نشر المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام إعلان نبوءة الله تعالى له بالزواج من ابنة قريبه الملحد هو وأسرته المرزا أحمد بيك الذين كانوا يعادون الدين بشدة، وكان نشر النبوءة في إعلان خاص بتاريخ 10/7/1888م وكذلك قبلها بأيام قليلة في جريدة مسيحية هي “نور أفشان” بتاريخ 10/5/1888م لكي تكون آية يشهد تحققها جميع القساوسة المتعصبين وأعداء الإسلام فتقام الحجة عليهم بلا استثناء. وهذا الإعلان في الجريدة المسيحية بحدّ ذاته يدل على ثقة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام العظيمة بالوحي الإلهي وحرقته على الإسلام والحماس للانتصار له وإثبات صدقه. وكان من الوحي أنَّ والد الفتاة إذا لَمْ يقبل بطلب المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام الذي هو من جهة حضرته عَلَيهِ السَلام وحيٌ ملزم يجب عليه السعي بكل قوة لتحقيقه، أما من جهة والد الفتاة فقد كان مجرد طلب يد ابنته، فالخيار له أن يرفض أو يقبل، ولكن طبيعة هذا الطلب التي أبلغ المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بها والد الفتاة هي أنها وحيٌ إلهيٌ أي لا مجال في رفضها عند الله تعالى وليس عند المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام، بمعنى أنَّ عقاب الرفض لن يكون بيد المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بل سيكون بيد الله تعالى وحده ألا وهو موت والد الفتاة خلال ثلاث سنوات من عقد النكاح على رجل آخر. فلا إجبار ولا تهديد ولا أي شيء من طرف المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام نفسه بل من الله تعالى، لكي تكون الحادثة كلها آية في طرفيها؛ فإذا قَبِلَ والدُ الفتاة طلب المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بالزواج فقََدْ تحقُّقت الآية وكان الزواج دليلاً على توبة العائلة من الإلحاد لأنهم يزوجون ابنتهم لشيخ مُسْلِم بل زعيم المسلمين ضد الملحدين وَعَلَى الطريقة الإسلامية، وبهذه تتحقّق النبوءة وتكون آية للمنصّرين والملاحدة جميعاً المعادين للإسلام وفي عقر دارهم، وإذا لَمْ يقبل الوالد طلب الزواج وزوّج ابنته لرجل آخر فسيموت الوالد في مدّة حدّدها الوحي الإلهي بثلاث سنوات، فإذا انسلخت السنوات الثلاث من بعد النكاح بالرجل الآخر ومات الوالد فقََدْ تحقّقت النبوءة أيضاً كالشمس وصارت آية أيضاً بل وآية مخوفة لجميع أعداء الإسلام وفي عقر دارهم أيضا. وقد حدث الطرف الثاني من النبوءة حيث رفض والد الفتاة طلب الزواج وزوّج ابنته برجل آخر فمات الوالد خلال سنوات ثلاثة بالتمام من بعد عقد النكاح. فهذه الحادثة الجليلة التي شهد عليها الإعلان الرسمي في الجريدة المسيحية قبل أن يحدث أي شيء مما حدث بسنوات تصرخ هذه الحادثة في جميع المنكرين أن يتوبوا لأنه وحيٌ تحقَّقَ كما أُريدَ له مما يدل بلا مجال للشك على أنه من الله تعالى بالنسبة لأهل النصرانية وأنَّ هنالك بالفعل إله يوحي ويعلم الغيب بل ويشترط التوبة لكي يزيل العقاب بالنسبة للملاحدة !
في هذه الأثناء وسط وجوم الجميع مسيحيين وملاحدة وغيرهم كتبَ المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام يرد على أحد المشايخ وكان زعيم فرقة أهل الحديث كان قد تفوه بكلام ظنَّ أنه سيمر مرور الكرام منكراً تحقَّقَ جميع نبوءات المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وأنه سيؤمنُ بحضرته عَلَيهِ السَلام إذا ثبت تحقَّقَ واحدة فقط من النبوءات، فأمسك المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بهذا الكلام وردَّ عليه رغم مشاغله الجسام مُثبتاً للشيخ تحقَّقَ نبوءة واحدة بلا مجال للمراء وهي النبوءة التي نتحدث عنها في هذا المنشور أي تحقّق وحي طلب الزواج من ابنة المرزا أحمد بيك فقال عَلَيهِ السَلام السَلام شارحاً بإيجاز:
“كانت النبوءة تتلخّص كما قلتَ … أنه لو لَمْ يزوّجني الميرزا أحمد بيك الهوشياربوري ابنتَه وزوَّجها شخصاً آخر، لماتَ في غضون ثلاثة أعوام مِن نكاحها. لَمْ يكن بناء النبوءة على أني طلبتُ يد ابنة الميرزا أحمد بيك دون مبرر؛ فقََدْ كان الأساس أنَّ حزب المعارضين هذا بمن فيهم الميرزا أحمد بيك أيضاً كانوا من أقاربي المقربين، ولكن كانوا يعادون الدين بشدّة متناهية، وكان منهم مَن تجاوز الحدود كلها في العداوة بحيث كان يسبّ اللهَ جلّ شأنه ورسولَه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم علناً، وكان دينه الإلحاد. وقد سبق أن نشَرَ إعلاناً أيضاً طلباً للآية. فكان هؤلاء جميعاً يحسبونني مكاراً ويطلبون آية، وكانوا يضحكون على الصوم والصلاة ومعتقدات الإسلام الأخرى. فقدّرَ اللهُ أن يتمّ حُجته عليهم؛ فاختار لإراءتهم آية ًأسلوباً كان من شأنه أن يؤثّر في جميع هؤلاء الأقارب الملحدين. فكلّ مَن يخشى اللهَ تعالى يستطيع أن يعرف أنَّ الموت والحياة ليس في يد الإنسان، وليس بوسعه أن يُدلي بنبوءة أنيطَ فيها موت شخص بإنكاح ابنته من شخص آخر وحُدّد ميعاد الموت أيضا. فلمّا كانت النبوءة الإلهامية هذه تبين بجلاء أنَّ موت الميرزا أحمد بيك وحياته مرتبطةٌ بقِران ابنته بشخص غيري، فلهذا عاش الميرزا أحمد خمس سنوات ما لم يُنكحها أحداً، ثم أنكحها في 7/4/1892م شخصاً آخر فماتَ بحسب النبوءة في غضون ثلاث سنين أي في الشهر السادس من القِران وذلك بتاريخ 30/9/1892م. وكنتُ قد كتبتُ أيضاً في الإعلان نفسه: مع أنه قد ذُكر تاريخ الموت: في غضون ثلاث سنين من يوم النكاح، ولكن يبدو من كشفٍ آخر أنه لن تمضي مدة طويلة، فهذا ما حدثَ بالضبط؛ أي لَمْ يطُل الفاصل الزمني بين النكاح والموت إلا ستة أشهر فقط بل أقلّ منها. فقََدْ عُقد قِرانها كما قلتُ من قبل بتاريخ 7/4/1892م ورحلَ الميرزا أحمد بيك من هذه الدنيا الفانية بتاريخ 30/9/1892م. قُل الآن بشيء من خشية الله؛ هل تحققت هذه النبوءة أم لا؟” (مرآة كمالات الإسلام)
إذن تحقَّقَت النبوءة كما اختار والد الفتاة بشقها الجليل المخوف وبالتواريخ التي ذكرها المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام !
وقذ ذَكَّرَ المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام الشيخ المخاطب نفسه بأن تحقَّقَ هذه النبوءة بهذا الشكل الواضح الذي لا مجال فيه للماحكة بحال من الأحوال يعني شيئاً واحداً؛ وهو أنَّ الله تعالى هو الذي أوحاه للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام، وإلا فمن المستحيل أن يحقّق الله تعالى لمدّعي كاذب نبوءة بهذه العظمة والوضوح، فقال عَلَيهِ السَلام:
“إذا كان عندك شيء من خشية الله جل شأنه فيمكنك أن تفهم أنَّ النبوءة التي قُدّمت دليلاً على كوني من الله لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كنتُ من عند الله في الحقيقة، لأنه ليس ممكناً بحال من الأحوال أن يحقّق اللهُ نبوءة مُفتَرٍ قُدِّمت شاهداً صادقاً على ادّعاء كاذب، لأن ذلك يُوقع خَلْقَ اللهِ في الخطأ كما قد عدّ الله تعالى تحقّق النبوءة علامةً لصدق المدّعي الصادق إِذْ يقول: {وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ}، ويقول أيضاً: {فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ}، والمعلوم أنَّ كلمة “رسول” عامة، وتشمل الرسول والنبي والمحدَّث. فيكفي للمسلم دليلاً على كون هذه النبوءةَ إلهامية أنني أنبأتُ بها مقرونة بادّعاء كوني من الله تعالى، ثم أثبتَ اللهُ صِدْقَها.” (مرآة كمالات الإسلام)
وهكذا أقام الْمَسِيحُ الموعود عَلَيهِ السَلام الحُجة على جميع خصوم الإسلام من قسس متعصبين وملاحدة ومسلمين معترضين في آية واحدة فقط. فهذه معركة عظمى بين الله تعالى وخصوم الدين المعتدين، ومن شدّة إيمان المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بوحي الله تعالى له قام حضرته بنشر الإعلان في أهم صحيفة مسيحية وأرسل الرسائل للأطراف المعنية بهذا الزواج بمشاعر مواساة وحب حقيقة تبيّن حرص حضرته عَلَيهِ السَلام على نجاة الجميع من درك الكفر ومعاداة الدين إلى المصاهرة مع مَن أرسله الله تعالى لإظهار صدق الإسلام وإقامة الحُجة على الكافرين المعتدين، فيزول بذلك الإلحاد من أهم أسرة معرفة بالابتعاد عن الله تعالى ويثبت وحي الله تعالى المنشور في أهم وسائل محاربة الإسلام، فكان فتحاً عظيماً في قلب الفكر التنصيري في الشرق بأكمله.
وأخيراً يمكن للقاريء العزيز أن يقرأ الردود السابقة على جميع الشبهات المتعلقة بهذه النبوءة من هذه الروابط:
● نسف المعترض في سطور في قضية الزواج من محمدي بيغم
● غيظ المعترض يفضح إلحاده – مسألة الزواج والعمر ومحمدي بيغم
● نبوءة زواج المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام – شبهة وشهاب
● صواعق المسيح الموعود ؑ تطارد المعترض المرعوب
وهذا مقال مهم للأستاذ الكريم تميم أبو دقة:
● بعض الدلائل حول نبوءة الأقارب الملحدين الشهيرة بنبوءة “محمدي بيغم”
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ