الاعتراض: نبوءة الميرزا عن ضعف اليهود ليست صحيحة
يقول سيد ميرزا:
(وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ) (المائدة: 65). أي يقولون بأن كل ما يتحقق إنما يتحقق بمكائد الناس فقط، والله عاجز عن عمل أي شيء بقدرته. فقد صفّد الله أيدي اليهود إلى الأبد، فإذا كانت أفكارهم ومكائدهم شيئا يُذكر فلينالوا حكومات الدنيا بقوتها. (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) (آل عمران: 113) أي حيثما يسكنون سيعيشون أذلاء محكومين. فلقد قدِّر لهم أنهم لن يعيشوا بشرف واحترام في أيّ بلد بل سيعيشون تحت سيطرة قوم آخرين بضعف وهوان وشقاء أبدا. (البراهين الأحمدية، الجزء الثالث، ص225، الحاشية رقم11)
- اليهود نالوا حكومات الدنيا
- اليهود لا يسكنون الآن أذلاء محكومين ولكن هم اقوياء جدا ويتحكمون.
- اليهود لا يعيشون تحت سيطرة قوم آخرين بل القوم الآخرون يعيشون تحت سيطرتهم بضعف وهوان وشقاء.
نبوءة سيد ميرزا غير صحيحة.
الرد:حقيقة قوة اليهود و”ومعاداة السامية”
تنتشر على الإنترنت وفي الأوساط المختلفة من العالم العربي وبعض دول الشرق إشاعات تضخم القوة التي يتمتع بها اليهود، فاليهود حسب هذه الإشاعات التعظيمية لهم كدولة إسرائيل الجبارة حسب قول الأخ المعترض تتمتع بدولة عظيمة القوة بل إنّها في الحقيقة تسيطر على العالم أجمع. ولمّا كان هذا الموضوع مجرد ضرب بالغيب لا يستند على دليل إلا المشاعر الشخصية والإشاعات، فلا يمكن الاعتماد على ذلك للحكم على حال اليهود الحقيقي في هذا العصر. إنّ الأسلوب العلمي الدقيق للوصول إلى حقيقة الأمر يتم عبر تقصي الحقائق من أصولها. ولننطلق من أوروبا القرن التاسع عشر ومستهل القرن العشرين، حيث كانت الحملات ضد اليهود كعرقٍ أدنى من العرق الأوربي الآري ودخيل عليه من الشرق كانت مستعرة لكون اليهود ليسوا من أصول آوروبية بل من أصول سامية، حتى أن اليهود عندهم لن ينالوا الخلاص ولن ينفعهم شيءٌ حتى إذا تَرَكُوا دينهم وقبلوا المسيحية دين الأكثرية في أوروبا. فأصبح اليهود محتقرين منبوذين في أوروبا لدرجة لا تُطاق، ووُلدَ عندها مصطلح “كراهية اليهود Anti-Semitism” المعروف حول العالم اليوم. (1)
وقد استمر كره اليهود واحتقارهم في أوروبا لدرجة أن الملصقات السياسية في الشوارع الرئيسية في دول أوروبا كانت تعلن الاحتقار ضد اليهود ومنها هذه الصورة التوثيقية لملصق في باريس يعلن فيه المرشح الرئاسي كره فرنسا ومعاداتها للعرق اليهودي وأنهم عرق مختلف عن أوروبا وأن اليهود هم العدو الحقيقي لأوروبا (3) بل إن الوزير الألماني “غيبلز Goebbels” أعلنَ رسمياً عام 1938 بأن الشعب الألماني يكره السامية وأن ألمانيا عدوة للسامية وأنها تعتبر العرق اليهودي مجرد طفيليات قذرة (2).
حال اليهود تاريخيا
وبَيَّنَ عالمُ الاجتماع الألماني المعروف “رينيه كونيغ René König” في كتابه “المادية وتجريم المجتمع” بأن عداء السامية واحتقار اليهود متجذرة منذ التاريخ وليست وليدة اليوم، وضرب على ذلك أمثلة ًمن فلاسفة وكُتاب دعوا إلى نبذ اليهود واحتقارهم عبر التاريخ مثل “شيشرون” و”فولتير” الذي عاب على اليهود صفات البخل والجشع والخيانة المتجذرة فيهم واعتراف “فريدرك نيتشه Friedrich Nietzsche” عام 1886 بدونيّة اليهود كعرق، وكذلك كان يفعل أغلب فلاسفة عصر التنوير في أوربا (3) و (4). أي أن اليهود عاشوا محتقرين عبر التاريخ كما أشار لذلك مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية عَلَيهِ السَلام ليس كرهاً منه لليهود بل إقراراً بحقيقة تاريخية وهي أن اليهود بقوا وسيبقون في ذُل الحكومات والقلق مما يدور حولهم إلى الأبد طالما لم يغيّروا عدائهم للمسلمين وكفرهم بالنبيين الصادقين عيسى ومُحَمَّدٍ عَلَيْهِمْ الصَلاة وَالسَلام.
حال اليهود اليوم
كما لا يغيب أيضاً عن بالنا ما فعله “أدولف هتلر Hitler” بيهود ألمانيا وبولندا في المحرقة المشهورة المسماة بـ “الهولوكوست” مهما بالغت الأطراف المختلفة بأعداد الضحايا تضخيماً أو تقليلاً أنه ثابت وموثق. وبالتالي فاليهود إلى اليوم يُنظر لهم دينياً حول العالم بأنهم قَتَلة المسيح عَلَيهِ السَلام، واقتصادياً كرمز الجشع والربا وعبادة المال، واجتماعياً كعرق نجس مكروه، وثقافياً كسبب انحلال الأخلاق في العالم. وإذا نظرنا إلى واقع الأمر فسنجد أن اليهود بالفعل ليس لهم موطيء قدم حول العالم إلا وكانوا في خوف من الكراهية والاحتقار والقلق من الهجمات المختلفة من حولهم حتى يومنا هذا. وبالمقابل لا يملك اليهود دولاً وحكومات باسمهم بل لا توجد لهم دولة واحدة تضمهم إلا احتلالهم لدولة فلسطين وإقامتهم دويلة في جزء صغير من فلسطين فقط، وهي مهددة في كل لحظة بالزوال وتتعرض للعمليات العسكرية باستمرار ولا تتوقف التفجيرات فيها ولو ليوم واحد،وقد وردت النبوءة التي أشار لها المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في القُرآن الكَرِيم وتحديداً في قوله تعالى: ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ﴾ آل عمران 113. فاليهود في ذُلٍّ إلى يوم القيامة ولا استثناء لذلك إلا بحبل من الله وحبل من الناس، أي قد ينصرهم الله تعالى في ظرف معين، ليس لصلاحهم وتقواهم ولكن نكايةً بالمسلمين المتخاذلين المبتعدين عن الدين، ليكون في عزتهم المؤقتة هذه عقاباً من الله تعالى ليعود المسلمون إلى دينهم من جديد. وهذه العزة لن تكون لهم مباشرة، بل ستكون اعتماداً على قوة وعزة غيرهم، أي أنهم مرتبطون بعزة غيرهم ولن يكون لهم عزة خاصة بهم كما أسلفنا. ومهما حدث من ظروف فلن يتسيد اليهود العالم ولن يمكنهم ادعاء ذلك على الإطلاق. وهكذا لن تفارقهم الذلة لأنهم ضعفاء وعالة على غيرهم كما قال الله تعالى في الآية التي أشار لها المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أعلاه. وستعود فلسطين عاجلاً أم آجلاً إلى أصلها بشرط اجتماع المسلمين بعد إيمانهم بالمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام.
الخلاصة
لكل هذه الحقائق التي ذكرناها صار ساسة الغرب خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية يلعبون على وتر عداء السامية لكسب الأصوات الانتخابية مدافعين عن حقوق المستضعفين أي اليهود. فهل هذا دليل على قوة اليهود أم على العكس أي ضعفهم واستغلال ذلك في السياسة التي تدعي حماية الضعفاء والمحتاجين؟!
لهذا يجب النظر الموضوعي إلى حقيقة الأمور وليس النظر من جهة المشاعر الشخصية والإشاعات. فقََدْ صَدَقَ المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
وصلات داخلية:
وصلات خارجية
(1) الموسوعة اليهودية، عداء السامية Anti-Semitism, Jewish Encyclopedia.
(2) Daily Telegraph, 12 November 1938. Cited in Gilbert, Martin. Kristallnacht: Prelude to Destruction. Harper Collins, 2006, p. 142.
(3) König, René (2004). Materialien zur Kriminalsoziologie. VS Verlag. p. 231. ISBN 978-3-8100-3306-2.
(4) Nietzsche der philosoph un Politiker, 8, 63, et passim. Ed. Alfred Baeumler, Reclam 1931
بارك الله فيكم ولكم وزادكم من جزيل فضله وعطائه