المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود عليه السلام العربية …303

مجمع اللغة العربية يؤكد توجيهاتنا في أفعَل التفضيل

تجرد أفعَل التفضيل عن المفاضلة أو اكتسابها معنى المفاضلة المطلقة

الاعتراض:

نعرض فيما يلي اعتراض المعترضين بحذافيره كما عرضوه بصيغة التحدي فقالوا:

“التحدي التاسع الثلاثون: اسم التفضيل

إذا أُضيف اسم التفضيل إلى نكرة فيلزمه الإفراد والتذكير والتنكير، ويكون المفضَّل عليه (المضاف إليه) مطابقا للمفضَّل في النوع والعدد. كما أنه لا يُشتقّ من الفعل غير القابل للتفاوت، مثل مات، إلا إذا حمل معنى آخر.

وفيما يلي أخطاء الميرزا:

1: وقد وجب علينا إعلام المتغفلين بأسرع أوقات (نور الحق، ص 17). الصحيح: في أسرع وقت.

2: وتبلُغ دعوتُه وحجّته إلى أقطار الأرض بأسرعِ أوقاتٍ كبرق يبدو من جهة فإذا هي مشرقة في جهات. (الخطبة الإلهامية، ص 76). الصحيح: في أسرع وقت.

3: فأي دليل واضح من هذا إن كنت من المنصفين؟ (حمامة البشرى، ص 191). الصحيح: أوضح.

4: يقولون أنت كاذب! فما لهم إنهم ينبّهونني عني، ويظنون أنهم أعثَرُ على نفسي مني؟ (مواهب الرحمن، ص 41). الصحيح: أعرف.

“عثرَ الرّجل يعثرُ عثراً إذا اطلّع على شيء لم يطلّع عليه غيره” (العين). وحيث إنّ عملية العثور على الشيء تتمّ في لحظة، فلا مجال للتفاوت فيها، أي لا يصحّ أن نقول إن زيدا عثر على الكنز أكثر من عمرو، بل هما متساويان في العثور عليه، ولا مجال للمقارنة في العثور نفسه، بل يمكن أن نقارن بينهما في سرعة العثور مثلا، فنقول: زيد أسرع من عمرو في عثوره على الكنز.

5: وفي كلّ سنةٍ يرى صورته أوحشَ من سنة أولى (الاستفتاء، ص 10). الصحيح: أوحش من السنة السابقة.

6: وثبت بالقطع واليقين أن زمان الأمّة المرحومة المحمدية قليل في الحقيقة من زمان الأمّة الموسوية والعيسوية (الخطبة الإلهامية، ص 110 – 111). الصحيح: أقلّ.

7: وهو أول رجال بايعوني [حمامة البشرى]

8: فالزمان الأوّل هو زمانٌ أوّل من القرون الثلاثة مِن بُدُوِّ زمان خير البرية. (سر الخلافة) الصحيح:فالزمان الأول هو أول القرون الثلاثة بعد خير البرية

9: هذا آخرُ حِيَلٍ أردناه في هذا الباب. (مكتوب احمد )  الصحيح: هذه آخر حيلة أردناها ” [ إلى هنا النقل عن المعترضين].

الرد:

كنا قد رددنا على هذه الاعتراضات في سلسلة من المقالات الخاصة بأفعل التفضيل. (ينظر: مظاهر الإعجاز 209 إلى 215).

وملخص اعتراض المعترض على هذه الجمل: أن في بعضها لم يلزم أفعل التفضيل الإفراد والتذكير، وفي بعضها الآخر لم يتطابق المضاف إليه (المفضل عليه) مع المفضل الموصوف في التذكير والإفراد وفروعهما.

وأما ملخص ما ذهبنا إليه من توجيهات في هذه الجمل:

1: خصوصية الكلمات (أول) و(أولى) في دلالتها المعنوية، وخروجها عن الوصفية ومعنى أفعَل التفضيل، إلى معنى الاسم فتكون اسما على معنى: القديم ، والمبدأ والابتداء والسابق.

2: أن أفعَل التفضيل في هذه الجمل قد تجرد من معنى المفاضلة كلية، مكتسبا معنى اسم الفاعل أو الصفة المشبهة تأويلا.

3:أنّ أفعل التفضيل خرجت في هذه الجمل من معنى المفاضلة عن المفضول وحدَه، واكتسبت معنى المفاضلة المطلقة، أي المفاضلة على المفضول وغيره، فيكون المفضَّل أفضل من كل مَن سواه.

وفي هذه الحالات كلها تسقط عن صيفة (أفعل) المجرد من أل والإضافة، وكذلك المضاف إلى النكرة، شروط لزوم الإفراد والتذكير. فيجوز تأنيث وجمع صيغة أفعل. فبدلا من القول: هي أول وهي أكبر وهي أصغر؛ نقول: هي أولى وهي كبرى وهي صغرى: بمعنى هي متقدمة أو سابقة وهي كبيرة وهي صغيرة. أو بمعنى هي الأولى من بين كل من سواها، والكبرى والصغرى من بين كل من سواها.

كما أنه في هذه الحالات لا وجوب لمطابقة الموصوف مع المضاف إليه من حيث الإفراد وفروعه. لنقول: الرجل أفضل رجال فيكون القصد الأفضل من بين الرجال جميعا إذا فضل عليهم رجالا رجالا، أو أنه فاضل رجال أي فاضل من بين رجال. وإذا قلنا البنت هي فضلى بنات، أي أنها الأفضل أو الفضلى من بين جميع البنات، إذا فضلت عليهن بناتا بناتا، أو أنها فاضلة بنات أي فاضلة من بين بنات. وإن قلنا هؤلاء أفاضل رجال أي أنهم الأفضل من بين جميع الرجال إذا فضلوا عليهم رجالا رجالا، أو أنهم فاضلو رجال أي فاضلون من بينهم.

 

ففي كل هذه الأمثلة الخارجة إلى معنى الأفضلية المطلقة أو للدلالة على اسم الفاعل، لا وجوب لإلزام صيغة أفعل المضاف إلى نكرة الإفراد والتذكير، ولا لزوم لمطابقة الموصوف للمضاف إليه. فتسقط عن صيغة أفعل الشروط المذكورة في أفعل التفضيل.

وقد أثبتنا أنه لا خطأ في مجيء صيغة أفعل مضافة إلى جمع نكرة، كما مثّل لذلك النحو الوافي بقوله أفضل رجال وأفضل نساء وأحسن وجوه.

ومما رأيناه مؤيدا لتوجيهاتنا هذه، ما يصرح به أعضاء مجمع اللغة العربية المصري في بعض أبحاثهم وقراراتهم المتعلقة بأفعل التفضيل، فهم يقرون ويؤكدون إمكانية خروج أفعل التفضيل عن معنى التفضيل إلى المفاضلة المطلقة، أو أن يُسلب منها معنى المفاضلة كلية.

(ينظر بحث للاستاذ محمد على النجار وبحث الأستاذ محمد محيي الدين كتاب “في أصول اللغة ، ج1، ص136-150)

ومن ثم فإن المجمع قد أقر في باب أفعل التفضيل، بما يتعلق بالمطابقة بين صيغة أفعل وموصوفها في التذكير والإفراد وفروعهما. ما يلي:

1: أن في أفعل التفضيل المحلى بأل يجوز فيه المطابقة وعدمها للموصوف، كما هو الحال في أفعل التفضيل المضاف إلى معرفة. (ينظر: في أصول اللغة، ج4، ص 326)

2: وأن أفعل الخارجة عن معنى التفضيل عن المفضول وحده، أي تلك التي للمفاضلة المطلقة، أو المتجردة عن معنى المفاضلة؛  يجوز فيها كذلك المطابقة وعدمها مع الموصوف أي يجوز الإفراد والتذكير في أفعل كما يجوز مراعاة المعنى والكلام.  (ينظر: في أصول اللغة، ج4، ص 767)

كل هذا يصب في نفس الاتجاه الذي ذهبنا إليه في توجيه الفقرات أعلاه من كلام المسيح الموعود عليه السلام.