بعدما أخرسنا المعارضين في إثباتنا أن “شبه الجملة” ( من الجار والمجرور أو من الظرف) من الممكن أن تكون مبتدأ، وفق رأي كبار مفسرّي القرآن الكريم وبعض النحويين على خلاف رأي النحويين السائد اليوم، الأمر الذي يُثبت صحة كل عبارات المسيح الموعود التي ظَنّ المعارضون أن حضرته عليه السلام، قد نصب اسم “كان” وأخواتها المؤخر ورفع اسم “إن” وأخواتها المؤخر فيها؛ واتضح بأن في هذه العبارات والتراكيب اعتبر فيها المسيح الموعود شبه الجملة بأنها مبتدأ وما جاء بعدها خبرا، فرفعه حين كان خبرا لإن واخواتها ونصبه حين كان خبرا لكان وأخواتها؛ لم نسمع من المعارضين بعدها سوى الصمت المطبق!!!!!!

إذ لم يتطرق المعارضون إلى مقال البحث الذي أوردناه بعنوان ” العدول عن المألوف في إعراب شبه الجملة” للدكتور عبد الحميد حمود الشّمري البتة، وتعاموا عنه أيما تعامٍ، من أجل تشتيت فكر المصفقين لهم، وبدلا من ذلك ما كان لهم إلا أن يطحنوا ماء ويفسروا الماء بعد الجهد بالماء، بإعادتهم دروس أحكام المبتدأ والخبر التي مللنا منها منذ أيام الإعدادية.

واتضح بعد كل هذا بأن جهل حاملي شهادة الماجستير والدكتوراة من المعارضين جهل مطبق في أدقّ دقائق اللغة العربية!!

إن ما ورد في بحث الدكتور عبد الحميد يثبت أن المسيح الموعود عليه السلام أحيا نواح ولغات عديدة من اللغة العربية كانت قد اندرست على مر الزمن، مما يؤكد أن تعليمه لهذه اللغة لا يمكن إلا أن يكون بوحي الله عز وجل، إذ لا يمكن أن يحيط بهذه اللغة إلا نبي وفق ما أقرّ به الإمام الشافعي، فكيف لحاملي شهادات بقشور اللغة العربية أن يحيطوا بها!؟

تذرّعَ المعارضون بأنهم يريدون رأي فقهاء اللغة!

أقول، لقد جئنا لهم بآراء كبار فقهاء اللغة الأوائل الذين تعلموا اللغة العربية بالسليقة وجرت أحكامها في عروقهم، فهاكم اسماء فقهاء اللغة الذين اعتمدنا عليهم في إثبات أن شبه الجملة من الممكن أن تأتي مبتدأ، مع ما قالوه أو ما أورده البحث عنهم أو ما استنتجه من أقوالهم في هذا الصدد:

  1. تقي الدين السبكي(٧٥٦هـ): (إن مبنى كلام العرب على الفائدة، (١٧ (فحيث حصلت كان التركيب صحيحا، وحيث لم تحصل امتنع في كلامهم) ، أي إن مدار تركيبِ الكلامِ على الفائدة، فمتى حصلت صح التركيب، لذا فاشتراط أن يكون المبتدأ بأشكالٍ معينة لا يتعداها إلى غيرها لا يسوغ طالما أن الفائدة لا ترتبط بشكل دون آخر، ومن ثَم يكون مجيء المبتدأ في غير أشكاله المعهودة التي ذكرها النحويون مما لا يأباه الاستعمال العربي..
  2. ابن جنّي(٣٩٢هـ): (ألا ترى أن المبتدأ قد يقع غير اسم محض، وهو قولهم: ((تسمع بالْمعيدي خيرمن أنتراه فـ (تسمع (كما ترى فعل، وتقديره: أن تسمع، فحذفُهم (أن ( ورفعهم (تسمع) يدلُّ على أن المبتدأ قد يمكن أن يكون عندهم غير اسم مجلة كلية الاداب / العدد ١٠٢ د. عبد الحميد حمودي الشمري ٨٨ صريح، ولَما أمكن أن يكون المبتدأ فعلا كان مجيء المبتدأ شبه الجملة من الجار والمجرور أمرا غير مستغرب عند النحويين، أو بعضهم، فهم قد ألمحـوا إلى مثل هذا في بعض المواضع التي ساغ لهم أن يوجهوها على هذا النحو، ولكنالصناعة النحوية وما قرروه من أن المبتدأ لا يكون إلا مفردا منعهم من التمسك بهذا.
  3. السمين الحلبي (٧٥٦هـ): فالسمين الحلبي (٧٥٦هـ) ألمح إلى جواز مجيء الجار والمجرور مبتدأ، إذ أشار في كلامه على قوله تعالى: ﴿لَه فيها من كُلِّ الثَّمرات سورة البقرة/٢٦٦ [ إلى أنها جملة من مبتدأ وخبر، فالخبر قوله: (له) و (من كلِّ الثَّمرات (هو المبتدأ، ثم قال: (وذلك لا يستقيم على الظاهر، إذ المبتدأ لا يكون جارا ومجرورا، فلا بد من تأويله) (٢٠)
  4. ابن قيم الجوزية(٧٥١هـ): ومثل هذا قولك: في الدار امرأة، فإنَّه كلام مفيد؛ لأنَّه بمنزلة: الدار فيها امرأة، إذ أخبرت عن الدار بحصول المرأة فيها في اللفظ والمعنى، ذلك أنَّك لم تُرد الإخبار عن المرأة بأنَّها في الدار، ولو أردت ذلك لحصلت حقيقة المخبر عنه أولا، ثم أسندت إليه الخبر، وإنَّما كان القصد الإخبار عن الدار بأنَّها مشغولة بامرأة، وأنَّها قد اشتملت على امرأة، فـفي الدارِليس خبرا عنها في الحقيقة، وإنَّما هي في الحقيقة خبر عن المعرفة المتقدمة، فهذا حقيقة الكلام . فابن قيم الجوزية في هذا يشير إلى أن الجار والمجرور في مثل هذا التركيب هو المبتدأ، والاسم النكرة بعده إخبار عنه، لأنّه هو (الجزءالمتـم الفائدة)
  5. الشريف الجرجاني(٨١٦هـ): “فالأولى أن يجعل مضمون الجار والمجرور مبتدأ على معنى: وبعض الناس أو بعض منهم من اتَّصفَ بما ذكر، فيكون مناط الفائـدة تلك الأوصاف، ولا استبعاد في وقوع الظرف بتأويل معناه مبتدأ”
  6. سلطان محمد الجنابذي (١٣٢٧هـ) : (“والجار والمجرور مبتدأ إما لقيامه مقام الموصوف المحذوف المقدر، أو لنيابته عنـه لقـوة معنى البعضية فيه، حتى قيل إنّه بنفسه مبتدأ من دون قيام مقام الغير، وتقدير ونيابة..”
  7. أبو السعود : إلى هذا التوجيه بقوله: ((منْه آياتٌ) الظرف خبر، و (آيات) مبتدأ أو بالعكس … الأول أوفق بقواعد الصناعة، والثاني أدخل في جزالة المعنى، إذ المقصود الأصلي انقسام الكتاب إلى القسمين المعهودين لا كونهما من الكتاب..
  8. محمد بن علي الشوكاني(١٢٥٠هـ): الموافق لقواعد العربية أن يكون الظرف خبرا مقدما، والأولى بالمعنى أن يكون مبتدأ تقديره: من الكتاب آيات بينات، على نحو ما تقدم من قوله تعالى: ﴿ومن النَّاسِ من يقُولُ ﴾[سورة البقرة / ٨ ،[وإنّما كان الأولى؛ لأن المقصود انقسام الكتاب إلى القسمين المذكورين لا مجرد الإخبار عنهما بأنهما من الكتاب…

وغيرهم ممن ذكر الباحث في مقاله، أفبعد هؤلاء الفقهاء والمفسرين والعلماء تنتظرون غيرهم !!؟؟؟؟ ثم من يجرؤ على مخالفة أقوالهم!؟؟؟؟ إلا من كان حاقدا متعنتا غلب عليه جهله!!!؟؟؟؟