المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود عليه السلام العربية ..131

ضمير الشأن .. علّموا أولادكم “ضمير الشأن” ولْيعلّمه أولادُكم أولادَهم

قد اعتمدنا في العديد من التوجيهات النحوية في لغات المسيح الموعود عليه السلام العربية، على حذف ضمير الشأن، وذلك في العديد من المواضع والأبواب؛ كما في الأمثلة التالية من كلام المسيح الموعود عليه السلام:

  1. وكاد أن ينفطر عمود الإسلام (سر الخلافة). في دخول أنْ على خبر كاد
  2. وكان هذا ((وعد)) من الله في التوراة والإنجيل والقرآن (الخطبة الإلهامية).فيما ظُن أنه رفع خبر كان، وهو في الحقيقة باب كان الشأنية.
  3. وقد علمتم يا معشر الأعزة، أن ((مالِكٌ)) الذي كان أحد من الأئمّة الأجلّة (مكتوب أحمد، ص 9).و “فإن لكل زمان ((سلاح)) آخر وحرب آخر.” (نور الحق).وذلك فيما ظن أنه رفع اسم إنّ.
  4.  ثم إذا صبا إلى ثدي الأُمّ للرضاع، فيُسمَّى صبيًّا. (منن الرحمن) في باب اقتران الفاء بالفعل المضارع في جواب الشرط.
  5. ما أرى مثل هذا الذكر الصريح ((ثابت)) بالتحقيق الذي مخصوص بالصدّيق لرجل آخر في صحف رب البيت العتيق (سر الخلافة، ص 31). في باب الألغاء في أفعال القلوب.
  6. نجد في القرآن أن في آخر الزمان ((تغلب النصارى على وجه الأرض)). (حمامة البشرى) فيما ظُن أنه دخول إنّ على الجملة الفعلية.

وقد قلت لمن اعترض على هذه المواضع، إنه مَن يغيب عنه ضمير الشأن، فلا شأن ولا ضمير له في اللغة.

كما أوصيت الإخوة في عدة مواضع أن يحفظوا ضمير الشأن ويعلموه لأولادهم وأولاد اولادهم، لأنه في الحقيقة يكثر استعماله والاعتماد على حذفه في لغات المسيح الموعود عليه السلام الآنفة الذكر.

ولقد تفيهق المعارضون عن جهل مدقع باللغة والنحو، متذرعين أن حذف ضمير الشأن لا يكون بهذه السهولة بل لا بد أن يكون للتنبيه إلى أمر عظيم الشأن. ومما يريد أن يومئ له المعارضون، هو أن حذف ضمير الشأن في هذه الأبواب يأتي فقط على قلة أو ندرة.

فرأيت أن أخصّ ضمير الشأن لأهميته مقالا خاصا لندحضَ هذه الترهات التي يدلون بها ولنقول:

إن كان إضمار أو حذف ضمير الشأن أو ذكره للتنبيه إلى أمر عظيم الشأن؛ فكلام مسيح آخر الزمان كله عظيم الشأن؛ والأمر يعود له في حرية اختيار استعماله وإضماره أينما يشاء.

كما أنّ تقييد استعمال ضمير الشأن فقط لعظيم الأمر ليس صحيحا، بل نرى أن النحاة في توجيهاتهم المختلفة لا يتورعون عن تقديره وتقدير إضماره وحذفه في الكثير من الأبواب دون هذا التقييد، بل ومنهم من يذهب إلى جواز حذفه واطراد هذا الحذف مطلقا في باب إن وأخواتها بالأخص. وإليكم أهم هذه الإثباتات من المصادر النحوية المختلفة.

1- المدارس النحوية (ص: 41- 42)

“ومما يطرد فيه الحذف ضمير الشأن إذا كان اسما لإن وكأن ولكن وأن، قال سيبويه: “روى الخليل أن ناسا يقولون: إنّ بك زيدٌ مأخوذ، وقال: هذا على قوله: إنه بك زيد مأخوذ”

خلاصة هذا الاقتباس: اطراد حذف ضمير الشأن إذا كان اسما لإن وأخواتها.

2- المدارس النحوية (ص: 75)

“وتابع الخليل في أن اسم إن وأخواتها إذا كان ضمير شأن حذف كثيرا، وسبق أن صورنا ذلك في حديثنا عن الخليل. ولاحظَ أن اسم “كان وليس” المضمر يكثر حذفه وعقد لذلك بابا مثل: “كان الناس صنفان: صالح وطالح”، و”ليس كل وقت تلقى صاحبك” وجعل إضمار اسمهما واجبا في باب الاستثناء مثل: جاء القوم لا يكون محمدا، وليس محمدا. ”

أي : اسم إنّ وكان وأخواتهن يكثر حذفه إذا كان ضمير شأن.

3- مغني اللبيب عن كتب الأعاريب (ص: 787)

“ولاشتراط الدَّلِيل فِيمَا تقدم امْتنع حذف الْمَوْصُوف …وَحذف الْمُبْتَدَأ إِذا كَانَ ضمير الشَّأْن لِأَن مَا بعده جملَة تَامَّة مستغنية عَنهُ وَمن ثمَّ جَازَ حذفه فِي بَاب إِن نَحْو إِنّ بك زيد مَأْخُوذ لِأَن عدم الْمَنْصُوب دَلِيل عَلَيْهِ”

أي: أن الدليل على حذف ضمير الشأن والمجوِّز لذلك هو عدم ورود المنصوب بعد إنّ.

4- همع الهوامع في شرح جمع الجوامع ( 497- (1/ 496

” الثَّالِثَة فِي جَوَاز حذف الِاسْم فِي هَذَا الْبَاب(باب عمل إن وأخواتها) للْعلم بِهِ مَذَاهِب أَحدهَا الْجَوَاز مُطلقًا وَعَلِيهِ الْأَكْثَر حكى سِيبَوَيْهٍ عَن الْخَلِيل إِنّ بك زيدٌ مَأْخُوذ أَي إِنَّه وَحكى الْأَخْفَش إِن بك مَأْخُوذ أَخَوَاك وَقَالَ الشَّاعِر 512 –

(فَلَو كنت ضَبِّيّاً عَرَفْتَ قَرَابَتِى … ولكنَّ زَنْجىٌّ عظيمُ المَشَافِر) أَي وَلَكِنَّك وَقَالَ

(فليت دَفَعْت الهمّ عنّي سَاعَةً … )

أَي فليتك الثَّانِي أَنه خَاص بالشعر وَصَححهُ ابْن عُصْفُور والسخاوي فِي شرح الْمفصل الثَّالِث أَنه حسن فِي الشّعْر وَغَيره مَا لم يؤد حذفه إِلَى أَن يَلِي إِن وَأَخَوَاتهَا فعل فَإِنَّهُ إِذْ ذَاك يقبح فِي الْكَلَام قيل وَفِي الشّعْر أَيْضا وَهَذَا هُوَ القَوْل الرَّابِع لِأَنَّهَا حُرُوف طالبة للأسماء فاستقبحوا مباشرتها الْأَفْعَال الْخَامِس أَنه حسن فيهمَا إِن لم يؤد الْحَذف إِلَى أَن يلى إِن وَأَخَوَاتهَا اسْم يَصح عَملهَا فِيهِ نَحْو إِن فِي الدَّار قَامَ زيد وَقَوله (كَأَنّ على عِرْنينِه وجَبينِه … أَقَامَ شُعَاعُ الشَّمس أَو طلَع البدْرُ)

وَقَوله (إنّ مَنْ يدْخل الكنيسةَ يَوْمًا … يَلْقَ فِيهَا جآذراً وظِباءَ)

فَإِن الشَّرْط لَا يحسن عمل إِن فِيهِ فَإِن أدّى إِلَى ذَلِك لم يجز نَحْو إِنَّه زيد قَائِم فَلَا يجوز حذف الضَّمِير السَّادِس أَن الْحَذف خَاص بإن دون سَائِر أخواتها وَنَقله أَبُو حَيَّان عَن الْكُوفِيّين وَأكْثر مَا يكون الِاسْم إِذا حذف ضمير الشَّأْن وَقد يكون غَيره كَمَا تقدم فِي وَلَكِنَّك وليتك ”

خلاصة هذا المصدر أن أغلب النحاة، وعلى رأسهم سيبويه، يجوّزون حذف اسم إن وأخواتها مطلقا، وهو أشهر مذهب من بين عدة ، وأكثر حذف الاسم إذا كان ضمير الشأن.

5- شرح التسهيل لابن مالك (2/ 13)

“كأنّ وقد أتى حَوْلَ كَمِيل … أثافيَها حماماتٌ مثولُ

ويجوز حذف الاسم إذا فهم معناه، ولا يخص ذلك بالشعر، بل وقوعه فيه أكثر، وحذفه وهو ضمير الشأن أكثر من حذفه وهو غيره، ومن وقوع ذلك في غير الشعر قول بعضهم: إنّ بك زيدٌ مأخوذٌ، حكاه سيبويه عن الخليل مريدا به: إنه بك زيدٌ مأخوذ، وعليه يحمل قوله صلى الله عليه وسلم: “إنّ من أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون”. هكذا رواه الثقات بالرفع. وحمله الكسائي على زيادة من، وجعل أشد الناس اسما، والمصورون خبرا، والصحيح أن الاسم ضمير الشأن، وقد حذف كما حذف في: إنّ بك زيدٌ مأخوذ، لأن زيادة من مع اسم إن غير معروفة.”

أي حذف ضمير الشأن كاسم إن وأخواتها كثير لا يختص بالشعر فقط.

6- تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (3/ 1490)

” فيكون هذا نظير قول بعض العرب «إنّ بك زيد مأخوذ» على تقدير إنه بك زيد مأخوذ ومما ينبغي أن يحمل على هذا قول كعب بن زهير رحم الله تعالى كعبا.”

7- البديع في علم العربية (1/ 537)

وحكى الخليل أنّ بعض العرب يقول:” إنّ بك زيد مأخوذ”

8- شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (2/ 476)

وهما نيّة الضمير أو نيّةُ اللام، فنيّةُ الضمير ثابتةٌ في البيت المذكور وفي قولهم: إنّ بك زيدٌ مأخوذٌ،

9- تعليق الفرائد على تسهيل الفوائد (4/ 22)

“ولا يخص حذف الاسم المفهوم معناه بالشعر بل يجوز حذفه في النثر والنظم، سواء كان ضمير شأن أو غيره كقولهم: إنّ بك زيدٌ مأخوذٌ، وقوله:

إنّ من يدخل الكنيسة يوما *** يلق فيها جاذرا وظباء”

خلاصة الاقتباس أن حذف ضمير الشأن كاسم إنّ يأتي نثرا وشعرا وليس مخصوصا بالشعر.

فكل هذه الشواهد، تقطع الشك باليقين، على شيوع واطراد وكثرة حذف ضمير الشأن، في هذه الحالات والأبواب، لا سيما كان وإن وأخواتهن.