الإيجاز في مظاهر الإعجاز..8
الفصل بين التوكيد والمؤكَّد
الاعتراض:
أخطأ المسيح الموعود عليه السلام في فصله بين ألفاظ التوكيد (مثل كلّ) وبين المؤكَّد في العديد من الجمل، مثل:
– وكان قُدّر أنْ الناس ((يضِلّون)) كلّهم في الألف السادس. (الخطبة الإلهامية)
– إن أجزاءَ النبوة ((توجد في التحديث)) كلّها. (حمامة البشرى)
وعدّ المعارضون ما يقارب سبع فقرات كهذه، وقالوا بأنها ركيكة لا ترقى إلى الفصاحة والبلاغة وبعيدة عن الذوق اللغوي.
الردّ:
رغم أنه لا فصل وارد بين التوكيد والمؤكَد في أغلب هذه العبارات كالفقرة الأولى، حيث إن التوكيد بكلمة ” كل” جاء لتوكيد ضمير الرفع المتصل الذي سبقها، والعبارات صحيحة وفصيحة من الدرجة الأولى؛ إلا أنه أيضا على اعتبار وجود فصل كهذا كما في الفقرة الثانية، فلا خطأ ولا ركاكة ولا عجمة في كل هذا. بل هي لغة عربية فصيحة بليغة، تسري عليها قاعدة عامة تنطبق على التوكيد وإخوته من التوابع مثل النعت والعطف والبدل.
هذه القاعدة تقول بإمكانية الفصل بين التابع والمتبوع (التوكيد والمؤكَّد) بفاصل غير أجنبي محض، مثل معمول التابع أو الخبر. وهذا هو الفصل الوارد في تلك الفقرات من كلام المسيح الموعود عليه السلام، فما أشرنا إليه بين الأقواس المزدوجة هي أخبار، وأخبار للنواسخ يصح الفصل بها.
وأما الفقرة الثانية فيمكن اعتبار (كلُّها) توكيدا لضمير الرفع المستتر في (توجد)، والفاصل هو معمول التوكيد (في التحديث)؛ تماما كما في الآية القرآنية: {ذَلِكَ حَشْرٌ – عَلَيْنَا – يَسِيرٌ}.والتي فيها (علينا) هي معمول النعت وفَصَل بين النعت والمنعوت.
وأمثلة ذلك عديدة في القرآن الكريم مما يشهد على أنها لغة قمّة في الفصاحة والبلاغة.
للبحث المفصل يُنظر المقال التالي على الرابط:
التوكيد وإخوته – آتوني ما زُعم من أخطاء لغوية في كتابات المسيح الموعود ع أخرّجْها لكم