المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود ع العربية .. 94
نكتة الخطأ في جزم المضارع المنصوب
أن الموصولة بالنهي وأن التفسيرية وأن الزائدة ..
اعتراض دكتوراة وتحديات الجهل:
تقول دكتوراة الجهل ويتحدّانا أصحابها بأن المسيح الموعود عليه السلام أخطأ في جزم ونصب الفعل المضارع المعتل الآخر في الفقرات التالية:
1- ليتمّ حجّتي عند النحارير، ولا يبق نَدْحةُ المعاذير (منن الرحمن، ص 103).
2- فليُفْتِي المفتون (الهدى والتبصرة، ص 70).
3- أن نصطاد هذه الجراد مع ذراريها، ونُنج الخلق من كيد الخائنين (إتمام الحجة، ص 59).
4- فأوصيك أن لا تُمارِهم، ولا تخالِفْ قولهم بفهمٍ أنحَلَ وعقلٍ أقحَلَ، حمامة البشرى (2/ 5)
ويكمن الخطأ وفق زعمهم في حذف حرف العلة في الأفعال (يبق)، (ننجِ) و (تمارِهم) وهي أفعال منصوبة على حدّ زعمهم، وجب إثبات حرف العلة فيها لتكون الأفعال كما يلي: (ولا يبقى) (وننجيَ) و (أن لا تماريَهم) . وأما الجملة الثانية ففيها الفعل (يُفتي) وقع الخطأ فيه بإثبات حرف العلة رغم كون الفعل مجزوما بلام الأمر، ووجب حذف حرف العلة فيه ليكون وفق زعمهم (فليُفتِ).
الردّ:
المقدمة:
بالنسبة للفقرة الثانية والتي جاء فيها الفعل بإثبات حرف العلة رغم أنه مجزوم بلام الأمر، فهذا يندرج تحت لغة “إجراء المعتل مجرى الصحيح السالم”، وقد كنا أسهبنا الحديث عنها في مقال سابق (يُنظر: مظاهر الإعجاز 15 على الرابط التالي: https://wp.me/pa2lnY-2S2 ). ومجمل ما قلناه هناك إن بعض القبائل العربية مثل بني عبس وبني حنيفة تُعامل الفعل المعتل الآخِر كما الفعل الصحيح فلا تحذف حرف العلة من آخره في حالة الجزم، بل تكتفي بحذف الحركة المقدرة على آخره في حالة الجزم.
وهذه اللغة تندرج تحتها الفقرة الثانية المذكورة أعلاه، بالإضافة إلى بعض الفقرات الأخرى التي أشرنا إليها في المقال الأول مظاهر الإعجاز 15.
أما بالنسبة للفقرة الأولى والثالثة فسوف نفرد لها بحثا ومقالا خاصا، لنركّز هذا البحث على الفقرة الرابعة وهي: فأوصيك أن لا تُمارِهم، ولا تخالِفْ قولهم بفهمٍ أنحَلَ وعقلٍ أقحَلَ، (حمامة البشرى).
الحقيقة إن الحديث عن خطأ في هذه الفقرة في رسالة دكتوراة يشرف عليها نخبة ممّن يصنَّفون بأنهم علماء في اللغة العربية، لهي فضيحة كبيرة لكل هؤلاء المدرسين، وفضيحة لكل جامعة ومعهد ينتمي إليها مثل هؤلاء المشرفين؛ لأنها تثبت مدى جهلهم في اللغة التي من المفروض أن يكونوا متخصصين فيها.
فالحقيقة أنه لا خطأ واقع في هذه الفقرة، لأنه ببساطة (تمارِهم) هو فعل مجزوم وليس منصوبا كما ظن دكاترة الجهل.
والسرّ في هذه الجملة أن الحرف (أنْ) الواقع قبل الحرف (لا الناهية) لا ينصب الفعل المضارع في هذه الحالة، بل فيه ثلاث إمكانيات كما يلي:
*****************************************************************
-
الإمكانية الأولى:
كون (أنْ) هي المصدرية الناصبة، ولكنها موصولة بلا الناهية داخلة عليها دون أن تغيّر في جزم الفعل، كما يصرح بذلك النحو الوافي وفق رأي سيبويه حيث يقول :
“لكن صرح الصبّان بأنه يصح على الجزم بلا الناهية اعتبار “أن” مصدرية؛ اعتمادا على الرأي الأصح الذي يبيح دخولها على الأمر والنهي؛…. وقد جاء في حاشية الخضري ما نصه:
“وصْل “أن” بالماضي اتفاق، وبالأمر- (والمراد به ما يشمل النهي أيضا -كما يتضح من التمثيل الآتي؛ لأن النهي أمر بالكف وطلب الامتناع.( في الهامش))- عند سيبويه، بدليل الجار عليها في نحو: كتبت إليه بأن قم أو لا تقعد. إذ لا يدخل إلا على الاسم، فتُؤول بمصدر طلبي، أي: كتبت إليه بالأمر بالقيام؛ كما قدر الزمخشري في قوله: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ} ، أي: بالأمر بالإنذار، فلا يفوت معنى الطلب. وردّه الدماميني بأنّ كل موضع وقع فيه الأمر هو محتمل لكون “أنْ” فيه تفسيرية؛ بمعنى: “أي”؛ كهذه الآية، ونحو: {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} 4 ونحو {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي} . ونحو: {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا} ، أي: انطلقت ألسنتهم5 فكل ذلك -إن لم يقدر فيه الجار- هي فيه إما تفسيرية؛ “لسبقها بجملة فيها معنى القول دون حروفه؛ ووقوع جملة بعدها، وخلوّها من الجار لفظا”، ولا حاجة إلى تقديره كما يقول سيبويه -وإما زائدة؛ كالمثال: “أي كتبت إليه بأن قم”، أي: بهذا اللفظ. زيدت “أن” كراهة دخول الجار على الفعل ظاهرا، وإن كان في الواقع اسما، لقصد لفظه”. ا. هـ.(حاشية الخضري)
وإذا دخلت “أن” على الماضي والأمر باعتبارها مصدرية فإنها لا تغيّر زمنهما، ولا يكون لهما محل تنصبه -كما جاء في المغني عن الكلام عليها- خلافا لرأي ضعيف آخر” {إ.هـ النقل من النحو الوافي (4/ 297- 298) }
وخلاصة الكلام، أنه من الممكن اعتبار (أنْ) الداخلة على لا الناهية (أنْ) المصدرية مع بقاء الجزم بـ (لا الناهية) قائما. وما يهما هنا هو أنّ دخول (أنْ) على (لا الناهية) لا يؤثر في عملها فيبقى الفعل مجزوما بعدها، تماما كما في عبارة المسيح الموعود عليه السلام (أن لا تمارهم) .
وانطلاقا من رأي الدماميني المذكور أعلاه، حيث قال: بأنّ كل موضع وقع فيه الأمر هو محتمل لكون “أنْ” فيه تفسيرية؛ نخلص إلى الإمكانية الثانية.
*********************************************************************
-
الإمكانية الثانية:
إنّ (أنْ) هذه هي (أنْ) المفسرة أو التفسيرية التي بمعنى (أي)، وهي حرف مهمل لا تأثير إعرابي له على الجملة، وليست هي المصدرية الناصبة للفعل المضارع؛ وذلك لتحقّق شروط المفسِّ********رة في هذه الحالة كما ينصّ عليها النحو الوافي في حديثه عن أنواع (أنْ) حيث قال:
“(أنْ) المفسرة: وهي حرف مهمل والغرض منه: إفادة التبيين والتفسير، مثل: “أي المفسرة” فكلاهما حرف تفسير؛ ولهذا يصح إحلال “أي” محل “أن”.
ولا تكون “أن” مفسره إلا بثلاثة شروط مجتمعة:
أولها: أن تسبقها جملة مستقلة كاملة، فيها معنى القول دون حروفه.
ثانيها: أن يتأخر عنها جملة أخرى مستقلة، تتضمن معنى الأول، وتوضح المراد منها.
ثالثها: ألا تقترن “أن” بحرف جر ظاهر أو مقدر.
ومن الشرط الثاني يتبين أن الذي يقع به التفسير هو الجملة المتأخرة: أما الحرف “أن” فمجرد أداة، أو آله، أو رمز، ففي الكلام مجاز مرسل، علاقته الآلية.
فإذا استوفت الشروط الثلاثة كانت مفسرة لمفعول الفعل الذي قبلها؛ إن كان متعديا، سواء أكان المفعول ظاهرا أم مقدرا. فالظاهر كالذي في قوله تعالى، يخاطب موسى: {إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى، أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ} فـ”ما يوحى” هو عين “اقذفيه في اليم” معنى … ، والمقدر كالذي في قوله تعالى في قصة نوح: {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} على تقدير: أوحينا إليه شيئا؛ هو: اصنع.
ويصح أن تكون “أن” هنا زائدة، والمعنى: أوحينا إليه لفظ: “اصنع”.
وإن لم يكن الفعل متعديا فالجملة التفسيرية لا محل لها -كما سيجيء.
فإن لم يسبقها جملة كاملة كانت -في الغالب- مخففة من الثقيلة؛ كالتي في قوله تعالى: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} لأن ما قبلها مبتدأ لا خبر له إلا “أن” وما دخلت عليه. وهذا ينافي التفسيرية؛ لأنها لمحض التفسير -لا للتكميل- فتقتضي أن يكون قبلها جملة تامة؛ كما سلف.
وإن كان قبلها جملة تامة ولكنها مشتملة على حروف القول وجب اعتبار “أن” زائدة لا مفسرة؛ نحو: قلت له: أن افعل -كما سبق عند الكلام على “أن” الزائدة.
…. وإن اقترنت بحرف جر ظاهر أو مقدر فهي “مصدرية”، لاختصاص حرف الجر بالدخول على الاسم، ولو كان الاسم مصدرا مؤول؛ كالمثال السابق، وهو: {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} إن جعلنا التقدير: فأوحينا إليه بصنع الفلك … على معنى: وأشرنا إليه “أي: عليه” بصنع الفلك. ولم نجعله على تقدير حذف المفعول والاستغناء بتقديره عن تقدير حرف جر محذوف.” إ.هـ { النحو الوافي (4/ 296- 294) }
وبناء على هذه الشروط التي بيّنها النحو الوافي نرى أنها تنطبق تمام الانطباق على الفقرة من كلام المسيح الموعود عليه السلام كما يلي:
1- سبقت أن جملة مستقلة كاملة وهي (أوصيك)، وفيها معنى القول دون حروفه، وهي الوصية.
2- تأخرت عن (أن) جملة أخرى مستقلة تتضمن المعنى الأول وتوضح المراد منه؛ وهي جملة (لا تمارهم) فهي معنى الوصية وتوضح المراد وهو عدم المماراة.
3- (أنْ) غير مقترنة بحرف جر ظاهر أو مقدر.
إذ وفق ما يظهر مما نقله النحو الوافي آنفا عن حاشية الخضري وفق رأي الدماميني، أنّ تقدير حرف الجر هو أمر اختياري، وقد صرح سيبويه بعدم الحاجة لتقديره. كما ويظهر هذا الخيار في تقدير حرف الجر من الأمثلة نفسها التي أوردها النحو الوافي حيث يَحمل نفس النص تارة على تقدير حرف الجر واعتبار أن ناصبة، وتارة أخرى على عدم تقديره واعتبار أن مفسِّرة.
ويؤكد النحو الوافي مرة أخرى إمكانية اعتبار (أن) الداخلة على الأمر والنهي تفسيرية، إذا توفرت فيها شروط التفسيرية، والتي من ضمنها عدم اتصالها بحرف جر ظاهر، وعدم لزوم تقدير حرف جر معها إن لم يكن ظاهرا في الكلام؛ يؤكد كل هذا بما يلي:
“ووصل “أن” بالماضي، وعدم تغييرها زمنه أمر متفق عليه، أما وصلها بالأمر ففيه خلاف، فسيبويه يجوزه، بدليل دخول الجار عليها…
وغير سيبويه يقول إن كل موضع وقع فيه الطلب “سواء أكان أمرا أم غيره”، هو صالح لأن تكون “أن” فيه تفسيرية، بمعنى: أي” المفسرة. وذلك إذا لم يوجد حرف جر ظاهر قبل “أن”، كقوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِه ِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ} وقوله تعالى: {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} ، وقوله: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي} فهي في كل هذه الأمثلة تفسيرية إن لم يقدر قبلها الجار، لانطباق وصف التفسيريقة عليها “ذلك الوصف الذي يتلخص في أمور ثلاثة مجتمعة، هي: وقوعها مسبوقة بجملة فيها معنى القول دون حروفه، وخلوها من حرف جر، ووقوع جملة بعدها” ولا حاجة إلى تقدير حرف الجر عند عدم وجوده ظاهرًا في الكلام: إذ ما الداعي لتقديره، واعتبارها مصدرية لا مفسرة؟ أما إن وجد قبلها حرف جر ظاهر فهي زائدة عند أصحاب الرأي السالف، ففي مثل: كتبت إليه بأن قم أو بألا تقم … “أصلها: أن لا تقم…. ” يكون أصل الكلام كتبت إليه “بقم” أو بلا “تقم”، زيدت “أن” منعًا لصورة ظاهرية شكلية مكروهة وهي: دخول حرف الجر ظاهرًا على الفعل. وإن كان في الواقع اسمًا بسبب قصد لفظه…. اهـ. “نقلًا عن الخضري ج1 أول باب الموصول، بتصرف يسير”.
والخلاف بين الرأيين شكلي لا أثر له في تكوين المفرد، أو الجملة، أو ضبط حروفهما، فكلا الرأيين يبيح هذا الاستعمال، ويرضي عن الأسلوب، ويعده فصيحًا، وهذا هو الأهم. فلا مانع يمنع بعد ذلك من الأخذ بأحد الرأيين عند الإعراب، إذ لا ترجيح بينهما.” {إ.هـ النقل من النحو الوافي (1/ 409)}
فوفق كل هذا نخلص إلى أن هنالك رأيان في (أن) الداخلة على الأمر والنهي:
الرأي الأول: وهو رأي سيبويه وهو المشهور كما يصنفه النحو الوافي، وهو جواز دخول (أن) الناصبة المصدرية على الأمر والنهي، أي جواز دخولها على لا الناهية؛ وكل ذلك لإمكانية تقدير دخول حرف جر عليها وسبك مصدر مؤول للأمر والنهي. وهي في هذه الحالة لا تكفّ لا الناهية عن العمل بل يبقى الجزم بها قائما. وهو ما فصّلناه في الإمكانية الأولى.
الرأي الثاني: وهو رأي غير سيبويه، وهذا الرأي يعتبر كل (أن) داخلة على الأمر والنهي وانطبق عليها الشرطان الأولان للتفسيرية بالإضافة إلى كونها غير متصلة بحرف جر ظاهر، – يعتبرها بأنها (أن) التفسيرية دون لزوم تقدير حرف جر قبلها لاعتبارها مصدرية. وإن ارتبطت بحرف جر فهي عند ذلك زائدة وليست مصدرية عند أصحاب هذا الرأي. وعلى هذا الرأي حملنا هذه الإمكانية الثانية لـ (أن) في فقرة المسيح الموعود عليه السلام.
ومن هنا فلا شك في أنّ (أنْ) الواقعة في هذه الجملة (فأوصيك أن لا تمارهم) من الممكن حملها على (أنْ) المفسّرة وليست المصدرية الناصبة للفعل.
وفي شأن هذه الـ (أن) المفسرة يتابع النحو الوافي حديثه ويقول:
” إذا جاء بعد “أن” الصالحة للتفسير مضارع مسبوق بكلمة: “لا” نحو: أشرت إليه أن لا يفعل، جاز رفعه على اعتبار “لا” نافية. وجزمه على اعتبارها ناهية، و”أن” في الحالتين مفسره، وجاز نصبه على اعتبار “لا” نافية، و”أن” مصدرية. فإن حذفت “لا” امتنع الجزم، وصحّ الرفع أو النصب.” { النحو الوافي (4/ 296- 297)}
إذن، يتضح أنه في هذه الحالة عندما تكون (أن) مفسرة وتقترن بفعل مضارع تسبقه اللام يجوز فيه الرفع والجزم والنصب.
وما يهمّنا في كل هذا أنه يجوز في هذه الحالة الجزم، على اعتبار (لا) التي سبقت الفعل (لا الناهية)، وهذا بالفعل عين المعنى الذي يقصده المسيح الموعود عليه السلام.
وخلاصة الكلام: إن الفعل (تمارهم) الذي يذكره المسيح الموعود عليه السلام في قوله (فأوصيك أن لا تمارهم) لهو فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، وأنْ: لهي حرف تفسير مهمَل لا عمل له، ولذا وجب حذف حرف العلة من الفعل (تماري) لأنه مجزوم وليس منصوبا كما ظن المعارضون.
****************************************************************
-
الإمكانية الثالثة:
أن تعتبر (أن) زائدة لا عمل لها ، وهي التي تأتي في مواضع معينة، إلا أن المفسرين واللغويين نراهم يلجأون إلى اعتبار (أن) زائدة في غير تلك المواضع أيضا حيث لا يكون لها تأثير إعرابي ، كما ذهب إليه بعض المفسرين والنحويين للآيات القرآنية المذكورة أدناه. وعن (أن) الزائدة يقول النحو الوافي ما يلي:
” الزائدة: وهي التي يتساوى وجودها وعدمها، من ناحية العمل؛ إذ لا عمل لها على الأصح، وإنما أثرها معنوي محض؛ هو تقوية المعنى وتأكيده؛ “كالشأن في الحروف الزائدة المهملة، طبقا للبيان الخاص بهذا في صدر الجزء الأول، عند الكلام على الحرف” وتقع -في الغالب- “بعد لما” الحينية كالتي في قوله تعالى: {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا} . والتي في نحو: أجيب الصارخ لما أن يكونُ مظلوما. برفع: يكون. …”{النحو الوافي (4/ 292)}
ووفق ان الزائدة يكون تقدير الكلام في فقرة المسيح الموعود عليه السلام كما يلي: أوصيك: لا تمارهم.
**************************************************************
أمثلة على هذه الـ (أنْ) من القرآن الكريم:
أمثلة من القرآن الكريم على (أن) الداخلة على الأمر والنهي، وهي في هذه الآيات تعتبر على الأرجح مصدرية ناصبة وفق الرأي الأشهر وهو رأي سيبويه. أو وفق رأي غيره من النحاة ففي المرتبة الثانية ممكن أن تُعتبر تفسيرية مهملة، أو قد تعتبر على الرأي الأضعف بأنها زائدة. وفي كل هذه الأحوال يبقى الجزم بعدها بـ (لا الناهية) قائما.
- 1- { وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (27)} (الحج 27)
وعنها جاء:
” أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً في «أن» ثلاثة أوجه: قال الكسائي: في المعنى «بأنّ لا» ، والوجه الثاني أن تكون «أن» بمعنى أي مثل وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا ، والوجه الثالث تكون «أن» زائدة لتوكيد مثل فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ [يوسف: 69]” {إعراب القرآن للنحاس (3/ 67)}
وجاء عنها أيضا:
يجوز أن يكون/ بمعنى «أي» ، لأن ما قبلها كلام تام، ويجوز أن تكون الناصبة للفعل، وصلت بالنهي كما توصل بالأمر.” {إعراب القرآن للباقولي – منسوب خطأ للزجاج (2/ 472)}
- 2- { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ } (يس 61)
وعنها جاء:
” أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ قال الكسائي: «لا» للنهي.” {إعراب القرآن للنحاس (3/ 271)}
وجاء كذلك:
- 3- {(25) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (26) أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (27) } (هود 25-27)
- 4- { إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (39) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ} (طه 39-40)
- 5- { فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا } (المؤمنون 28)
- 6- {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ}
- 7- {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ}
- 8- {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي}
- 9- {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا}
********************************************************
الخلاصة والنتيجة:
يثبت من كل ما تقدم أن لا خطأ في فقرة المسيح الموعود عليه السلام: فأوصيك أن لا تُمارِهم. حيث لا بد ان يكون الفعل (تمارهم) فيها مجزوما بلا الناهية وعلامة الجزم حذف حرف العلة من آخره؛كل ذلك رغم دخول (أن) قبل لا الناهية، حيث هذه الـ (أن) ممكن أن تُعتبر إما مصدرية ناصبة، أو تفسيرية، أو زائدة. وفي كل هذه الحالات لا تأثير لها على عمل لا الناهية بل يبقى الجزم بها قائما.
وهذا إثبات على ما قلناه ونقوله مرة بعد مرة، إن أي شخص يظن نفسه عالما باللغة العربية وتسول له نفسه التطاول على لغة المسيح الموعود عليه السلام، لن يجلب لنفسه إلا الخزي والعار والمهانة، بحيث يثبت جهله بنفسه في دقائق اللغة العربية.
وهذه حال صاحب الدكتوراة الزائفة ولجنة مناقشتها الزائفين حيث أخزوا أنفسهم وأثبتوا قصور عقلهم وجهلهم باللغة العربية التي قضوا كل عمرهم في دراستها وتدريسها. وأثبت هؤلاء علو كعب المسيح الموعود عليه السلام عليهم جميعا في الإحاطة بدقائق اللغة العربية.
وعلى هؤلاء الجاهلين باللغة يثبت وعد الله تعالى للمسيح الموعود عليه السلام ” إني مهين من أراد إهانتك”.