المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود عليه السلام العربية ..212
المعترض حين لا يعثُر ولا يُعثَر على نفسه بين الضمائر والمشتقات في الفعل “عثَر”
الاعتراض:
في مقال له تحت عنوان :
“الميرزا حين يَتُوهُ مع الضمائر ومع الفعل المجرّد والمَزيد ومع المشتقّات في فعل واحد” قال المعترض:
“نقول: عثرتُ على زيد. وأعثرتُ عَمْرًا على زيد. فالفعل أعْثَرَ يتعدّى إلى مفعول به، وأما الشيء المعثور عليه فيسبقه حرف “على”.
” {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ} (الكهف 21) أَي أَعْثَرْنَا عليهم غيرَهم، فحذَفَ المفعول”. (لسان العرب، ج4 ص 539)
وبسبب عدم قدرة الميرزا على فهم العربية وضمائرها وتقدير المحذوف، فقد تاهَ في هذه الآية، وتاهَ وسط الضمائر واستخدم التركيب ” وأُعْثِر عليهم”، وذلك في قوله:
ثم بعد ذلك أُلقيَ في رُوعي أن أؤلّف لهم كُتبًا … وأُعلِّمهم كلّ ما عُلّمتُ … وأُعثِرَ عليهم ممّا رزقني ربي من آيات ظاهرة. (لجة النور، ص 3)
كان عليه أن يقول: وأُعثرهم على ما رزقني ربي.
أُعْثِرُ فعل مضارع، والماضي: أَعْثَرَ .. فالمفعول به هو الناس .. أي الضمير “هم” في أُعْثِرهم. لكنّ الميرزا لم يبيّن لنا ما هو المفعول به، وجعل الناس شيئا يُعْثَر عليه! وهو معنى غير مقصود.
الآية حذفَت المفعول به، لأنه معروف، لكنّ الميرزا جعل المفعول به -وهو الناس- معثورا عليه!! ” إلى هنا هراء المعترض.
الردّ:
لقد برهنت مرارا وتكرارا أن كل اتهام يتهم به هذا المعترضُ المسيحَ الموعود عليه السلام، فإن الله سبحانه وتعالى يوقعه فيه في نفس الموضوع الذي يتهم فيه. فهكذا اتّهم هذا المسكينُ المسيحَ الموعود عليه السلام أنه لا يقرأ القرآن لاستعماله صيغة “ألم تر إلى”؛ فأثبتنا وجودها في القرآن الكريم خمس عشرة مرة، فرد الله تعالى كيده في نحره، وأثبت أنه هو الذي لا يقرأ القرآن ولا يدري ما فيه.
وهنا في اتهامه المسيح الموعود عليه السلام، أنه يتوه بين الضمائر والاشتقاقات، يوقعه الله تعالى في نفس الفخّ، إذ من كل الهراء الذي يدلي به هذا المعترض، يتضح أنه هو التائه بين الضمائر، ولِتِيهِهِ هذا فهو لا يفهم القصد من عبارات المسيح الموعود عليه السلام هذه.
وهنا أقول: إن قصد المسيح الموعود عليه السلام من قوله: وأعثِر عليهم، في الفقرة: “ثم بعد ذلك أُلقيَ في رُوعي أن أؤلّف لهم كُتبًا … وأُعلِّمهم كلّ ما عُلّمتُ … وأُعثِرَ عليهم ممّا رزقني ربي من آيات ظاهرة. (لجة النور) قصده ومعنى قوله عليه السلام لا يختلف عمّا جاء في قول الله تعالى {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ} (الكهف 21).
ولفهم هذا المعنى لا بدّ من ذكر الفقرة كاملة، حيث قال حضرته عليه السلام:
“بيد أني رأيتُ في مبشِّرة أُرِيتُها جماعةً من المؤمنين المخلصين والملوك العادلين الصالحين، بعضهم من هذا المُلك، وبعضهم من العرب، وبعضهم من فارس، وبعضهم من بلاد الشام، وبعضهم من أرض الروم، وبعضهم من بلاد لا أعرفها، ثم قيل لي من حضرة الغيب إن هؤلاء يصدّقونك ويؤمنون بك، ويصلّون عليك ويدْعون لك، وأعطي لك بركات حتى يتبرّك الملوك بثيابك، وأُدخِلهم في المخلصين. هذا رأيتُ في المنام وأُلهمت من الله العلام. ثم بعد ذلك أُلقيَ في رُوعي أن أؤلّف لهم كُتبًا وأكتب فيها كل ما فُتِحَ عليّ مِن خالقي، وأعلّمهم كلّ ما عُلّمتُ من الحقائق الصادقة والمعارف العالية المطهرة، وأُعثِرَ عليهم ممّا رزقني ربي من آيات ظاهرة، وخوارق باهرة، ودلائل موصلة إلى علم اليقين، لعلّهم يعرفونني، ولعلهم يكونون أنصاري في سُبل رب العالمين.” (لجة النور)
فمعنى الآية الكريمة أن الله أطْلع على أهل الكهف غيرَهم من الناس، أي أعثر على أهل الكهف غيرهم من الناس (يحذف المفعول به كما يصرح لسان العرب). وكذا معنى كلام المسيح الموعود عليه السلام حيث القصد: أُعثِر عليهم الناس أو غيرهم من الناس أي: أُطلع على أتباعي المؤمنين المصدقين بي غيرَهم من الناس (أيضا بحذف المفعول به)؛ وهذا تماما كما جاء في الآية الكريمة.
ومزيدا في التفصيل بقراءة الفقرة كاملة من كلام المسيح الموعود عليه السلام، يتضح لنا كيف سوف يُعثِرُ المسيحُ الموعودُ عليه السلام بقيةَ الناس على أتباعِه المخلصين. فذلك بأن يؤلف لأتباعه كتبا، ليعلّمهم فيها ما علّمه الله تعالى من الحقائق والمعارف الألهية اللدنية، وما رزقه منها، فعندما يعرف هؤلاء الأتباع المخلصون هذه المعارف والمنن الإلهية ويأخذوا بها ويؤمنوا بها وينشرونها في أنحاء المعمورة كلها، ستكون هذه الأمور مميزة لهم ويتعرف الناس عليهم وخاصة الباحثين عن الحق وجماعة المؤمنين، فيتعرفون ويطّلعون عليهم أي يَعثُرون عليهم بفضل هذه المعارف الإلهية، وبذلك يكون هؤلاء الناس والباحثين عن الحق قد أَعثرهم المسيح الموعود عليه السلام على أتباعه المخلصين بفضل هذه الكتب والمعارف اللدنية، التي ستكون مميزة لاتباعه عن بقية الناس.
فهكذا أَعثَر المسيح الموعود عليه السلام على أتباعه المخلصين غيرَهم من الناس. كما أنه بقوله هذا أعثرَ على معارضيه، بقصور عقلهم في فهم أقواله ودرره اللغوية والدينية.
فالمعترض التائه والموهوم، أنى له أن يفهم كل هذه الدرر الدينية واللغوية!؟