بحمد الله تعالى تم الرد على شبهة المجدد التي أثارها بعض المرتدين والخارجين على الخلافة قبل سنوات وأثبتنا عندها بأن القدرة الثانية التي تحدّثَ عنها الْمَسِيحُ الموعودً عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام بناء على تاريخ الإسلام وعلى نبوءات المسيح الموعود وكلامه بنفسه عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام إنما هي الخلافة الراشدة الثانية التي وُعِدَ بعودتها في آخر الزمان على لسان أشرف الخلق خاتم النبيين سيدنا ومولانا مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. (راجع منشورنا من هنا: المجدد الأخير هو عيسى ؑ والخلافة الثانية). وقد أطلّت رؤوس أهل الشبهات اليوم بشبهة جديدة وهي أن خليفة المسيح الأول حضرة نورالدين رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال بأنه يأمل أن يأتي المجدد الموعود خلال ثلاثين سنة. الشبهة عندهم هي أن الخليفة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لا يرى نفسه يمثل تجلياً لقدرة الله تعالى التي تحدث عنها المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بل هنالك شخص ما خارج الخلافة هو المقصود وسيأتي بعد ثلاثين سنة. وللرد على هذه الشبهة نستعرض مع القاريء العزيز ما قاله خليفة المسيح الأول حضرة نورالدين نفسه رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
الخلافة هي وعد المسيح الموعود ؑ للجماعة
يقول خليفة المسيح الأول نورالدين رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
“أُقسمُ بالله العظيم إنني لا أستطيع أن أخلع هذا القميص الآن. فَلَو قام العالَمُ بأسره ضدي وعارضتموني أنتم أيضاً فلا أعبأ بكم ولن أعبأ. هناك وعدٌ من المبعوث الرباني أنه ﷻ لن يضيع هذه الجماعة، وقد تحقق من ذلك. إن تجلّيات قُدرته تعالى عجيبة، ونظرته واسعة، فإذا أدّيتم حقَّ العهد فسوف ترون كيف تزدهرون وتنجحون.” (خطبة عيد الفطر 15 تشرين الأول 1909 نقلاً عن جريدة “بدر” قاديان 21 تشرين الأول 1909، ص 11)
إذن فقََدْ تحقق وعدُ المسيحِ الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام للجماعة بالخلافة فقط!
المجدد الموعود سيكون خليفة لنورالدين رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حيث يقول حضرته:
“ليسَتْ الخلافة مياهاً غازية تُشترى من دكان “الكيسري”. إنكم لن تنتفعوا من الخوض في هذه القضية. ولن يجعلكم أحدٌ خليفةً، كما لا يمكن أن يصبح أحدٌ خليفةً في حياتي. عندما أموتُ فلن يقوم إلا من يشاء اللهُ، وسيتولى اللهُ ﷻ بنفسه إقامته.” (خطاب أمير المؤمنين بلاهور في “البناية الأحمدية” يوم 16 حزيران عام 1912 نقلاً عن جريدة “بدر” قاديان 11 يوليو 1912، ص 4)
ثم يؤكد حضرته على هذه النقطة في موضع آخر:
“عندما أموتُ سيقوم مقامي ذلك الذي يريده الله تعالى بل سيقيمه الله بنفسه.” (حياة نور)
أي أن المقصود بالموعود خليفة بعد وفاة الخليفة الأول رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. فمن هو؟
يجيبنا الخليفة الأول بنفسه رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حيث نشرت جريدة الفضل ما يلي:
“لمّا سَقَطَ الخليفةُ الأول رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عن الحصان وفق نبوءة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام، وأصيبَ بجرحٍ شديد في رأسه، تدهورت حالته الصحية ذات ليلة جداً وظن أن ورم الجرح بدأ يتجه إلى قلبه، فطَلبَ على الفور قلماً وكَتَبَ على ورقةٍ شيئاً ووضعه في ظرف وأغلقه، وكَتَبَ على الظرف شيئاً أيضاً، ثم أعطى هذا الظرف الشيخَ تيمور أحمد -الذي كان يقوم بخدمته- قائلاً: “إذا مِتُّ فاعملوا بحسب ما هو مكتوبٌ فيه”. وبحسب رواية الشيخ تيمور أحمد كان مكتوباً على الظرف: على أسوة أبي بكرٍ، بايعوا الذي كُتِبَ اسمه في هذا الظرف. فلمّا فُتحَ هذا الظرف كان مكتوباً فيه: “محمود أحمد”.” (جريدة “الفضل” قاديان، 6 أيلول 1914 صفحة 6)
هل بقي بعد هذا التصريح شبهة حول هوية المجدد الموعود ؟!
بعد ثلاثين سنة من كلام الخليفة الأول رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أعلنَ المُصْلِحُ المَوْعودُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
“أقولُ مُقسماً بالله أنني قلتُ في حالة الكشف “أنا المسيح الموعود مثيله وخليفته.” و بأمر من الله قلتُ في هذا الكشف إني أنا الذي كانت العذراوات ينتظرن ظهوره منذ 19 قرنا. فامتثالاً لاًمر الله أُعلنُ حالفاً بالله تعالى أنه قد اعتبرني ذلك الابن الموعود في نبوءة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام والذي من مهامه أن يبلّغ اسم المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام إلى أكناف الأرضين. لا أقولُ إني الموعود الوحيد، ولن يأتي موعود آخر إلى يوم القيامة، بل يظهر من نبوءات المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أن موعودين آخرين سيبعثون أيضاً، ومنهم الذين سيأتون بعد قرون، ليس هذا فحسب، بل إن الله قد أخبرني أنه سوف يرسلني أنا أيضاً إلى الدنيا مرة أخرى، وسوف آتي لإصلاح الدنيا في زمنٍ يسوده الشرك، والمراد من ذلك أن الله سيقيم شخصاً يماثلني روحاً وكفاءة، فيقوم بإصلاح الدنيا متأسياً بأسوتي. فسيأتي الآتون، وسيآتون في ميعادهم حسب وعد الله. وما أقول أنا هو أن النبوءة التي نزلت على المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في هذه المدينة “هوشياربور” في البيت الأمامي وأعلنها حضرته عليه السلام من هذه المدينة، وقال عنه إنه سيولد في خلال 9 سنوات … أن هذه النبوءة قد تحققت فيَّ، ولن يكون أحدٌ غيري مصداق هذه النبوءة. فإن هذه النبوءة ليست في المستقبل وإنما هي كما كتبَ المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام لازدياد إيمان أهل هذا الزمان، فكان من اللازم أن تتحقق هذه النبوءة في هذا الزمان وبأُمّ أعين الناس نُشرت في زمنهم.” (الإعلان الجليل عن دعوى مصلح الموعود أنوار العلوم ج 17 ص 161-162)
إذن أعلنَ المُصْلِح المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بأنه هو المجدد الموعود وذلك في سنة 1944 أي بعد مرور ثلاثين سنة بالتمام من قول الخليفة الأول نورالدين رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عام 1912 حول أمله في مجيء المجدد الموعود بعد ثلاثين سنة!
فهل إعلان المُصْلِح المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في 1944 أنه المجدد يعني بأنه لم يكن مجدداً قبل يوم من هذا الإعلان؟ طبعاً لا يقول بذلك ذو لُب، لأن إعلان الشيء لا يعني بالضرورة عدم حدوثه قبل الإعلان بل هنالك عوامل وأسباب في توقيت الإعلان يعلمها الله تعالى وحده، فالإسلام مثلاً أصبح علنياً بعد فترة ولم يكن قبلها إلا الإسلام نفسه وليس ديناً آخر، والمهم أن النبوءة تحققت كما أُريدَ لها. وبهذا نطوي هذه الشبهة إلى الأبد.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ