تحقق نبوءات المسيح الموعود عليه السلام ح13

“زار روسيا” ( قيصر روسيا) من أعظم نبوءات المسيح الموعود التي تحققت بجلاء..

نردّ في هذه الحلقة على الاعتراضات التالية المتعلقة بنبوءة ” زلزلة الساعة”:

  • ما هي نبوءة المسيح الموعود عليه السلام عن قيصر روسيا وكيف تحققت؟
  • ماذا تعني كلمة “زار” الواردة في القصيدة التي تضمنت هذه النبوءة؟
  • هل زيّف المصلح الموعود رضي الله عنه معنى هذه النبوءة؟
  • ما معنى كلام المسيح الموعود عليه السلام أن هذه النبوءة ستتحقق بعد بضعة أيام؟

الحلقة:

اعتراض:

من الاعتراضات التي أدلى بها المعترضون في إثبات جهلهم وضحالة معرفتهم في أمور الشعر والبلاغة والأدب واللغة، بشكل عام، رغم أن منهم حملة ماجستير في اللغة والأدب، كان اعتراضَهم على تفسير كلمة “زار” في قصيدة المسيح الموعود عليه السلام التي أوردناها في الحلقة الماضية، وهي قصيدة باللغة الأردية تضمنت نبوءة عظيمة عن ” زلزلة الساعة” التي تحققت بالحرب العالمية الأولى، وجاء فيها وصفا لهذه الزلزلة، فمن بين ما جاء في هذه القصيدة كما يلي:

إن آية ستظهر بعد أيام من اليوم (أي من 15 نيسان 1905م) وتهُزّ القرى والمدن والمروج

وسيحدث انقلاب على الخلق نتيجة غضب الله، لدرجة أنْ يتعذر على عار أن يلبس إزاره

سيهتز بالزلزال البشر والشجر والحجر والبحار دفعة واحدة وبشدة متناهية

ستنقلب الأرض رأسا على عقب في لمح البصر، وستجري قنوات الدم جريان النهر

الذين كانوا يلبسون حُللًا بلون الياسمين ليلا، سيحوّلها الصباح إلى لون شجرة الحَوْر

سيفقد الناس والطيور صوابهم، وستنسى الحمائم والبلابل تغريدها

ستكون تلك الساعة قاسية جدا على كل مسافر، فسينسون طريقهم وكأنهم سكارى فاقدين صوابهم

إن المياه الجارية في وديان الجبال ستحمرّ مثل خَمرة “أنجبار” بدماء الأموات

سيضمحل الجن والإنس كلهم خوفا، لو كان “زار” (قيصر روسيا) لكان في تلك الساعة بحالة يُرثى لها

وقد قلنا أن معنى كلمة زار الواردة فيها هو “قيصر روسيا” ولذا فهذه نبوءة عن مصير قيصر روسيا نتيجة الحرب العالمية الأولى والتي هي ” زلزلة الساعة” التي تنبأ بها المسيح الموعود عليه السلام.

فيقول المعترضون بأن كلمة ” زار” هي كلمة فارسية أردية وتعني “البكاء والنحيب”، وهكذا يجب أن تُفسر، حيث وردت في القصيدة أكثر من مرة بهذا المعنى، فلا علاقة لها بقيصر روسيا لا من بعيد ولا من قريب، وليس من المعقول أن يكون معناها الإنجليزي ” تسار” لأنه بذلك يكون استعمالها ككلمة إنجليزية في قصيدة أردية وهذا غير معقول وفق زعمهم، أو هذا مفهوم بعض ما يقولونه.

ردّا على ذلك نقول:

أولا: لا مانع من استعمال كلمة إنجليزية في النصّ الوارد في لغة أخرى، خاصة إذا كانت الكلمة دارجة ومعروفة ومشهورة، وهذا الأمر قد يحدث خلال النصوص الأدبية العربية وغير العربية كثيرا ، فكم بالحريّ في نصّ باللغة الأردية التي تحوي الكثير من الكلمات والمصطلحات الإنجليزية، وكم بالحريّ إذا كان هذا النصّ الأردي شعرا!؟ والشعر وارد فيه استعمال الكلمات الأجنبية، وهذا مثيله في الشعر العربي باستعمال كلمات عامية أو أجنبية.

ثانيا: إن ورود كلمة “زار” في نفس القصيدة بمعنى البكاء، لا يمنع استعمالها في نفس القصيدة في مكان آخر بمعنى مختلف، فهل يُعقل أن الحاصلين على شهادة ماجستير في اللغة العربية من المعارضين يجهلون صور الجناس البديعية التي تستعمل فيها نفس الكلمات بمعان مختلفة!؟ ( رغم ان الحديث عن اللغة الأردية) فإذا كان المعترضون يجهلون، فهذا عار يلحق بهم وبشهاداتهم التي يحملونها؛ أما إذا لم يكونوا يجهلون هذا الأمر، فهذا دليل آخر على كذبهم وتدليسهم وتمويههم المشاهدين الذين لا علم لديهم بهذه الأمور.

ثالثا: ما معنى بيت الشعر وفق ما يفسره المعترضون بهذه الصورة: ” إذا بقي بكاء فيكون بحالة يرثى لها”!؟ فبالله عليكم، أيعقل تفسير كهذا بوصف البكاء بحالة يرثى لها!؟ أم أن هذا فعلا، وصف لما سوف تؤول إليه حالة قيصر روسيا بالفعل!؟

رابعا: بالنظر إلى مضمون هذا البيت الذي وردت فيه كلمة “تسار” أو “زار” يتضح جليا المعنى الحقيقي لهذه الكلمة حيث جاء : “سيضمحل الجن والإنس كلهم خوفا، وإذا بقي “تسار” لكان في حالة يُرثى لها“. إذن، فالحديث عن الإنس والجن، أي الناس العاديين، وكذلك من هم من علية القوم وأكابرهم وملوكهم والذين وصفوا هنا كما في القرآن الكريم بكلمة “الجن”، فتفسير كلمة “تسار” الواردة في عجز البيت لا يستقيم مع السياق والتركيب، إلا إذا فسرت “بقيصر” وليس بالبكاء كما يصرّ عليه المعترضون.

وإذا كانت نفس الكلمة قد استعملها المسيح الموعود في نفس القصيدة بمعنى البكاء والعويل، فاستعمالها هنا يكون جناسا كنوع من المحسنات اللفظية البلاغية. وأما عند الإصرار على تفسيرها في هذا البيت على أنها أيضا بمعنى البكاء والنحيب، فيُهدم بذلك سياق هذا البيت وتركيبه اللغوي والبلاغي ويضعف الترابط بين صدر البيت وعجزه بصورة كبيرة.

كان هذا بناء على وتمشيا مع ما يقوله المعارضون بأن هذه الكلمة ” زار” هي كلمة أردية تعني البكاء والعويل ولا يمكن استعمالها بمعناها الإنجليزي “تسار” والذي يعني ” قيصر” وأنها استعملت أكثر من مرة في نفس القصيدة بمعنى البكاء والعويل.

ولكن تعالوا نر هل ادعاؤهم هذا الذي بنوا عليه اعتراضاتهم صحيح فعلا؟

فخامسا نقول: إذا فحصنا ماذا تعني كلمة “زار” في قاموس اللغة الأدرية نجد في قاموس الأردية “فيروز اللغات” أول معنى لكلمة “زار” كالتالي: شاهانِ روس كا لقب: أي لقب قياصرة روسيا. (فيروز اللغات) ففي اللغة الأردية لا توجد إلا هذه التسمية المعروفة لقياصرة روسيا، فيقال بالأردية: زارِ روس، ولأجل ذلك جاء في القاموس أن “زار” لقب لقيصر روسيا. وما دام ليس هناك في اللغة كلمة أخرى لوصف قيصر روسيا غير “زار”، فبالله عليكم أخبرونا أية كلمة كان ينبغي على المسيح الموعود عليه السلام أن يستخدمها للإشارة إليه؟!

ثم بالإضافة إلى ذلك، هناك معان أخرى لكلمة “زار” ومنها الذلة والخزي والحالة التي يرثى لها. أما البكاء فلا شكّ أنه أحد معاني هذه الكلمة ولكن لا ينطبق هنا في هذا البيت من الشعر مطلقًا.

ولإثبات ذلك نورد لكم البيت المشار إليه باللغة الأردية وهو كالآتي:

مضمحل هو جائيں گے اس خوف سے سب جن وانس

زار بھي ہوگا تو ہوگا اس گھڑي باحالِ زار

أي سيضمحلّ الجنّ والإنس كلهم خوفًا، وإذا بقي “زار” (القيصر الروسي) في تلك الساعة لكان في حالة ( زار) يُرثى لها.

وردت كلمة “زار” في الشطر الثاني من البيت مرتين. وإذا طبقنا معنى المعترض في كلا المكانين، فسيصير كالتالي:

وإذا بقي البكاء في تلك الساعة لكان في حالة البكاء.

أو إذا بقي الباكي في تلك الساعة لكان في حالة الباكي أو في حالة البكاء.

هذا هو التحريف والتزييف بعينه، إذ طبّقوا هذا المعنى في المكان الأول وتركوا تطبيقه في المكان الثاني، فظلوا يكررون القول: إذا بقي الباكي لكان في حالة يرثى لها. لماذا لم تطبقوه في المكان الثاني أيضا إذا كنتم تعرفون أن “البكاء” هو المعنى الوحيد لكلمة “زار”؟!!

ثم أخبرونا، هل يمكن أن يكون مثل هذا التفسير مقبولا!؟

لنأخذ الأمر الثاني الذي ذكره المعترضون وهو أن كلمة “زار” وردت في هذه القصيدة أكثر من مرة بهذا المعنى (أي البكاء)، فلا علاقة لها بقيصر روسيا لا من بعيد ولا من قريب.

نرى أن المعترضين ذكروا ذلك للتمويه وكأنهم يعرفون اللغة الأردية، ولكن مما يدلّ على مبلغ علمهم بالأردية أنه لم تُستخدم كلمة “زار” بمعنى البكاء في هذه القصيدة كلها البتة، بل قولهم هذا مجرد هراء.

لو كان المعترضون يعرفون الأردية حقا لما جلبوا على انفسهم الخزي والعار في هذا الأمر!

وبناء على ما ذكرناه من معنى كلمة زار بأنه يعني بالفعل “قيصر روسيا” وفق معاجم اللغة الأردية، وبالنظر والتدقيق في بيت الشعر المذكور نرى أن كلمة “زار”قد وردت مرتين في الشطر الثاني من هذا البيت. و”زار” الأولى تعني قيصر روسيا وأما “زار” الثانية فتعنى حالة يرثى لها. وهو أسلوب بلاغي معروف في الأدب الأردي وهو ما يسمى في اللغة العربية الجِناس. فقد استخدم حضرته الكلمة نفسها بمعنيين مختلفين.

اعتراض:

ومن بين قالوه اعتراضا في هذا الموضوع أن الميرزا محمود رضي الله عنه هو الذي جاء بهذا المعنى في كتاب ” تحفة أمير ويلز” وقال بأن معناها ” قيصر روسيا” وتساءل المعترضون : من أين جاء “بقيصر روسيا”؟ واجابوا بأنفسهم: هذا لأنه محترف تزييف زيّف المعنى الحقيقي.

وردا على هذا نقول بأن هذا مثال واضح على تهور المعترضين حيث أن تفسير هذه الكلمة ب” قيصر روسيا” جاء قبل تفسير المصلح الموعود لها في كتاب ” تحفة أمير ويلز” بكثير حيث أن هذا الكتاب ألف سنة 1922 بينما تفسير هذه الكلمة بقيصر روسيا جاء في مجلة “ريفيو أوف رلجن” منذ شهر أوغسطس سنة 1914، وننشر هنا هذه الصورة الأصلية لهذه المجلة مع ما ورد فيها من تفسير لهذه القصيدة ، مع تبيان كلمة قيصر روسيا فيها، هذا لنؤكد أن القضية ليست كما يزعم هؤلاء تزييفا من المصلح الموعود جاء به في كتابه تحفة أمير ويلز.

بل إن صحابة المسيح الموعود عليه السلام كانوا قد فهموا هذه النبوءة تماما كما فهمها سيدنا المصلح الموعود رضي الله عنه، وكانوا موقنين بصدقها وكانوا يتوقعون تحققها، ولأجل ذلك نشروها بهذا الشرح قبل وقوعها بسنوات، (أنظر صور المقال أدناه).

زار روسيا زار روسيا زار روسيا زار روسيا

لقد بدأت الحرب العالمية الأولى في 28 يوليو 1914 وانتهت بعد أربع سنوات تقريبا في 1918. ونشر في أغسطس 1914 في مجلة ريفيو أوف ريليجنز مقال بالإنجليزية حول هذه النبوءة، حيث ذكر صاحب المقال هذه الأبيات الأردية للمسيح الموعود عليه السلام وترجمتها، وترجم كلمة “زار” باللغة الإنجليزية Tsar أي قيصر روسيا، مصرحًا أنها نبوءة للمسيح الموعود عليه السلام وتتعلق بقيصر روسيا وستتحقق بإذن الله تعالى.

نُشر هذا المقال مع بداية الحرب العالمية الأولى ووصل قيصر روسيا إلى حالة يرثى لها فعلا عند نهاية الحرب العالمية الأولى حيث نشبت الثورة البلشفية ثم أعدم في 1918. وكان قيصر روسيا هذا آخر قياصرة روسيا، فكانت هذه من أعظم نبوءات المسيح الموعود عليه السلام وقد تحققت بأجلى صورة لها.

اعتراض:

كما ويعترض المعترضون على أن ما ورد في النبوؤة في هذه القصيدة الأردية هو أن هذا الزلزال سيحدث بعد بضعة أيام كما جاء في القصيدة: “إن آية ستظهر بعد بضعة أيام من اليوم (أي من 15 نيسان 1905م) وتهُزّ القرى والمدن والمروج”. وحسب منطق المعارضين، فلا بد أن تحدث هذه الزلزلة تماما بعد بضعة أيام من هذه النبوؤة، ولذا فهذه حسب رأيهم نبوؤة كاذبة ولم تتحقق قط.

ونقول ردا على هذا الاعتراض:

أن كلمات النبوؤة ليس من المفروض أن تفسر حرفيا، فليس من المفروض أن يكون المعنى أيام قليلة جدا، فعدة هذه الأيام لا يمكن أن يعلمها إلا الله. أولم يقل الله تعالى في كتابه العزيز: { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (48)} (الحج 48) فانظروا كيف قرن الله تعالى تعداد الأيام وحسابها الدقيق في نبوؤات العذاب، ليقول للسفهاء الذين يعترضون على نبوؤات الوعيد وزمن تحققها، ألّا يستعجلوا العذاب ولا يعدّوا له الأيام عدّا كتعداد الأيام عندهم، وكما يعدونها بحياتهم العادية. أوليست هذه الآية بكافية لتبكيت هؤلاء المعترضين الجُهال بحِكم الله تعالى.

وكم بالحريّ إذا وردت هذه الكلمات” بضعة أيام” في بيت من الشعر، حيث يكثر في الشعر استعمال المجاز والاستعارات والكنايات بعدم أخذ التعابير بحرفيتها، فلو غضضنا الطرف عن كون هذه الكلمات قد جاءت في نبوؤة لا تُحمل كل كلماتها على ظاهرها، واقتصر نظرنا على كونها شعرا؛ لكفى بنا القول أن هذا التعبير “بضعة أيام” جاء كناية عن فترة قصيرة لا يعلم مدى قصرها إلا الله تعالى. وبذلك فإن هذه النبوؤة تنطبق بكل سهولة على الحرب العالمية الأولى، كما فسرها المصلح الموعود في كتاب ” تحفة أمير ويلز”.

وبهذا الرد وقعت “زلزلة الساعة” على المعترضين المتهورين الذين ماثلوا اعداء الأنبياء وتشابهت قلوبهم بقلوبهم وحق عليهم قول الله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (26) وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (27)} (الأَنعام 26-27)