أكّدنا في المقال السابق أنه لا مباهلة ولا نبوءة ولا وحي ولا إلهام في هذه المسألة، وإنما دعاء أطلقه المسيح الموعود عليه السلام ليحفز ثناء الله على قبول هذا التحدي، ملخصه أن يموت الكاذب في حياة الصادق بينهما، إلا أن ثناء الله رفض ذلك، فلم يعد الدعاء ولا التحدي سارٍ للمفعول.

اعتراض:

قد يقول البعض إنه ليس من المفروض أن يقبل الطرف الثاني هذا التحدي لكي يستمر. وقد حدث أن قام أحد المشايخ وهو غلام دستغير القصوري بمباهلة المسيح الموعود من طرف واحد ثم مات إثر مباهلته هذه.

الردّ:

نقول: الفرق بين الحادثين أنه عندما أعلن هذا الشيخ مباهلته لم يرفضها المسيح الموعود، وإن كانت مباهلة من طرف واحد. بينما في قضية ثناء الله فإن هذا الأخير أعلن رفضه للتحدي والمباهلة، وهنالك فرق كبير بين الرفض في حالة ثناء الله وعدم إعلان الرفض من قبل المسيح الموعود في مباهلة غلام دستغير؛ وهذا الفرق هو ما يجعل مباهلة القصوري سارية المفعول في الوقت الذي فيه لم يعد تحدي ثناء الله سار للمفعول، وإن كان كلاهما تحد من طرف واحد. 

ثم إن التحدي مع ثناء الله الامرتسري لم يكتمل أيضا، لأن المسيح الموعود عليه السلام لم يصرّ عليه، بل وأكّد حضرته إمكانية صحة المعيار الجديد الذي وضعه الأمرتسري وهو أن يموت الصادق في حياة الكاذب، وذلك حين يكون هذا المعيار خارج المباهلة. 

فلو اعتُبر هذا الدعاء تحديا، يكون المسيح الموعود قد أطلقه أملا في أن يقبله الطرف الآخر، فلما لم يقبله، لم يعد الدعاء سار للمفعول.