بسم الله الرحمن الرحيم

{ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } (الأنبياء 19)

نسف القول: لا نصّ يثبت نبوة المسيح الموعود الكاملة

الحلقة السابعة في دحض الاعتراضات على نبوّة سيدنا أحمد عليه السلام المسيح الموعود والمهدي المعهود

ملخص الحلقة:

هذه هي الحلقة السابعة التي نردّ فيها على الاعتراضات حول نبوّة المسيح الموعود عليه السلام، وهي الثالثة على التوالي التي ننسف من خلالها بشكل نهائيّ اعتراض المعترضين القائل: بأن العثورعلى نصّ ينسخ الأقوال الأولى للمسيح الموعود (عليه السلام) عن نبوته الناقصة لهو أمر مستحيل ودونه خرط القتاد؛ حيث نضيف بعض النصوص الأخرى إلى تلك التي ذكرناها في الحلقتين الماضيتين، والتي تؤكد تغيّر فهم حضرته عليه السلام في تأويل نبوته واعتبارها كاملة حقيقة، بعدما كان يعتبرها نبوّة ناقصة.

الحلقة كاملة:

نتابع في عرض النصوص التي تثبت تغيرَ فهم حضرة سيدنا أحمد عليه السلام، بالنسبة لموضوع نبوته واعتبارَها كاملة بعد أن كان يعتبرها نبوة ناقصة؛ هذا ردا على الاعتراض الرابع الذي ذكرناه في الحلقة السابقة والذي يقول: لم يصرّح سيدنا أحمد عليه السلام، بنسخ أقواله الأولى عن النبوة، وبتغير مفهومها من نبوة ناقصة إلى كاملة، والعثور على نص كهذا دونه خرط القتاد.

الردّ:

يقول المسيح الموعود عليه السلام:

النص الأول: “ومن الغباوة أيضا أنهم يقولون من أجل تحريض الجهلاء من الناس إن هذا الشخص يدّعي النبوة، ولكنه افتراؤهم البحت؛ إذ لم أدَّعِ قط نبوةً يمنعها القرآن الكريم. إن ما ادّعيته هو أنني من الأمة من ناحية ومن ناحية أخرى نبي ببركة نبوة النبي – صلى الله عليه وسلم -. وليس المراد من النبوة إلا أني أحظى بكثرة المكالمة والمخاطبة الإلهية. الحقيقة أنه كما كتب المجدد السرهندي في مكتوباته: مع أن بعض أفراد هذه الأمة قد خُصُّوا بالمكالمة والمخاطبة الإلهية وسيبقون مخصوصين إلى يوم القيامة، غير أن الذي يُشَرَّف بكثرة المكالمة والمخاطبة الإلهية وتُكشف عليه الأمور الغيبية بكثرة يسمَّى نبيا.

وليتضح الآن أن هناك نبوءة في الأحاديث النبوية الشريفة أنه سيكون في أمة النبي – صلى الله عليه وسلم – شخص يُسمَّى عيسى بنَ مريم ونبيًا، أي سيُشرَّف بكثرة المكالمة والمخاطبة الإلهية وتُكشف عليه الأمور الغيبية بكثرة لا تُكشف إلا على نبي كما يقول الله تعالى: {فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} والثابت المتحقق أنه لم يُعط غيري خلال الـ1300 سنة المكالمةَ والمخاطبة التي شرَّفني الله بها والأمور الغيبية التي كشفها عليَّ، وإذا أنكر ذلك أحد فإن مسؤولية الإثبات تقع عليه.

يقصد حضرته عليه السلام هنا الحديث: {فَيَقُولُونَ لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لِأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ مِائَةِ دِينَارٍ لِأَحَدِكُمْ الْيَوْمَ فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ فَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى الْأَرْضِ فَلَا يَجِدُونَ فِي الْأَرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلَّا مَلَأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ فَيُرْسِلُ اللَّهُ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ } (صحيح مسلم, كتاب الفتن وأشراط الساعة)

فمجمل القول إنني أنا الفرد الوحيد الذي خُصَّ من بين الأمة بهذه الكثرة من الوحي الإلهي والأمور الغيبية، وكل من خلا قبلي من الأولياء والأبدال والأقطاب في الأمة لم يعطَوا هذا النصيب الوفير من هذه النعمة، ومن أجل ذلك أنا الوحيد الذي خُصَّ باسم النبي، بينما لم يستحقه هؤلاء جميعًا، لأن كثرة الوحي وكثرة الأمور الغيبية شرط لذلك، وهذا الشرط غير متوفر فيهم.( هذا على النقيض مما كان يعتقده سابقا أن باقي المحدثين يشاركونه النبوة الناقصة، أوليس هذا تغيرا في مفهومه واعتقاده السابق!؟) وكان لا بد من أن يحدث ذلك لكي تتحقق نبوءة النبي – صلى الله عليه وسلم – بجلاء لأن الصلحاء الآخرين الذين خلَوا من قبلي لو حظُوا بالقدر نفسه من المكالمة والمخاطبة الإلهية والاطلاع على الأمور الغيبية واستحقوا أن يسمَّوا أنبياء لوقعت شبهة في نبوءته – صلى الله عليه وسلم -. لذا فقد منعت الحكمة الإلهية هؤلاء الصلحاء من نيل هذه النعمة كاملة؛ فقد ورد في الأحاديث أن شخصا واحدا فقط سينال هذه المرتبة، وبذلك ستتحقق النبوءة.“( حقيقة الوحي)

الاستنتاجات من هذا النصّ:

  • يقول حضرته إن في الحديث الشريف الوارد في صحيح مسلم نبوءة للرسول صلى الله عليه وسلم، أنه سيحظى شخص واحد من الأمة بكثرة الإظهار على الغيب ويسمى عيسى بن مريم ونبيا.
  • يقول حضرته ان هذه النبوءة تحققت فيه هو عن دون أبدال وأقطاب وأولياء ومحدثي الأمة الآخرين ، لأنه هو الوحيد الذي خص بكثرة الإظهار على الغيب.
  • إذن، نرى أن حضرته يَميز نفسه عن باقي المحدَّثين بأنهم لا يشاركونه هذا اللقب أي لقب النبوة، رغم كونهم أنبياء بنبوة ناقصة، هذا على النقيض مما كان يراه سابقا أنهم يشاركونه لقب النبوة حين كان يعتبر نبوته ناقصة كنبوتهم.
  • وهذا بحدّ ذاته إثبات على أن نبوته عليه السلام، هي نبوة أخرى غير نبوة المحدَّثين الناقصة، فهي إذن، النبوة الكاملة. وإثبات على تغير فهم حضرته وتأويله لمفهوم نبوته من ةناقصة إلى كاملة .

النص الثاني: “ما تسمّونه المكالمة والمخاطبة، أنا أطلق على كثرتها- وبأمر الله- نبوةً.” (تتمة حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية، المجلد 22، الصفحة 503).

بينما كان يعتبرها عليه السلام سابقا المحدَّثية، أوليس هذا تغير في الفهم!؟

فكل النصوص التي أوردناها في هذه الحلقة وسابقتها، تؤكد نسخ المفهوم السابق لنبوة حضرته عليه السلام الناقصة، وتؤكد إعلان النبوة الكاملة، المبنية على الفهم اللغوي القرآني للنبوة، والذي يعني كثرة المكالمات والمخاطبات الإلهية والإطلاع على الغيب بالبشارات والإنذارات.وهنالك العديد من النصوص الأخرى التي تؤكد ذلك ولكن نكتفي بهذا القدر لكي ننتقل إلى الرد على الاعتراضات الاخرى.