السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إسمي “أليخاندرو غارسيا بينو” من بورتوريكو، أما الإسم الذي اخترته لنفسي بعد دخولي إلى الإسلام فهو إسماعيل علي. عمري 16 سنة وأنا مسلم أحمدي. بدأتُ بحثي عن الدين الحق عندما كان عمري 8 سنوات فقط. وَعَلَى الرغم من أني لم أكن اعتبر نفسي تابعاً لأي دين في ذلك الوقت إلا أنَّ إيماني كان قوياً بوجود إله واحد. نشأتُ في محيط وأسرة كاثوليكية مسيحية، وأذكر عندما كنتُ في المدرسة الابتدائية كان معظم الأساتذة يعاملونني كطفل متمرد لا دين له. كنتُ أصاب بإحباط شديد كلّما عاملوني على هذا الأساس، فكان كل ما بوسعي فعله هو الجلوس وحيداً والبكاء والحزن وخيبة الأمل. كان الحزن بسبب عدم امتلاكي وسيلة للتعبير عن إيماني بإله واحد، لأنني لم أكن أرتاح لتعاليم المسيحية ولم أكن أقتنع بتاتاً بفكرة أن إنساناً عادياً أصبح إلهاً مالكاً للكون والقدر. أما خيبة الأمل فكانت بسبب أولئك الذين يفترض بهم إرشاد ومراعاة الأطفال الذين في عمري، ولكنهم بدل ذلك قاموا فقط بتحطيم مشاعري بألفاظهم القادحة. لكن ذلك كله لم يعيقني قط ولم تنطفئ رغبتي للبحث عمّا يملأ فراغي الروحاني، وقد ساعدني كثيراً في ذلك وقوف أسرتي إلى جانبي ودعمهم لي.

توقف بحثي هذا بعد سنتين، والسبب أنني لم أجد في الكتب المتوفرة إلا ما كان له صلة بالأديان القديمة والمعتقدات القائمة على عبادة الأصنام. حين بلغتُ من العمر عشر سنوات، أصبح لدينا لأول مرة إنترنت في البيت، فانتهزتُ الفرصة وبحثت حول دين “الإسلام” لأنني كنت قد سمعت عن الإسلام من قبل ورأيت في المنام إسم الإسلام، وهي رؤيا مرّ عليها وقت طويل. وبعد أن بحثت عن الإسلام أثار هذا الدين إعجابي وعشقت قيمه وتعاليم نبيّه صلى الله عليه وسلم. كنتُ حزيناً قليلاً لأنني لم أكن قد تعرّفت على أي مسلم بعد، ولم أستطع الحصول على نسخة من القرآن الكريم لقراءة آياته الكريمة. ذات يوم أتت شقيقتي -وكانت تعرف مدى اهتمامي بالتعرف على الإسلام- وأخبرتني عن وجود شخص مسلم. فبدأتُ أتحدَّث معه لبعض الوقت حول الإسلام، ولكن لسوء الحظ سافرَ الأخ المسلم قبل أن يتمكن من أخذي إلى المسجد، إلا إنه أعطاني عنواناً أستطيع الذهاب إليه. فقرّرتُ زيارة العنوان بسبب قناعتي أن هذا هو الطريق الذي أريد أن أسلكه. ذهبت مع أختي إلى المسجد يوم الأحد والتقينا بإمام المسجد. فبدأ يشرح لنا حول دين الإسلام، ثم أَخْبَرَنِي بأن هذا المسجد على المذهب السني. فقضيتُ عامين أتردّد على هذا المسجد للتعلم حول الإسلام. وذات يوم بعد عودتي إلى المنزل، بدا كل شيء عادياً وطبيعياً … ولكنني استيقظت في اليوم التالي على بكاء والدي وأخبرنا بوفاة أمّي الحبيبة … شعرتُ بالتحطم، ولم أعد أدرك كيف أتصرف، فقََدْ كانت أمي هي التي تطمئنني في ساعات مخاوفي، والآن هي لم تعد في الوجود. بعد مرور أسبوعين منذ تلك الحادثة المؤلمة التي لازمتُ على اثرها البيت بلا خروج قررتُ الذهاب إلى المسجد وأن أدخل الإسلام وأبدأ كإنسان جديد.

شعرت بسعادة كبيرة في قلبي في اليوم الذي أعلنت فيه الشهادة. وفي نفس الليلة تعلمتُ كيفية أداء الصلاة وبدأت تلاوة القرآن الكريم. عندما عاشرت المجتمع السني لم أكن أشعر بارتياح كبير. فَلَمْ أتعلّم منهم أي شيء تقريباً، ولم يكن الأخوة هناك ودودين. فتابعت معهم على هذا الحال حتى أتى يوم ما قبل عيد الفطر، فالتقيت بأخ اسمه “ميغيل كاليز”، وعرض عليّ الذهاب إلى صلاة عيد الفطر معه. فذهبنا يوم العيد إلى مركز للمؤتمرات حيث كان يقام الإحتفال بيوم العيد.

لم يشعر أيٌّ منا بالارتياح إِذْ لَمْ يتحدث معنا أحد، بل حتى لم ينظر لنا أحد. قررنا المغادرة فور انتهاء كل شيء، ثم جلسنا معاً لبعض الوقت للتحدث حول بعض تعاليم الإسلام. سرعان ما أدركتُ أثناء الحديث أن بعض الأشياء التي تعلمتها مع السُنَّة كانت خاطئة (ملاحظة: لا أقبل عدم الاحترام أو التشكيك أو التشهير بأي مذهب أو عقيدة دينية، أنا أدوّن هنا فقط مشواري نحو الإسلام) ولكن لم يتسنّ لنا بعدها أن نلتقي لفترة طويلة، ولكن بقينا على اتصال مستمر.

مرّ بعض الوقت فأتاني أتصال من الأخ ميغيل أَخْبَرَنِي فيه بأنه سيطلعني على شيء سوف يثير إعجابي. فالتقينا في مسجد السُنَّة، وبدأ يحدثني عن حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام وعن الجماعة الإسلامية الأحمدية. كان يخبرني عن المسيح الموعود عليه السلام. وشرح قليلاً عن الجماعة، وكان الجزء المفضل لدي هو الأكاديمية التي تخرج الدعاة، أي الجامعة الأحمدية. عندما شرح لي كل هذا، أصبحتُ متيّماً بالمسيح الموعود عليه السلام وبجماعته. مرّت بضعة أيام بعد ذلك وإذا بالأخ ميغيل يتصّل بي مجددا.

اتصل بي ميغيل ليخبرني بأن دعاية مربّي من الجماعة الإسلامية الأحمدية كان قد وصل إلى بلدي بورتوريكو. ودعاني لمقابلته يوم الجمعة، وكانت هي الجمعة الأولى التي أحضرها مع الجماعة. عندما التقيت بالمربّي الشيخ أحمد سلمان خورشيد أحببته كثيراً وشعرت بروح الأخوة بيننا. كان الإمام سلمان ودوداً ومضيافًا ولطيفاً للغاية معي. وقد تعلّمتُ على يديه كل شيء حول الإسلام وتعرّفتُ كذلك على الجماعة الإسلامية الأحمدية وكوّنت معهم رابطاً قوياً من الأخوّة الحقيقية.

كانت هذه هي رحلتي من عدم اتّباع أي دين وحتى العثور على ضالّتي المنشودة في الجماعة الإسلامية الأحمدية. رغم كل الصعوبات التي واجهتها في مشواري هذا لكنّي لَمْ أنكر أبدًا وجود الله تعالى ولم أرفض ابتلاءاته، لأنني أؤمن بأنها مرّت كلها على خير وعافية.

أدعو الناس جميعاً رجالاً ونساء، شيوخاً وشباباً من كُلّ الأعمار إلى قراءة قصتي. قد لا تكون قصتي مثيرة للعواطف، وقد لا تكون الأفضل بين قصص الآلاف من الذين دخلوا الإسلام وبايعوا الإمام، ولكنّي أتمنى أن تكون تجربتي مصدراً يُلهِم الجميع ويستفيدوا منها وهو أن ألا ييأسوا أبداً وأن يكون لديهم إيمان دائم بالله تعالى. كل التجارب التي مررت بها، بحلوها ومرّها؛ أشكرُ اللهَ الصمد ﷻ عليها جميعاً أن جعلني تعالى أمرُّ بها وأتعلّمُ منها ما يوصلني إلى السعادة الحقيقية.

﴿قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ التوبة 9:51

﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ الشرح – 94:7