الاعتراض: ما معنى إلهام مؤسس جماعتكم:
“تَبَخْتَرْ فإن وقتك قد أتى، وإنّ قدم المحمديّين وَقَعَتْ على المنارة العليا.” (البرأهين الأحمدية، ص 522. وحقيقة الوحي، الآية التاسعة والأربعون بعد المئة 149)
كذلك فإن تسميته للمسلمين بالمحمديين خطأ معيب ولا يليق لأنه لقب أطلقه أعداء الإسلام للسخرية من المسلمين.
الرد:
المعنى يشرحه المسيح الموعود بنفسه عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام، فيقول حضرته عن النص أعلاه:
“قد مضى أكثر من 25 عاماً على زمن نشر هذه النبوءة الإلهية في البراهين الأحمدية. وكان المراد منها أن أيام ازدهارك وسعادتك التي ستزيد من عظمة دين محمد ﷺ وشوكته لآتية. ويعلم الجميع أنني كنتُ في ذلك الزمن مستوراً ومحجوباً في زاوية الخمول وَلَمْ يكن معي أحد وَلَمْ يخطر ببال أحد أنني سأنال هذه المرتبة. وَلَمْ أكن أعرف عن العظمة والشوكة المستقبلية شيئا، بل الْحَقُّ أني لم أكن شيئا يُذكر قَطّ. فاصطفاني الله بعد ذلك بمحض فضله وليس لميزة في نفسي. كنت خاملاً فأذاع صيتي بسرعة هائلة كما يبرق البرق ويظهر لمعانه من ناحية إلى أخرى، كنت جاهلاً فوهب لي من لدنه علمًا، ما كانت لي سعة مالٍ فرزقني فتوحاتٍ مالية بمئات الألوف من الروبيات. كنت وحيداً فجعل لي ﷻ مئات الألوف من الأتباع، وأظهر لي آيات من الأرض والسماء كِليهما. لا أدري لماذا فعل كل ذلك من أجلي لأني لا أجد في نفسي أية ميزة، بل أرى من الأنسب لحالي أن أقرأ في حضرة الله الكريم بيتا -مترجمًا من الفارسية- من شعر الشيخ سعدي عليه الرحمة: “المرضيون عند الله ينالون المراتب، فما الذي أعجبه في هذا العبد الضعيف.”. إنَّ ربي نصرني في كلِّ مجال. وكلُّ مَن هبّ لمعاداتي أسقطه الله في الحضيض، وكل مَن جرّني إلى المحاكم لأُعاقَب وهبني ربي الانتصار عليه في القضايا كلها. وكل من دعا عليّ ردّ الله تعالى دعاءه عليه؛ قد نشر عني ليكهرام الشقي معتمداً على فرحته الزائفة أني سأهلك مع جميع أولادي في ثلاثة أعوام، وكانت النتيجة أنه هو الذي مات أبتر حسب نبوءتي وَلَمْ يبق له نسل في الدنيا. كذلك نهض عبد الحق الغزنوي فباهلني وأراد استئصالي بأدعيته عليّ، وكانت النتيجة أنّ كلّ ما نلتُه من التقدم والازدهار قد نلته بعد مباهلته، فصار مئات الألوف من الناس من أتباعي، وجاءتني مئات الألوف من النقود. وانتشر اسمي في الدنيا مقروناً بالصيت الطيب حتى انضمَّ إلى جماعتي أناسٌ من بلاد أجنبية أيضا، ورُزقتُ أكثر من ولد. أما عبد الحق فظلّ مقطوع النسل وكأنه في حكم الأموات، وما حَظِيَ بأدنى بركة من الله كما لم ينل أي إكرام، بل صار مصداقَ “إن شانئك هو الأبتر”. ثم هبّ المولوي غلام دستغير القصوري وأراد أن يكسب الشهرة بين القوم بالدعاء عليّ مثل محمد طاهر، وأن يهلكني بدعائه عليَّ -كما دعا محمد طاهر على المسيح والمهدي الزائف فهلك- ولكنه بعد دعائه هلك هو بسرعة لا نظير لها. ولا يجيب أحدٌ من المشايخ ما هو السر الكامن في أن المسيح الزائف قد أُهلك في زمن محمد طاهر بدعائه عليه، وأما غلام دستغير فقد هلك بنفسه نتيجة دعائه على مسيح زمنه. هذه هي نصرة الله الداخلية، أما من الناحية الخارجية فقد رزقني الله تعالى رعبا فلا يسع قسيساً أن يبارزني. كان هناك زمن كانوا يعلنون في الأزقة والأسواق صارخين بأعلى صوتهم: لم تظهر من النبي ﷺ أية معجزة، ولا توجد في القرآن الكريم أية نبوءة. أما الآن فقد جعلهم الله تعالى مرعوبين، فما عادوا ينبسون ببنت شفة حول هذا الموضوع وكأنهم قد رحلوا من الدنيا. والله الذي نفسي بيده لو توجه إليَّ أحد القساوسة لمبارزتي لأخزاه الله ولَعذَّبه بما لن يوجد له نظير، ولن يقدر على أن يُريَ قدرة إلهه المزعوم ما أُريه أنا. وسيُمطر الله لي الآيات من السماء ومن الأرض. أقول والحقَ أقول إن هذه البركة ما أُعطيَتْها أممٌ أخرى قَطّ. فهل من قسيس على وجه الأرض من الشرق إلى أقصى الغرب يستطيع أن يُري آيات الله إزائي؟ لقد كسبنا المعركة ولا يسع أحداً أن يبارزنا. وهذا ما أنبأ به الله تعالى قبل 25 عاماً حين قال: “تَبَخْتَرْ فإن وقتك قد أتى، وإنّ قدم المحمديّين وَقَعَتْ على المنارة العليا”. والله نحن المحمديون الثابتون اليوم على منارة شامخة وراسية وكل واحدٍ تحت أقدامنا.” (حقيقة الوحي)
الشرح معاليه واضح ولا يحتاج إلى أي شرح وتفسير.
أما قول المعترض بأن تسمية المسلمين بالمحمديين لا تجوز وأن الذين أطلقوها على المسلمين هم خصوم الإسلام فهو قول خاطئ، فَلَمْ يكن أول من أطلق هذه التسمية على المسلمين أعداء الإسلام بل في الواقع أطلقها علماء المسلمين من السلف الصالح أنفسهم قبل أن تخطر ببال المستشرقين وخصوم الإسلام، وكانت التسمية تُطلق للتعبير عن مقام إمام الأمة سيدنا النبي الخاتم مُّحَمَّدٌ المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهذا مما لا بأس فيه ولا إشكال. ولقد ورَدَ في الحديث الشريف تسمية المسلمين بـ “أمة محمد” حتى استعمل بعض أهل العلم لقب “المحمديون” في التعبير عن المسلمين انهم أتباع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
“وإذا اجتمعوا (أهل الحيل والدجل) مع من له حالٌ رحماني بطلت أحوالهم وهربت شياطينهم، وإنما يظهرون عند الكفار والجهال، كما يظهر أهل الإشارات عند التتر والأعراب والفلاحين ونحوهم من الجهال الذين لا يعرفون الكتاب والسنة، وأما إذا ظهر المحمديون أهل الكتاب والسنة فإن حال هؤلاء يبطل.” (مجموع الفتاوى 27/500)
وقال الإمام الذهبي رحمه الله:
“الطريقة المثلى هي المحمدية.” (سير أعلام النبلاء 12/89)
وقال الإمام الحافظ ابن حجر رحمه الله:
“ومن رحمة الله بهذه الأمة المحمدية أن يعجّل لها العقوبة في الدنيا. .. وفيه فضيلة الأمة المحمدية.” (معجم المناهي اللفظية، للشيخ بكر أبو زيد، ص 610)
وكذلك جاء تعريف الشيخ بن عربي رحمه الله في فتوى من دار الافتاء بالأزهر:
“هو أحد الأئمة الأعلام والورثة المحمديين الذين جمع الله لهم بين سمو شرف العلم وعلو درجة الولاية، وهو من كبار أهل الله تعالى، وكان فقيهًا على مذهب الإمام داود الظاهري، وعقيدته هي عقيدة الأشاعرة أهل السنة والجماعة.” (حكم من يدعي إجماع أهل السنة على تكفير الإمام محيي الدين بن العربي، الرقم 4271، التاريخ: 21/11/2006)
وقال الشيخ صالح الفوزان عن قوله تعالى {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) ما يلي:
“هذا خطاب لهذه الأمة المحمدية آخر الأمم وقتاً وأولها فضلاً وسبقاً إلى كل خير.” (هو سمّاكم المسلمين، صالح الفوزان)
فليس في تسمية المسلمين بالمحمديين أي عيب بل من الشرف أن ننتمي إلى سيدنا الخاتم مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا أيضاً لتمييز أتباع الإسلام عن عامة أهل الكتاب وغيرهم حيث أن هنالك الإسلام العام الذي يشمل جميع الديانات بلا استثناء وهنالك الإسلام الخاص وهو المحمدي أي الذي نزل على سيد الخلق مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأي مشكلة في إطلاق لقب المحمديين على أتباع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لتمييزهم عن باقي أتباع الديانات، التسمية التي استخدمها كما ثبت كبار السلف والخلف وليس المسيح الموعود وحده عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
مُسْلِم للّه
بارك الله فيكم وبكم