بسم الله الرحمن الرحيم

{ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } (الأنبياء 19)

دجلُ المعارضين الفاضح في ادعائهم: لا نصَّ يثبتُ نبوةَ المسيح الموعود الكاملةَ والحقيقيةَ

الحلقة السادسة

في الردّ على الاعتراضات حول موضوع نبوة المسيح الموعود عليه السلام

أقوال المسيح الموعود عليه السلام في تغير مفهوم نبوته

نتابع في عرض النصوص التي تثبت تغيرَ فهم حضرة سيدنا أحمد عليه السلام، بالنسبة لموضوع نبوته واعتبارَها كاملة بعد أن كان يعتبرها نبوة ناقصة؛ هذا ردا على الاعتراض الرابع الذي ذكرناه في الحلقة السابقة والذي يقول: لم يصرّح سيدنا أحمد عليه السلام، بنسخ أقواله الأولى عن النبوة، وبتغير مفهومها من نبوة ناقصة إلى كاملة، والعثور على نص كهذا دونه خرط القتاد.

الردّ:

أول نصّ نورده هو نفس النص الذي ذكرناه في الحلقات الماضية والذي يؤكد تغير مفهوم حضرته عليه السلام بشكل قطعيّ:

1- قال حضرته عليه السلام في “إزالة خطأ” : إذا كان الذي يتلقى أخبار الغيب من الله تعالى لا يسمى نبيًّا فبالله أَخبِروني بأي اسم يجب أن يُدعى؟ فلو قلتم يجب أن يسمّى “محدَّثًا” لقلتُ لم يرد في أي قاموس أن التحديث يعني الإظهار على الغيب، ولكن النبوة تعني الإظهار على الغيب.

فوفق هذا النص بيّن حضرته النقاط التالية:

  • المعنى الحقيقي للنبوة هو الإظهار على الغيب ؛ حيث قال” النبوة تعني الإظهار على الغيب” ؛ “النبوة” ب “أل الجنسية” التي تبيّن الحقيقة، أي بيّن حقيقة النبوة وما هي النبوة الحقيقية.
  • هذا المعنى الحقيقي ينطبق على نبوته هو عليه السلام.
  • هذا المعنى الحقيقي اللغوي للنبوة، لا ينطبق على نبوة التحديث الناقصة وعلى والمحدثين مثلما كان يعتقد سابقا.
  • لم يعد يعتبر نفسه محدَّثا كباقي المحدثين مثلما كان يعتقد سابقا، بل نبيا لا يشاركه بقية المحدَّثين هذا اللقب.
  • بما انه فصَل نفسه عن باقي المحدثين الذين هم نبوتهم ناقصة، وأقرّ بنبوته فهذا دليل آخر على إقراره بكمال نبوته.

2- ومن الدلائل القاطعة على التغيّر الحاصل في فهم حضرته (عليه السلام) لمكانة نبوته ومفهومها مع مرور الوقت، ونسخ فهمه السابق لمفهوم هذه النبوة، هو التغيّر الحاصل في مقارنته نفسه (عليه السلام ) ونبوته مع نبوة سيدنا عيسى (عليه السلام) حيث قال” كذلك تمامًا كنت أعتقد في أول الأمر وأقول: أين أنا من المسيح ابن مريم؟ إذ إنه نبيٌ ومن كبار المقربين عند الله تعالى، وكلما ظهر أمر يدل على فضلي كنت أعتبره فضلا جزئيًّا، ولكنّ وحيَ الله – سبحانه وتعالى – الذي نزل عليَّ بعد ذلك كالمطر لم يدعني ثابتًا على العقيدة السابقة، وأُعطيتُ لقب نبي بصراحة تامة، بحيث إنني نبيٌ من ناحية، وتابعٌ للنبي – صلى الله عليه وسلم – ومِن أُمته من ناحية أخرى. وقد كتبت بعض الفقرات في هذا الكتاب نموذجا من إلهامِ الله يتبين منها أيضا ما قال الله فيَّ مقابل المسيح بن مريم. فأنّى لي أن أردّ الوحي المتواتر الذي نزل عليَّ إلى 23 عاما. أؤمن بوحيه المقدس هذا كما أؤمن بالوحي الذي نزل من قبلي. وأرى أيضا أن المسيح ابن مريم هو الخليفة الأخير لموسى – عليه السلام -، وأنا الخليفة الأخير لذلك النبي الذي هو خير الرسل، لذا فقد أراد الله تعالى ألا يجعلَني أقلَ منه مرتبةً. أعلمُ يقينا أن الذين أُشرِبت قلوبُهم حبَ المسيحية إلى حد العبادة لن يستسيغوا كلامي هذا ولكني لا أبالي بهم. ماذا أفعل، وأنّى لي أن أُعرض عن أمر الله، وكيف أستطيع أن أخرج إلى الظلام من النور الذي أُعطِيتُه. ( حقيقة الوحي)

فيؤكد حضرته في هذا النص، أنه في السابق ورُغم نزول الوحي عليه بتفضيله على المسيح الناصري عليه السلام، إلا أنه كان يؤوّل هذا الفضل على أنه فضل جزئي، ولكن بعد أن نال من الله لقب “نبي بصراحة تامة” وفهم حقيقة هذه النبوة أكد (عليه السلام) أنه نبي أعلى درجة ومرتبة من المسيح الناصري عليه السلام.

ففي هذا النص ثلاثة دلائل على إدعائه النبوة الكاملة:

  1. بقوله: أُعطيتُ لقب نبي بصراحة تامة
  2. التغيّر الذي طرأ في مقارنته شأنَ نبوته مع نبوة المسيح الناصري (عليه السلام) ، دليل على تغيّر فهمه (عليه السلام) لمكانة نبوته هو وشأنها، بأنها فعلا نبوة حقيقية وليست نبوة ناقصة، حيث قال ما مفهومه: إنه كان يعتبر تفضيله على المسيح الناصري جزئيا، إلا إنه لم يبق ثابتا على هذه العقيدة بل عرف أنه تفضيل كامل
  3. تفضيله نفسَه على سيدنا عيسى (عليه السلام )، والذي لا ينكر أحد أن نبوته كانت كاملة، لهو دليل آخر على أن نبوة المسيح الموعود نبوة كاملة أيضا؛ حيث قال: لذا فقد أراد الله تعالى ألا يجعلَني أقلَ منه مرتبةً

فإذا كانت نبوة سيدنا عيسى عليه السلام نبوة كاملة، باعتراف معارضينا أيضا، فماذا يكون شأن نبوة المسيح الموعود الذي أكّد أفضليته على سيدنا عيسى عليه السلام، وأنه لا يقل مكانة عنه!؟ أوليس في هذا ما يكفي للإقرار بأن المسيح الموعود قد أعلن كمال نبوتِه دون أي نقصان فيها!؟