المعترض: هل البراهين الأحمدية معصوم أم مجرد كتاب عادي يحتمل الخطأ بل ومنسوخ بتصريح لاحق للمؤسس؟
هنالك تناقض عند مؤسس جماعتكم حول وفاة المسيح، فتارة يقول في كتابه المعصوم “البراهين الأحمدية” بأن المسيح رفع إلى السماء ولم يمت بينما قال عكس ذلك لاحقاً، فالمهم أن كتاب البراهين الأحمدية المعصوم بحسب مؤسس جماعتكم نقضه المؤسس نفسه حينما أعلن لاحقاً عن وفاة المسيح مما يدل على أن البراهين الأحمدية ورؤيا النبي صلى الله عليه وسلم كانت مجرد أضغاث أحلام.
يقول مؤسس جماعتكم:
“رأيت في الرؤيا سيدنا خاتَم الأنبياء صلى الله عليه وسلم في عام 1864م أو 1865م حين كنت في مقتبل العمر وكنت ما زلت عاكفا على تحصيل العلم. كان في يدي -في الرؤيا- كتابٌ دينيّ، وبدا لي كأنه من مؤلَّفاتي أنا. عندما رأى النبي صلى الله عليه وسلم الكتاب سألني بالعربية: ماذا سمَّيتَه؟ قلتُ: سمَّيتُه “قُطبي”. وقد كُشف الآن تفسير هذا الاسم بعد تأليف هذا الكتاب [البراهين] المصحوب بالإعلان بأنه كتاب محكَم لا يتزلزل مثل الكوكب “القُطب”… فأخذ صلى الله عليه وسلم الكتاب مني، فلما أخذه ومسّته يده المباركة، فإذا هو ثمرة جميلة اللون والمظهر… وعندما قطعها النبي صلى الله عليه وسلم شرائح للتوزيع، خرج منها عسل كثير، ابتلّت به يده المباركة إلى المرفق. عندها أُحيي -وبمعجزة من النبي صلى الله عليه وسلم- ميتٌ كان ملقًى على أُسْكُفّة البيت وقام وراء ظهري…. وكانت في ذلك إشارة إلى نضارة الإسلام وتقدمه.” (البراهين، ص 444)
فهذا تأكيد من مؤسس جماعتكم على عصمة كتاب البراهين الأحمدية.
يقول المؤسس:
“فوصل المسيح عليه السلام إلى السماء تاركا الإنجيل الناقص ناقصا”. (البراهين، ص 479)
يعني صعد المسيح إلى السماء.
ويقول المؤسس سنة 1884:
“إني متوفيك.. أي سأعطيك نعمتي كاملةً”. (البراهين الأحمدية، ج 4، ص 574)
ويقول أيضا: “ثم تلقيتُ بعد ذلك إلهاما: “يَا عِيْسَى إِنِّي مُتَوَفِّيْكَ…” أيْ: يا عيسى سأعطيك أجرًا كاملا، أو أُميتُك”. (البراهين الأحمدية، ص 592)
يعني يمكن أن يكون لتفسير كلمة “متوفيك” بحسب مؤسس جماعتكم معنى مختلف عن “مميتك” التي تقولون أنها هي المعنى الوحيد.
ويقول مؤسس جماعتكم سنة 1884:
“ثم تلقيتُ بعد ذلك إلهاما: “يَا عِيْسَى إِنِّي مُتَوَفِّيْكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ….” أيْ: يا عيسى سأعطيك أجرًا كاملا، أو أُميتُك، وأرفعُك إليّ، أي: سأرفع درجاتك، أو سأرفعك إليّ من الدنيا”. (البراهين الأحمدية، ص 592)
إذن يمكن أن يكون الرفع بحسب مؤسس جماعتكم مادياً ويمكن أن يكون معنويا، أو الإثنين معا.
هل البراهين الأحمدية معصوم أم مجرد كتاب عادي يحتمل الخطأ بل ومنسوخ بتصريح لاحق للمؤسس؟
● الرد:
ونحن لن ننبس ببنت شفة بل سنسمع الرد مباشرة من صاحب الشأن نفسه أي مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام حيث يقول حضرته:
“أما الاعتراض: كيف كتبت هكذا، ولماذا حصل التناقض في أقوالك، فاسمعوا وعُوا: إن مَثَل هذا التناقض كمثل التناقض الموجود في “البراهين الأحمدية”، حيث كتبتُ فيه أن المسيح ابن مريم سوف ينـزل من السماء، ثم كتبت فيما بعد أنني أنا المسيح الموعودُ ظهورُه. وإنما سبب ذلك التعارض أنه، بالرغم من أن الله تعالى قد سماني عيسى في “البراهين الأحمدية” كما قال لي أيضًا: إن الله ورسوله قد أخبرا بمجيئك، إلا أن طائفة من المسلمين -وكنتُ من بينهم- كانوا يعتقدون بكل شدة بأن عيسى سوف ينـزل من السماء، لذلك لم أُرد حمل وحي الله سبحانه وتعالى على الظاهر، بل قمتُ بتأويله، وظللتُ متمسكًا بعقيدة جمهور المسلمين، ونشرتُها في “البراهين الأحمدية”. ولكن بعد ذلك نـزل علي وحيُ الله في هذا الشأن كالمطر قائلا: إنك أنت المسيح الموعودُ نـزولُه، كما ظهرت معه مئات الآيات أيضًا، وقامت السماء والأرض كلتاهما شاهدةً على صدقي، وإن آيات الله المشرقة اضطرتني إلى الاقتناع بأنني أنا ذلك المسيح الموعود مجيئه في الزمن الأخير. وإلا فلم تكن عقيدتي الشخصية إلا ما كنتُ سجّلته في “البراهين الأحمدية”. ثم إني لم أكتفِ بذلك، بل عرضتُ هذا الوحي على القرآن الكريم، فثبت بآيات قطعية الدلالة أن المسيح ابن مريم قد تُوفي فعلاً، وأن الخليفة الأخير سيأتي باسم المسيح الموعود من هذه الأمة نفسها. وكما أن الظلام يتبدد بطلوع النهار، كذلك قد اضطرتني مئات الآيات والشهادات السماوية والآيات القرآنية القطعية الدلالة والنصوص الحديثيّة الصريحة للإيمان بأني أنا المسيح الموعود. … كذلك تمامًا كنتُ أعتقدُ في أول الأمر وأقول: أين أنا من المسيح ابن مريم؟ إذ إنه نبي، ومن كبار المقربين عند الله تعالى، وكلما ظهر أمرٌ يدل على فضلي، كنتُ أعتبره فضلاً جزئيًّا، ولكن وحي الله تعالى الذي نـزل علي بعد ذلك كالمطر لم يتركني ثابتًا على العقيدة السابقة، وأُعطيتُ لقب “نبي” في صراحة تامة، بحيث إنني نبي من ناحية، وتابعا للنبي ﷺ ومِن أُمته من ناحية أخرى ….. وملخص القول؛ ليس هناك من تناقض في كلامي. إنما أتّبعُ وحيَ الله تعالى. فما لم يأتني منه علمٌ ظللتُ أقول نفسَ ما قلتُ في أول الأمر، ثم قلتُ خلافَه بعد أن جاءني العِلْمُ منه تعالى. إنما أنا بشر، ولا أدّعي معرفة الغيب.” (حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية، ج 22، ص 152 – 154)
والمفاجأة غير السارة للمعترض هي أن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام قد قال في نفس الكتاب أي “البراهين الأحمدية” في الجزء الأخير منه بأن المسيح عَلَيهِ السَلام قد مات ولم يُرفع جسده وأنه لن يعود إلى الدنيا، مما يعني بأن “البراهين الأحمدية” هو بالفعل كتاب مبارك من قبل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يتطرق إليه الخطأ بالمجمل، إذ يقول حضرته ؏:
“إنَّ عيسى ؏ لا يمكن أن يعود إلى الدنيا بحال من الأحوال لأنه مات، وقد بيّن الله تعالى موته في القرآن الكريم بكلمات واضحة وصريحة. ثم رآه النبي ﷺ في السماء مع جماعة خلوا من هذه الدنيا. والشهادة الثالثة هي أنه قد ثبت موت الأنبياء جميعا من إجماع الصحابة ؓ كلهم. ثم يشهد العقل السليم وشهادته تؤيّد الشهادات الثلاثة المذكورة آنفاً لأن العقل لم يشاهد نظير هذا الحادث منذ أن خُلقت الدنيا، ولم يصعد أيّ نبي إلى اليوم إلى السماء بالجسد المادي ولم يعد منها. فهذه الشهادات الأربع تحكم بالإجماع أن عيسى ؏ مات، وأن صعوده إلى السماء حياً بالجسد المادي وكونه حياً إلى الآن ثم عودته إلى الأرض في وقت آخر، كلها افتراءات نُسبت إليه. … إنَّ حياة الإسلام تكمن في موت عيسى، وفي حياة عيسى موتُ الإسلام. ندعو الله تعالى أن يأتي بأيام ينظر فيها الغافلون إلى هذا الصراط المستقيم، آمين. ملخّص الكلام أنه ما دام موت عيسى ؏ ثابتاً بالقطع واليقين فباطلٌ بالبداهة الظنُّ أنه سيعود إلى الدنيا ثانية.” (البراهين الأحمدية، ج 5)
وهكذا يكون كتاب البراهين الأحمدية بحق كتاب عظيم محكم -وليس كتاباً معصوماً ولم يقل ذلك مطلقاً فلا عصمة إلا للقرآن الكريم- قد باركه النبيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رؤيا مباركة وفيه سُجِّلَ للتاريخ موقف المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام قبل تلقيه عقيدة وفاة المسيح عَلَيهِ السَلام من الله تبارك وتعالى لأنه كان موقف تمسكٍ وثبات على عقيدة عامة المسلمين مع أن هنالك أيضاً إشارات في الأجزاء الأولى من البراهين الأحمدية على أن المؤلف هو عيسى والمسيح، ولكن لحرص المؤلف لم يحملها على محمل الحرفية بل اعتبرها مجازاً وكناية حتى نزل أخيراً وحي التثبيت والتأكيد بكثرة وأمِرَ بالإعلان فصدعَ بما أُمِرَ لله درّه عَلَيهِ السَلام. والحقيقة أن تقسيم كتاب البراهين الأحمدية إلى أجزاء يخرج منها خير كثير قد تم على يد النبي صَلَّى نفسه كما ورَدَ في ذات الرؤيا: “فأخَذَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكتاب منّي، فلمّا أخذه ومسّته يدُه المباركة، فإذا هو ثمرةٌ جميلة اللون والمظهر… وعندما قطعها النبيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شرائح للتوزيع، خَرَجَ منها عسلٌ كثير، ابتلّت به يدُه المباركة إلى المرفق.”. وقد تم ذلك وكان البراهين الاحمدية في خمس أجزاء فاض منها العسل حتى لم يطلبه أحد إلا المتقين.
وحتى تحطيم شبهة أخرى للمعترضين لا نقول إلا الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
إنقر هنا لتحميل كتاب البراهين الأحمدية
المسيح الموعود، فهو عيسى ابن مريم بنفسه؟