المعترض:

الأبلسة الأحمدية في إفساد الحياة الزوجية للمرأة البيغميّة
جاء في كتاب نبوءات يشكك بها المعارضون:
“واضح من نصّ النبوءة أنها لم تكن نبوءة عن زواجه من السيدة محمدي بيغم، بل كانت بمثابة الإنذار الأخير لميرزا أحمد بك، وكأن الله تعالى يقول له أمامك فرصة أخيرة للتوبة وهى أن تُزوج ابنتك من مرزا غلام أحمد عليه السلام، وإن لم تفعل فسوف تهلك في خلال ثلاث سنين. ولا نجد في هذه النبوءة قولا يقول سوف يتزوجها ميرزا غلام أحمد وإن لم يتحقق ذلك فهو ليس من الله. بل نص النبوءة واضح أنها إنذار لأبيها”. (نبوءات يشكك بها المعارضون)
لم أعرف وقاحةً تبلغ هذا الحدّ عبر حياتي الممتدة على نصف قرن. ألا يمكن القول: إنْ لم تتب فستموت في 3 أعوام؟ ثم إنّه لم يمتُ إلا بعد 4 أعوام من رفضه تزويج الميرزا لا ثلاثة. ثم إنْ مات فقد قُضي الأمر وانتهت الحكاية وأُغلق الملفّ. ألم تكن الغاية هي توبة هذا الرجل؟ فما معنى التوبة بعد موته؟
بيد أنّ الميرزا جعل نبوءة هذا الزواج دليلا أساسيا على صدقه بعد أن خابت نبوءاته الأخرى، فقد كتب في إعلان: “ولينتظر تحقق النبوءة الواردة في إعلان منشور في 10/7/1888م التي ذُكر معها الإلهام التالي: “ويسألونك أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ. زوَّجناكها لا مبدل لكلماتي. وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر.” (إعلان 10يوليو 1888)
فقد كان الميرزا يتحدى بتحقق زواجه من محمدي بيغم، وكأنه دليله الأوحد!
صحيح أنه بعد أنْ نشر أقارب محمدي بيغم رسالةَ طلبِ يد ابنتهم في الجريدة اخترع الميرزا فكرةَ توبةِ العائلة هروبًا من عارِ طلبِ يدها مستغلاًّ حاجةَ أبيها، ولكن ما كان لهذا أن يجعله يجزم بالزواج، بل يجعله يجزم بتوبتهم أو بالزواج، ولكنّ نصوص وحيه لا تتحدث إلا عن زواج بأدوات التوكيد كلها.
على أنّ الأهمّ من هذا كله أنّ هذا يختلف مع سنة الأنبياء وسنة العقلاء وسنة أي إنسان لديه مَسحة من كرامة، فكيف لمؤمن أن يخطب طفلة ملحد؟ الأولى به أن يدعوه إلى الإيمان أولا.
لنقارن بين حكاية محمدي بيغم التي كان يمكن أن تكون ضرّة أم محمود، وبين ابنة أبي جهل، التي كان يمكن أن تكون ضرة فاطمة حسب الرواية التي أخرجها البخاري في صحيحه: “إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَطَبَ ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ عَلَى فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ النَّاسَ فِي ذَلِكَ عَلَى مِنْبَرِهِ هَذَا فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ أَبَدًا. (البخاري)
مهما قيل في هذه الرواية ومهما ضعَّفها المضعّفون، لكن الميرزا نفسه يأخذ بها، وهذا الذي يعنينا هنا. (انظر سر الخلافة والملفوظات مارس 1908)
لقد تعهدتُ من أول لحظة أن أهدم هلوسات الأحمدية هدما، وأجذّها جذًّا، وأسحقها سحقا بفيديوهاتي ومقالاتي، حتى يسكتوا عن هذا الهراء أبد الدهر.

الرد:

لقد تم الرد بفضل الله تعالى على موضوع نبوءة محمدي بيغم في منشورات سابقة، وقد ثبت من تناول هذه الشبهة والرد عليها أن النبوءة تتعلق بالفعل بتوبة قريب حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام فقط أو موته خلال 3 سنوات من تاريخ الإعلان إذا لم يتب ويزوج ابنته منه عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام. وقد أثبتنا أيضاً أن الوالد الذي لم يتب مات بالفعل خلال 3 سنوات، ثم تاب أهل المرأة. وهذا لوحده يكفي لدحض هذه الشبهة وإثبات تحقق النبوءة لصالح الإسلام. (من هنا) (وهنا). ولن يزيد المعترض الكذوب تكرار الشبهة إلا مهانة وإلحادا.

أما عبارة المعترض “عار طلب يدها مستغلاًّ حاجةَ أبيها” فلا نعلم أين الدليل على ذلك ! هل هنالك ما يشير بأي حال إلى قيام حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام والعياذ بالله باستغلال حاجة قريبه الملحد؟ فليرشدنا مشكورا

أما الواقع والحقيقة بعيداً عن جموح خيال المعترض وسوء ظنه المعتاد الذي قذفه بعيداً عن جادّة الإسلام فهو أن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بالفعل كتَبَ بأن موضوع خطبة البنت الذي كان بأمر الله تعالى إنما كان بسبب إلحاد هذه الأسرة وهجومها على الإسلام ممثلاً بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وطلبهم آية من حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام فأمرَ اللهُ ﷻ حضرته بأن يطلب يد البنت فإذا وافقوا كان ذلك سبباً لتوقفهم عن معاداة الإسلام، وهذا كان هدف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من زواجه ببعض أُمَّهات المؤمنين رَضِيَ اللهُ عَنْهُن، وهو أن يتم الصلح مع المشركين ويتوقف عداؤهم مع المسلمين.

جاء في المجلة الإسلامية التي تصدرها جامعة المدينة المنورة حول زواج النبي ﷺ:

وهكذا زواجه بالسيدة صفية بنت حيي بن أخطب سيد بني قريظة قد خفف بل قضى على موقف العداء الذي وقفه اليهود ضد الإسلام ووضع حدا لمؤامرتهم ضد النبي صلى الله عليه وسلم بعد هذا الزواج.” (مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، 29/272).

وزواجه صلى الله عليه وسلم بالسيدة ميمونة أخت زوج سيد بعض قبائل سعت فسادا في الأرض واغتالت سبعين من كبار الصحابة بالمكر والخديعة، كان له أثر بالغ في تلطيف مخاصمة هذه القبائل للمسلمين.” (مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، 29/273).

وهذا الذي حدث مع المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام عندما طالبته أسرة محمدي بيغم بآية على صدق الإسلام لكونه مسيحاً موعوداً خادماً للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأمره الله تعالى بطلب الزواج من ابنتهم حيث يقول حضرته:

يجب أن يكون معلوما أن الرسالة التي نشرها الخصوم في جريدة “نور أفشان” بتاريخ 10/5/1888م قد كُتبت بإيعاز من الله تعالى. قبل مدة طويلة كان بعض من الكبار وأقارب المرسل إليه -الذين طُلبتْ يد ابنة أختهم- يطالبون بآية سماوية وكانوا منحرفين عن الإسلام ويعاندونه كما لا يزالون يعاندون. فنُشر من قِبلهم في آب/أغسطس 1885م في جريدة “جشمة نور” الصادرة في أمرتسار إعلان سُجّل فيه طلبهم هذا أيضا.” (إعلان في يوليو/تموز 1888م)

إذن كذب المعترض ودلّسَ في مسألة زواج المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام كما تشاهد عزيزي القارئ.

أما قول المعترض “على أنّ الأهمّ من هذا كله أنّ هذا يختلف مع سنة الأنبياء وسنة العقلاء وسنة أي إنسان لديه مَسحة من كرامة، فكيف لمؤمن أن يخطب طفلة ملحد؟” فقد رددنا على نقطة (الطفلة) المزعومة (من هنا : bit.ly/2obmW4i)، وكذلك فإن طلب الزواج المشروط بالتوبة وكف الأذى عن الإسلام هو قمة الكرامة وسنة الأنبياء. وما كان المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام ليتزوج ببنت ملحد دون أن تُسلم، بل إن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام قام بدعوة العائلة المهاجمة للإسلام إلى التوبة وخصّ بالدعوة الأم وبنتها ليتوب الجميع ويستغفروا ربهم ﷻ قبل حلول العذاب، فقال عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام:

إعْلَمْ أن زوجة “أحمد” وأقاربها كانوا من عشيرتي، وكانوا لا يتخذون في سبل الدين وتيرتي، بل كانوا يجترئون على السيئات وأنواع البدعات، وكانوا فيها مفرطين. فأُلهمتُ من الرحمن أنه معذبهم لو لم يكونوا تائبين. وقال لي ربي إنهم: “إن لم يتوبوا ولم يرجعوا فنُنـزل عليهم رجساً من السماوات، ونجعل دارهم مملوة من الأرامل والثيبات، ونتوفّاهم أباتر مخذولين. وإن تابوا وأصلحوا فنتوب عليهم بالرحمة، ونُغَيّر ما أردنا من العقوبة، فيظفرون بما يبتغون فرحين.” فنصحت لهم إتماماً للحجة، وقلت استغفروا ربكم ذي المغفرة. فما سمعوا كلماتي، وزادوا في معاداتي. فبدا لي أن أشيع الاشتهار في هذا الباب، لعلهم يتقون ويرجعون إلى طرق الصواب، ولعلهم يكونون من المستغفرين. فأشعتُ الاشتهار، وأنا في “هشيار”، فنبذوه وراء ظهورهم غير مبالين.” (عاقبة آثم، الخزائن الروحانية، مجلد 11، ص 211-213. كانون الثاني 1886)

وقال عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام:

فلما لم ينتهوا بهذا الاشتهار، ولم يتركوا طريق التبار، فكشف الله عليَّ أمورا لتلك الفئة، وأنا بين النوم واليقظة، وكان هذا الكشف تفصيل ذلك الإلهام في المرة الثانية. وبيانه أني كنت أريد أن أرقد، فإذا تمثّلت لي أم زوجة “أحمد”، ورأيتها في شأن أحزنني وأرجد، وهو أني وجدتها في فزع شديد عند التلاقي، وعبراتها يتحدرن من المآقي، فقلت: “أيتها المرأة توبي توبي، فإن البلاء على عقبك.” أي على بنتك وبنت بنتك. ثم تنـزلت من هذا المقام، وفهمت من ربي أنه تفصيل الإلهام السابق من الله العلام. وألقي في قلبي في معنى العقب من الديان أن المراد ههنا بنتها وبنت بنتها، لا أحد من الصبيان، ونفث في روعي أن البلاء بلاءان، بلاء على بنتها و بلاء على بنت البنت من الرحمن، وأنهما متشابهان من الله أحكم الحاكمين“. (عاقبة آثم، الخزائن الروحانية، مجلد 11، ص 213-214. في 1886)

إذاً قول المعترض “على أنّ الأهمّ من هذا كله أنّ هذا يختلف مع سنة الأنبياء وسنة العقلاء وسنة أي إنسان لديه مَسحة من كرامة، فكيف لمؤمن أن يخطب طفلة ملحد؟ الأولى به أن يدعوه إلى الإيمان أولا.” هو قول مردود، لأن الزواج من بنت مشرك أو ملحد بشرط التوبة هو عمل عظيم! وقد دعى المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام العائلة إلى الإسلام والتوبة عن الشرك قبل كل شيء. وهكذا تسقط مقارنة المعترض بين نبوءة محمدي بيغم وبين رواية زواج علي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ من بنت أبي جهل. وصدق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأن الزواج غير المشروط بتوبة عائلة أبي جهل وكفّهم عن أَذًى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمسلمين لا يمكن أن يكون خاصة في بيت ابنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

المهم أن المعترض مهما صرخ فلن يكون أحرص على محمدي بيغم من أمها وأخيها وابنها الذين انضموا للجماعة الإسلامية الأحمدية.

لقد أثبت المعترض من خلال شبهاته التي تؤيد الملاحدة وأعداء الإسلام أثبت بأنه ليس إلا ملحد يخشى الحقيقة الْمُرَّة وهي أنه ملحد حاقد على الإسلام وأهله لا أكثر ولا أقل. ولكن المعترض مع كونه ملحد ومُدلّس اعترفَ بأن حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام كان يأخذ بالأحاديث النبوية رغم تضعيفها من قِبل مشايخ المسلمين. وما ذاك إلا رقي وعِزّ لجهود جماعة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام المجتمعين وذُلّ وإهانة مستمرة للمعترض المطرود المَهين.

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

About الأستاذ فراس علي عبد الواحد

View all posts by الأستاذ فراس علي عبد الواحد