الناسخ والمنسوخ

قُمتُ بترجمة موجزة لبعض ما ورد في المقال المنشور بتاريخ 1907 في مجلة “ريفيو أوف ريليجنز” أو “مراجعة الأديان” التي أسسها المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام، وأسألكم الدعاء.

كتب في المقال:

“حفظ نص القرآن الكريم

الموضوع: الناسخ والمنسوخ

لقد بَيّنا إلى الآن عدم وجود أي قول للنبي ﷺ يدعم بأي وجه من الوجوه الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم أو وجود أدنى نص كان جزءا من القرآن الكريم ثم أُلغي فيما بعد. لا شك أن هنالك بعض الأحاديث التي ورد فيها اعتقاد عدد معين من الصحابة ؓ بأن نصوصاً في القرآن الكريم قد نُسِخَت، ولكن هذه مجرد أفهامهم الشخصية التي لا يشاركهم بها الصحابة الآخرون ؓ بل في بعض الحالات يرفضون أفهامهم هذه. سنتناول الآن ما قاله القرآن الكريم حول الناسخ والمنسوخ. كما قلتُ سابقاً، فهنالك آيتان فقط يستند عَلَيهِما القائلون بالنَسْخ في القرآن الكريم لدعم نظريتهم هذه وهي ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، والآية الثانية هي ﴿وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ ۙ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

لا يوجد آيات أخرى تُقتبَس للتأكيد على حدوث الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم.

… إن الآية السابقة (لهذه الآية) تتحدث عن عدائية اليهود وتُظهِر خطأ اعتقادهم بعدم إمكانية نزول الوحي على شخص من خارج “شعب إسرائيل المختار”، وتتحدث الآيات اللاحقة لها عن موضوع مماثل. أما الآية الأخرى التي قيل بأنها تحمل دليلاً على الناسخ والمنسوخ … فقد تلتها مباشرة آيات تؤكد أن القرآن ليس من افتراء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، بل نزل به الروح القدس. إذن لا يوجد في سياق هاتين الآيتين ما يدل على أن النَسْخ يعني نسخ آيات القرآن الكريم.

سنناقش الآن المعنى الحقيقي لكلمة “آية” التي تجعل من الآيتين متناسقتين في السياق. لهذا الغرض فمن الضروري اقتباس الآيات السابقة واللاحقة للآية التي نحن بصددها. …

﴿مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (106) ۞ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (107) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (108) أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَىٰ مِنْ قَبْلُ ۗ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (109) وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ۖ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (110)

… لقد أُخبِرَ أهل الكتاب الذين تخاطبهم هذه الآيات بوجه خاص بأن لا آية تُنسَخ إلا ويؤتى بأية أفضل منها أو مثلها. فلماذا إذاً يرفضون القرآن الكريم؟ فليس فيه آيات أقل مستوى من آيات الكتب السابقة، ولذا لا يمكن لمن يقبل تلك الكتب أن يرفض القرآن الكريم.

وتحمل الآيات اللاحقة (لهذه الآية) هذا المعنى، حيث تم مخاطبة أهل الكتاب بوجه خاص في هذه الآيات. وتشير الاية التي تلي آية النسخ مباشرة إلى ضرورة وجود شريعة شاملة للبشر جميعاً في الأوقات كافة. “أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ“. وقد قُلْـتُ قبل قليل بأن اليهود كانوا يعتقدون بحصر نزول الوحي فقط على بني إسرائيل وذلك لأنهم كانوا هم الشعب المختار، ولكن قيل لهم (في الآية) بأن الله ليس إلٰههم وحدهم، بل هو إله الناس جميعاً، إله الأرض والسماوات، ولهذا فهو تعالى يرزق الجميع، وأنزلَ شريعة للعالم كله وليس كشريعة إسرائيل الخاصة بإسرائيل وحدها. وإذا أُخِذَ معنى آخر غير الذي أشرتُ إليه أعلاه، فلن يبقى أي سبب للقول بأن آية تبدّلت بأية أفضل منها أو مثلها، فلا معنى لتبديل آية من القرآن الكريم بأية أخرى مثلها.

…. فإذا أخذنا المعنى العام لـ “الآيات”، فلن يصعب فهم الأمر حيث فقدت الشرائع السابقة الكثير من دقتها وتفاصيلها بسبب عدم توليتها الاهتمام الكافي نظراً لطول الزمن الذي مر على وحيها. وهذه هي الأوامر التي أنسيت من ذاكرة الناس وتم تبديلها ونَسْخها بالشريعة الجديدة الكاملة التي أُنزِلَتْ بالوحي على النبي الأكرم سيدنا مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم والتي فيها ما هو أفضل من تلك الشرائع السابقة أو مثلها.” (مجلة “مراجعة الأديان” ، المجلد 6 ، العدد 10 ، لشهر أكتوبر 1907)

لقراءة المزيد: صدق الخليفة الثاني مرزا محمود أحمد رضي الله عنه في إنكار النسخ عن القرآن الكريم

About الأستاذ فراس علي عبد الواحد

View all posts by الأستاذ فراس علي عبد الواحد

2 Comments on “الناسخ والمنسوخ حسب المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام”

  1. ورد في الخطاب المفتوح الذي وجهه الكاتب اليهودي(ماركوس إللي رافاج) إلى المسيحيين في العالم الذي نشرته مجلة century– ألأميركيه عدد2 لشهر شباط 1928 قوله للمسيحيين :-
    ( لم تبدأوا بعد بإدراك العُمق الحقيقي لإثمنا ، فنحنُ لم نصنع الثوره البلشفيه في موسكو فقط ، والتي لا تُعتبر نُقطه في بحر الثوره التي أشعلها بولص في روما ، لقد نَفَذنا بشكلٍ ماحق في كنائسكم وفي مدارسكم وفي قوانينكم وحكوماتكم ، وحتي في أفكاركم اليوميه ، نحن مُتطفلون دُخلاء ، نحنُ مُدمرون شوهنا عالمكم السوي ، ومُثلكم العُليا ، ومصيركم ، وفرضنا عليكم كتاباً وديناً غريبين عنكم ، لا تستطيعون هضمهما وبلعهما ، فهما يتعارضان كُليةً مع روحكم الأصليه ، فشتتنا أرواحكم تماماً ، إن نزاعكم الحقيقي مع اليهود ، ليس لأنهم لم يتقبلوا المسيحيه ، بل لأنهم فرضوها عليكم) …. وفرضنا عليكم كتاباً وديناً غريبين عنكم ، لا تستطيعون هضمهما وبلعهما فهما يتعارضان كُليةً مع روحكم الأصليه
    ………….
    وما كان اليهود بعبدالله بن سبأ وغيرهم عن ديننا ببعيد فحمى الله قرءانه الكريم فدخلوا من باب دس الأحاديث والمرويات المكذوبة…فكما كان بولص للنصارى كان عبدالله إبنُ سبأ للمُسلمين فكان النسخ وكانت القراءات وكانت المُفتريات

  2. مزبلة النسخ والناسخ والمنسوخ ليست كارثةً فقط بل هي جريمة بحق الله وتجرأ على كلامه الخاتم المُحكم الحكيم ..واتهام لله بالبداء واتهام كتابه بالتحريف والنقص… وتهم ومسبات وشتائم لله ولرسوله لا حصر لها.. وهي الوجه القبيح الأول للوجه الآخر وهو القراءات فكلاهما وجهان لقبحٍ واحد….ويدعون بأنهُ ثابت في الكتاب والسُنة والأُمة مُجمعةٌ عليه وما صدقوا بادعاءهم هذا..ويكفيهم كذباً وافتراءً على الله أن نوعهم الأول من النسخ تلاشت فريتهم فيه من ما يُقارب من 600 آية إلى 6 آيات…وال 6 آيات لا نسخ فيها ولا إتفاق بينهم عليها….. فالذي يفتري على الله بهذا الكم الهائل من الآيات بأنها منسوخة ويأتي هو ومن قال بقوله ليقول بعدم وجود النسخ في ذلك الكم الذي قالوا عنهُ…هو تخبط وجريمة بحد ذاتها…فقولهم ولو فقط بآية واحدة ويتبين كذبهم فهذا إفتراء على كتاب الله هذا في نوعهم الأول…فكيف هي جريمتهم في نوعي النسخ الآخرين بأتهام كتاب الله بالتحريف وعدم تكفل الله بحفظه …وعن قولهم بوجود قرءان في غير قرءان الله…مع أن تخصيص العام وتقييد المُطلق وما شابه ذلك ليس بنسخ.
    ولا رد عليهم إلا رد الله بأن الله ذكر كلمة (آية) في 79 موضع من كتابه الكريم…ما عنى ولا بواحدةٍ منها قط….آية قرءانية….أو آية كتابية من كُتب الأولين سواء للتوراة أو للإنجيل أو للزبور….بل عنى آية مُعجزية كونية دلالية بيانية…كنسخ القبلة…ونسخ إنشقاق البحر لسيدنا موسى بإنشقاق القمر لرسول الله…إلخ….ومن بين تلك الآيات ما جعلوه دليلهم على وجود النسخ….ما ننسخ من آية…سورة البقرة 106…وإذا بدلنا آية مكان آية.سورة النحل 101…ما قصد الله إلا الآيات المُعجزية … فهل الله يقصد في هاتين الآيتين آية كتابية بينما في 77 آية كلامه واضح وضوح الشمس بأنه يتكلم عن آية بيانية مُعجزية…وكذبوا وصدق الله…ففي ال 79 آية ما تكلم الله إلا عن آية كونية…وبالتالي فبطل إستلالهم وبار سعيهم ومسعاهم في الإنتقاص من وحي الله.

Comments are closed.