# المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود ع العربية .. 76
نكتة الخطأ في أم التسوية والخلط بين (أم) التعيينية و (أو) التخييرية
جواز العطف بـ (أو) بعد كلمة سواء وفق سيبويه وثلة من النحاة ومجمع اللغة القاهري..
الاعتراض:
قيل بأن المسيح الموعود عليه السلام يخلط كثيرا بين (أم) التعيينية و (أو) التخييرية، ومن بين هذه الحالات عطفه بـ (أو) بدلا من أم بعد همزة التسوية، وهي الهمزة التي ترِد بعد كلمة (سواء) في مثل الآية القرآنية التالية: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7)} (البقرة 7)؛ حيث وقع العطف فيها بحرف العطف (أم) وليس (أو)، وهكذا يجب أن يكون دائما وفق ما يدّعيه المعارضون.
وبناء على ذلك فقد أخطأ المسيح الموعود عليه السلام في كل الفقرات التالية، نظرا لأن العطف فيها جاء بالحرف (أو) وليس (أم) كما يلي:
- فاعلم أن آيات القرآن كلها تدل على أن الميت لا يرجع إلى الدنيا أصلاً، سواء كان في الجنة أو في جهنم أو خارجا منهما (حمامة البشرى، ص 102).
- إن مدار الفصاحة على ألفاظ مقبولة سواء كانت من لسان القوم أو مِن كلمٍ منقولة مستعمَلة في بلغاء القوم غيرِ مجهولة، وسواء كانت من لغة قوم واحد ومن محاوراتهم على الدوام، أو خالطَها ألفاظٌ استحلاها بلغاءُ القوم (نور الحق، ص 91).
- سواء كانوا من المسلمين أو المسيحيين أو الآرية (لجة النور، ص 43).
- سواء كان مِن عالم الأرواح أو من عالم الأجسام، وسواء كان من مخلوق الأرض أو كالشمس والقمر وغيرهما من الأجرام (إعجاز المسيح، ص 69).
- سواء لي مَن عادَ إليّ أو عادى (إعجاز المسيح، ص 101).
- وما كان لأحد أن يكون غنيًا عن هذه الدعوة، ولا معرضا عن هذه المُنْية، نبيًّا أو كان من المرسَلين (كرامات الصادقين، ص 85). واصلها:سواء أكان نبيا أو كان من المرسلين فحذفت كلمة سواء
- ولمن يأتِ برسالة مثلها فله إنعام من ألف من الورق غير مقلد كان أو من المقلدين. (كرامات الصادقين، الغلاف). وأصلها: سواء أغير مقلد كان او من المقلدين فحذفت كلمة سواء.
وكما نلحظ فإن في كل هذه الجمل قد تمّ حذف ألف التسوية واقتُصر على ذكر كلمة سواء، وفي الجملتين الأخيرتين تمّ حذف كلمة (سواء) وألف التسوية معا، رغم أن الأصل وجودها؛ وكل هذا جائز ومعروف. غير أن اعتراض المعترضين يتمركز حول العطف بـ (أو) بدلا من (أم) وهذا ما سوف نردّ عليه.
الرد:
المقدمة:
لا بدّ من التنويه إلى أن مسألة العطف بـ (أو) بعد ألف التسوية لهو موضع خلاف بين النحاة، مرده إلى كيفية إعراب هذه الجمل، وبالتحديد كلمة (سواء) وما بعدها، فهنالك من ذهب إلى منع العطف بـ (أو) كلية، وهنالك من ذهب إلى أجازته عند حذف ألف التسوية فقط، وهنالك من أجازه قاطبة كالرضي والخضري وعباس حسن في النحو الوافي والأمير محمد بن محمد -صاحب حاشية الأمير على مغني اللبيب لابن هشام- ؛ إلى أن جاء مجمع اللغة العربية في القاهرة وفصل في الموضوع سنة 1969 بإجازة العطف ـ (بأو) بعد ألف التسوية -قاطبة- وفي كل الحالات؛ كما سنبيّنه في التفصيل التالي:
البحث والتفصيل:
جاء في هامش النحو الوافي ما يلي: ((التركيز على ما بين الأقواس المزدوجة))
“أعرب الجمهور لفظ “سواء” -في الآية {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (22)} (إِبراهيم 22)- خبرًا مقدمًا، عن الجملة التي بعده لتأويلها بمصدر. أي: جزعُنا وصبرُنا سواء علينا، أو عكسه وهو إعراب “سواء” مبتدأ والمصدر المؤول خبره؛ لأن الجار والمجرور والمتعلق بلفظ “سواء” يُسَوغ الابتداء به وجعلوه “أي: لفظ سواء” من مواضع سبك الجملة بلا سابك؛ كهذا يوم ينفع الصادقين صدقهم، مما أضيف فيه الظرف إلى الجملة -وقد سبقت الإشارة إليه في باب الإضافة ص38 و83- تسمع بِالمُعَيْدِيِّ خير من أن تراه، مما أخبر فيه عن الفعل بدون تقدير: “أنْ”. ولا يرد أن:”سواء” لاقتضائها التعدد تنافي ” أم ” التي لأحد الشيئين،لانسلاخ “أم” عن ذلك، وتجردها للعطف والتشريك كما انسلخت الهمزة -في الآية ونظائرها- عن الاستفهام، واستعيرت للإخبار باستواء الأمرين في الحكم، بجامع استواء المستفهم عنهما في عدم التعيين، فالكلام معها خبر لا يطلب جوابًا؛ ولذا لم يلزم تصدير ما بعدها. فجاز كونه مبتدأ مؤخرًا. وعلى هذا يمتنع بعدها العطف “بأو” لعدم انسلاخها عن: الأحد، “أي: عن أحد الشيئين” ك “أم”. التي انسلخت عنه ((ولذا لحن في المغني قول الفقهاء: “سواء كان كذا أو كذا”. وصوابه: “أم”. لكن نقل الدماميني عن السِّيرافي، أن “أو” لا تمتنع في ذلك إلا مع ذكر الهمزة لا مع حذفها. قال وهذا نص صريح يصحح كلام الفقهاء راجع أيضًا رأي سيبويه في “ب” من ص611، في نهاية الكلام على: “أو” العاطفة؛)) أما التنافي المذكور فيتلخص منه بما اختاره الرضى من أن “سواء” خبر مبتدأ محذوف: أي: الأمران سواء، والهمزة. بمعنى: “إنْ” الشرطية. لدخولها على أمر غير متيقن، وحذف جوابها لوجود ما يدل عليه، وجيء بها لبيان الأمرين؛ أي: إن قمت أو قعدت فالأمران سواء؛ “فأم” للأحد، مثل: “أو” في أن الأصل فيها أن تكون لأحد الشيئين، أو الأشياء، كما سيذكر في “أ” ص611 وفيها بعض حالات مستثناة هناك والجملة غير مسبوكة ونقل عن السيرافي مثله” ا. هـ.
((وواصل الخضري كلامه قائلًا؛ “وإذا تأملت ذلك علمت أنه على إعراب الجمهور لا تصح “أو” مطلقًا، لما فاتها من التسوية إلا أن يدعي انسلاخها عن “الأحد” مثل “أم”. أما على إعراب “الرضيّ” فتصح مطلقًا؛ فلا وجه لقصر جوازها على عدم الهمزة؛ إذ المقدر كالثابت.)) على أن التسوية كما قاله المصنف مستفادة من “سواء” لا من الهمزة. وإنما سميت همزة التسوية لوقوعها بعد ما يدل عليها، وحينئذ فالإشكال في اجتماع: “أو” مع “سواء” لا الهمزة” ا. هـ. بتصرف يسير في بعض كلمات أزيل غموضها.
ومثل هذا في حاشية الصبان مع اختلاف يسير في القاعدة. ((والأفضل الأخذ بما جاء في الخضري لأنه يساير أكثر الكلام المأثور. ويدل دلالة واضحة على إباحة استعمال: “أو في كل” الحالات.))
((وقد صحح اجتماع “أو” وهمزة التسوية بعض المحققين، مخالفًا في هذا رأي سيبويه المشار إليه الآتي في “ب” من ص611 ومنهم صاحب حاشية الأمير على “المغنى” ج1 عند الكلام على “أم” المتصلة، والعطف بالحرف: “أو” بعد الهمزة. هذا إلى قراءة بعضهم قوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَو لَمْ تُنْذِرْهُمْ} . بدلًا من “أم لم تنذرهم” … ولا يقال إن هذه القراءة -عند بعضهم- شاذة؛ لأن ما يجوز في القرآن الكريم يجوز في غيره من باب أول، كما نص عليه الثقات،)) أما إعراب “الرضي” فمع وضوحه ويسره حين تكون الجملتان فعلتين يحتاج إلى تأويل وتقديره محذوفات حين تكون الجملتان اسميتين أو مختلفتين. وهناك إعرابات أخرى؛ منها: اعتبار كلمة: “سواء” متضمنة معنى المشتق، فهي بمعنى: متساو -مثلًا- وأنها على حسب هذا التضمن مبتدأ والمصدر المؤول بعدها فاعله، أو أنها خبر مقدم … كما جاء في كتاب: العكبري، المسمى “إملاء ما مَنَّ به الرحمن”. لكن في كلام الخضري السابق الكفاية.
((وجاء مجمع اللغة العربية بالقاهرة فأصدر قرارًا حاسمًا في الاستعمالات السالفة، وسجل قراره في ص227 من كتابه الذي أخرجه سنة 1969 باسم: “كتاب في أصول اللغة” ونص قراره تحت عنوان “استعمال: “سواء” مع “أم” ومع “أو” بالهمزة وبغيرها:
“يجوز استعمال “أم” مع الهمزة وبغيرها وفاقًا لما قرره جمهرة النحاة، واستعمال “أو” مع الهمزة وبغيرها كذلك على نحو التعبيرات الآتية: سواء عليّ أحضرت أم غبت -سواء على عليّ حضرت أم غبت سواء على أحضرت أو غبت- سواء على حضرت أو غبت. والأكثر في الفصيح استعمال “الهمزة” و”أم” في أسلوب “سواء” ا. هـ. “))” (إ.هـ النقل من النحو الوافي) {النحو الوافي (3/ 586-588)}
وأما عن جواز حذف همزة التسوية وكلمة سواء في مثل هذه التراكيب، كما هو في عبارات المسيح الموعود عليه السلام المذكورة أعلاه؛ يقول النحوة الوافي ما يلي:
“وأن التسوية مستفادة من كلمة “سواء” أو مما يدل دلالتها؛ مثل: “لا أبالي”. وليست مستفادة من الهمزة، وإنما فائدة الهمزة هي تقوية التسوية، وتأكيدها. ويصح الاستغناء عن هذه الهمزة بقرينة تدل عليها -كما سيجيء في ص596″. النحو الوافي (3/ 585)
ويتابع :
” يصح في الأسلوب المشتمل على “أم” المتصلة الاستغناء عن الهمزة بنوعيها (يقصد همزة التسوية وهمزة الاستفهام) إن عُلم أمرها، ولم يوقع حذفها في لبس. فمثال حذف همزة التسوية: “سواء على الشريف راقَبه الناس أم لم يراقبوه؛ فلن يرتكب إثمًا، ولن يقع في محظور”. والأصل: أراقبه الناس … ، ومثال حذف الأخرى قول الشاعر:
لعَمْرُك ما أَدري -وإِنْ كنت داريًا- … بسبع رَمَيْنَ الجمرَ أَمْ بثَمانِ؟
يريد: أبسبع أم بثمان؟ وتظل حالات: “أم” وأحكامها بعد حذف الهمزة كما كانت قبل حذفها1.” {النحو الوافي (3/ 596)}
وعن إمكانية حذف كلمة سواء في هذه التراكيب كما هو وارد في الجملتين الأخيرتين من عبارات المسيح الموعود المذكورة أعلاه، يقول النحو الوافي:
“وليس من اللازم أن تكون همزة التسوية مسبوقة بكلمة “سواء” فقد يغنى عنها ما يدل دلالتها في التسوية؛ نحو: “ما أبالي” … أو ما يشبهها من هذه الناحية إنما اللازم أن تكون مسبوقة بكلمة: “سواء” أو بما يؤدي معناها؛ كما في بعض الأمثلة السابقة. “{النحو الوافي (3/588 – 589)}
وأما عن رأي سيبويه في العطف بـ (أو) بدلا من (أم) بعد كلمة سواء، يقول النحو الوافي ما يلي:
“يقول سيبويه: إذا ذكرت همزة التسوية بعد كلمة: “سواء” فلا بد من مجيء “أم” العاطفة، لا فرق في هذا الحُكم بين أن يكون بعد الهمزة اسمان أو فعلان؛ نحو: “سواء عَلَيّ أمقيم ضيفي أم هو مرتحل سواء علىّ أَبَقِيَ الضيف أم ارتحل”، فإن كان بعد: “سواء” فعلان بغير همزة التسوية عُطف الثاني منهما على الأول بالحرف: “أو”. نحو: “سواء علينا رَضِيَ العدو أو سَخِط”. ورأيه هذا مخالف لما نقلناه -في رقم 3 من هامش ص588 وما يتصل بها- عن بعض المحققين الذين يجيزون مجيء “أم” والصواب معهم. وفي تلك الصفحة أيضًا بيان الصفة والارتباط بين الحرفين: “أو” و”أمْ”.
وإن كان بعدهما اسمان بغير همزة التسوية عطف الثاني على الأول بالواو، ولو كان الاسمان مصدرين؛ نحو سواء على حمزةُ وعامرٌ، سواءٌ علينا اعتدالُ الجو وانحرافُه” {النحو الوافي (3/ 611)}
التلخيص والنتيجة:
يتلخص من كل هذه النصوص التي أوردناها النتائج التالية:
- يرى جمهور النحاة وجوب العطف بعد كلمة سواء فقط بحرف العطف (أم).
- إلا أن بعض النحاة الآخرين يرى أنه يجوز بعد كلمة سواء العطف بالحرف (أو) إذا تم حذف همزة التسوية، وتلا كلمة (سواء) فعلان. ومن هؤلاء العلماء سيبويه والسيرافي. وهذا الرأي بحد ذاته يؤكد صحة عبارات المسيح الموعود عليه السلام أعلاه، حيث إن فيها قد حُذفت همزة التسوية وتلا كلمة سواء فعلان أو فعل واحد وقُدّر الثاني.
- إلا أن العديد من العلماء والنحاة الآخرين أجاز العطف بعد كلمة سواء بالحرف (أو) بوجود همزة التسوية وبحذفها. ومن هؤلاء العلماء: الخضري، الرضي، الأمير محمد بن محمد مؤلف “حاشية الأمير على مغني اللبيب لابن هشام”، عباس حسن مؤلف النحو الوافي والذي أقرّ بصحة رأي هؤلاء، خلافا لرأي الجمهور وسيبويه.
- وأما الفصل في هذا الموضوع فقد جاء به مجمع اللغة العربية في القاهرة، حيث أقر بصحة العطف بـ (أو) بعد كلمة (سواء) بوجود أو عدم وجود همزة التسوية؛ وأجاز هذا العطف في كل حالات التسوية؛ إثر بحث أجراه ونشره في سنة 1969.
- يؤكد صحة جواز العطف بـ (أو) بعد كلمة سواء قراءة الآية: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ} (634) حيث أورد النحو الوافي قراءة لها بوجود همزة التسوية: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أو لم تنذرهم}؛ إلا أن العديد من المصادر الأخرى أوردتها كقراءة ابن محيصن بحذف همزة التسوية، كما أوردها ابن مالك في شواهد التوضيح جيث قال:
“ومن ذلك قراءة ابن محيصن {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ} (634) بهمزة واحدة.” {شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح (ص: 146)}
وسواء كانت هذه القراءة بوجود أو عدم وجود همزة التسوية، فهي بذاتها تؤكد صحة كل العبارات المعترَض عليها من كلام المسيح الموعود عليه السلام والمذكورة أعلاه، لأنها كلها واردة بحذف الهمزة، وتشابه هذه القراءة تماما. وإن كانت لها قراءة بوجود الهمزة فهي تؤكد صحة ما أقرّه ثلة من المحققين وعلى رأسهم مجمع اللغة القاهري بإمكانية الجمع بين أو وهمزة التسوية.
- ويؤكد النحو الوافي حُجية هذه القراءة القرآنية، وإن اعتبرها البعض شاذة، بقوله: إن ما جاز في القرآن الكريم جاز في غيره من باب أولى. وهو نفس منهج ابن مالك في الاحتجاج بالقراءات القرآنية كلها حتى الشاذ منها. حيث يقول محقق كتاب ابن مالك “شواهد التوضيح” عن ابن مالك نفسه ما يلي:
” إن ما ذكرته كان فى معرض التمثيل ليس غير، لبيان أنه (ابن مالك) كان يحتج بالقراءات حتى ولو خالفت المشهور من آراء العلماء من غير تأويل في الغالب.وعلى كثرة ما أورد منها لا نجده يضعفها أو يرد شيئًا منها كما هو مذهب أهل البصرة، ,وانما أخذ بها، سواء منها ما كان صادرًا من القراء السبعة أم العشرة أم كان من الشواذ، فهي مصدر من مصادر الشواهد النحوية، يستشهد بها في تأييد مذهبه ويقيس عليها، باستثناء موضعين. ولم يتردد في اتباع ما يقضي به المنطق المعقول (من التعويل على اللفظة الواحدة تاتى في القرآن ظاهرها جواز ما يمنعه النحاة، فيعول عليها في الجواز ومخالفة الأئمة. وربما رجح ذلك بأبيات مشهورة).” {شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح (ص: 23)}
- يجوز حذف كلمة سواء كما يجوز حذف ألف التسوية في مثل هذه التراكيب الواردة في عبارات المسيح الموعود عليه السلام، وهو في الحقيقة ليس موضع خلاف، إنما أوردنا النصوص المؤكدة عليه، لبيان صحة هذا الأسلوب؛ إذ يكفي سياق الكلام للدلالة على هذه المحذوفات.
- ومن هنا تثبت من جديد صحةكل الفقرات المذكورة أعلاه من كلام المسيح الموعود عليه السلام، بما يبكت المعارضين بشواهد يقينية، تثبت صحة وفصاحة هذه العبارات كلها. مما يجعلها مظهرا جديدا من مظاهر الإعجاز اللغوي في لغته عليه السلام وتجل آخر لمعجزة تعلمه اللغة العربية في ليلة واحدة من الله تعالى.
ملحوظة: لقد عدل محمع اللغة العربية القاهري قراره اللذي ذكرناه بتقييده في جواز العطف بــ (أو) فقط عند عدم ذكر ألف التسوية ، حيث جاء: ترى اللجنة الاخذ بما قاله النحاة من وجوب العطف بأم إذا ذكرت همزة التسوية، وترة جواز العطف بأو او أم عند عدم ذكر همزة التسوية ، أخذا بآراء بعض المتقدمين، وتصحيحا لما كثر استعماله في عصرنا الحاضر على السنةالكتاب والمتحدثين” [ في أصول اللغة ، ج4، ص 720]
غير أن هذا التعديل لا يؤثر على توجيهنا لكلام المسيح الموعود عليه السلام، لأن كل الفقرات المعترض عليها أعلاه لم تذكر فيها ألف التسوية ، قيجوز وفق القرار المعدل أن يأتي العطف فيها بأو بدلا من أم.
أقول هذا رغم أن رأيي الشخصي يتشبث بقرار المجمع الأول، الذي يعضده أراء العديد من النحاة الذين ذكرنا أسماءهم، لا سيما رأي أعضاء المجمع نفسه مثل عباس حسن ، وكذا شوقي ضيف الذي بقي متمسكا بقرار المجمع الأول ، حيث جاء في هامش القرار المعدَّل ما يلي: رأى الدكتور شوقي ضيف أنه حبذا لو وُسّع هذا القرار وأجازت اللجنة “أو” أو “أم” مطلقا بعد التسوية.