المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود عليه السلام العربية ..265

نكتة الكلمات الأردية – العربية، كلمة (نقول)..1  

الاعتراض:

يقول المعترض في مقال له تحت عنوان “جهل الميرزا بالمفردات العربية..كلمة (نُقول)” ما يلي:

“كلمة “نُقول” في الأردية جمع نَقْل والتي تعني نسْخ وتقليد. (معجم الألفاظ، ص 621)، وتعني أيضا: رواية (فيروز اللغات، ص 1371). فكلمة نُقول تعني روايات أو تقاليد. وقد استخدمها الميرزا بمعنى روايات.

أما في العربية فلم أعثر عليها في المعاجم القديمة بهذا المعنى ولا بغيره.

وقد أخطأ الميرزا في أقواله التالية:

1: وليس عندهم إلا النقول، وما لا تقبله العقول. (الاستفتاء، ص 2)

يتحدث عن المسيحيين ويقول إنه ليس عندهم إلا قصص وروايات تناقض العقل. ويمكن أن يكون قد قصد بها: التقليد، أي أنه ليس لديهم إلا التقليد المخالف للعقل.

2: إن العقول على النقول شواهدٌ. (نور الحق)

3: وكم مِن نُقُولٍ قد فراها مُسَحِّرُ. (إعجاز أحمدي)

4: وهل مِن نُقُولٍ عنْد عيْنٍ تُبَصَّرُ. (إعجاز أحمدي) ” (إ.هـ)

الرد:

إنه لمن العجب العجاب أن يدّعي من يحمّل نفسه شهادة دكتوراة في اللغة العربية، أن كلمة (نقول) ليست عربية، وأنه لم يعثر عليها في المعاجم القديمة بأي معنًى كان.

والطامة الكبرى أنه ضمّن هذا الادّعاء في أطروحة الدكتوراة المزعومة، وصادق له عليها بعض الأساتذة من معلمي اللغة العربية!! فببحث بسيط في الكتب العربية يمكن أن تظهر هذه الكلمة أكثر من ثمانية ألاف مرة. وأما في المعاجم العربية فقد وجدتها أكثر من عشرين مرة. غير أن هذا الاعتراض ينمّ عن جهل المعترض المدقع في أساسيات اللغة كما سنبيته هنا. عدا عن أنه ينمّ عن تهور كبير يمنع صاحبه من البحث الدقيق والتحري لمعرفة الحقائق اللغوية.

إلم يسمع هذا لمعترض “أبو العجائب” بكتاب: “لباب النُقُول في علم الأصول”؟! ألم يسمع بالكتاب الشهير الآخر: “لباب النُقول في أسباب النزول”!؟ يا للعجب ويا له من جهل فاضح!

أما جهل المعترض فهو جهل مركب على جهل! جهل بأن هذه الكلمة (نُقُول) هي كلمة مشتقة، فهي اشتقاق لجمع التكسير من الكلمة (نقْل)، والمعترض يثبت على نفسه جهله بأبجديات الصرف واللغة، التي تقر على أن اشتقاق جمع التكسير على وزن (فُعُول) من الوزن (فَعْل) الذي عيْنُه ليست (واو) هو اشتقاق قياسيّ مطرد؛ كما ينص عليه النحو الوافي فيما يلي:

“ب- أشهر الصيغ المستعملة في جموع الكثرة.

أشهرها ثلاثة وعشرون جمعا قياسيا. وقبل أن نسردها، ونذكر شروط اطرادها نذكر أن لكل مفرد من مفرداتها جموعا مسموعة متعددة تخالف هذه الجموع القياسية المطردة -وقد أوضحنا الحكم في هذا وفيما يلي القياسية:….

12- فُعُول “بضم أوله وثانيه” ويطّرد في ألفاظ:

منها: الاسم الذي على: “فَعِل” “بفتح فكسر”، نحو: كبد وكبود، نمر، ونمور …

ومنها الاسم الثلاثي الساكن العين [يعني: (فَعْل)]بشرط أن يكون مفتوح الفاء، ليس معتل العين بالواو، نحو: كعْب وكعوب، رأْس وروس، عيْن وعيون، فخرج منه، نحو: حوض، فلا يجمع على: فعول …”  [النحو الوافي (4/ 641-650) ]

فهنا يقرّ النحو الوافي بقياسية هذا الاشتقاق من صيغة فَعْل إلى صيغة فُعُول، ومعنى كون هذا الاشتقاق قياسيا مطردا، هو أنه يحق لنا اشتقاق هذا اللفظ على صيغة فُعول واستعماله حتى لو لم يرد به سماع عن العرب، أي حتى لو لم يتلفظ به العرب عبر التاريخ كله، وحتى لو لم تحوه المعاجم العربية، وحتى لو وجدت لها جموع سماعية مخالفة لهذا القياس. [ينظر :(النحو الوافي 4/633-635) حيث الحديث عن الاطراد والقياس ومعانيها وجوازها مع مخالفتها للسماع ]

فجهل المعترض المركب يتعين في جهله أنه ليس كل المفردات العربية بالضرورة ان تحوها المعاجم العربية، خاصة الألفاظ المشتقة فهي ليس بالضرورة أن تكون مشمولة في المعاجم العربية؛ ولذا فقد أقر مجمع اللغة العربة المصري بجواز إكمال الاشتقاق فيما لم يضمه المعاجم العربية. وعليه فقد وجدتُ أن بعض المعاجم أو أصحاب المعاجم العربية مثل تاج العروس يستعملون لفظ (النُقول) في معاجمهم ولكنهم ليس بالضرورة يضعونه تحت الجذر من أجل تفسير معناه.

فيثبت من كل هذا جهل المعترض بكون الكلمة (نُقول) مشتقة، وأنها جمع تكسير لكلمة (نقْل)، كما ويجهل أساسيات الصرف في اشتقاق جموع التكسير على أوزانها المختلفة، ويجهل ما هو القياس والاطراد في اللغة، ولا يدري أن اللغة العربية لغة اشتقاق، تتيح لنا أن نشتق ما لم يتفوه به العرب ولم يرد به سماع عنهم؛ بل يكون الاشتقاق بناء على ما هو شبيه من استعمالاتهم المشهورة. وهذا هو الفخ الذي وقع فيه هذا المعترض في العديد مما ظنه ألفاظا أردية، أخطأ في استعمالها المسيح الموعود عليه السلام في كلامه العربي، متأثرا بالعجمة واللغة الأردية، حيث إنها اشتقاقات جديدة في اللغة وليس بالضرورة ان تحوها المعاجم العربية.

وبناء عليه، يتبين أن كلمة (نُقول) هي كلمة عربية صحيحة فصيحة ومن الفصحى التي تسير على قياس اشتقاقات العرب الفصحاء، ومعانيها في العربية لا تختلف عن معانيها في الأردية. فالنُقول هي جمع النقْل أصلا ووضعا، ولذا فيمكن أن يطلق هذا الاسم على كل ما هو نقل، كالنسخ والرواية، لأنه هذه كلها في الحقيقة نقل من واحد إلى الآخر؛ وهذه هي أيضا نفس المعاني التي تعنيها الكلمة باللغة الأردية. فالكلمة بمعانيها الأردية أصلها عربي، ولا خطأ في استعمالها بهذه المعاني في اللغة العربية. وإلى لقاء آخر مع عجائب أخرى “لأبو العجائب”.