المعترض:
لقد اصطدتكم يا قاديانيين! نعم اصطدتكم من حديث إمامكم المرزا ! فهو يقول بأن أحاديث المهدي كلها ضعيفة ومجروحة، بينما أنتم تحتجون وتستدلون بحديث لا مهدي إلا عيسى الضعيف ! أرآيتم كيف ندمركم ومن كلام إمامكم! وإلا من نصدق الآن أنتم أم إمامكم !
الرد:
نعم، أحاديث المهدي لوحدها دون أحاديث نزول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام ضعيفة بل متناقضة، ولذلك لن تجد أي حديث حول المهدي في الصحيحين بل تجد الصحاح أكثرت من أحاديث نزول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام فقط دون ذكر المهدي، ثم ذَكَرَ حضرته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام حديث “لا مهدي إلا عيسى” ليؤكد أن هذا الحديث وَإِن كان في رجاله كلام ألا إنه بمثابة المفتاح لفهم أحاديث المهدي والتوصل للصحيح منها ونبذ الضعيف والموضوع، بل وشهد عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام على أن حديث “لا مهدي إلا عيسى” هو الوحيد الصحيح وأن الله تعالى أوحى له بصحة هذا الحديث.
أولاً، يصف المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام الحديث بأنه ضمن صحيح ابن ماجه وليس ضعيفه، فيقول حضرته:
“والعجب الآخر أنهم ينتظرون المهدي مع أنهم يقرأون في صحيح ابن ماجه والمستدرك حديث: “لا مهدي إلا عيسى“، ويعلمون أن الصحيحين قد تركا ذِكره لضعفِ أحاديث سُمعت في أمره، ويعلمون أن أحاديث ظهور المهدي كلها ضعيفة مجروحة، بل بعضها موضوعة، ما ثبت منها شيء، ثم يُصرّون على مجيئه كأنهم ليسوا بعالِمين.” (حمامة البشرى)
أي أن صحيحي البخاري ومسلم تركا أحاديث المهدي مع أن ابن ماجه أورد في (((صحيحه))) حديث “لا مهدي إلا عيسى“. انتبه عزيزي القاريء إلى عبارة “صحيحه” التي تثبت أن حديث “لا مهدي إلا عيسى” مستثنى من أحاديث المهدي الضعيفة.
ثانياً، يؤكد المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام في موضع آخر بأن حديث “لا مهدي إلا عيسى” صحيح المعنى وليس كباقي أحاديث المهدي التي لا تخلو من الضعف:
“إنَّ الأخبار عن المهدي لا تخلو من الضعف، لذلك لم يأخذ بها الشيخان، أما حديث ابن ماجة والحاكم الذي يقول: “لا مهدي إلا عيسى بن مريم “فقد اطلعنا عليه الآن. ولكن يمكننا التوفيق بين الروايات في أنَّ الشخص الذي ذُكر مجيئه في الأحاديث باسم عيسى، سيكون هو المهدي في عصره وهو الإمام، ومن الممكن أن يأتي بعده مهدي آخر أيضاً، وهذا ما ذهب إليه الإمامُ محمد بن إسماعيل البخاري أيضا، لأنه لو كان معتقِداً بشيء آخر لذَكَره في صحيحه، ولكنه اكتفى بالقول: “سينـزل ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ“، وسكَت. والمعلوم أنَّ إمامَ الوقت يكون واحداً فقط.” (إزالة الأوهام)
ثالثاً، المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام بنفسه يحتج ويستدل بحديث “لا مهدي إلا عيسى” فيقول حضرته:
“ومن جملة النصوص الحديثية دليل أورده مسلم وهو “لَوْ كَانَ الدّينُ عِند الثُريّا لذهبَ بِه رَجُلٌ مِن فارس“، هذا الحديث يدل صراحة على أن زمناً سيأتي على الإسلام يُصاب فيه الدينُ والعلم والإيمان بالضعف، وينتشر الظلم والجور في الأرض، عندئذ سيولد رجل فارسي الأصل، يستعيد الإيمان إلى الأرض. وقد ثبت من الحديث السابق آنفاً ستتم على يديه ازالةُ كل أنواع الظلم والفسق هو نفسه المهدي الموعود، ويثبت من حديث “لا مهدي إلا عيسى” أنه هو المسيح الموعود أيضا.” (كتاب البرية)
كذلك يقول عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام:
“الأحاديث نوعان: النوع الأول يتضمن الأحاديث التي تؤيدنا وتعيننا صراحة دون تأويل مثل: “إمامكم منكم“، “فأمَّكم منكم“، “لا مهدي إلا عيسى” وغيرها. وبعض من النوع الثاني يقدمها معارضونا، ومنها ما يصبح مضمونها ومفهومها مطابقا لموقفنا بشيء من التدبر. وبعض الأحاديث محرَّفة ومبدَّلة وتخالف القرآن وهي أقوال مردودة نرفضها.” (الملفوظات)
إذن لا يصح حديثٌ حول المهدي بمفرده إلا إذا وافقَ الأحاديث الصحيحة المتواترة حول المسيح الموعود في الصحيحين. وبهذا يعلّمنا المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام قاعدة فهم الأحاديث التي فيها ضَعفٌ مثل أحاديث المهدي وغيرها. فللّهِ دَرّك يا إمامَ الزمان !
رابعاً، حديث “لا مهدي إلا عيسى” هو الحديث الوحيد الصحيح في أحاديث المهدي الضعيفة. جاء ذلك في جواب المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام على سؤال أحد الأشخاص الأتراك حول كون حضرته هو المهدي، فأجاب حضرته:
“كل الأحاديث التي تتحدث عن المهدي يقول المحدِّثون أنها غير جديرة بالثقة إلا الحديث: “لا مهدي إلا عيسى“. الموعود الذي ورَدَ عنه في صحيح البخاري: “إمامُكم منكم“.” (الملفوظات)
ويقول عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام:
“جاء في بعض الأحاديث أنَّ المهدي سيكون من بني عباس، وفي بعضها من بني فاطمة. وجاء في بعضها الآخر: “رجلٌ من أمتي“. ولكن الحق أنَّ جميع هذه الأحاديث كلها لا تجدر بالثقة قط. وهذا ليس قولي أنا فقط بل قاله أيضاً كبار علماء أهل السنة على مرّ العصور. ومقابل تلك الأحاديث هناك حديثٌ صحيحٌ أورده ابن ماجة وهو: “لا مهدي إلا عيسى“.” (البراهين الأحمدية الخامس)
أي أن المُحدِّثين تكلموا في أحاديث المهدي بالضعف (لوحدها كما أثبتنا أعلاه) إلا حديث “لا مهدي إلا عيسى” الذي قرنَ المُحدِّثون بينه وبين الحديث الصحيح “إمامُكم منكم” ليثبتوا أن المقصود من وحدة المهدي والمسيح هي في كونه من هذه الأمة.
خامساً، وهذه هي القاضية، حيث يؤكد المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام بأن حديث “لا مهدي إلا عيسى” هو حديث صحيحٌ وبوحي الله تعالى الذي أوحاه الله ﷻ للمسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام، فهو حديث صحيح ولا يهم ما تكلم المحدّثون في صحته وأنه موضوع طالما أن الله تعالى أوحى للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بأنه حديث صحيح، فيقول حضرته:
“إنَّ مذهبي هو أنه إذا كَشفَ اللهُ عليّ أمراً -عن صِحّة حديثٍ أو عدم صحّته مثلا- وإنْ كان علماء الظاهر والمحدِّثون يحسبون حديثاً مُعيّناً موضوعاً أو مجروحاً ولكني سأعدّ الحديث الذي يخالفه ويعارضه هو الموضوع إذا كشفَ اللهُ تعالى عليّ صِحّة ذلك الحديث المعيّن. مثلاً للمحدِّثين في حديث “لامهدي إلا عيسى” كلامٌ ولكن اللهَ تعالى كَشفَ عليّ أنه حديثٌ صحيحٌ. وإنَّ مذهبي هذا ليس من اختراعي أنا بل هي قضية مُسلَّمٌ بها أنَّ أصحاب الكشف والإلهام لا يحتاجون إلى نقدِ المحدِّثين للأحاديث ولا يحتاجون للالتزام به. فما دام الحال على هذا المنوال فأقولُ بكلِّ صراحةٍ بأن كلّ ما أقومُ به إنما أقومُ به بإلقاءٍ من اللهِ وإيعازه.” (الملفوظات، بتاريخ 3/12/1901 م)
أما التفصيل في صحة هذا الحديث من ناحية السند والدراية فستجدوه في مقالنا السابق هنا: عقيدة الشاطبي هي أن لا مهدي إلا عيسى
الخلاصة، أنَّ المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام هو الذي يحتج ويستدل بحديث “لا مهدي إلا عيسى” ويعتبره حديثاً صحيحاً خاصة وأن معناه صحيح وأن الله تعالى أوحى اليه بصحّته. هذا لا يفهمه من كان مبلغ علمه هو اقتصاص واقتطاع النصوص من كلام المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام وضربها ببعضها ليثير الغبار من حوله وما هو مُغْبِر إلا نفسه، فهذه عادة قديمة لأهل الباطل لم تعد نافعة لأصحابها دع عنك غيرهم.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ