من أعاجيب المعترضين المعادين للجماعة الإسلامية الأحمدية هو اتّهام مؤسس الجماعة حضرة مرزا غلام أحمد المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام اتّهام حضرته بالسرقة الأدبية من الأدب العربي مثل مقامات الحريري وذلك لوجود بعض الأبيات أو العبارات التي تحمل بعض التشابه والتناص معها، فلم يكن أفضلُ مِنْ رَدِّ المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بنفسه على هذه الشبهة بطريقة قاطعة حينما قال حضرته ما تعريبه:
“كُلّ ما أدّعيه هو أنني قد أوتيتُ معجزةَ القدرةِ على الإنشاء بالعربية تأييدًا من عند الله تعالى، لكي نكشف للدنيا معارف القرآن وحقائقه بهذا الأسلوب أيضًا، ولكي نُسخِّر ذلك الاحتراف البلاغي الذي كان قد راجَ في الإسلام بشكل خاطئ مشين، ونجعله خادمًا لكلام الله العزيز. فما الجدوى من إنكار هذه الدعوى ما لم يكتبوا بمثل ما كتبناه. أما مجرد الطعن فلم يسلم منه حتى القرآن الكريم، فقد اتهم بعض الأشرار الخبثاء بأن مضامينه مسروقة من التوراة والإنجيل. … كما يزعم اليهود عن الإنجيل بأن فيه عباراتٍ مسروقةً حرفًا حرفًا من التلمود. فقد ألف يهودي في الآونة الأخيرة كتابًا -وهو في حوزتي الآن- قدّم فيه عباراتٍ كثيرة من التلمود، وردت أيضًا في الإنجيل دون أي تغيير أو تعديل. وهي ليست بضع جمل أو فقرات، بل إنها تشكل جزءًا كبيرًا من الإنجيل، وهي هي كما وردت في التلمود كما ألّف مؤخرًا شخص آخر كتابًا يريد أن يثبت فيه أن “سفر التكوين” -الذي يُعتبر أساسًا وأصلاً للفلسفة التوراتية- قد سُرق من مصدر آخر كان موجودًا في زمن موسى. فكأن كلاً من موسى وعيسى عليهما السلام كان سارقًا في نظر هؤلاء! هذا فيما يتعلق بالشكوك التي أثاروها ضد الأنبياء عليهم السلام. أما الأدباء والشعراء فقد تعرضوا أيضًا إلى تهم مخجلة للغاية. فهذا هو المتنبي الشاعر الشهير.. لقد زعم شخصٌ أنه قد أثبت أن كل بيت في ديوان المتنبي مسروق من الشعراء الآخرين. وبالاختصار لم يسلم أحد من تهمة السرقة، لا الأسفار الإلهية ولا المؤلَّفات البشرية … مِن الظلم أن ننكر كفاءات الذين خلّفوا آلافًا من الصفحات من كتاباتهم البليغة لمجرد ورود بضع جمل أو فقرات من كتبهم أو مثلها في مصدر آخر. إذن فحريٌّ بهؤلاء القوم أن ينظروا في قضيتي بعين الإنصاف. لقد كُتب وطُبع من مصنَّفاتي بلسان عربي فصيح بليغ حتى الآن اثنان وعشرون كتابًا مقرونةً بالتحدي، بالإضافة إلى الإعلانات المختلفة … لقد أعلَنّا مرارًا وتكرارًا أن تعالَوا نبارزْ في تأليف كتيب بالعربية، ثم نحتكم إلى علماء العربية، فلو ثبت أن كتيبكم هو الأفصح والأبلغ فإن دعواي ستُعتبر باطلةً تمامًا. وها إني أقرّ وأعترف الآن أيضًا أنكم لو نازلتموني في ميدان كتابة التفسير بالعربية، ثم ثبت أن تفسيركم هو الأفضل والأعلى لفظًا ومعنًى، فسوف أعطيكم خمس روبيات على كل غلطة تعثرون عليها في تفسيري. فالأولى بكم -قبل أن تطيلوا عليّ ألسنتكم بالمطاعن التافهة هكذا- أن تُثبتوا علوَّ كعبكم في العربية بكتابة التفسير العربي. ذلك أن الذي لا يكون ضليعًا بفن من الفنون فإن طعنه على رجالات ذلك الفن لا يستحق الاعتبار أبدًا … ويعرف الأدباء أن ورود بضع جُمل مقتبَسةٍ في كتاب يحوي آلاف الجمل والفقرات لا يقدح في قوته البلاغية أبدًا، بل إن مثل هذا الاقتباس يزيده قوةً وبلاغة. انظروا إلى التوارد المتواجد في شطر بيت واحد لدى اثنين من أصحاب المعلقات السبع: حيث يقول أحدهما: [يقولون لا تَهلكْ أسًى وتَجمَّلِ]، بينما يقول الآخر: [يقولون لا تَهلكْ أسًى وتَجَلَّدِ] فبالله، أخبِروني الآن أيهما سارق. (علما أن صاحب المعلقة الأولى هو امرؤ القيس والثانية لطرفة بن العبد). إنَّ الجاهل لو سُمح له أن يكتب ولو بسرقة من كلام الآخرين فلن يقدر على كتابة شيء، لأنه محرومٌ أصلاً من المقدرة الأساسية. أما الموهوب القادر على الكتابة المسترسلة دون أية صعوبة إذا بيَّنَ المواضيع العلمية الحكيمة والمعارف والحقائق دونما عائق وفي عبارة بليغة مليحة فلا بد من اعتبار كلامه أمرًا معجزًا دونما شك“. (نزول المسيح، ص 59-65)
إذن قَلَبَ الْمَسِيحُ الموعودُ ؑ الطاولة على المعترضين، فالهندي الذي وُلِدَ وعاش طيلة حياته ساكناً إحدى القرى الهندية البعيدة والمعزولة عن العالم في القرن التاسع عشر وَلَمْ يزر أي بلد عربي من قبل يقوم هذا الرجل بكتابة أربع وعشرين كتاباً بالعربية الخالصة التي قد يوجد نظيرها بصعوبة بالغة وندرة في أدبيات وتاريخ العرب منها قصائد عربية تناطح المعلقات، لا يمكن لهذا الرجل أن يقوم باستعارة بعض الأبيات من مقامات الحريري وغيره وينظمها في كتبه وقصائده دون أن تكون لغته العربية موازية لجميع تلك المقامات والأشعار العربية العظمى إنْ لم تكن لغته في الواقع أعلى مستوى منها كلّها لدرجة اضطرار الخصوم بحملة خاصة إلى البحث في جميع أبيات قصائده وكتبه فقط للعثور على تلك ((السرقات)) المزعومة ! فأي مستوى أدبي عند هذا الرجل الهندي حتى تتساوى لغته بأعلى الأعمال الأدبية في تاريخ العرب !
ويؤكد حضرته عَلَيهِ السَلام ثانية أنَّ ما يقوله المعترضون في هذه الشبهة غير معقول تماماً بل هو الجهل بعينه:
“والحقُّ أنه ما لم يكن الإنسان متعمقاً جدًا في لغة العرب وما لم يكن مُطّلعاً على كافة أشعار العصر الجاهلي، وما لم يقرأ بإمعان الكتب القديمة المحتوية على تعابير العرب، وما لم تبلغ بسطتُه العلمية كمالها، لا يمكن له أن يحيط بشيء من التعابير العربية، ولن يستوعب جيدًا قواعد الصرف والنحو أيضا. فيعترض الجاهل ويقول بأن استخدام حرف الجر كذا وكذا ليس صحيحاً، أو أنَّ التعبير الفلاني خاطئ، ثم يُعثَرُ على استخدام حرف الجر أو التعبير أو الصيغة نفسها في قصيدة من قصائد الأدب الجاهلي. … فأنّى لهم أن يحيطوا باللغة علمًا مع اتباعهم أهواء النفس؟ وكيف يمكنهم الحصول على المعارف القرآنية؟ والحقُّ أنَّ اللسان العربي -الذي هو المفتاح الحقيقي للصرف والنحو- محيط لا شاطئ له، وتصدُقُ فيه تمامًا مقولة الإمام الشافعي رحمة الله عليه الشهيرة التي قال فيها: “لا يعلمه إلا نبي“، أي مِن المستحيل لأي إنسان أن يحيط بهذا اللسان بشتى لهجاته وأساليبه بشكل كامل إلا نبي. إذن فهذه المقولة أيضًا تؤكّد أنه ليس بوسع كل إنسان أن يمتلك ناصية هذه اللغة من كافة النواحي، بل الإحاطة الكاملة بها إنما هي من معجزات الأنبياء عليهم السلام.” (نزول المسيح)
فاتّهام شخصٍ مثل هذا بالخطأ في حرف جر هنا وكسر وتأنيث هناك وما إلى ذلك يُعَدُّ من العبث المعيب. فإذا كان لا يفهم العربية فكيف اتفق له زج هذه الأعمال الأدبية العربية الكبرى باعتراف المعترضين أنفسهم في كتبه وقصائده لدرجة الحاجة إلى البحث للوقوف على مواضعها ! أو أنه بالفعل أديب عظيم بالعربية، وفي هذه الحالة من العبث والجهل اتّهامه بالخطأ في الكسر والجر ونحو ذلك من سفاسف الأمور!
ثم أمعنَ عَلَيهِ السَلام في قَلْب طاولة المعترضين عندما قال بأنه مع كل ما سبق سيقبل منهم وخاصة المعترضين العرب تأليف كتاب واحد بالعربية مجتمعين يكون موازياً لأي كتاب من كتب حضرته مادةً ولغة. الأمر الذي لَمْ يتم منذ قرن وإلى الآن. واعجباه !
وبعد أن كان الصمت المطبق على هذا التحدّي هو الرد الرسمي للمعترضين قال المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام ما تعريبه:
“الحُكم في الموضوع سهلٌ إذا كان هؤلاء الناس راغبين في الحكم. ما أدراهم أنني عندما أكتب بالعربية كيف تقف الكلمات والجُمل أمامي كالجيش، ولو بارزوني أو حملوا القلم لكتابة شيء لعلموا الحقيقة. يوجّهون إليّ تهمة سخيفة بالسرقة وأنا أسمح لهم أن يسرقوا ما يشاؤون من الكتب الموجودة في العالم كله. ولكن ما داموا لا يقدرون على بيان مضامين علمية وليسوا مطلعين على المعارف فماذا تنفعهم سرقة الكلمات والجمل؟ إنَّ هؤلاء الناس لا يستطيعون أن يكتبوا شيئاً قَطّ بصورة علمية بحسب معاني الكلمات. إنَّ مثلهم كمثل بنّاء يجمع بعض من لِبَن السرقة فقط. والمعلوم أنَّ البناية لا تكتمل بسرقة اللبن فحسب. لقد اتُّهم الحريري أيضا بالسرقة. إنَّ هؤلاء الناس يتبعون الكلمات فقط ولا يقدرون على متابعة المضمون. معروف عن الحريري أنه طُلب منه أن يكتب إفادة ولم يستطع. لا يمكن العثور على معجزة كالقرآن الكريم فعباراته فصيحة وبليغة لدرجة لا يمكن العثور على نظيرها، وكذلك مضامينه أيضا عالية وعلمية. … هذه هي معجزة القرآن الكريم.” (الملفوظات)
فهل يريد المعترضون لغة تتساوى مع القُرآن العظيم؟ لا يوجد غير القُرآن المَجِيد فقط ليس فيه سهو ونسيان وأخطاء طبيعية ومطبعية وغيرها، ومع ذلك يحاول المعترضون على الإسلام أيضاً الطعن بلغة القُرآن الكَرِيم، وهنا يتماثل أعداء القُرآن مع أعداء المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام. فسبحن الله
وبهذه المناسبة نقدِّم للقارئ العزيز فيما يلي عيّنة مِن الكتب التي ألّفها المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام باللغة العربية مع روابط تحميلها أو شرائها مطبوعة بأسعار رمزية:
(1) التبليغ
(2) نور الحق ج 1
(3) نور الحق ج 2
(4) إتمام الحجة
(5) الخطبة الإلهامية
(6) الهدى والتبصرة لمن يرى
(7) إعجاز المسيح
(8) كرامات الصادقين
(9) سر الخلافة
(10) عاقبة أتهم
(11) نجم الهدى
(12) منن الرحمن
(13) حمامة البشرى
(14) تحفة بغداد
(15) لجة النور
(16) الاستفتاء
(17) كشف الغطاء
(18) تذكرة الشهادتين
(19) مواهب الرحمن
وهنالك كتب أخرى أيضاً ألّفها المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام باللغة العربية مثل “سيرة الأبدال” و “دافع الوسواس” و “البلاغ” و “ترغيب المؤمنين”. وهنالك مئات الأبيات الشعرية التي كتبها المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بطريقة رائعة تخلب الألباب. تجدون ذلك كلّه في الموقع الرسمي للجماعة الإسلامية الأحمدية.
هذا وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ