إزالة وهم المعترض
المعترض: تناقض مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية في قضية موت المسيح
لا يفتأ مؤسس الأحمدية وكذا كبراؤها وأحبارها ومريدوها يتحدثون عن وفاة عيسى معتبرين هذه القضية شغلهم الشاغل وورقتهم المربحة في كل نقاشاتهم العقيمة,لكن المتأمل والمتتبع الحصيف سرعان ما يلحظ تضارب آراء المؤسس حول قضية مكان وطريقة وفاة المسيح عليه السلام مثلا وقد وصلت آراءه هذه الى حد التناقض مما لا يمكن معه لأي عاقل أن يسلم للميرزا ببذلك.ومن هذه المتناقضات قوله:
_”صحيح أن المسيح مات في وطنه الجليل,ولكن ليس صحيحا أن مطلقا أن جسده الدفون نفسه قد أحيي ثانية”,ازالة الأوهام ص 376-377
-المسيح مات ودفن في كشمير.كتاب الهدى والتبصرة لمن يرى.
-“المسيح مات ميتة طبيعية أصابته في الجليل”.نفس المصدر ص 377
-الحسين(ابن علي رضي الله عنه)قتل مثل المسيخ بلا هوادة .ازالة الأوهام ص 150
هذا يعني أي أن المسيح لم يمت ميتة طبيعية كما قال الميرزا في الأول بل قتل قتلا بلا هوادة,فأي القولين أحق أن يتبع؟؟؟
الرد:
بداية نشكر المعترض لأن استشهاده بهذه الاقتباسات مع التحفظ على دقتها هو اعتراف منه أن عقيدة المسيح الموعود في المسيح عَلَيهِما السَلام هي وفاة المسيح عَلَيهِ السَلام لا حياته كما يحاول أن يوهم القرّاء.
يظن المعترض أن الجماعة الإسلامية الأحمدية دليلها الوحيد على وفاة المسيح عَلَيهِ السَلام هو موضوع قبر المسيح وهذه مغالطة فاضحة لأن الجماعة الإسلامية الأحمدية تثبت في ثلاثين آية من القرآن الكريم وفاة عيسى عَلَيهِ السَلام. وفي النص التالي يثبت المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بأن قبر كشمير هو النهائي بينما قبر الجليل ضم جسده عَلَيهِ السَلام لفترة مؤقتة، فيقول عَلَيهِ السَلام:
“وقد كتبنا في أحد الكتب أن قبر المسيح هو في بلاد الشام، إلا أن البحث الصحيح يجبرنا على التصريح بأن قبره الحقيقي في كشمير. وكان القبر الشامي نموذجَ الوأْد. حيث وُضع الحيُّ في القبر وخرج منه أخيرا، وأقام في قمة جبل عال في كشمير ما دام حيا، كأنه صعد إلى السماء.” (“القول الحق”، الخزائن الروحانية، المجلد 10، ص 307، حاشية على الحاشية)
إذن بيّن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في هذا النص بأن قبر الجليل الذي تحدث عنه حضرته في أحد الكتب سابقاً كان صحيحاً ولكنه قبر مؤقت إذ ضمَّ جَسَدَ المسيح عَلَيهِ السَلام بعد إنزاله حياً من الصليب ثم خرج عَلَيهِ السَلام منه على قيد الحياة وعاش حتى بلغ 1٢0 سنة كما في حديث الطبراني وتوفي ودفن أخيراً في كشمير، وهذا هو القبر الصحيح الذي يضم جسد المسيح عَلَيهِ السَلام كما أن حضرته لم يقل في الكتاب السابق أن قبر الجليل تلقاه بوحي الله تعالى بل عبر بحث وتحقيق فقط. فلا تناقض ولا تضارب لأن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام فصَلَ أخيراً في المسألة كما في النص من كتاب “القول الحق”.
وقد أكد عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام أن المسيح عَلَيهِ السَلام توفي ودُفن في كشمير، فيقول حضرته:
“أبرهنُ في هذا الكتاب على أن المسيح عَلَيهِ السَلام لم يمت على الصليب ولم يصعد إلى السماء، فلا يرجى نزوله من السماء إلى الأرض أبدا؛ بل توفّي في سرينغر بكشمير بعد أن عمّر مائةً وعشرين سنة، وقبره يوجد في حارة “خانيار” بسرينغر.” (المسيح الناصري ؑ في الهند، ص 14-15)
أما نص المعترض حول قتل المسيح فليس نصاً صحيحاً بل النص الصحيح هو كالتالي:
“وقـد استُخدِمَت كلمة “دمشق” على سبيل الاستعارة حتى يمثُل أمام أعين القرّاء زمن حوصر فيه فلذة كبد رسول الله ﷺ على يد أشقياء دمشق وقُتل مثل المسيح دون هـوادة، وبظلـم وجور بلغا منتهاهما.” (“ازالة الأوهام”، ص 150)
والتماثل هنا كما في النص هو مجرد إستعارة، ولم يقل المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أن المسيح قُتِل بل هذا خاص بالحسين ؓ فقط، بل سنثبت من نفس الكتاب أن حضرته يقول بنجاة المسيح من القتل والصلب، وأن الأمر هو استعارة وتماثل في الظلم فحسب، والقتل قد حدث للحسين ؓ عنه فقط، أما التماثل فكما يلي:
“ولما كان للحادث الغاشم الذي تعرض له الإمام الحسين مظلوما، عظمـة وأهميـة كبرى في نظر الله، ويماثل حادث المسيح بشدة، بحيث لا مجال للمسيحيين أيضا للكـلام فيه؛ فقد أراد الله تعالى أن ينبِّه أهل هذا الزمن أيضا بعظمته ومماثلته بحادث المسيح ؑ.” (“ازالة الأوهام”، ص 150)
أما قول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بالتوفي الطبيعي فقد أثبت حضرته عَلَيهِ السَلام في نفس الكتاب بأنها وفاة طبيعية وليس القتل على الصليب، حيث يقول حضرته في تفسير معنى “إني متوفّيكَ” ما يلي:
“وفي ذلك إشارة إلى أن اليهود أرادوا أن يقتلوه على الصليب ويدينوه بحسب العقوبة المذكورة في التوراة في سفر التثنية بأن المعلَّق ملعونٌ من اللهِ ومحروم من رحمة الله، فلا يرفع إلى الله بالإكرام. فقد بشَّر اللهُ تعالى عيسى ؑ في هذه الآية بأنك ستموت موتاً طبيعياً، ثم ترفع إليَّ بإكرام، وبأن أعدائك الذين يسعون لقتلك على الصليب سيفشلون في مساعيهم، وسأبرئك وأنزّهك من التهم التي يريدون إثباتها عليك، أي سأُنقذك من الصلب ونتائجه الوخيمة؛ وهي اللعنة والحرمان من النبوة والرفع. وفي كلمة “التوفّي” أيضا إشارة دقيقة للإنقاذ من الصلب لأن المفهوم الغالب على معنى “التوفّي” هو الإماتة بموت طبيعي، أي الموت نتيجة المرض فقط، وليس بالضرب أو السقوط وغيره. لذلك فقد قال المفسرون -مثل صاحب الكشاف وغيره- في تفسير “متوفيك“: “إني مميتك حتف أنفك.” (“إزالة الأوهام”، ص 644-645، الحاشية المتعلقة بالصفحة 634)
فهل بقي من شك !
نختم بقوله تعالى:
﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
مُسْلِم لله