسنتهم وأعينهم وأنوفهم وآذانهم وأيديهم وصدورهم وأرجلهم.

وواضح من تصحيح المعترض لكلمة “أصدريهم” أنه يظنها جمعا لكلمة “صدر” فصححها بكلمة “صدورهم”؛ ليدعي بذلك أن المسيح الموعود عليه السلام يخطئ في جمع كلمة “صدر”. وقال متبجحا ومستهزءا في إحدى تعليقاته وهو في قمة هوسه وجهله : صاحب النصّ تعلم 40000 من لغات العرب ..

 

الرد:

الحقيقة أن هذا الاعتراض من قبل المعترض يدل على جهله في المفردات العربية، ويدل على تهوره واندفاعه الأعمى وراء الحقد الدفين في نفسه، فقط من أجل الطعن بالمسيح الموعود عليه السلام، دون أن يكلف نفسه أدنى عناء في البحث والتحري.

فلا خطأ في كلمة “أصدريهم” التي استعملها المسيح الموعود عليه السلام، فهي بالفعل من الأربعين ألف لغة التي تعلمها المسيح الموعود عليه السلام من الله تعالى، ويجهلها هذا المعترض الموهوم. فهي في الحقيقة لا تعني الصدر وليست هي بجمع لكلمة “صدر” كما يظن المعترض الجاهل بالمفردات العربية؛ فالكلمة هي في الحقيقة “الأصدَران” والتي تعني “الــمَنكِبان” والــمَــنكِب هو طرف الكتف ، أي مجتمَع أعلى الكتف مع العضُد.

 

فجاء في لسان العرب ما يلي:

 

“والأَصْدَرَانِ: عِرْقان يَضْرِبَانِ تَحْتَ الصُّدْغَيْنِ، لَا يُفْرَدُ لَهُمَا وَاحِدٌ. وَجَاءَ يضرِب أَصْدَرَيْه إِذا جَاءَ فارِغاً، يَعْنِي عِطْفَيْهِ، ويُرْوَى أَسْدَرَيْهِ، بِالسِّينِ، وَرَوَى أَبو حَاتِمٍ: جَاءَ فُلَانٌ يَضْرِبُ أَصْدَرَيْهِ وأَزْدَرَيهِ أَي جَاءَ فَارِغًا، قَالَ: وَلَمْ يَدْرِ مَا أَصله؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: قَالَ بَعْضُهُمْ أَصْدَراهُ وأَزْدَراهُ وأَصْدغاهُ وَلَمْ يعرِف شَيْئًا منهنَّ. وَفِي حَدِيثِ الحسَن: يَضْرِبُ أَصْدَرَيْه أَي منكِبيه، وَيُرْوَى بِالزَّايِ وَالسِّينِ…” لسان العرب (4/ 449)

 

وجاء في معنى الـمَنكِب ما يلي:

“ومَنْكِبا كلِّ شيءٍ: مُجْتَمَعُ عَظْمِ العَضُدِ والكتِفِ، وحَبْلُ العاتِق مِنَ الإِنسانِ والطائرِ وكلِّ شيءٍ. ابْنُ سِيدَهْ: المَنْكِبُ مِنَ الإِنسان وَغَيْرِهِ: مُجْتَمَعُ رأْسِ الكَتِفِ والعَضُدِ، “ لسان العرب (1/ 771)

 

 

وأما كلمة “المِذرَوين” التي استعملها المسيح الموعود عليه السلام  في نفس الجملة، فلها معان مشابهة، فمن معانيها:

1: الطرف من كل شيء 2: طرف الأليتين 3: ناحيتا الرأس 4: الــمَنكِبين .

حيث جاء في لسان العرب ما يلي:

” والمِذْرَى: طَرَفُ الأَلْيةِ، والرَّانِفةُ ناحيَتُها. وَقَوْلُهُمْ: جَاءَ فُلَانٌ يَنْفُضُ مِذْرَوَيْه إِذا جَاءَ باغِياً يَتَهَدَّدُ؛ قَالَ عَنْتَرة يَهْجُو عُمارةَ بنَ زِيادٍ العَبِسِي:

أَحَوْلِيَ تَنْفُضُ اسْتُكَ مِذْرَوَيْها … لِتَقْتُلَنِي؟ فَهَا أَنا ذَا عُمارَا

يُرِيدُ: يَا عُمارَةُ، وَقِيلَ: المِذْرَوَانِ أَطْرافُ الأَلْيَتَيْن لَيْسَ لَهُمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ أَجْوَدُ الْقَوْلَيْنِ ….. والمِذْرَوانِ: نَاحِيَتَا الرأْسِ مِثْلُ الفَوْدَيْن. وَيُقَالُ: قَنَّع الشيبُ مِذْرَوَيْه أَي جانِبَيْ رأْسه، وَهُمَا فَوْداهُ، سمِّيا مِذْرَوَينِ لأَنهما يَذْرَيانِ أَي يَشيبَانِ. ….

قَالَ: وَقَالَ أَبو عَمْرٍو وَاحِدُهَا مِذْرىً، وَقِيلَ: لَا وَاحِدَ لَهَا، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: مَا تَشَاءُ أَن تَرَى أَحدهم يَنْفُضُ مِذْرَوَيْه، يقول ها أَنا ذَا فَاعْرِفُونِي. والمِذْرَوَانِ كَأَنَّهما فَرْعَا الأَلْيَتين، وَقِيلَ: المِذْرَوَانِ طَرَفَا كلِّ شَيْءٍ، وأَراد الْحَسَنُ بِهِمَا فَرْعَي المَنْكِبَيْن، يُقَالُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ إِذا جَاءَ بَاغِيًا يَتَهَدَّدُ. والمِذْرَوَانِ: الجانِبَانِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، تَقُولُ الْعَرَبُ: جَاءَ فُلانٌ يَضْرِبُ أَصْدَرَيْه ويَهُزّ عِطْفَيه ويَنْفُضُ مِذْرَوَيْه، وَهُمَا مَنْكِبَاه. ”  لسان العرب (14/ 285)

 

فهل يا ترى إن لم يعلم المعترض ما الأصدَران أسيعلم ما المِذرَوان ؟ وإن كان هو الذي يحمّل نفسه شهادات في اللغة لا يعلم مثل هذه الكلمات، أليس هذا بإثبات على أن اللغة العربية التي جاء بها المسيح الموعود عليه السلام هي بالفعل من الله تعالى وتعليمه ووحيه!؟ أوليس هذا إثبات آخر لمعجزة المسيح الموعود عليه السلام بأن الله تعالى علمه أربعين ألفا من اللغات العربية التي يجهل الكثير منها علماء اللغة أنفسهم.