المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود عليه السلام العربية ..316

نكتة الأخطاء الصوتية ..3

كلمة (تحكُّم)

الاعتراض:

يدعي المعترض وقوع الخطأ في الأبيات الشعرية التالية من كلام المسيح الموعود عليه السلام :

1: أَمُكْفِرِ! مهلاً بعضَ هذا التحكم … وخَفْ قَهْرَ ربٍّ قال {لا تقفُ} فاحذروا. (حمامة البشرى)

2: أمُكْفِرِ مَهْلاً بعضَ هذا التحكُّمِ … وخَفْ قَهْرَ ربٍّ قال {لا تَقْفُ} فَاحْذَرُ. (الخطبة الإلهامية)

3: جاءتك آياتي فأنت تُكذِّب … شاهدتَ سلطاني فأنت تَحَكّم  (حقيقة الوحي)

ووفق زعمه فإن الخطأ حاصل في كلمة (التّحكم)، وهو خطأ صوتي، فلا بدّ ان تكون الكلمة (التهكم/ تهكَّم). وهذا الخطأ وفق زعمه نابع من العجمة وتأثير اللغة الأردية على المسيح الموعود عليه السلام.

الرد:

ليس هنالك أي خطأ واقع في كلمة تحكم في الجمل او الأبيات المذكرو أعلاه. فلا خطأ صرفي ولا خطأ صوتي ولا عجمة ولا لغة أردية وقعت في هذه الجمل. إذ  إن زعم المعترض أن الكلمة لا بدّ ان تكون (تهكم) ما هو إلا زعم واهٍ لا أساس له من الصحة. فكلمة (تحكم) في هذه الجمل واقعة بالمعاني المتعارف عليها لهذه الكلمة؛ والتي تنص عليها المعاجم المختلفة. وإليكم ما جاء في المعاجم العربية في معاني هذه الكلمة:

1: تكملة المعاجم العربية (3/ 257)

تحكَّم: استبد وتصرف كما يشاء (المقدمة 1: 319، 320) والمصدر منه تحكّم بمعنى زعم باطل. (المقدمة 2: 342).

 

2: معجم اللغة العربية المعاصرة (1/ 537)

“تحكَّمَ بـ/ تحكَّمَ في يتحكَّم، تحكُّمًا، فهو متحكِّم، والمفعول متحكَّم به

  • تحكَّم بالأمر/ تحكَّم في الأمر: استبدَّ وتعنَّت “الحزم في الإدارة لا يعني التَّحكّم في إصدار القرارات والتّعليمات.

 

3: معجم اللغة العربية المعاصرة (1/ 538)

تَحَكُّمِيّ [مفرد]:

1 – اسم منسوب إلى تحكُّم.

2 – اعتباطيّ، ما اتُّخذ وفق الإرادة والهوى “قراره تحكّميّ لا يستند إلى عقل أو منطق”.

3 – استبداديّ.

فهذه هي إذن معاني كلمة (التحكم) باشتقاقاتها المختلفة: 1: الاستبداد والتعنت في الرأي، 2: التصرف الاعتباطي كما يشاء الإنسان وفق الهوى دون عقل ومنطق، 3: الزعم الباطل.

ونرى ان هذه المعاني لكلمة (التحكم) تنطبق على الجمل الثلاث المعترض عليها.

فوفق هذه المعاني يكون معنى البيتين الأول والثاني: يا مكفري، تمهل ولا تتعجل في تحكمك، أي لا تتعنت وتستبد في رأيك، ولا تتصرف وفق هواك بصورة اعتباطية دون عقل ولا منطق، ولا تزعم مزاعم باطلة في شأني.

ويكون معنى البيت الثالث: رأيتَ آياتي ورغم ذلك تستمر في الكذب، ورأيت قدرتي وقوتي وتستمر في التعنت والاستبداد في رأيك، والتصرف وفق هواك دوق عقل ودون منطق.

ومما يثبت ان هذا هو المعنى المقصود من هذه الكلمة، هو ان  المسيح الموعود عليه السلام استعمل هذه الكلمة في مواضع عدة اخرى، تؤكد هذه المعاني او بعضا منها؛ كما في السياقات التالية:

1:  فلا بد من أن نقرّ بلسانٍ، هي أُمُّ كلِّها لكمال بيان، وإنكاره جهلٌ وسفاهة، واللَّدَدُ تحكُّمٌ ومكابرة، وقد تبيّن الحق لو كنتم طالبين. . (منن الرحمن) :أي إن شدة الخصومة تعنُّت واستبداد في الرأي ومكابرة.

 

2: فمن أين علمت أن لفظ {مُتَوَفِّيكَ} مُشْعِرٌ برفع الجسد؟ والخَلق ينامون كلهم ولكن لا يقبض الله جسم أحد منهم. فاترُك التحكّمَ والمكابرة، وانظر إيمانا وديانة لينفخ الله في روعك ويجعلك من العارفين. (حمامة البشرى). أي فاترك الاستبداد في الرأي والتعنت.

وكفى بكل هذا دليلا على صدق المسيح الموعود علي السلام وغواية المعترض، وأنه لا يقصد من هذه الكلمة معنى التهكم والسخرية، بل التحكم هو التعنت والاستبداد في الرأي.